آخر المساهمات
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-12, 10:41 pm
2024-04-02, 5:16 am
2024-04-01, 10:56 pm
2024-04-01, 10:49 pm
2024-04-01, 10:46 pm
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-10-11, 10:11 pm
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا، لينمو فوق أجسادنا ويتغذّى على دماء شعبنا، مدعومًا ماليًا وسياسيًا وعسكريًا من أصحاب الخطيئة الأصليين، الذين يعلنون الآن أنّ أكثر من ملياري إنسان من العرب والمسلمين لا يستحقّون الحياة.

يعلنها المستعمر ابن الخطيئة الأوروبية، أنّنا لسنا بشرًا، بل حيوانات بشرية، إبادتها واجبة ومحوها من التاريخ الإنساني ضرورة، على الرغم من أنّ الذي تعامل مع هذا الاحتلال بوصفه نفايات بشرية أقلّ درجة من الحيوانات، هو ذلك الغرب الذي يتحالف الآن ضد الشعب الفلسطيني، انحيازًا لابن خطيئته النازية التي تدحرجت من ألمانيا إلى كلّ دول أوروبا، فراحت تبحث عن مكانٍ للتخلّص منه، فزرعته في فلسطين العربية.

والحاصل الآن أنّ الصهيوني ليس وحده الذي يشنّ حرب إبادة غزة، بل يسبقه في ذلك الغرب العنصري، متمثلًا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ يتسابقان على من يسهم أكثر في إبادة الشعب الفلسطيني، إن بقطع المساعدات المالية والمادية، أو بتحريك الأساطيل الحربية لإسناد الاحتلال في إزالة غزة من خريطة العالم.

حسنًا، هذه خطيئتهم وتلك عقدتهم التاريخية، فماذا عن عالم عربي يدّعي أنّ فلسطين شقيقته، وأنّها قضيته المحورية؟. من أسفٍ أنّ هذا العالم العربي متورّط بالتواطؤ والصمت في دعم الحرب الصهيونية الغربية على الشعب الفلسطيني، سواء بإحكام الحصار عليه من جهة معبر رفح، أو من خلال الدعم الاستراتيجي المباشر لعدوانه، كما في حالة الإمارات والبحرين اللتيْن قرّرتا تبنّي الرواية الإسرائيلية في اعتماد المقاومة الفلسطينية الطرف المعتدي على إسرائيل المسالمة الوديعة المدنية، التي تجد لها حاضنة دبلوماسية في كلّ من المنامة وأبو ظبي، أو بالاستمرار في السير على طريق التطبيع، كما في الحالة السعودية التي لا تزال تشهد استضافات حاتمية للوفود الرسمية الصهيونية.

أما ذلك الكيان القومي المتحلّل، المسمّى جامعة الدول العربية، فليس سوى ذلك الصبي جامع الكرات على أطراف ملاعب أصحاب النفوذ المالي من الدول العربية، والذي بقي يتثاءب يومين كاملين أمام دعوة إلى عقد اجتماع طارئ للبحث في موضوع الحرب على غزّة، قبل أن يقرّر "التشاور حالياً لتحديد موعد يراعي ارتباطات أغلبية الأعضاء".

لو كان هذا الغرب يعرف أنّ لفلسطين أشقاء حقيقيين، لما ظهر أكثر عداءً وتوّحشًا ضدها من الاحتلال الصهيوني نفسه، ولو كان يعلم أنّ من الأشقاء من هو مستعدّ لدعم الشعب الفلسطيني بواحد على مائة مما ينفقه على رعاية أندية كرة القدم الأوروبية ودعمها، لما بادر بكلّ وقاحة إلى إعلان منع المساعدات المقرّرة دوليًا عن الشعب الفلسطيني.

ولو كان هذا الصهيوني يدرك أنّ إعلامًا عربيًا يتباهى بالتفوّق المهني على المستوى العالمي يستطيع أن يتّخذ قرارًا بأن يمنع أبواقه من إهانة عشرات الملايين من الفلسطينيين والعرب على الهواء مباشرًة، لما تمادى في صناعة الأكاذيب وترويجها من فوق المنابر العربية، التي تصفع مشاعرنا بحجّة المهنية وشماعة الرأي والرأي الآخر.

لقد قرّر الغرب شطب فلسطين من المعادلات الإنسانية والسياسية، فهل يستطيع العالم العربي أن يجاهر برفض هذه العنصرية الاستعمارية؟ هل تملك دولة عربية واحدة، أو الدول العربية مجتمعًة، شجاعة إصدار بيانٍ يندّد بالوحشية الصهيونية، المدعومة غربيًا، ويذكّر العالم بأصل الحكاية: أنّ القضية هي قضية احتلال أجنبي لأرض عربية لها شعب يكافح من أجل تحرير وطن، وليس من أجل تحسين شروط العبودية للمستعمر؟.

أما عن النخب العربية التي تسمّي نفسها مستنيرة وحداثية ومتحضّرة، فهي أكثر شراسةً من الصهيوني في استباحة الذات الفلسطينية والسخرية من هويتها، إذ تتفوّق بعض هذه النخب على الخطاب الصهيوني في تصوير واقع الصراع، لتذهب أبعد منه في تصنيف كلّ مقاومة، وكلّ تعبير عن رفض التغلغل الصهيوني في المدن العربية، باسم السياحة أو الثقافة والرياضة، باعتباره إرهابًا، كما أنّ المعركة التي يخوضها المحارب الفلسطيني ضد الاحتلال إرهاب.

في مصر، مثلًا، تحوّل الشرطي المصري الذي أطلق الرصاص على فوج سياحي صهيوني يرفع الأعلام الإسرائيلية في الاسكندرية، بينما الفلسطينيون يتعرّضون للإبادة في غزة، تحوّل إلى إرهابي بنظر تجّار التنوير المتصهين، الذين نموا وتضخّموا في حظائر التطبيع الثقافي.

هؤلاء التنويريون المزيّفون أشدّ خطرًا على فلسطين، وأكثر كراهية لها من الصهيوني الذي يقتل شعبها بالسلاح، فيما يعاديها ويقتلها هؤلاء بجرعاتٍ من السموم، يسكبونها بانتظام في وعي أجيالٍ ناشئة، يعلمونها أنّ قلب الغريب كقلب أخيك، وأنّ يدًا كان سيفها لك تساوي يدًا سيفها أثكلك.
#وائل_قنديل
#العربى_الجديد

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-11-10, 8:15 pm
كي لا تكون قمة إسقاط الحق بالمقاومة

أمّا عن المقاومة، فإنّها لن تنهزم في غزّة، كونها محمية بتلك الحاضنة الشعبية المذهلة التي تستمسك بها استمساكها بأرضها وبيوتها، ما يجعلها عند المواطن الفلسطيني مسألة وجودية، وجزءًا من هويته وكينونته. وعلى ذلك، ليست الخسارة بالنسبة للإنسان الفلسطيني، وبدرجات متفاوتة الإنسان العربي، في تدمير غزّة، والذي هو، في الوقت ذاته، لن يكون انتصارًا للعدو، الذي يدرك أنّ المكسب الأكبر له ليس تدمير المدينة الصامدة، فقد فعلوها مرّاتٍ سابقة، ونهضت غزّة، واستعادت عافيتها بإعادة بنائها.

المكسب الحقيقي للعدو، والخسارة التاريخية لنا هذه المرّة، وصول التواطؤ العربي الرسمي هذه الجولة إلى إسقاط الحقّ في المقاومة، وهو ما يعني سقوطًا سياسيًا وحضاريًا وأخلاقيًا، سوف تدفع ثمنه أجيال قادمة في جميع العواصم العربية، التي هبطت وانخفضت إلى مستوى الرواية الصهيونية، ونزلت عند الرغبة الأميركية الإسرائيلية المشتركة.

والوضع كذلك، لا يمكن تصوّر أن تنعقد قمة عربية أو أخرى إسلامية، ولا يكون البند الأوّل، في بيانها الختامي، مشتملًا على نصّ واضح وصريح بدعم حقّ الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، والتصدّي للرواية الصهيونية والأميركية والأوروبية بشأن الصراع، من خلال توحيد الجهود الدبلوماسية والإعلامية العربية، بهدف حماية تاريخ القضية من المحو والتزوير والتشويه، باعتبار ذلك فرصة أخيرة أمام النظام الرسمي العربي، لكي يثبت للشعوب التي يحكمها أنّه منها ولها، وليس عليها، ومع الاحتلال، ضد عقيدتها ومشاعرها.

من المهم، بل من الواجب، أن يتّخذ المجتمعون، إن كانوا حقًا يمثلون الشعوب العربية، قرارًا بإيقاف كلّ مشاريع التطبيع مع عدوٍّ باتَ يُجاهر بأنّه على استعداد لاستنساخ مجازر غزة في كلّ عاصمة عربية لا تخضع لروايته ومقاربته للصراع، وهذا هو الحدّ الأدنى من المواقف الذي يمكن أن تقبل به جماهير عربية تعيش غضبًا وحزنًا وإحساسًا بالعجز والمهانة منذ ما يقرب من أربعين يومًا من الإجرام العسكري "الأميركصهيوني"، والتوّحش الدبلوماسي والإعلامي الغربي.

على الذاهبين إلى تلك القمّة المتأخّرة أن يسلكوا بوصفهم حكام شعب عربي، يدرك الطفل فيه، قبل الشيخ، أنّ هذا الكيان الصهيوني الذي يعيث إجرامًا منذ أسابيع ليس سوى مشروع استعماري قذر، نتاج تطهير عرقي مارسته الحكومات الأوروبية الاستعمارية، ثم غلّفت جريمتها بخرافة توراتية، وقرّرت تنفيذها بالتوافق بين أوغاد العالم على أرض فلسطين، عن طريق عملية تطهير عرقي أكبر لأصحاب الأرض الحقيقيين.

والحال كذلك، لا يليق بعربي، حاكمًا كان أو محكومًا، أن يعتنق هذه الخرافة أو يسكت عنها أو يتحالف مع من صنعوها ويفرضونها بالقوة الباطشة، أو يعادي من يرفضونها ويقاومونها من أبناء شعبه.

لن نطلب من أصحاب الجلالة والسمو والفخامة أن يحاربوا الاحتلال الصهيوني، ولن نطمع في أن يكونوا داعمين للمقاومة، فقط كلّ من نرجوه منهم أن يكفّوا ألسنتهم عن هذه المقاومة حين يدلون بتصريحات لوسائل الإعلام، وألا يتبرّأوا من حقّ الشعب الواقع تحت الاحتلال في أن يقاوم، وأن يمنعوا الأذى اليومي المتدفق من شاشات تلفزةٍ عربيةٍ ضد الشعب المحاصر.

ليس مطلوبًا منكم أكثر من أن يكون خطابكم مثل خطاب الصحافي البريطاني اليهودي النبيل، ديفيد هيرست، الذي مات أجداده في هولوكوست النازي، وبالرغم من ذلك يدافع عن حقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، ومقاومته، أو مثل إعلامي بريطاني شريف آخر، هو ريتشارد مدهيرست، في تصدّيه لخرافات وأوهام "المستعمر الأوروبي الأبيض" عضو الكنيست الصهيوني الذي طالب بتوزيع سكان غزة على دول العالم، إذ لقّنه درسًا في التاريخ، وفي الأخلاق، والعدل، بقوله إنّ الفلسطينيين في وطنهم، وليسوا صناديق أو أدوات ليتمّ توزيعهم، وأنّ على هذا الصهيوني الوقح أن يحزم حقائبه ويرحل. "من أنت، بحقّ الجحيم، لتقرّر مصير الناس الذين يعيشون في فلسطين منذ آلاف السنين؟" هكذا قال ريتشارد، وهكذا يجب أن تقول القمّة العربية، إن كانت عربية حقًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-11-10, 8:16 pm
على هذه الأرض نحن أو الصهاينة
كانت بعض الأنظمة العربية الأليفة تسخر من القول إن الصراع مع الصهاينة هو صراع وجود لا حدود، بل وترى في ذلك شعارات رنّانة، وتهاجم مردّديها وتتآمر عليهم، غير أن هذه الأنظمة نفسها تستمع إلى خطاب "التمانع" ذاته من قيادات الاحتلال الصهيوني ولا تحرّك ساكنًا.

كم مرّة سمعت مجرمًا صهيونيًا من قيادات الاحتلال يردّد عبارة "إما نحن أو هم"، في تعبير عن العقيدة الاستئصالية التي ترفض الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين؟. قالها وزير الحرب والمتحدّث باسم الجيش، وقالها نتنياهو وآخرون، قبل العدوان على غزّة وبعده، ففي يناير/ كانون الثاني مطلع هذا العام، أعلنها وزير الأمن الداخلي الصهيوني المتطرف، إيتمار بن غفير، خرّيج مدرسة الحاخام مائير كاهانا، مؤسس حركة كاخ التي جرى تصنيفها "إرهابية وفاشية"، والتي تعتبر العرب في فلسطين أعداء (أغيار) يجب إخراجهم بالعنف، وجلب جميع يهود العالم ليحلّوا محلّهم.

كما أكّدها خطاب نتنياهو وهو يشنّ هجومًا إرهابيًا على الجمعية العامة للأمم المتحدّة، بعد تبنّيها قرارا يطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية، وهو القرار الذي وصفه الصهيوني الوقح بأنه "حقير"، قائلًا بالحرف الواحد "اليهود ليسوا غزاة لأرضهم، عاصمتنا المنتصرة القدس ليست محتلة، قرارات الأمم المتحدة لا تلزم الحكومة الإسرائيلية في زمانها".

ماذا حدث بعد هذه التصريحات الإجرامية منذ مطلع هذا العام؟. لم يردّ أحدٌ من العرب باتخاذ مواقف رادعة لهذا التغوّل على حقائق التاريخ والجغرافيا، بل وجدنا العكس، حيث هرولت الرياض، بالسرعة القصوى، على طريق التطبيع، ورأينا موقفًا عربيًا في أغلبيته يكاد يعلن أن التطبيع هو قضية العرب المركزية، فلماذا ونحن في لحظة الإبادة الحالية لا يُضاعف الصهاينة من وحشيّتهم وهم ينفذون جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان ضد الشعب الفلسطيني في غزّة؟

لماذا لا يخرُج وزير صهيوني بخطابٍ مجنونٍ عن التفكير في إلقاء قنبلة نووية على غزّة حلًا من الحلول المقترحة لاقتلاع المقاومة، المبدأ والمشروع، من كل فلسطين؟ ولماذا لا يتحدّث آخر صراحة بأن الشعب الفلسطيني في غزّة لا يستحق البقاء أو الحياة؟

الصهاينة يذهبون بالتصريحات الصادرة عنهم إلى ما وراء النازية والفاشية والمكارثية معًا، بالنظر إلى أن ردّات الفعل العربية تأتي على هذا المستوى من الدونية، إذ تشكو وزيرًا صهيونيًا إلى الحكومة الصهيونية وتطالبها باتخاذ موقفٍ معه، وكأنّ هذا المعتوه بتصريحاته خارج السياق الإسرائيلي العام.

في التعليق على تصريحات وزير التراث الصهيوني بشأن استخدام القنبلة النووية تقرأ مضمونًا واحدًا في بيانات الشجب العربية، التي تدّعي الدهشة والصدمة، فتقول الخارجية المصرية نصًا إن "مطالبة وزير إسرائيلي بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزّة دليلٌ على مدى الانحراف والتطرّف الذي لحق بعدد من صنّاع القرار فى الحكومة الإسرائيلية"، وهو المضمون ذاته الذي تجده في بيان الخارجية السعودية التي ترى أنّ هذه التصريحات "تُظهر تغلغل التطرّف والوحشية لدى أعضاء في الحكومة الإسرائيلية". وكأن الأصل في الحكومة الإسرائيلية أنها تضم مجموعة من الحملان الوديعة الطيبة، والوزراء المتحضّرين الأخيار، وأنّ ذلك الوزير الذي لوّح بالقنبلة النووية هو الشاذّ عن السياق، أو العنصر الاستثنائي في المنظومة، وكأن التطرّف والوحشية لم يكونا موجودين، ثم أتيا فجأًة من "بعض أعضاء الحكومة" فقط، وليسا عقيدة راسخة منذ تأسس هذا الكيان السرطاني.

حسنًا، ها هو أحد الإسرائيليين المصنّف "معتدلًا" يردّ على الرسميين العرب، فيقول "المعتدل" رئيس الوزراء السابق على نتنياهو مباشرة، وقائد تيّار المعارضة حاليًا، يائير لبيد، إنه "لا وجود لدولة فلسطينية إلا على كوكب المرّيخ وليس على الأرض، لأن الأرض هي هدية الله لليهود... ليس هناك استيطان... هذه ليست مستوطنات.. هذه أرضنا.. أرض الميعاد في التوراة".

هذا الخجل العربي الرسمي المشين بمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، والذي يكاد ينطق بقبول عام بشرق أوسط إسرائيلي، تنفرد به تل أبيب، ومعها واشنطن، بإعادة رسم خريطة المنطقة جغرافيًا، هو أكثر فتكًا بالشعب الفلسطيني من القصف الإسرائيلي، بل لا تبالغ لو رأيتَ أنه جزءٌ من الخطة الأميركية الإسرائيلية التي تعتمد مبدأ "نحن نقصف ونتوغّل وأنت تندّد وتستنكر"، لكن من دون فعل حقيقي، وكأن النظام العربي قد ضجّ بالقضية، وضاق ذرعًا بشعبها، ويكاد يعتنق أمنية رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، إسحاق رابين، التي عبّر عنها في العام 1992 بعد انتفاضة الحجارة الأولى"أتمنّى أن أستيقظ من نومي ذات يوم فأرى غزّة وقد ابتلعها البحر".

تعكف إسرائيل حاليا على محو غزّة من الوجود، أو تحويلها إلى مرعى لقطعان المستوطنين، بعد تفريغها من الوجود الفلسطيني، كما عبّر عن ذلك عضو الكنيست المجنون، رام بن باراك، الذي يطالب بتوزيع سكّان غزّة على دول العالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-11-10, 8:16 pm
أشد العبارات: الدبلوماسية على طريقة بيومي فؤاد

في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 قال نتنياهو في لندن: "العرب يلتفّون حولنا بشكل لم أكن أتوقعه في حياتي". وفي 4 نوفمبر 2023 يقول له الواقع: صدقتَ أيها المجرم.
العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزّة مختلف تمامًا هذه المرّة عما سبقه من اعتداءات، إذ لعلّها المرّة الأولى التي تكون فيها واشنطن مشاركةً في القتال، على نحوٍ مباشر وصريح، مسجّلة حضورها المادي وليس المعنوي، إذ حضرت بالعتاد والتعداد العسكريين، من خلال أسطول طائرات F16 وترسانة هائلة من الذخائر الحديثة، فضلًا عن حضور رئيسها، ثم وزيري دفاعها وخارجيّتها، اجتماعات مجلس الحرب الصهيوني، معلنين أن المعركة معركتهم، قبل أن تكون معركة إسرائيل.
إذن، العنوان الصحيح هو: أميركا وإسرائيل تشنّان حرب إبادة على الشعب الفلسطيني. وبالتالي، أي موقف عربي مناهض للعدوان ومساند لفلسطين ينبغي أن يشمل واشنطن وتل أبيب معًا، سواء بالضغط السياسي، عن طريق سحب السفراء، أو الضغط الاقتصادي عن طريق استعمال كل الأوراق والأسلحة العربية، من سلاح النفط إلى المقاطعة الاقتصادية، إلى عدم السماح بمرور أدوات القتل الأميركية من المياه والأجواء العربية.
في المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، في عمّان، كان لافتًا للغاية الاهتمام بتوجيه رسائل وإشارات عن حميمية العلاقة بين الوزير الأميركي، الذي يحضر إلى المنطقة باعتباره اليهودي المقاتل من أجل إسرائيل، وصديقيه وزيري الخارجية المصري والأردني، إذ طوال المؤتمر ينادي الوزير المصري باسمه مجرّدا "قلت لسامح واتفقت مع سامح" والأمر ذاته مع الوزير الأردني أيمن الصفدي. وفي المقابل، يردّ سامح وأيمن بمنتهى السعادة والفخر "شكرًا توني"، وكأنهم في حديقة زهور وليسوا على بعد عشرات الأميال فقط من محرقة بحقّ الشعب الفلسطيني، ينفذها "الصديق توني" رفقة العدو الصهيوني بحقّ الشعب الفلسطيني في غزّة.
هكذا، بدا العرب ملتفّين بشكلٍ لا يتخيّله أحد حول "توني" الذي يعلن بمنتهى الحدّة والصرامة الرفض المطلق لأية أفكار أو مقترحاتٍ خاصة بوقف إطلاق النار، أو الدخول في هدنةٍ في الحرب على غزّة، تمامًا كما كان يشعر نتنياهو بالتفاف العرب حوله بشكلٍ لم يكن يحلم به.
هذا هو واقع الحال الذي لا يمكن أن تخفيه الرشقات القادمة من الحكومات العربية محمّلة برؤوسٍ من "أشدّ العبارات"، تلك النكتة السخيفة التي تتردّد في البيانات الرسمية والتصريحات الشاجبة والمندّدة بلا أي تأثيرٍ يُذكر، منذ بدء العدوان الأميركي الإسرائيلي على غزّة، فيما يظنّ الرسميون العرب أنهم أدّوا واجبهم نحو القضية لمجرّد أنهم يعلنون أن هذا القصف الوحشي غير معقول أو مقبول، من دون أن يحاول أحدٌ مغادرة منطقة "أشدّ العبارات" إلى مساحةٍ من الأفعال والإجراءات التي لم تعُد بحاجةٍ إلى بيانٍ أو تفصيل، إن من الأشقّاء الجيران المباشرين لغزّة، أو الأشقّاء الأبعد، إذ لا أحد فتح معبرًا، أو أوقف عبورًا للطيران الصهيوني في سمائه.
يحيلك موقف الدبلوماسية الرسمية العربية، التي لا تزال تتثاءب بانتظار قمّة عربية في الرياض بعد مرور أربعين يومًا تقريبًا على المجزرة، إلى موقف الممثل الفكاهي المصري، بيومي فؤاد، وهو يقف على مسرح الرياض، مندّدًا بأشدّ العبارات بزميله الفنان محمد سلام الذي أعلن اعتذاره عن عدم السفر إلى السعودية لكي يرقص ويغني ويضحك، بينما أشقاؤه الفلسطينيون يُذبحون ويُحرقون في غزّة، إذ اعتبر الفنان العارض أن كلام زميله المعترض إساءة للفن وإهانة له، تمامًا كما يرى جمهور الاستبداد العربي العاجز المتواطئ أن أيّ انتقاد للعجز والعجزة والتواطؤ والمتواطئين هو إهانة للوطن وخيانة له وإساءة للوحدة العربية التي لم يعُد يفكّر في أن يغلبها أيّ غلّاب، بعد أن ماتت وتحلّلت، وحلّ الاصطفاف مع المشروع الأميركي الصهيوني بديلًا لها.
لا أحد يدري والحال كذلك، ماذا يمكن أن يقول الحكام العرب لبعضهم بعضا حين يجتمعون فيما توصف بأنها "قمّة عربية" في الرياض بعد نحو أسبوع، ماذا يمكن أن يفعلوا بعد ستة أسابيع من الإبادة التي تقوم بها واشنطن وإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وبعد أن صار الصهاينة يعلنون فرضية استخدام القنبلة النووية ضد غزّة، لأنهم لا يعتبرون أحدًا فيها مستحقًا للحياة؟ هل يمكن اعتبار هذه قمّة عربية أم سرادق عزاء على بعض خطواتٍ من المسرح ذاته الذي انتفض فيه بيّومي فؤاد دفاعًا عن شرف الفن؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-11-10, 8:20 pm
في أنّكَ لستَ هناك

#معن_البيارى

السّماء فوقي صافيةٌ بعضَ الشيء، لا دُكنة فيها إلا قليلا، ألحَظُ نجمتيْن أو ثلاثا. النورُ الكثيرُ في المدينة يجعل العتمة أقلّ، ويُشعرني بفائضٍ من الأمان. والضوْءُ الغزيرُ في الشوارع الفسيحة يُجيز لي القول إن سواد الليل يصلُح لقرائح الشعراء عندما يقطفون منه القمر، وعندما يُؤثِرون النجوى وكلام النفس للنفس. لستُ هناك، إنّما هنا في صالون البيت، أرى شُواظا يمرُقُ في السّماء التي قدّامي على الشاشة، بل نارا أيضا فوق المدينة التي هناك. أعبُر بعينيَّ على مساحة الليل المُتاحة، وأُنصِت للمراسل يقول إن القصفَ الليلة غير مسبوق. قال هذا قبل ثلاث ليال، وقبل سبع، وقبل اثنتي عشرة ليلة، وقبل ما لم أعدَّها من ليالٍ كان يستجدّ فيها موتٌ بعد موت. أودّ لو أنصحُ الشابّ المجتهد، وفيَّ خوفٌ عليه، بأن يُغادر قصّة غير المسبوق هذه، فالقتلُ كثيرٌ أيضا في المسبوق أيضا. لستُ هناك لأدلّه على ما يلزم أن يقول. هو الذي يعرِف. أنا، وغيري، نعرف منه، ومن رفاقه المرابطين في شمال المدينة ووسطها وجنوبها، عن الميّتين الذين زاد عددهم في النهار وفي هذا المساء. أرى بيوتا انهدَمت، وتلالا من رُكامٍ وخرابٍ باهظيْن. أُحدّثُ نفسي، وأسأل: لو كنتُ هناك، ماذا تُراني أفعل؟ هل كنتُ سأحتمل عتمة الليل عندما تخدِِش سماءَه نيرانٌ حمراءُ وشظايا مشتعلة، وما لا أعرف؟ لو كنتُ هناك، هل كنتُ سأحدّقُ في عينيْن، نائمتيْن أو مفتوحتيْن، لطفلٍ، في السادسة مثلا، أسقَطَ قصفٌ مباغتٌ دار أهلِه تحتَه؟ ربما نجَت أمُّه، أو فتَك بها الصاروخ، فتوزّعت أشلاء، كما أختٌ له أو ابنة عمّ أو جدٌّ أو خالٌ ربما. لو كنتُ هناك، وبقدرةِ قادرٍ لم أمُت، كيف كنتُ سأعيش مع الموت الكثير حواليّ، هل كنتُ أستطيع نشيجا لا أستطيعُه هنا؟

لا تُقيم في ذاكرتي حربٌ. وإنْ تعلَقُ فيها أطيافٌ عارضةٌ لمشاهد في أثناء حربٍ طرَأت أياما ثم راحت. لم أشاهد فيها موتى ولا جرحى، هي فقط أصواتُ رصاصٍ بعيدة، ورمياتُ قذائف أبعد، مع خوفٍ لا أتذكّره كان شديدا. لم أشهَد في حياتي، وأنا الذي أتقدّم إلى العقد السادس، صاروخا يضرِب أيّ مطرح، أو دبّابةً ترمي حيثُ شاءت. شاهدتُ حروبا بلا عددٍ على شاشات التلفزيون، بعضٌ من بعضها على الهواء مباشرة. وشاهدتُ حروبا مريرةً في أفلام سينما. إذن، أحتاج خبرةً خاصّةً لأعرف جيّدا كيف هي الحروبُ بالضبط، كيف يعدّ الناس في أثنائها الأيام إذا طالت. ولكن، مهلا، من قال إن التي هناك حربٌ؟ لا تُخبرني المعارفُ التي أعرف، ولا الحروبُ التي مرّت على شاشة ذاكرتي من شاشاتٍ عن وقائع صارت أو صنعتْها مخيّلاتٌ، إن الذي هناك حربٌ. لا، إنه فتكٌ بالعُزّل وحسْب، استأنسَ بالنازيّ والفاشيّ وحواشيهما، فتكٌ بالأطفال والرّضّع والأجنّة والنساء والصبايا والشيوخ والشبّان، الآمنين إلا من شهوة القتل لدى العدوّ الغادر الجبان الذي ينقتل جنودٌ وضبّاطٌ منه كثيرون، ويؤسَرون، في اشتباكاتٍ وكمائن، وفي مناجزاتٍ عن حقٍّ وحقيق، فيُؤثر أن يتحصّن في الطائرات والدبّابات، ليُزاول صنْعته إيّاها، التمويت الذي لا اسم له سوى هذا. ويرتكب القاتلون تجويعا وتعطيشا وحصارا، ويُنزلِون العقوبات بالجرحى، لأنهم آثروا أن يصيروا جرحى فلم يموتوا. ولهذا، تُرمى المستشفيات بالقنابل، وتُحرَم من الوقود. ... قد تُرتَكب في الحروب جرائم، لكنها أوّلا حروب. أما هذه فمحضُ جرائم، لا يردَع مقترفيها أقربون ولا أبعدون، جوارٌ أو غير جوار.

لو كنتُ هناك، لن تكون لشاشة التلفزيون مدعاة. قد أغبِط الذين ينعُمون بكهرباء ودواء، ويزاولون النوْم والصحو في مواعيدهما، قد أغارُ من الذين يُفطرون ويتغدّون ويتعشّون، وممن يؤدّون واجب الدعاء للمظلومين وضد الظالمين، قبل أن يطمئنوا إلى أنّ أولادَهم هيأوا واجباتهم المدرسية ثم انصرفوا إلى أسرّتهم. لو كنتُ هناك، ربما ألوذُ بحائطٍ في مستشفى لم ينقصِف بعد، أو أغفو على فرشةٍ في ساحةٍ خلاء، قبل أن أوصي من أوصيهم بأن يُحرزوا ما في وُسعهم من حذَر، وقبل أن أتسقّط أخبارا عن كنائس ومساجد ومدارس استهدفها المجرمون فارتجّت.

لستُ هناك، وما أيسر من أن تَكتُبَ عن حربٍ بعيدة، أو عن تمويتٍ (التصحيحُ أعلاه)، بعيد. تراها من هنا، بين وقتٍ وقت، وأنت تعملُ لو شئت، وأنتَ تأكًل، وأنت تتمطّى وتتثاءب. يحاولون هناك أن يمكُثوا في الحياة التي أرادتها الأقدار لهم تعيسة، ولا شيء يريدُه الأطفالُ سوى أن يكبُروا. بودّي، هنا، لو أسأل الوحش: كم يلزمُكَ من موتٍ في الذين هناك قبل أن يُصيبك الضجر؟ هل من قتلٍ أقصى تُريد الوصول إليه، ولا تُريد أن تُخْبر عنه أحدا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-11-24, 8:07 pm
وحدها المقاومة، الكلمة الرصينة في محيط مُظلم من الإسفافِ السياسي، وابتذال المواقف وانتحالها، والقفز عليها والتعلّق فيها على طريقة الصبية الذين يركضون خلف العربات على الطريق. وحدها المقاومة، تبقى صانعة الإنجاز السياسي والعسكري خلال أكثر من أربعة عقود مضت، وضع فيها العرب سلاحهم وكدّسوه في المخازن حتى صَدأ، إذ لا يخرُج للاستخدام إلا مصوّبًا على الأخ والشقيق، فيما لا يفكر هذا السلاح أبدًا في أن يأخذ الوجهة الصحيحة.

تُهينهم إسرائيل، وتصفعهم، ثم تتبع كلّ صفعة بعبارة "خطأ غير مقصود"، فيفرحون ويسوّقون لشعوبهم أنّ الكيان الصهيوني اعتذر لهم رعبًا منهم، بينما الواقع ينطق كلّ يوم بأنّهم لا يُرعبون إلا شعوبهم، ولا يستعرضون ترسانتهم العسكرية إلا في الداخل، ولا يستعملونها إلا ضدّ أنفسهم.

قلتُ غير مرّة إنّ إبداع المقاومة الفلسطينية في الخمسين يومًا الماضية أزال الصدأ من فوق أنظمة تقبع في قصور حكمها مثل قطع من الخردة، ونفض الغبار عن حكومات بقيت مهملةً لا يتذكّرها أحد إلا حين تتحدّث عن فقرها وحاجتها لمزيد من القروض والمنح. لذا لا يُجافي الحقيقة القول إنّ المقاومة صاحبة فضل على النظام الرسمي العربي كلّه، والذي في معظمه يناصبها العداء ويكيد لها، بل ويتآمر عليها ويكرهها أكثر من كراهية الصهيوني لها، وهو ما عبّر عنه رئيس حكومة الاحتلال بعباراتٍ واضحةٍ وصريحةٍ قبل ساعات من انعقاد قمّة الرياض، فجاءت هذه القمة خلوًا من ذكر المقاومة أو الدفاع عن حقّ الشعب الفلسطيني في امتلاكها واستخدامها ضدّ العدو الذي يحتل أرضه.

هي صاحبة الفضل على محوري التطبيع وما يسمّى محور الممانعة، وأيضًا محور الترفيه الذي يتحيّن الفرصة للالتحاق بقطار التطبيع، فكانت ملحمة الصمود التي تدخل أسبوعها الثامن الباب الذي دخلت منه أنظمة الاستبداد العربي للاستثمار في القضية، بشّار الأسد نموذجًا والنظام المصري كذلك، ومعهما أطراف أخرى جاءت تغتسل من الدماء في بحر غزّة الصامدة.

حتى الذين يستدفئون بالغاز الطبيعي الذي تستولي عليه في أراضي ومياه فلسطين المحتلّة وتبيعه لهم نسوا ذلك كله، وانخرطوا في مجون مهرجانات وحفلات دعم الشعب الفلسطيني، الذين يفرضون عليه الحصار، ويخنقونه بإغلاق المعابر طوال أسابيع العدوان.

الذين كانوا يجاهرون بكراهية غزّة والتحريض على دكّ مقاومة "حماس"، صاروا يتراقصون ملفوفين بالأعلام الفلسطينية، ويسبون "العدو" الذي يبيعهم غاز فلسطين عبر خطوط أنابيب يقف على حراستها جنود أشدّاء... حتى أمين عام ما تسمّى جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، صاحب شعار "لتكسر رجل أيّ فلسطيني يعبُر إلى مصر فرارًا من القصف الصهيوني" صار ينتحل القضية، وهو الشخص الذي أمضى كلّ هذه السنوات في منصبه القومي من دون أن تطأ قدماه أرض غزّة، أو يفكّر في زيارتها مرّة واحدة، لا قبل العدوان ولا بعده.

الهدنة التي جرى التوّصل إليها بوساطة قطريةٍ خالصة، تنازعها فيها عواصم أخرى وتزعم لنفسها دورًا فيها وتُقيم المهرجانات احتفالًا بها في ملعب القاهرة قبل أن تدخل حيّز التنفيذ، هذه الهدنة هي إنجاز للمقاومة الفلسطينية بشكل أساس، إذ لولا بسالتها وصمودها في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية الأميركية، لما أذعن العدوّ ذليلًا مكسورًا لجهود الوساطة، ولما قبل بالهدنة، ذلك أنّه ما كان يفعل ذلك لولا ضربات المقاومة التي أوجعته وكسرت أنفه وذراعه العسكريتين.

كتائب المقاومة هي الجيش العربي الوحيد الذي يمارس العسكرية في معناها الحقيقي ومفهومها النقي، إن على مستوى الأداء الميداني أو من ناحية توجيه السلاح إلى حيث يجب توجيهه، وتعطي كلّ طلقة رصاص حقّها في اختيار المكان الذي تصوّب نحوه، تعرف عدوّها، وتقول له في عينه أنت العدو، لا تخشاه ولا تسعى لصداقته والتعاون معه، بينما هناك سبع دول عربية تشتري السلاح من المحتل الإسرائيلي، بحسب صحيفة معاريف الصهيونية في يونيو/ حزيران 2019.

لك أن تتخيّل لو كانت علاقة الأنظمة العربية بفلسطين ومقاومتها على القدر نفسه من الارتباط والالتزام اللذين يحكمان العلاقة الأميركية بإسرائيل وجيش احتلالها، وتسأل نفسك: هل كان الكيان الصهيوني ليجرؤ على الاستفراد بأطفال غزّة ونسائها وعجائزها بهذه الوحشية، وبهذا اليقين بأنّ أحدًا لن يستطيع ردعه ولا يريد ذلك؟

الحاصل أنهم تواطأوا ضد المقاومة، ولمّا حقّقت هذه المقاومة إنجازها أقاموا الحفلات المبتذلة انتحالًا لدور في هدنة لن تدوم إلا لثلاثة أيام أو أكثر قليلًا.

من يحبّ غزّة حقًا فليحافظ على مقاومتها، ولا يرقص لها مساءً ثم يتأمر عليها بالنهار، غزّة هي المقاومة والمقاومة هي غزّة، مثل علاقة الروح بالجسد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2023-12-11, 7:55 pm
مع الإعلان عن إذاعة كلمةٍ مسجّلة للناطق باسم الفصيل الأكبر في المقاومة الفلسطينية، حبست جماهير الأمة أنفاسها انتظارًا لما سيقول، مُنصتة قبل أن يبدأ الكلام.
تكاد تشعر أن كل شيءٍ توقّف، ولم يبق ما يتحرّك سوى شلال من مشاعر اللهفة والترقب والقلق والأمل، داخل الأنفس العطشى لما يروي ظمأها للبشريات، وما يبقي اليقين في الصمود ساطعًا.
كان الناس في شوقٍ حقيقي لذلك الملثّم الشاب الذي صار زعيمًا للأمة، في جوهرها الحقيقي والسليم والمحترم، من دون أن يتعرّف على ملامحه أحد، إذ تكفي إطلالته كلما تيسّر لكي تسري شحنة جبّارةٌ من الثقة والأمل في نفوس مئات الملايين من البشر تتعلق أفئدتهم بما يجري على أرض قطاع غزّة الفلسطيني، من معارك تدور بين شعبٍ ينشد التحرير وعدو مصاب بالسعار، يطلقه أشرار العالم علينا، ويدعمونه بكل الوسائل، ويشاركونه قتل أطفال شعوبنا، ومعهم مجموعة من الصغار الذين نصبَهم الأشرار ولاة على الناس، ووفّروا لهم الرعاية الكاملة، مقابل أن يقيّدوا شعوبهم بأغلال الخوف والفقر الفاجر في بعض الأقطار والثراء الفاحش في أقطار أخرى، بوصف هذه الشعوب هي الخطر الحقيقي على الاحتلال باعتراف قياداته منذ سنوات بعيدة.
لم يكن مهمًا هذه المرة "ماذا يقول" الملثّم، فالأهم عند الناس "أن يقول"، أن يظهر ويأتي صوته الهادئ الواثق لينفض عن الأنفس المتعبة غبار الإحباط وفقدان الأمل، في حالةٍ من التبنّي والاحتضان تؤكّد أن الأمة تحارب بقلوبها وألسنتها مع أبطال المقاومة على أرض غزّة، وأنها تعتبر هؤلاء جيشها الحقيقي، وهذا الناطق باسمهم هو رمزُها وزعيمها المنتخب انتخابًا حرًا وأخلاقيًا ووجوديًا.
لم يحدُث أن انحبست الأنفاس ترقبًا لخطاب من زعيم سياسي عربي، منذ أكثر من عشرين عامًا على الأقل، مع الاحتلال الأميركي للعراق وتدميره وحرق مكتباته واستهداف تاريخه، بعد أن سقطت بغداد، واختفى الرئيس صدّام حسين، وقيادات حكومته، فكان الإعلان عن تسجيل صوتي له، ثم لنائبه عزة إبراهيم الدوري فيما بعد، كافيا لصناعة حالة من الانتظار والترقب.
قبل ذلك، كان ظهور حسن نصر الله على الشاشة عندما كان حزب الله اللبناني يقاوم العدوان الصهيوني 1996 ثم في جولة العام 2006 مما تنتظره الجماهير بشغف، في حالة تضامن واحتضان شعبي لإنجازات المقاومة.
هذه الومضات الجماهيرية الخاطفة، كانت قد انقطعت مع أفول شمس جمال عبد الناصر ورحيله في العام 1970 لتتوقّف بعدها ظاهرة الكاريزما السياسية، وها هي تعود مع الناطق باسم كتائب عز الدين القسّام، وهي حالة وجدانية لا تتعلق على المواصفات الشخصية، بقدر ما تتعلق بما يمثله هذا الشخص من مشروع وما يعبّر عنه من أفعالٍ تلتفّ حولها الجماهير وتصدّقها وتؤمن بها.
غير أن حالة الناطق الملثم المقاوم تتجاوز في اتساعها وعمقها كل ما سبقها من حالات، على نحو يجعل التعلق بها والانتماء لها والالتفاف حولها أمرًا شديد العفوية والصدق والنقاء، ذلك أننا هنا بصدد كاريزما بلا جهاز دعاية ضخم يتولى صياغتها ووضعها في قوالب إعلامية بالغة القوة والإبهار ثم تسويقها للجماهير، بل صوت يأتي من مكان مجهول، من دون صورة براقة يشرف عليها جيش من خبراء صناعة الطلة الإعلامية.
ماذا يعني كل هذه الشوق لصوت الملثم بعد انقطاع لعدة أيام اشتعلت خلالها الشائعات الصهيونية المسمومة عن استشهاده؟
الشاهد، مرة أخرى، أنه ليس شوقًا لنجم جماهيري، بقدر ما هو ظمأ شديد لكلمات تطمئن الناس على المقاومة وقدرتها على البقاء والصمود واجتراح مزيد من المعجزات القتالية والبطولات الشحيحة في هذه المرحلة القاحلة من تاريخ الأمة.
يعني كذلك أن هذه الجماهير محكومة من قبل أنظمة لا تمثلها، ولم تعد تستطيع التمثيل عليها، على الرغم من الإنفاق الهائل على مشاريع مسخ الهوية ومحو الشخصية وسحق الوعي الشعبي بجرافات الترفيه السفيه، وماكينات صناعة هيستيريا الوطنية الملوثة بكل عوادم الطغيان والإفقار والتخويف.
يعني أخيرًا أن الجماهير تقول للملثّم نعم، وتقول للمستبدّين من أصدقاء العدو وشركائه لا، وتسخر من تفاهتهم، وهم يتصنّعون علامات العجز أمام العدو، ويستعرضون مظاهر القدرة المفرطة على شعوبهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-02-18, 3:27 am
في مثلِ هذه الأوقات المتفجّرة التي يصلُ فيها الدّمُ المسفوك ذروةَ غزارته وسطوعه، رعبهِ وبراءته، مصحوبًا بسيلٍ جارفٍ من التّهريج السياسيّ في مستواه العربي خاصةً؛ ذاك المتجسّد بشكلٍ أضحى نمطيًّا جاهزًا في بيانات الشّجب والاستنكار والتّذاكي. يختلط فيه الحابل بالنابل لتغطي ظلال جعجعته اللفظيّة وبلاغته الكاذبة، ساحةَ المجزرة المروِّعة، وتكاد تُنسينا الحدث. ربما من فرط هول المشهد العبثيّ على قسوته وفظاعته، يكون الصّمت المدلهمّ أحيانًا خيرًا من المشاركة في هذه الوليمة الباذخة للكلام المجانيّ المسفوح بموازاة الدّم المُراق في كلّ زاويةٍ ومكان.
لكنّ الخيارات جميعها صعبةٌ ومُربكة..
هكذا هي الحال العربيّة، مجزرةٌ تلي أخرى، وحروبٌ تتناسلُ على نحوٍ يفضحُ أكثر فأكثر، أزمنة الانحطاط الشامل، سواء حروب الأهل، أو مع الأعداء، التي تخوضها غالبًا جماعةٌ بعينها مفصولة بالضرورة عن الجسد العربي المُمعِن في التمزُّق والانهيار، وإنْ كانت موصولة المشاعر والخراب.
حروبٌ لا تكاد تُرخي أوزارها في منطقةٍ إلا وتنفجرُ في أخرى أكثر بشاعةً وهولًا ونكوصًا إلى الخلف، حتّى أعماق الهاوية، تلك الهاويةُ التي تتبدّى من غير سقفٍ ولا قرار.
الخطابُ العربيُّ منذ عقودٍ عديدة، يُقارب هذه المجازر وحروب الإبادة بنفس القاموس السياسيّ والفحوى والمفردات المُضجرة من فرط التكرار، بسبب الشلل التامّ عن الفعل الحقيقيّ في الوقائع والتاريخ.
ما يحصل في غزة الآن من حربِ إبادةٍ يندى له جبينُ العرب والبشريّة جمعاء، هذه البشرية التي يُمعن القـَتـَلة الأقوياء بفعل تطوّر العقل العلميّ، في استئصال ما تبقى من مكاسبها الأخلاقيّة والروحيّة، ليستحيل التاريخُ إلى ركامٍ من الهوان والعار والفلتان الوحشيّ للغرائز.
(غزة) حلقة أخرى، سليلة حتميّة لانحدار التاريخ العربي والفلسطيني الذي وصل منذ زمن إلى أعماق السؤال الأكثر خطورة واحتدامًا، سؤال التاريخ الكبير في البقاء الحقيقيّ الكريم على هذه الأرض الثكلى، أو التلاشي والانقراض؟
الفيلسوف الفرنسي (سارتر) قال: إن كل حروب العالم لا تساوي دمعة طفل.
لكن طفل (سارتر)، لم يعد موجودًا كي تدمع عينهُ.
لقد استلّه القتلة الصّهاينة من أحشاء أمّه المذبوحة وقذفوا به في جحيم البركان التكنولوجيّ.
تحية لغزة فصلًا من تاريخ الإرادة الفلسطينيّة العصيّة، وسط أمواج ذلك الدّمار القياميّ، الذي يفوق قدراتِ قارّة بكاملها، وليس ذلك الشبر من الأرض المحروقة سلفًا بالانشقاق والحصار وحرب الإخوة أبناء الزُّقاق الواحد والخندق الواحد، وهي الأكثر فتكًا من جميع الحروب.
تحية لغزة، وقبلها فلسطين برمّتها ولبنان والعراق والجزائر، وحبلُ المجزرة على الغارب، طالما بقي الزمنُ العربيُّ على حاله والعالم على بشاعته.
في هذا السياق المأساوي نتذكر شاعر الشّعر، وشاعر الملحمة الفلسطينية النبيلة، محمود درويش -رحمهُ الله- في قصيدته: “أحمد الزعتر”، فما أشبه الليلة بالبارحة وإن اختلفت بعض عناصر الاصطفاف في هذا الدّيكور الوحشيّ.
أقول الديكور؛ لأنّ العقل السياسيّ العربيّ، يُضاف إليه هذه المرة الإيرانيُّ الطّامح إلى احتلال الواجهة الزَّعامية والإعلاميّة أو ما يوحي بذلك، دعكَ من الدولي، لا يريد من الدم الفلسطينيّ المُراق من الوريدِ إلى الوريدِ إلا ورقةً لتحسين شروطِ تفاوضِهِ مع القوى الكبرى المَاسِكة في نهاية المطاف، بعناصر الهيمنة والقوة والمعرفة.
“نازلًا من نحلة الجُرح القديم
إلى تفاصيل البلاد
وكانت السنة
انفصال البّحر عن مُدُن الرماد
وكنتُ وحدي
آه يا وحدي
وأحمدُ ..
مخيّم ينمو
وينجب زعترًا ومقاتلين
وساعدٌ يشتدّ
في النّسيان
..
مضت الغُيُوم وشرَّدتني
ورمتْ معاطفها الجبالُ
وخبأتني”

كابُوس المجزرة الرّاهنة
في غزة وفلسطين

الأعمال الإبداعيّة في تاريخها، فلسفةً فنًّا أدبًا، حجرُ بنيانها الألمُ البشريُّ والشرّ والظلم الفادح.
أهراماتٌ من الكتب والأشرطة واللغات، لكن هل يمكن وصف الألم على نحوٍ يُعبّر عن حقيقة المأساة؟
“رماني الدهر بالأرزاء حتى
فؤادي في غشاءٍ من نِبالِ
فصرتُ إذا أصابتني سهامٌ
تكسّرتِ النصالُ على النصالِ”
حتى هذا الإعجازُ الشعريّ؛ هل عبّر فعلًا، أم أنَّ أنين الجراح المُحتشد الصّامت عبر الأزمنة هو التعبيرُ الأمثل؟!

ألمُ الصغارِ برهةَ اشتدادِ المرض والمُلمّات هو ذروة المأساةِ، حيثُ يختلطُ الصّراخ بالأنين بالتشنّج أمام أبٍ وأمٍّ عاجزَيْن عن رفع هذا الألم الذي لا يُغتفر، بانتظار ما يجود به الأطباء والأقدار الغامضة، وعدا الحنان الدّافق بالدُّموع الصامتة والتمنّي بحملِ هذه الأثقال نيابةً عن المُصاب الذي داهمته المصائبُ والأيام قبل الأوان.
كم من الأطفال وصغار السن يُبادون يوميًّا في الحروب البشريّة والطبيعيّة: تراجيديا الوجود التي لا تُحتمل.
أسرابُ العصافير التي تنقر كل صباح على نافذة ناصر ثم تُحلّق في آفاق الحرية والضفاف
حاملةً في مناقيرها أسماء أطفال فلسطين الذين استشهدوا في ساح المعارك والدّمار.

سيركُ مهرجينَ ووضعاء يتسلّقون القضايا والحقوق المقدّسة للشعوب المنكوبة،
بحيث إنّ العبارة التي هي من النزاهة والعمقِ بمكانٍ عالٍ، تضيعُ في هذا الخضمّ الجارف للزّيف والتفاهة.

أنا الذي حين أنظرُ في عينَيْ ناصر حين يُداهمه المرض الأكثر لعنةً في حياتي، وأرى في مرآتهما ذلك الخذلان لجموحِهِ في اللعب والحياة؛ أشعُرُ بهشاشة وجودي وانكساري الأكيد، أنا الذي صمدت في أكثر المواقف دمويّةً وقسوة.
إذن؛ أيّ قدرةٍ إلهيّة عظيمةٍ وخارقةٍ تجعلني أحتمل النظر إلى ملايين الأطفال في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان… إلخ.
وأطفال العالم
كيف أحملهم في مساءٍ كهذا المساء، حسبما قال شاعرنا الرّاحل الكبير سعدي يوسف.
هكذا، وعلى هذا النّحو المأسويّ الرّهيب تتوالى السنون والعقود منذ مطلع السبعينيّات حتى هذه البُرهة المتفجّرة بالمجازر والإبادات.
(كيف أحملهم في مساءٍ كهذا المساء؟) كل هؤلاء الملايين من الأطفال والنساء والرجال، أراهم في مرآة ابني ناصر وهو يرفس في خضمّ هذه المِحنة الأليمة من المرض، أراهم جميعًا هكذا، إنهم ملخّص لهذا الفضاء من الآلام البشرية المريعة عبر التاريخ.
وبالمناسبة الشاعر سعدي يوسف قال هذه الجملة ضمن قصيدةٍ حول منطقة الفاكهاني التي كانت معقلَ المقاومة الفلسطينيّة والزعماء والرموز والهاربين من بلدانهم إلى حلمِ حُرّيةٍ ونضال.. قالها في هذا السياق.
(الفاكهاني) تلك المنطقة التي ارتكبت فيها أيضا أبشع المجازر ودارت فيها المعارك الأكثر ضراوة ودمويّة بين الفلسطينيين وأعدائهم المدججين من كل حدبٍ وصوب، وعلى رأسهم طبعا الدولة الصهيونيّة خاصة في غزوها الشامل سنة ١٩٨٢م.
مجازرُ وحروبٌ وكوارث تترى وتتناسل في ضوء ضعفٍ عربيٍّ بيِّن، وتلك الوحوش البشريّة والتكنولوجية الطّالعة من التوراة حسب عبارة لپول شاؤول.

الطّائر ينقر على النافذة كعادته كلّ صباح
أنظرُ إلى تلك الكينونة التي من رهافة وأثير
أراه يتكاثر إلى طيور كثيرة تملأُ الفضاء المحتشد بالغبار والغضب
حشود طيورٍ ومخلوقاتٍ قَدِمت من كل جهات الأرض
لا تحمل في مناقيرها غُصن السّلام القادم
بل طليعة تدميرٍ وانتقام.

كان يصرخُ وسط أشلاء العائلة والحطام
صرخته تزلزل السماوات السبع والأرض، الجنة والجحيم، لكنها لا توقظ ضمير أولئك البشر السّادرين في غيّهم، في فجور الدّم المُعربد بأرجاء المجزرة.

تصحو من نومكَ المُضرّج بكابوسِ المذبحة الممتدِّ من غزةَ حتى سريرِكَ إلى أقاصي الكون المصبوغ بدمِ الضحايا
تحاول النهوض
يجتاحك شلل الأطراف والرّوح الجريