آخر المساهمات
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-05-04, 8:49 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf 15781612
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf Icon_minitime 2014-02-14, 6:32 am
ديوان الشاعر صالح الشرنوبى pdf
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%85
يا ليل قد طلع الصباح وما رأيت حَبيبِيَهْ
ومضت سهام النور تقطع حَبْلَ مُنيةِ قلبيهْ
وخبا الضياءُ السرمديُّ ومات كوكب حُبِّيَْ
وسطا السّقام على البقيّة من ضياء شبابيهْ
وأَماتها فمضت ترتّل في المقابر لحْنيَهْ
* * *
كم عانقت روحي سناه فخفَّفت ممَّا بيَهْ
وشربت من نور الجمال فأسكرتني كأسيهْ
وثملت من فرط الهوى فَحَطَمْتُ سَوْرة خمريهْ
قد كُنت شاهدَ حبنا ياليل فارْثِ لحاليه
واذهب إليهِ وصف أساي وما أحلَّ بجسميَهْ
* * *
يا زهرتي كذب الوشاة بما يدنس طهريَهْ
هلاَّ أَتيت لهيكلي وسمعت نجوى روحيَهْ
ونظرتِ للدّمع الهَتون فصنت منه عيْنيَهْ
ورضيتني عبدا لحسنك واحتقنت دمائيهْ
فرأَيت مبلغ عفَّتي وعلمت أنك جانِيَهْ
* **
أنت الحياة فما أرى في غير قربك سعديَهْ
والبعد عنك وعن سناك منيّتي وفنائيَهْ
فتناولي نايَ الغرام وغنّني في عشقيَهْ
وترنّمي بالحب وارْوِي للوَرَى من شعريَهْ
عَلِّي أَموت فمن يُخلِّد في الصبابةِ ذكريَهْ
* * *
طال الأنين وما سمعت فهل أُكفكف دَمْعِيَهْ
وأَعود من دنيا الغرامِ وقد كسبت شجونيَهْ
فدعي الدّلالَ فما عشقت سواك طول حياتيَهْ
وَمُرِي خيالك أَ ن يطوف بفكرتي وخياليَهْ
أَبداً يعذَّبني الهوى ، أفلا رحمت فؤاديَهْ



شعر: صالح الشرنوبي

روح الجهاد
(نُشرت بجريدة صوت الأمة في 13 من نوفمبر 1946)

كَبَّرتُ للروح الأمينْ = يهدي سناه الحائرين
ويكاد رجع ندائه = يُحي رُفاتَ الغابرينْ
ليروا مصارع مجدهم = وضياعه في العالمين
والذنب ذنب الوارثين = وليس ذنب الغاصبين
****
ولقد سألت الروح ما = حال الكرام الوالدينْ
فإذاه حال الثائرين = وليس حال الشاكرين
ودّثوا لو اقتحموا الزما = ن فأصبحوا في الكائنين
وتقدَّموا يبنون ما = هدمته أيدي العابثين
هم في التراب جوانح = تهفو وألسنة تبينْ
عاشوا لمصرَ ومجدها = وسلاحهم نور اليقين
ومضوا فكان جزاؤهم = أن أصبحوا في الخالدين
وأرى بنيهم أعظمًا = بَليت وأرواحًا فنينْ
شغلتهم الدنيا عن الْـ = أخرى بما جمع اليمينْ
حتى غَدَوا حربا عليْـ = ـنا لا على المستعمرين
والشعب يرقب والحوا = دث كالحجارة لا تلينْ
والحاكمون بأمرهم = يا ذلَّهم في الحاكمين
شابت نواصيهم وما = سئموا حياة الاعبين
يتفاوضون على الجلا = ء ووحدة الوادي الأمين
فاعجبْ لمقتولٍ يفا = وضُ في المصير القاتلينْ
فيماطلون ويخدعو = نَ ويكذبون ويمكرونْ
حتى تلاشى صوتُ مصْـ = ـرَ وكان لحن الثائرين
ما بين أحزاب اليسا = رِ وبين أحزاب اليمين
يا قوم إن الحقَّ تصْـ = ـرُخ روحه بالنائمين
سُودانُ مصرَ وَتينها = لا كان من يفري الوتين
وأرى الجلاء قضيَّةً = طالت على مرِّ السنينْ
فاحيوا كرامًا أوْ فَوَلُّوا = وجهكم شطرَ المنونْ
فالموتُ في ساحِ العلا = خيرٌ من العيشِ الغبينْ

شعر: صالح الشرنوبي

أحلام الكوخ

هدم الليل ما بناه النهارُ = واستكانت للظلمة الأنوارُ
ومضى الكونُ يشرب الليل كأساً = عبقريًّا حبابُه الأقمارُ
واستحال الضجيجُ صَمتا رهيباً = زحمته الأشباُ والأسرارُ
أين راح النهار كيف أتى اللّيْـ = ـل وفيم الإشراق فيم السرار
هي حرب البقاء تنتظم الخلْـ = ـق سواءً صغارهم والكبارُ
****
وتداعت في الخافقين قلوب = حين طارت في الخافقين قلوب
عالم جامح وحظٌّ مُشِتٌّ = وصراعٌ يشيبُ منه المشيب
فهنا قلبُ عابد الخبز والما = ء جراحٌ أحلامه وندوب
يتنزّى دما فلا يجد الدمْـ = ـع يعزّي به الغريبَ الغريب
فإذا اشتاق ما يعافُ سواه = فالرياض المنظّراتُ جُدُوب
****
وهناك المعربدُ النشوانُ = قد تولّى تربيبه الشيطانُ
مستحيلات غيره ممكناتٌ = في يديه وقولهُ الفرقان
ولديه الحياةُ كأسٌ وحورا = ءُ وبحرٌ أمواجه ألحانُ
وله الأمر كلّما شاءَ أمراً = وإراداتُ عَقْلِه سلطان
فإذا شاء فالحياة اضطراب = وإذا شاءَ فالحياة أمانُ
****
قلت يا نفسُ إن هذا قضاء = قدّرته قبل الوجود السماءُ
ما أردت الوجود قبل وجودي = وبرغمي بعد الوجود الفناءُ
وأرى القصر توأمَ الكوخِ لولا = أنَّ هذا فقرٌ وذاك ثراءُ
وأراني لصاحب القصر نورا = ولو أني في عينهِ ظلماءُ
أنا إن متُّ مات فنٌّ رفيعُ = وهو إن ماتَ مات طينٌ وماءُ
****
قالت النفس إنَّ دنيا الأماني = هي دُنيا الخلود للإنسانِ
عشْ بها تنسَ أنَّ عُمركَ ولَّى = في جحيمٍ من الهوى والهوانِ
وتُريكَ الكوخَ المحطَّمَ قصرًا = شائع الظِّلِّ سامقَ البنيانِ
والكساءَ الرديم يُمسي حريرًا = كِسرويَّ الظلال والألوانِ
قلتُ: والواقع المريرُ فقالت: = ذاك داءٌ يُطبُّ بالنسيانِ
****
فطويتُ الأعوام والأياما = حلمًا رائع السنا بسَّاما
وجهلت الزمانَ فهو هباءٌ = ونسيتُ المكان والأحجاما
حين شفَّت روحي فشاهدتٌ قصرًا = يتحدَّى جماله الأحلاما
ورياضًا تُغرِّدُ الطير فيها = وتريق الألحان تندى غراما
وعبيدًا يشدون لحونٍ = في حمى القصر سُجَّدًا وقياما
****
وتَبعتُ الحادي وكان خيالا = عاش في عالم المنى أجيالا
أيُّ فنٍّ سامٍ وأي ابتداعٍ = جملَّ من صاغ حسنه وتعالى
التماثيل كالأناسيّ كادت = تتهادى رشاقةً ودلالا
والرسوم الخرساء تهتف بالرا = ئي فيجثو أمامهن جلالا
نفخ الفن روحه في حلاها = وكساها جلالةً وجمالا
****
عشت في الفقر كالأمير المطاع = شاعريَّ الرغاب والأطماعِ
كلُّ دنياي لذةٌ وجمالٌ = وانبعاثٌ إلى الهوى والمتاعِ
بين حورٍ عينٍ وأكواب خمرٍ = وأغانٍ علوية الإيقاعِ
وندامى كالزهر يرجون صفوي = ويخافون ثورتي واندفاعي
قاسموني مجدي وظنوا نعيمي = خالدًا غير مؤذنٍ بضياعِ
****
يا نداماي والليالي تجور = بي حنينٌ إلى البُكا وشعورُ
أفرغوا أكؤسَ المُدامِ فإنِّي = كاد قلبي مما يخاف يطيرُ
أنا أخشى انهيارَ مجدي وأرجو = أن يقينا أحداثه المقدورُ
يا نداماي يا لقلبي وعقلي = هاهي الأرضُ بالبناءِ تدورُ
يالقصري إذ عربد الريحُ في الجوّ = وشقَّتْ لساكنيه القبورُ
****

هبَّت الريح عاصفًا مكفهرًّا = فأحال القصرَ الممرَّدَ ذِكرى
ربِّ ما كان ذاك القصر إلا = حُلمًا لم يطل نعيمًا وعمرا
خدعتني نفسي بما قد تمنَّيْـ = ـتُ فهل كان ما تمنيت شرَّا
أم تراني جبلت من طينة البؤ = سِ فروحي ترى الفراديس قفرا
أم تراني نهبت أحلام غيري = ولنفسي مُنًى على الدهر أخرى
****
وإذا هاتفٌ يهزُّ سكوني : = أنت أخطأت في التمني ظنوني
قلتُ يا نفس قالت النفس: دعني = ما تمنيت غير ماءٍ وطينِ
ذلك القصر والندامى هباءٌ = حين تصحو على صُراخِ المنونِ
فاسمُ عن بهرج الدُّنَى وتطَّهرْ = بألوهيَّةِ الهوى والفتونِ
إن في الفنِّ قوّتي وخلودي = ويقيني إذا افتقدتُ يقيني
****
وكما يحلم الصبا بالغرامِ = وتهيم الزهور بالأنسامِ
رحتُ أبني في عالم الوهمِ مجدي = فوق ما خلَّف الهوى من حُطامي
وسرت بي الأوهام تخترق الحجْـ = ـبَ إلى عالمٍ من النور سامِ
حيث قام الأُولَمب تمرحُ فيه = آلِهَاتُ الأقداس والآثامِ
والقرابينُ من بني الفنِّ تُزجى = من بنات الأفكار والأحلامِ
****
يا مُناي اخلُدي ويا نفس طيبي = أصبح الفنُّ كله من نصيبي
أين لي بالإلهِ ربِّ الأغاريْـ = ـدِ أبولّو يملأ من الخلد كوبي
ويتوِّج رأسي بما ضفَّرته = يده من أزاهرٍ وطيوبِ
فتناهى إليَّ من جانبِ الأُفْـ = ـقِ نداءٌ كوسوساتِ الحبيبِ
يا غريبَ الفؤادِ لا قيتَ أهلاً = إنَّ ضيف الأولمبِ غير غريبِ
****
ردَّ هذا النداءُ في أُذُنيَّا = وسرى كاللهيب في أصغريَّا
فكأني مزقتُ ثوبَ تُرابي = وطويتُ السماءَ روحًا عليَّا
وكأني أصبحتُ في خاطرِ التَّا = ريخِ معنى مُجَنَّحا قُدُسيَّا
حين ألفيتني أنادم أحلا = مي رحيق الخلود طُهرًا نديَّا
وعذارى فينوي يرقصنَ حولي = ويُمجَّدنَ فنِّيَ الأبديَّا
****
ثمَّ يَمَّمنَ معبد الأربابِ = حيث توَّجنَ بالخلودِ شبابي
وتَغنَّيْنَ للإلهِ أبولُّو = آيةً خلَّدت على الأحقابِ
كلُّ ما في الوجودِ آياتُ فنٍّ = سوف تفنى والملكُ للوَّهابِ
غير أنَّ الحياةَ بالفكرِ ربَّا = نيَّةٌ طَلْقةٌ بغير حجابِ
كلُّ عبدٍ فيها إلهٌ صغيرٌ = يتسامى ما جدَّ في الأسبابِ
****
لتمنَّيتُ أن أعيش حياتي = بين تلك الفرادس الوارفاتِ
بيد أنَّ القيدَ الترابيَّ أضنا = ني فخلَّفتُ عالمَ الآلهاتِ
وهبطتُ الأرضَ الشَّقيةَ كالنَّا = سكِ يَغشى مواطنَ الشهواتِ
وبدأت الصراع في زحمةِ الأحْـ = ـياءِ سعيًا وراء هذا الفُتاتِ
وعبادي خواطرٌ عبقريَّا = تٌ ووحيٌ من السماواتِ آتِ
****
لم يكن يخطر الشقاءُ ببالي = لا ولا الخوف من صروفِ الليالي
كنت كالطفل رقةً وحياءً = ونزوعا إلى سماء الخيالِ
أحسب الأرض جنَّتي أنا وحدي = ليَ فيها ما شئتُ من آمالِ
فإذا جنَّتي سرابٌ وآما = لِيَ بيدٌ تضجُّ بالأهوالِ
وإذا بي أُجابِهُ الدهرَ فردًا = أرهقته الأيام بالأثقالِ
****
هذه الأرض لم تزد بوجودي = غير طيرٍ يسمو على التقييدِ
همُّه الحَبُّ والينابيعُ والوَكْـ = ـرُ ونجوى رفيقه الغِرِّيدِ
وأنا طائرُ الفنون فَمَا ذَنْـ = ـبيَ حتى أحيا حياة الطريدِ
اَلأَنِّي أعيشُ لِلفنِّ أعرى = وأخو الطين ناعمٌ في البرودِ
ما أذلَّ الحياةَ إن كان ذنبي = هو وزُهدي في الجوهرِ المعبودِ
****
روَّعَتْ هذه التهاويلُ حسِّي = فاستوى عندها عندها رجائي ويأسِي
وانتبهنا أنا ونفسي من الحُلْـ = ـمِ وكم ضاع فيه يومي وأمْسِي
ليت يا نفسُ والحقائقُ تبْكيْـ = ـنا وجدنا في الحلم ما كان يُنسى
ليت يا خاطري ودنياي بحرٌ = كنتَ تُرسي حيث الحقائقُ تُرسي
رُبَّ حلمٍ وَدِدْتُ لو عاشَ دهرًا = ثم ولَّى فكان ميلاد بُؤس
****
أنتِ يا نفسُ سرُّ هذا الشقاءِ = شدتَ مجدي على أساسٍ هباءِ
من سماء الخيال عُدْتُ لأَقْتَا = تَ تُرابَ الحقيقةِ النكراءِ
وهنا الكوخ فانعمي بحماه = بجمال الطبيعةِ العذراءِ
إنَّ هذا الوجود قصرٌ بناه اللَّـ = ـهُ ما بين أرضهِ والسماءِ
فدعيني أعشْ كما شاءتْ الأقـ = ـدارُ حيًّا بقاؤُهُ للفناءِ

شعر: صالح الشرنوبي

أنا وأنت
(إلى سائلتي: مَنْ أنت ومَنْ أنا)

أنا الحائر يا نجوى أَمانيَّ أَنا الحائرْ
أنا الصامت يا سحر لياليّ أَنا الثائرْ
أنا الصارخ يا غنوة أَحلامي أنا الصابرْ
أنا الساحر يا رقْية أسقامي أنا الساخرْ
أنا المقهور في الحب وبالحبّ أنا القاهرْ
* * *
وأَنت الجدول المنساب في صحراءِ أَيّامي
تُهدهدُ موْجه الغافي أغاريدي وأنغامي
وترقص في ثناياه جراح فؤاديَ الدامي
تلقِّن رمله النعسان أُسطورة آلامي
ففيه أُذيب أسقامي ومنه أَعبُّ أسقامي
* * *
أنا الطير الذي أضناه إعصار المقاديرِ
وألقى نايَه المقرور في تيه السّماديرِ
فذابت في حنايا صمته الدّاجي مزاميري
بربِّك إن سمعت صداه يا بنت الأساطيرِ
فهبّي وارحمي أجفانه الظماى إلى النورِ
* * *
إِخالك حين ألقاك حَنينًا صيغ إنسانا
فأحيي فيك تحنانا وأفني فيك ألْحانا
وأشعل في هشيم اليأس من قربك نيرانا
وأصهر في لظاها قلبيَ المنساب أحزانا
وأجعل روحي الزورق والأشجان رُبّانا
* * *
وقَفْتُ عليك ألحاني وسيْكبَ جفنيَ السّاهر
وقلت لكِ ارحمي قلبًا قضى في قبره السائر
فأنت إلهةٌ ألقت عليه حكمَها الجائر
وغابت في سماوات دلال قاتل قاهر
وما أنا يابنة الفنِّ سوى فنّانك الحائر
َ * * *
وأنت الرحمة الكبرى وأنت القدر الساخر
زأنت قصيدة الشاعر وأنت تميمة الساحر
وأنت أنا وما أنا منك إلا همسة الخاطر
أنا الروضة والجدب = أنا السقم أنا الطب
أنا الصياد والطائر
* * *
عشقتها من بنات الكوخ طاهرةً = عذراء من نَظَرَتْهُ عاش مسحورا
وضمّنا الدّهرُ حينًا ثم فرّقنا = وأبعد النورَ عمّن يعبُد النورا


شعر: صالح الشرنوبي

كأس وكأس

أتْرِعْ الكأسَ كما شئتَ ورتّلْ أغنياتكْ
ربما أنستك ما لاقيته في أُمسياتكْ
الهوى الماجنُ دنياك وأحلامُ حياتكْ
والهوى العذريُّ دنياي فَتِهْ في سَبَحََاتكْ
وارْوِ للناس أحاديث الطلا من خطراتكْ
* * *
يا نديمي أتْرِع الكأس ولا تَخْشَ الملاما
إنها كانت على من شَفّه الوجدُ حراما
كأسيَ الجفن الذي غنّاك دمعًا وسهاما
والطلا دمعي وقد طنّب في جفني الخياما
كلما اشتقت إلى الصّاب هَمَى دمعي سجاما
* * *
يخفق القلب إذا ضجّت ببلواه الجراحْ
فتغاديه دموع ويناجيه نواحْ
وأنا الشارد تطويني على السهد البطاحْ
أنشد السلوى وفي قلبي من السلوى جراحْ
الشجى والسّهد زادي ودموعي ليَ راحْ
* * *
يا نديمي أنت في الحب غريب يا نديمي
أين قلب فاض منه الوجد من قلب سليمِ
أين حبُّ الطينِ من حبًّ سما فوق النّجومِ
سرُّ بلواك هيام ثائر جمُّ الغيومِ
وشبابي سرُّ بلوايَ وحزني وهمومي
* * *
يا نديمي إنما العيشُ غرام وفتونُ
وجنون في الهوى الطاهر فضّاحٌ دفينُ
وشفاهٌ ورضابٌ..وكلام وعيونُ
وعتابٌ أبديُّ الصمتِ رفّافٌ حنونُ
كرّم الله صداه..فتلقّته السنونُ
* * *
أين من دنياك دنيايَ وأحلامي وفنّي
أنت ترجو شهوةَ الجسمِ فَدَعْ عنك التجنّي
وأنا الظافرُ والمغلوبُ في دنيا التمنّي
في غد تندب أيامك فيها .. وأُغنّي
يوم ألقى سرَّ حرماني وأشجاني وحزني
* * *
علّمتنا نسمات البحر صفو الحُلُمِ
وأنين الموج في الشطِّ رقيق النغَمِ
والرمال السمر شعر حائر في القِمَمِ
هلهلت أوزانه الخرساءُ هوج النّسَمِ
علّمتنا هدأة الروح وحرب القلمِ
* * *
تتهادى ذكرياتُ الأمس في أُفقِ حياتي
أنجماً مخنوقةَ اللمح كإِصباح النُّعاةِ
لم تهدهدْها من الحاضر أنغامُ صلاةِ
والغدُ المرجوُّ رهنٌ بيدِ الغيبِ المواتي
ويح من هبّت عليه سافياتِ الذكرياتِ
* * *
يا نديمي حسبُك الصبرُ على اللّوم وحسبي
أنا عبد من عبيد الحسن لا أملك قلبي
قدّر الأقدار حبٌّ عبقريٌّ مثل حُبّي
لهف روحي وهي ظمأى لم تشاهد غير جدبِ
أنا لا أسأل ربي غير ما يعلم ربّي
شعر: صالح الشرنوبي

المواكب
صالح الشرنوبي

المتقارب

غفا بعد أن مرّت الزوبعه يقاسم أحلامه مضجَعه
شقيٌّ أحالته أيامُه صدى نغمة بالأسى دامِعَه
يعيش على حرق الذكريات ويقتات آماله الخادعه
كأني به في جحيم الحياة نبيٌّ جفاه الذي أبدعه
تراه فتقرأ في وجهه ملاحم أيامه الضائعه

جبين كصحراء مجهولة مشى الصمت في جوفها حالما
وعينان تستغرقان الوجود سجى الليل فوق جفونَيهِما
إلهيتان وشيطانتان تغشّاهما ما تغشّاهما
ورائيهما تجثمُ الكبرياءُ على جدولٍ يسكر العالما
سماتٌ بهنّ يهيمُ الخيال يمجّد فنّانها الأعظما

له اللَه حين أفاقَت رُؤاه وهامت مواكبُها في سماه
طفاوات نورٍ ترى روحه بها غير ما قد ترى مقلتاه
رأى نفسه قبساً حائرا تحدّ سناه قيود الإله
أثيريرّةٌ غير محدودة وكونٌ يغيبُ المدى في مداه
رأى حلما حقّقته الحياة ليشتفَّ أعماق بحر الحياه

رأى نفسه ليته ما رأى وعاش على جدبه ظامئا
لقد راعه أنه زائلٌ ستُفنى المنيّةُ ما أنشأ
وأذهلهُ أن أيّامَه زوارقُ لا تعرفُ المرفَأ
تمرّ بها صرخات الرياح فتحطمُ مصباحها المطفأ
ويجهش ربّانُها بالصلاة فيغرقُها الموجُ مستهزِئا

وفي غمرةٍ من شعاع الخيل رأى كوكباً كفّنته الليال
تزفُّ حواليه من نوره بقايا سنىً آلهيّ الجلال
تحدّث عن أمل الوالدين وعن طهره عيسويّ المثال
هو الأمسُ أو طفلُه العبقريّ مضى والسعادة بنت المحال
هو الأمسُ منتحراً والصفاءُ مهالاً عليه تراب الزوال

وعانقَه كالرُؤى الطافِره صبيٌّ تلفّع بالآخره
يقول له أين أحلامُنا وقد كُنَّ كالروضة الزاهره
فناداه من أنت ماذا تريد كفى إنّ دنيايَ بي كافره
فقال له أنا من كنتَهُ أنا الفجرُ أو روحه الحائره
أنا في حياتك معنىً يطوف وإن أنكرتني الرحى الدائره

فدىً للطفولة سحرُ الشباب وما هو إلا خداعُ السراب
منىً بعثَرتها رياح الزمان وألقت بها في ضمير اليباب
وأوتارُ قيثارة أطرقت على شفتيها لحون العذاب
تسائلُها الريح عن صمتها فتتركُ للصمت ردّ الجواب
فيا ذرَّةً فوق سطح العُباب نأى الشطُّ فالتحمي بالعُباب

يقينُ الحياة وأوهامُها سواءٌ إذا جفَّ إلهامُها
وما نحن إلّا سطورُ الكتاب وأعمارنا هي أرقامُها
وكاتِبُها الخالقُ السرمديّ وتلك المقاديرُ أقلامُها
نكفّر عمّا جنى الوالدان فيا للبريّة ما جرمُها
تحفُّ الرزايا بميلادها وترتقب الموت أيامها

أتُفّاحةٌ سرُّ هذا الشقاء ومن أجلها كلُّ هذا البلاء
تعاليت يا ربّ ماذا أقول وأنت القدرُ على ما تشاء
أنا ابن الطريدين أشكو إليك وملءُ دمى ثورة الأبرياء
ألم تكُ قدّرتَ أن يعصياك فلم يخرجا عن محيط القضاء
وإلا فلم صُغتَ هذا الوجود دحوتَ الثرى ورفعتَ السماء

ألم تخلق النار نار الجحيم كخلقك للدار دار النعيم
ألم تقض أن يبعث الأنبياء لكلٍّ هدى وطريق قويم
فهذا نبيُّ بني يعربٍ وهذا الخليلُ وذاك الكليم
وتلك الشياطين بنت اللظى فمنهم وليٌّ وفيهم رجيم
ودنيا الملائك فوق السحاب ونملُ التراب وطير السديم

تباركت ما نفع هذا الوجود إذا لم نفارق جنان الخلود
وما بإرادتنا أن نجىء ولا بمشيئتنا أن نعود
نُقاسي الحياة وآلامها وآخرها غمرات الهمود
وتنذرُنا بعسير الحساب ومن ذكره تقشعِرُّ الجلود
وما ذنبنا نحن ما ذنبنا ولم نقترف ما جناه الجدود

حنانَيك لو أن لي ما أشاء لكنتُ نبيّاً من الأنبياء
أطَهّر قومي من الموبقات وأدفع عنهم صروف القضاء
أو اخترتُ عرشاً كهذي العرو شِ أو كنتُ فرداً من الأثرياء
أو اخترتُ ألّا أرى علماً بقائي على أرضه كالفناء
فكنتُ تراباً كهذا الترا ب أو مُزنةً في جفون السماء

حنانيكَ أرضُك تشكو إليك وترجو رضاكَ وجَدوى يديك
لقد أجدبت وهي مخضلَّةٌ وما سرُّها بخفيٍّ عليك
بحولك سوّيتَ أبناءَها فعاشوا كما شئتَ في عالَمَيك
يعذّبُهم جهلهم بالغيوب ومُظلِمُها مُتنسيرٌ لديك
وتحدو المقادير أحلامهم فتطوى الطريق على ناظريك

خلقتهمو وخلقتَ الردى وباركتَ منجلةُ الحاصِدا
وأغريتَهم بجمال الوجود يرون به صنعك الخالِدا
فلم يعرفوك وإن مثّلوك فأنت النشيد ونحن الصدى
وكم وحّدوك وكم عدّدوك فكان هداهم ضلال الهدى
ومعناك فوق الخيال الشرود ودون مداك انفساح المدى

رآك خليلُك نور الشموس وظنوك في الهند نار المجوس
وفرعون خالك في نفسه وناجاك آباؤُه في أبيس
وسمّاكَ مانا ظلام الدجى وناداك بوذا بنفس النفوس
وكم في المحاريب من ساجِدين أفاءوا إليك بذلّ الرؤوس
وكم في المذابح من راهب يريقُ اللحون ويُزجى الطقوس

وأنت تساميت في كل ما حوى الكون في أرضه والسما
أحسُّك في الفجر روح الضياء وفي الطير تغريده المُلهما
وفي الزهر سرّ حنان الندى وفي العطر تهويمه الناسما
وفي النهر تهزيم أمواجه وفي الطل إطراقه الحالما
وفي الطفل يا ليتني قلبُه أُحِسّك تسبيحه الباغما

أُحِسُّكَ في الليل صمت النيام وسحر النجوم وهول القتام
وشكوى المناكيد من دهرهم ونجوى المعاميد أهل الغرام
وأذكار مستَوحشٍ عابدٍ رآك فأقسمَ ألّا ينام
وأدمُعَ أفّاقة في الدجى تبيعُ الهوى لتنال الطعام
تحجّ إليك بآهاتها لتنقذها من أفاعي الظلام

أُحِسّك فيّ منار السفين وعصف الشكوك وروح اليقين
أحسّك في الحسن معنى الجمال رفيفَ الشفاه وهمس الجفون
وفي القبح إذ أنت خلف التراب جمالٌ زوهُ التراب الغبين
أحسّك في الحيّ في الميت في القبر في الدود ينهشُ جسمَ الدفين
وفي الفنّ مشرقُ أنواره وناموسُ أبنائه الخالدين

لك الأمرُ بي من هواك افتتان ولا زلت أشكو إليك الهوان
يقرّبني منك ذلُّ العبيد ويبعدني عنك قهر المكان
أريد السمو وأخشى السقوط فهبني مما قضيتَ الأمان
نشدتك في صبوات الحسان وفي نشواتي بخمر الدنان
فقالوا غويٌّ شقيُّ الخيال يعربِدُ في رأسه الأفعوان

وزرتكَ في الدير والمسجد فلم تدنُ مني ولم تبعد
وألفَيتني مغرقاً في الرجاء فلم تكشف الحجبَ أو أشهد
أشعتَ وجودَك بين الوجود ففي الحان ألقاكَ والمعبد
وطمأنت قلبي وفزّعته فيا ويح للمؤمن الملحد
وأفزعتني فوسعتُ الفضاء إلّا فضاءً به ترتدي

أطوف بكونك في عزلتي فأنسى بآلامه محنتي
وأرقبُ خلقَك من عالمي جياع ذئابٍ على جيفةٍ
تسخّرهُم شهوات الحضيض ويخنقهم جشَعُ الطينة
وعدُلكَ في ظلمهم تائهٌ وإيمانهم شبه أسطورة
ويغذو الترابُ أباطيلهم فتسخر منهم ألوهيّتي

جنونُ الرؤى وسُعارُ الألم رفيقاي منذ صحبت القلم
عرفت من الفن معنى الحياة وكُنهَ الخلود وسرّ العدم
وأكرمت نفسي فطامَنتُها زماناً وغامرت في المُزدحَم
فروّعني أن أري العالمين مقابرَ تنبضُ فيها الرِمَم
فعُدتُ وكليّ ربوبيّةٌ تطهّرها عبراتُ الندام

شرِبتُ برغمي كئوسَ القدَر وجابهتُ وحدي سهام الغير
وما كنتُ إلّا لساناً أبان وقلباً أحسّ وروحاً شعَر
أُحلّقُ فوق مراقي العقولِ وأزحم في الطين دودَ البشر
وقد أحتفى ببكاء الظلام وأنفِرُ من ضحِكات القمر
فلم أرَ كالناس في أرضهم تهاويلَ مختلفات الصُوَر

فهذا فتى في الشباب الغرير يعيش الحياةَ كدودِ الحرير
حوى كونُه الكون والكائنات ففيه التقى بدؤها بالمصير
وقلّده الفنُّ تاج الخلود وما الفنُّ إلا الوجودُ الكبير
فلم تهدِه غير أضوائه ولم يُصغِ إلا لصوت الضمير
فأعيَت مذاهبُه في الحياة فيا حسرتا للإله الفقير

وهذا ابنُ أُنثى غويُّ الفؤاد رسالتُه أن يعيثَ الفساد
رقاب الأمانيّ منقادةٌ إليه وطبع الأماني العناد
حبَته المقادير ملك الثرى وألقت إليه أمور العباد
فجُنَّ بأهوائِه الآثمات يرى بحرها ماله من نفاد
فما خنقته دموع الأسى ولا طوّقته معاني الحِداد

وفي الكوخ حيث تقيم المحن على ساكنيه ليالي الشجن
براعِمُ لم تحتضنها الرياض ولا نشقت غير ريح الدمن
يموت الندى فوق أوراقِها وينكرُها الغيث إما هتن
وتقتُلُها العاصفاتُ الشداد فيدفنها القفرُ فيما دفَن
وكل جنايتها أنها تريد الحياة فيأبى الزمن

وفوق الذرا حاكمٌ في علاه يرى قومَه أمّةً من شياه
شياهٍ تودُّ اخضرار الجديب لتَسمنَ للذئب لا للحياه
تنامُ على الشوكِ حتّى إذا نما الورد كان دخاناً شذاه
وراع طوت نايَهُ السافياتُ وغاب بجوف الروابي صداه
يهَشُّ إلى رقصات المنى وكلُّ الردى كامنٌ في مناه

ويهفو إلى الكأس إن عربدت ويسجد للمرأة المشتهاه
وللذئب من حوله شرَّةٌ تصول إذا ما وهى جانباه
يرى الراعيَ الغرّ ينسى الحياةَ وينسى الرعيل وينسى عصاه
فيشرع من ناظريه المُدى ليقطع عنها سبيل النجاه
وإن أيقظ الذئب صوتُ الدماء فلا ترتقب غير نوم الرعاه

وذي لحيةٍ ترهِقُ الماشطين ومسبحةٍ تعجزُ الحاسبين
يهزّ النهارَ بأي السماء فيُبكى بترتيلها السامعين
فإن جمع الليل ندمانه رآه إماماً على الشاربين
يضجُّ بلَعنة أقداره ويسخرُ من خالق العالمين
فإن أنت ذكّرته بالحساب أقامَك رمزاً إلى الجاهلين

ومنتبذٍ في حمي الأديرة
يفكر في الروح والأخره
فإن خطرت حوله الراهباتأطاحت به الشهوه الغامرة
وراح بعينيه يُزجى الصلاه إلى كلّ فتّانةٍ قاهره
بها ما به شهوةٌ قُيّدَت فشبّت فثارت بها الثائره
ويلتقيان فيبكى المسيح ويشكو إلى أمّه الطاهره


ومُستقتلٍ في صراعِ الضنى ويغسِلُ بالدمع ميت المُنى
تنقّل في جانبيه الجراح وتأكل جثمانه المُشخنا
مضى الموت يغزل أنفاسه لأيّامه كفناً واهنا
وأبناؤه الجائعون العراة يقدّون بالنوح صمتَ الدنى
ملاهيف يستصرخون السماء لترزقهم زائرا محسنا

ومنتحر بحبال المنى ونياهُ من نورها يائسه
يقود الحياة بأوهامه وتقتاده القدرة العابسه
عجبت له كيف ينسى الفناء ويعشقُ أحلامه البائسه
ويُغمض عينيه عما يكون إذا اعتصرت جسمه اليابسه
وقامت من الدود ندّابَةٌ تؤبِّن أيّامه الدارسه

وكم واقفٍ عند باب الصباح وفي عَينهِ لهفةٌ للمساء
يحسُّ كأنّ له بالوجود عهداً شطوناً طوته السماء
وأنّ له ماضياً في الفناء تقدّمَهُ غابرٌ في البقاء
فكل الذي ضمّنته الحياة بما لقّنت من فنون القضاء
له تحت أعماقه صورةٌ تؤكّدُ أن الختام ابتداء

ويا ربّ شيخٍ سقاهُ الزمان أعتقَ مافي كئوس الزمان
تحطّم حتى لو أن الهوان تجسّم كان مثال الهوان
وأطعمه الدهر والفرقدان ليأكله الدهر والفرقدان
وتسأله ما معاني الحياة وماذا وعى من غريب المعان
فيعيا ويشكو إليك الشباب وكيف مضى قبلَ فوتِ الأوان

وطفلٍ يباركُ ميلادَهُ حنانٌ من الأمِّ والوالد
ينادونه بالملاك الصغير ويكفونه نظرة الحاسد
ويستقبلون به عالماً من الأمَلِ الباسم الراغد
ولو أنّهم علموا ما ينال إذا امتدّ في الزمن الخالد
أراحوه من نكبات الحياة ومن دهره الكافر الحاقد

وطفل كريحانةٍ في علاه بناه وهدّمَه والداه
تلقّفه الليلُ من أمّه وأسكنه جانباً من حماه
وزفَّ إليه القضاءُ العجيبُ يدى مترَفٍ أعتَمتهُ الحياه
فربّبَهُ وحَباه اسمُه وما لاسمه من ثراءٍ وجاه
فمَن عمرك اللَه أدنى إليه أمن غرسَ الغرس أم من جناه

وطفلٍ تخِفُّ لدى ذكرهِ قلوبُ المساكين من شعبِه
يحيّونَ فيه الرجاء البعيد ويرجون لو شبَّ في قلبه
ويخشون منه الوريث الجديد لظلم الأب الحيّ في ثوبه
ويجرى به الفلك السرمدي عتِيّ الألوهة في جذبه
فينتفِضُ المهد عن فاتكٍ تحارُ المصائبُ في حربهِ

وطفلٍ تموتُ على مهده منى الأمس والغدِ والحاضر
أنى دون داعٍ ولا موجبٍ ولا سبب واضح ظاهر
سوى نزوَةٍ في دم الوالدين تؤجّ بيحمومها الفائر
هما ورِثاها عن الوالدين وذابا على جمرها الساعر
فكانا امتداداً لأحلامهِم وبؤسهم الخالد القاهر

وطفل يفىءُ بآماله إلى ظلّ والده الباسِق
أنى يطرقُ الأرض من سقفها فيا للطروقَةِ والطارقِ
فما شاء فالأرض والساكنون فدى أمره النافذ السابق
وما لم يشأ فالزمان العنيد مطيعٌ كخنجره البارق
وبين السموم وبين الصبا كما بين فجرٍ إلى غاسق

وطفلٍ يسير إلى قبره ولمّا يزل في ضمير الغيوب
تُغَذّيه أنفاسها في الحياة طريدةُ بأسٍ دهتها الخطوب
ففي قلبه جذوات الشروق وفي عينه ظلماتُ الغروب
ويفتحُها فيرى عالماً يعذّبه السلم قبل الحروب
تتوهُ الشياهُ به في الذئاب وشرعتُه النهشُ قبل الوثوب

وباك على أمسه ضاحك لغرّة فجر بعيد الظلال
يعيدُ الحكايةَ من بدئِها وينسجُها بشعاع الخيال
وللدهر طاحونةٌ لا تملّ تُدوّرها نكبات الليال
وفي جوفها مثل عمقِ الفضاء إذا سوّرَتهُ رؤوس الجبال
فما هو ما الكون ما الكائنات لعلّ الإجابةَ عينُ السؤال

وباكٍ على يومه قبل أن يحرّره الغيب من قيده
يرى فجرَه من دجى ليله قريبُ الزمان على بعدشه
فيرصد بالوهم ما في غدٍ وكل التعاسةِ في رصدِه
ويمزجُ ما ذاقَ من أمسه بما يخبأ الغيب في برده
فيسكب ما حار من دمعه ويوقظ ما نام من وجده

وذي صبوَة شغفت قلبَه وأضنَتهُ إحدى ذوات الخفر
توَلّه حتى رأى حسنَها تخلّق مما وراء الفكر
ففيها من الشعر والأغنيات وسحر الرؤى والندى والزهر
روى أملاً وروَت مثله على الحبّ وانتظرت وانتظر
وشقّ على الدهر أن يسعَدا فجفّ الغراسُ ومات الثمر

وأعمى العواطف شيطانُها غويُّ الهوى عبقريّ النزَق
رأى فتنةً من بناتِ الخدورِ فما زال بالطير حتى انطلَق
وألقى عليها شباكَ المنى وجاذَبها الثوب حتى انفتق
فجاء به نسباً شائعاً يجوعُ فيأكلُ ممّا سرق
سواءٌ لديه دام الآدميّ وخمرٌ بكاساتها تُغتَبَق

وطاوٍ على الفقر أيّامَه يحبّ فيا للهوى المتعب
رأى بشت سيّدهِ مرّة فقال هنا غاية المطلب
وراح يصبّ أمانيّه أغاريدَ في نايه المطرب
تئِنُّ من الجوع أمعاؤُه بكاءً على جوفه المجدب
فيحسبه من أنين القلوب إذا احترقت بالضنى الملهب

وأعجبُ منه ابنهُ السيد تبيع الغنى بالغرام الصدى
رأت فيه فوق معاني الشباب ذراعا أشدّ وصدرا ندى
وبين زواجهما حائلان من الحسب الضخم والمحتد
ولكنّه الحب قاس عنيد ولا بدّ للسهم من منفد
وكم جمع الحبّ في قيده أخا البؤس بالأروع الأمجد

مواليد تجرى الليالي بهم على قدرٍ فوقهم قادر
كما كان آباؤهم في الحياة يكونون والفرخ للطائر
وربتّما خالفوا الوالدين فقد يولَدُ البرّ للفاجِر
حقائق جلّت عن العالمين وغابت عن الباحث الساهر
أرى وجهَها المظلم المدلهم فمن لي بوجه لها آخر

قصيدة أختي
التي تحمل في جنباتها ماساة أخت الشاعر التي صورها لنا في صورة فنية تظهر كم هو شاعر رائع


صالح الشرنوبي


مجزوء الكامل
أُختي قصيدةُ شاعر غزِل أُختي تميمةُ ساحر الخبل
أختي هيام وأنت من أملي لأنا الحزين عليك يا أختي
لأنا الحزين وإن طغى فرحي وسكرتُ من صحبي ومن قدحي
حتى أحسّ كهمسةِ الشبح وأراك ماثلة على قرب
فيفيض نبعُ البشر في قلبي
وأرى دعابَ الصحبِ من ذنبي
وأعيشُ في دنياك يا أختي

كم مرّة أغرقت في الضحك من غير ما داعٍ إلى ضحك
فأروح أهتفُ أين مضحكُكِ أهو الزمانُ وجدّه لعب
أم طائفٌ بالغيب محتجب
أم إنّها الأحداثُ والنوب
ولكم يسلّي الحزن يا أُختي

أم أنّه عقل المجانين شيطانهُ شيخُ الشياطين
وبذكره تحلو أرانيني وبريحه تسري تلاحيني
وبفنّهِ تسمو أفانيني
يا ليتَهُ يوما يناديني
لأغيبَ عن دنياي يا أختي

ولقد ألُمّ بوجهك القمري فأتيهُ في ديمومة الفكرِ
وجهٌ كوجه إلهة الخفرِ إطراقةٌ لفّت بإطراقِ
أو فكرةٌ في ذهن خلّاقِ
أو خفقةٌ في قلب مشتاقِ
أو دمعة تبكيك يا أُختي

أو زهرةٌ صوفيّةٌ الطيب نامت على مفرقِ محبوب
أو آهةٌ في صدرِ مكروب أو نسمةٌ في جوف إعصار
تشقى بما تصلاه من نار
وسلامها في كفّ جبّار
كسلام روحك أنت يا أختي

وتقول أمّي حين تلقاك يا ليتَ قلبي ما تمنّاك
أو ليت مهدك كان مثواك لك في بنات الحيّ أترابُ
عرسانُهُنَّ لهُنَّ أحباب
فأقول والمقدور غلّاب
الحظّ خانكِ أنت يا أُختي

وإذا الطبيبُ وصحبه تاهوا قالت أصابَ الجنّ مرماهُ
وهيام باتَت من ضحاياه قالت وقلت أُفلسف العذرا
الجنّ مأمورٌ قد ائتمرا
والله فكراً حيّرَ الفكرا
وأذلّها بالغيب يا أُختي

وإذا الكرى نادى الخليّنا فأجبته وهجرت نادينا
قالوا نأى مَن كان يسلينا فأقول بل من كان يبكينا
ويحيلُ أحنانا كقاسينا
ويثير في نفسي البراكينا
وأظلّ أبخس منك يا أُختي

ولو أنّني طمأنتُ من كمدي لرأيتُ غيّك آية الرشدِ
وعرفت فيك شقيقة الأبَدِ أشبهتهِ صمتاً وإعجاما
وشأوتهِ عمقا وإيهاما
وإذا أنارَ ازداد إظلاما
وإذا أَنَرتِ دجوتِ يا أُختي

قاسٍ عليك أنا فلا تغضى إمّا قسوتُ فلَيسَ من بُغض
أنا في السماء وأنت في الأرض أنا في سماء من خيالاتي
أحيا بفكري وانفعالاتي
فانأي بأرضك عن سماواتي
تنأ القساوة عنك يا أُختي

دينُ الوجود وفاؤه العدم والماء سرّ وجوده الضرم
واللغزُ حين يبينُ ينبَهم وأرى الحياة وبدوّها الأجل
والياس أول خلقه الأملُ
والعقلُ ينقص حين يكتمل
ومن الجنونِ العقلُ يا أختي

أُختي قصيدة شاعر غزل أختي تميمة ساحر الخبل
أُختي هيام وأنت من أملي لأنا الحزين عليك يا أختي

دنياي
صالح الشرنوبي
مجزوء الرجز


دنياي يا دنياي بين الطلا والناي
هذي دموع أساي تخذتها سلواي
دنياي ما أقسى جرحك في قلبي
ما أظمأ الغرسا في واحة الحب
هاتيك يا دنيا أُنشودتي وحدي
إخالها رؤيا من عالم الخلد
هاتي ليَ الشعرا مهلهل الأوزان
ينسج لي قبرا في مهمَهِ النسيان
ما ضرّ من نادى للموت أحلامي
لو أنه عادا فضمّ أيامي
ماضٍ به ناءت جوانح القيثار
ولي كما شاءت سخرية الأقدار
وحاضرٌ سأمان عاف الشجى كاسا
ما فيه من إيمان لا ينفع الناسا
وقابل مجهول تطويه أكفانه
زورقه المخبول لم تدن شطآنه
هذا هو الركب أضناه حاديه
ودمعه الرطب شكوى مآقيه
هاتي لي السلوى تزهر ربا نفسي
أو قرّبي الخطوا من ظلمة الرمس
دنياي من آهات نديها جمر
في خاطري موجات ما ضمّها بحر
الخمر والأنغام في حانة الأيام
مشبوبة الإلهام من جاحم الآلام
والخاطر اللماح في أفق الأقداح
يهفو إلى مصباح من عالم الأفراح
والشارب المخمور من راح أقداره
نشيده المسحور صاد كقيثاره
في هيكل الأحزان أنفقت أيامي
كأنما الأزمان تشفى بأسقامي
أطوف بالفانين كالاهة الحيرى
أرسلها مسكين يرثى بها العمرا
يا ناشر العمر في كفك الطيّ
النار في صدري والميتُ الحيُ


صالح الشرنوبي
صالح بن علي الشرنوبي المصري. شاعر حسن التصوير، مرهف الحس. من أهل بلطيم بمصر. ولد ونشأ بها. ودخل المعهد الديني بدسوق، فمعهد القاهرة، فالمعهد الأحمدي بطنطا، ثم كلية الشريعة، فكلية دار العلوم. ودرس في مدرسة "سان جورج" بالقاهرة. ونشر بعض شعره في مجلات الإذاعة والرسالة والثقافة وجريدتي الأهرام والمصري. وعمل في جريدة الأهرام. وذهب إلى بلطيم ليقضي أيام عيد الأضحى مع أهله، فقضى نحبه منتحراً. له اثنا عشر ديواناً، في كراريس صغيرة، جمعها، وأوصى أباه وإخوته بنشرها، منها مجموعة سماها (نشيد الصفاء - ط) نشرها، بعد وفاته، صديقه الشاعر صالح جودت، و (مجموعة شعر - ط) صدرت سنة 1959.

_________________
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf 15781612
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf Icon_minitime 2014-02-14, 6:45 am

صالح علي شرنوبي


ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9


ولد في 26 مايو 1924

موطن الميلاد مدينة بلطيم بمحافظة كفرالشيخ

حفظ القرآن الكريم وعمره 10 سنوات

حصل على الابتدائية من معهد القاهرة عام 1939

حصل على الثانوية الأزهرية من المعهد الأحمدي بطنطا عام 1947 في عام 1947

فشل في الالتحاق بدار العلوم بعد أن اجتاز الامتحان التحريري ، ولكن القدر ترصده في شخص أستاذ الشريعة في الامتحان الشفهي للقرآن الكريم

خلف صالح الشرنوبي عدة دواوين وبعض الأزجال والقصص القصيرة والمسرحيات ، وقصائد النثر والشعر الحر جمعت كلها في مطبوع ضخم ( 675صفحة ) في سلسلة " من تراثنا " مع مقدمة عملاقة للدكتور عبد الحي دياب

قال فيه صديقه عبد العليم خطاب مداعبا



فتى من نسل أيوب
نظيف الجيب شرنوبي
أضاع الدين والدنيا
وباع الدر بالطوب
كمن غنت وهزت خصرها بين السراديب
كذاك الشاعر العربيد
بين الغاب والكوب
وأحنى رأسه طوعا
بسلطان الألاعيب
وقضى عمره ضيفا
بمستشفى المجاذيب

وبالفعل كان أهله قد أدخلوه مستشفى العباسية للأمراض العقلية بناء على نصيحة طبيب
فأثناء دراسته الثانوية بمعه طنطا الأزهري عام 1944 كان أحيانا كثيرة يغلق على نفسه حجرته ويمكث فيها وقتا طويلا وأحيانا كثيرة كان يعنف به توتره النفسي أثناء كتابته لبعض القصائد فيعلو صوته حتى خيل لأهله أنه فقد قواه العقلية

يحكي أحد أقاربه وهو الأستاذ فتحي الشرنوبي على لسان الدكتور محمود جامع وكان زميله في المعهد وأستاذهما فيه الشيخ محمد متولي الشعراوي
وقف الثلاثة أمام المعهد يوما ينتظرون الأوتوبيس فمرت عليهم فتاة متسولة رثة الثياب ذات وجه جميل فأعطاه القرش الوحيد في جيبه وقال لها
لوجهك لا لوجه الله مما أغضب الشيخ الشعراوي فعنفه وقبح قوله
وعاد يومها صالح إلى بيته سيرا على الأقدام فوصل متأخرا فسألته أمه عن سبب تأخره فحكى لها القصة
وهنا رأته أسرته مجنونا بحق فأرسلوه إلى مستشفى المجانين وما هو بمجنون لكنها طبائع الشعراء المجنونة التي تجعلهم يقومون بمثل هذه الأعمال
وفي مستشفى المجانين حاول صالح جاهدا أن يقنع الأطباء أنه بكامل قواه العقلية وقرأ عليهم بعض أشعاره
وخرج صالح من مستشفى المجانين لكنه لم يلبث طويلا حتى عاد إليها من جديد كما يحكي شقيقه طلعت رحم الله الجميع فيقول
بناء على نصيحة نفس الطبيب فقد عاد صالح إلى المستشفى بعد أربعة أشهر وقد أوثقوه بالحديد وألبسوه قميص المجانين
ولأنه كان عاقلا بالفعل وخائفا على نفسه من تصرفات المجانين من حوله بالمستشفى فقد احتاط لنفسه واحتال على المجانين بحيلة ظريفة بأن رسم لهم بالطباشير على الأرض خطا وقال لهم إن من يستطيع العبور من أسفل هذا الخط سأعطيه مائة جنيه
وسالت الدماء من رؤوس المساكين يومها وهم ينطحون الأرض لولا أن مر عليهم بعض الأطباء والممرضين

كان صالح سوداوي المزاج يكثر من ذكر الموت وسوء الظن بالنفس وبالناس وزاد من ذلك الشعور تضييق عائلته عليه ولوم تصرفاته باستمرار مع ما كان يظنه عن نفسه من دمامة بالوجه الملئ بحب الشباب حتى أنه حاول مغازلة فتاة ذات يوم فقالت ل اذهب فانظر إلى وجهك

فحطم ذلك نفسيته تحطيما

ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AA

البيت الذي عاش فيه




ميلاده


يحكي الحاج عبد العزيز الشرنوبي رحمه الله عن شقيقه فقال
كان الجميع سعيد بمولده خاصة أنه ولد بعد شقيقه الاكبر شرنوبي بعشر سنوات ففرحت به أمي وخافت عليه من الحسد حتى أنه علقت قرطا في أذنيه وأسمته يونس وكان والدي قد نذر أنه إن أنجب ولدا أن يهبه لطلب العلم وأقام في يوم سبوعه احتفالا كبيرا

وعندما وصل إلى السادسة أحضر له شيخ الكتاب الكفيف ( أبو دعله ) ليحفظ القرآن ولكن شيخ السوء كان يكثر من عقاب صالح لكي يظهر لوالدي أنه يتفنن في تعليمه
فكان صالح ينفر منه حين مجيئه ويفر بعيدا عن الأعين فيبعث والدي من يبحث عنه حتى يحضره

تعليمه


ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%B7%D9%81%D9%84

بزي الأزهر في المرحلة الإبتدائية



أخذ الإبتدائية من مدينة دسوق والثانوية من طنطا عام 1947 وكان ينوي إكمال تعليمه في دار العلوم بالقاهرة فكان يقول لزملائه " إلى دار العلوم شددت رحلي "
واجتاز فيها الإمتحان التحريري غير أنه لم يوفق في القرآنه الشفهي رغم حفظه له كاملا
فحطمت آماله وأحلامه وصارت أعصابه أكثر انفلاتا فترك لنفسه العنان وغدا يتردد على المسارح ودور السينما وكان يعيش معه في شبر أحد أقربائه اسمه عبد المقتدر خطاب الذي أرسل إلى والد صالح ليخبره أن ابنه يحرق نفسه بالمكيفات
حاولت أسرته جاهدة أن تعيده إلى صوابه حتى نجحت في إعادته إلى بلطيم ليعمل مدرسا في مدرستها الإبتدائية والتي وكما يقول شقيقه عبد العزيز كان سببا في إنشائها عندما ا،شد وهو تلميذ أما وزراء الوفد فؤاد سراج الدين وعبد الحميد عبد الحق أثناء حضورهم لافتتاح مركز الشرطة قائلا:
نحن قوم نعيش في أرض مصر
وترانا كأننا غرباء
ظمأ محرق وجهل غشوم
وطغت فوق ذلك الأدواء
فأغيثوا قوما جياعا طواهم
في الرزايا الإصباح والإمساء


التوبة


يحكي شقيقه عبد العزيز قائلا
أثناء عيشه في بلطيم سمع صالح أثناء نومه هاتفا يهتف به " أما آن لعبدي أن يتوب " فقام فزعا من نومه وهو يقول تبت إليك يا رب
ثم توضأ وصلى ركعتين وعند الفجر سار في شوارع البلدة يدعو النيام إلى صلاة الفجر
وتشيخ وتصوف وأطلق لحيته حتى التف حوله بعض أشقياء البلد من اللصوص والبلطجية فهداهم الله على يده


عودته إلى القاهرة



ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82

مع صديق له في القاهرة


أرسل له الشاعر صالح جودت يطلب منه الموافقةعلى أن تغني لورد كاش قصيدته أحلام الصيف وأيقظت هذه الرسالة في نفسه الحنين إلى الشعر والحب فسافر إلى القاهرة وهناك طلب من شقيقه الأكبر شرنوبي أن يصحبه ليخطب إبنة عمه التي يحبها ويتمناها


ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%B4%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1+%D8%B4%D8%B1%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A+%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87+%D8%B3%D9%86%D8%A7%D8%A1
شقيقه شرنوبي مع ابنته سناء

ولكن وبسبب ترسبات عائلية كانت أمه ترفض هذه الزيجة بقوة وأقسمت على ابنها ألا يخطو عتبة دار عمه هذا
فكان صالح يحتال ليبر قسم أمه فكان يذهب إلى بيت عمه صاعدا على السقالة ووقتها كان عنه يبني الدور الثاني في منزله
أثر هذا الرفض على نفسيته فذهب إلى القاهرة وأقسم ألا يعود إلى بلطيم مرة أخرى
وبالفعل لم يعد إلى بلطيم إلا في المرة التي قضى فيها نحبة
وحكى ذلك لصديق له قبل عودته فقال له أشعر أني لن أعود مرة أخرى
يحكي الدكتور عبد الحي دياب فيقول
فمضى صالح إلى القاهرة منكسف البال مكسور القلب حزين الوجدان وأنشد يقول في نداء لمحبوبته
تعالي يا ضياء لم ينور أفق ليلاتي
تعالي يا رحيقا لم يزل يروي خيالاتي
تعالي نجمع الماضي الذي راح مع الآتي
تعالي يا غراما تاه في دنيا الصبابات
ابتلعته القاهرة دون مأوى له فكان يتردد على أصدقائه يستضيفه هذا ويأويه ذاكلكن ذلك لم يستمر ورأى منهم جحودا كما رأى من أسرتهوترامت أخباره إليهم وكان عقابه الكبير- والذي استهان به - أن يمنعوا عنه المال بعد أن أصبح موضع غمز ولمزبين أهل بلدته وأصبح والده لا يطيق سماع اسمه أو قصته بعد أن غدت مضغة في الأفواه
أقنعه صديقه المخرج إبراهيم السيد أن يؤلف له أغاني فيلم فتنة مقابل خمسين جنيها أنفقها في أيام معدودة
وحاول أصدقاؤه أن يجدوا له عملا يقتات منه فعثروا له على وظيفة مدرس في مدرسة سان جورج لكنه ولأسباب غير واضحة تم فصله بعد ثلاثة أشهر
بعضهم قال بسبب كثرة غيابه وبعضهم قال بسبب التفات البنات من حله وافتتانهم بأشعاره وبعضهم قال بسبب ضبطه يتعاطى المخدرات
وتأخر عن سداد أجرة الحجرة المتواضعه التي يسكنها فوق أحد السطوح فجمع متاعه القليل وذهب ليلتجئ إلى مغارة في المقطم بجوار جبانة الغفير ويعيش فيها
ولعل قصيدته على ضفاف الجحيم تصور بدقة هذه الحياة التي عاشها
- إني هنا أيتها المدينة الحرة الفاجرة المجنونة
- أحبس في جفني الرؤى السجينة والأدمع الوالهة السخينة
- إني هنا أغربل السكينة وأزرع الخواطر الحزينة
ولعل المقدمة التي كتبها لهذه القصيدة أبلغ من القصيدة نفسها حيث يقول
" إليك يا قاهرة إلى أضوائك القاسية التي عذبت عيني وأنا قابع هناك في الجبل المضياف بصخوره الحانية وكلابه العاوية وصمته الكئيب وإلى هؤلاء المترفين الكسالى الذين ينكرون علي إيماني بالألم وعبادتي الدموع وإخلاصي للحزن

---
سعى إليه صديقه المخرج إبراهيم السيد وأرغمه على أن ينتقل معه إلى سكنه وكانا قد تصادقا منذ أن كتب له أغاني فيلم فتنة ولكن هذا السكن أيضا لم يكن أفضل من سابقه حيث كان بدروما لا تتعدى مساحته عشرين مترا وليس به سوى وابور جاز وصفيحة للإستحمام
وحينما ضاق بالشاعر الحال أكثر لجأ إلى محمود إسماعيل ليكلم صديقه كامل الشناوي ليعمل مصححا في الأهرام وأرسل للشناوي بيتين من الشعر يشكو له فيها فرد عليه الشناوي ببيتين وجنيهين وعينه بمرتب اثنى عشر جنيها
وعندها قال صالح : استرحت الان من عناء التفكير في رغيف الخبز


ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf Im2
الشيخ علي شرنوبي والد صالح وشقيقه طلعت


والسؤال هنا كيف تتركه عائلته في هذه الحال التعسه في حين أن والده أعطى لشقيقه شرنوبي مبلغ سبعة آلاف جنيه ليزاول بها تجارته وزوجه مرتين تكلفت إحداها ثلاثة آلاف جنيه
فكيف يتركونه للجوع والشقاء وهو الذي سيكون شعره مفخرة لهم
ويكتب صالح فيقول
الحمد لله على ما قضى
والشكر له على ما أمر
فما أظن الأرض تحوي فتى
وجوده كان إحدى الكبر
مثل فتى يدعونه شاعرا
وما بغير الموت يوما شعر
يبكي بلا دمع وفي قلبه
ما يغرق الدنيا إذا ما انفجر
لا يعرف الصبر لكنه
لما رأى طول الظلام اصطبر


سياسي

كانت لصالح بعض المواقف السياسية التي استدعت البوليس السياسي للقبض عليه اكثر من مرة
حاول البوليس القبض عليه أثناء دراسته الثانوية فهربه والده إلى عمته التي كانت تعيش مع زوجها الشاعر البكباشي يوسف صديق في قرية ( زاوية المصلوب ) بمحافظة بني سويف
واحتضنه يوسف صديق وعطف عليه ومكث هناك أكثر من خمسة أشهر
ولم يعد إلا بعد أن سقطت حكومة إسماعيل صدقي باشا
ويقول شقيقه طلعت الشرنوبي للدكتور دياب أن صالح قاد مظاهرة من الشبان بعد مقتل الوزير الوفدي أمين عثمان وهتفوا " أنت الجاني يا فاروق "
ولم ينج من قبضة البوليس يومها إذ أوسع ضربا حتى أشرف على الهلاك وظل يعالج بعدها شهرا من أثار الضرب



ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85

أم الشاعر

رغم أن أمه كانت تبدو قاسية عليه فحالت بينه وبين حبيبته وكانت هي التي تضيق عليه أثناء فترة إقامته في القاهره إلا أنها كانت ترجو من ذلك أن يثوب إلى رشده ويعود إلى بلطيم ليعمل فيها مدرسا حتى أنها كانت تغضب عندما تعلم أن والده قد أرسل له بعض الأموال سرا إلا أنها كانت معجبة بشعره كثيرا وله الفضل بعد الله في الحفاظ على الكثير من أشعاره عندما انتابته حالة نفسية سيئة فأشعل النار وكاد أن يحرق كل أشعاره التي ألفها فهبت وخطفتها وأنقذتها من لحظة الجنون
حتى البيتين اللذان كتبا على اللوحة الرخامية التي جعلت على قبره فقد حفظتهما أمه عندما قالهما وهما في وسط المقابر يوما وأصرت على أن يكتبا فوق قبره
يا زائرين لقبرنا
لا تعجبن لأمرنا
بالأمس كنا مثلكم
وغدا تكونوا مثلنا

أخته هيام

يقول صالح جودت عنها وعنه
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A3%D8%B5%D8%AF%D9%82%D8%A7%D8%A1

صالح الشرنوبي يمينا وصالح جودت يسارا

يقول جودت
احتفيت بشعره منذ أن قرأت له فقدمته إلى الإذاعة ولست أنسى ما حييت قصيدة كلما قرأتها في جمع بكيت واستبكيت وهي قصيدة في أخت له اسمها هيام كانت بلهاء
يقول فيها :
أختي قصيدة شاعر الغزل
أختي تميمة ساحر الخبل
أختي هيام وأنت من أملي
لأنا الحزين عليك يا أختي

ثم يصف كيف كانت الأسرة تعاملها
وتقول أمي حين تلقاك
يا ليت قلبي ما تمناك
أو ليت مهدك كان مثواك
وإذا ما الكرى نادى الخليينا
فأجبته وهجرت نادينا
قالوا نأى من كان يسلينا
فأقول بل من كان يبكينا

انتاج لم ينشر
يحكي شقيقه عبد العزيز أن ما يوجد الان عندهم هو القليل من الأشعار والكتابات النثرية أما أغلبها فقد سرق ويقول
لقد ذهبت إلى البنسيون الذي كان يعيش فيه في القاهرة بعد موته بأسبوعين وهناك لم أجد سوى بعض ملابسه وأوراق لا قيمة لها وبعض الكتب وقالت صاحبة البنسيون أن صديقه الشاعر ( ..... ) حضر بعد وفاته بيومين وأخذ ما وجده من كتابات
أما الجزء الآخر فقد أخذه الناقد الدكتور عبد الحي دياب الذي حضر إلينا بعد وفاته ومكث لأسابيع يجمع سيرته وأشعاره وأخرج بعضها في الديوان المنشور " ديوان صالح الشرنوبي "
وعندما توفي الدكتور عبد الحي دياب قالت لنا زوجتهأن الكراسات الخاصة بصالح جودت ضمن تركته وقد أخذها شقيقه المهندس عبد الكريم دياب الذي لا يعرف له طريق

النهاية الحزينة


ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf %D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%85
يوم 17 سبتمبر 1951 15 من ذي الحجة 1370 هجرية

استشعرت أمه غيابه فأرسلت شقيقه عبد العزيز في السادسة صباحا للبحث عنه
يقول
أرسلتني لاسأل عنه عند صديقه وابن عمه فتحي الشرنوبي فلم أجده وعندما عدت سمعت سيدة تقول أنها سمعت عن شاب صدمه القطار
فذهبت لأستطلع الأمر فوجدت الناس يلتفون حول الجثة ووسطهم مأمور المركز عبد الخالق صالح وأخرج أحدهم بطاقة القتيل وكان كارنيه الأهرام فأغمي علي ولم أفق إلا قبيل الجنازة

هكذا مات الشاعر الشاب ابن السابعة والعشرين ابن مدينة بلطيم الذي عاش حياة كئيبة قاسية كان ولابد أن تصنع شاعرا سوداويا مثله
شاعر كان لا يرى إلا الموت حتى قابله فأشبعه وروي غليله
مات ولم يعلم كيف مات بالضبط وكيف صدمه القطار
لكنها لا شك ميتة تتماشى تماما مع حياته التي لم يحياها
نسأل الله تعالى أن يرحمه

_________________
ديوان - شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شعر وقصائد صالح الشرنوبى , ديوان صالح الشرنوبى pdf

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» الزمان الضيق,حبر الاعدام,ذكر الورد,شعر وقصائد سنية صالح,ديوان سنية صالح pdf
» شعر وقصائد محمد صالح,ديوان محمد صالح pdf
» عماد أبو صالح,كلب ينبح ليقتل الوقت,مهندس العالم,قصائد وشعر عماد أبو صالح,ديوان عماد ابو صالح pdf
» ديوان أنا خائف,جمال كافر,قبور واسعة pdf لعماد أبو صالح,شعر عماد أبو صالح
» صيد الفراشات,قصائد وشعر محمد صالح,الوطن الجمر,ديوان محمّد صالح pdf

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا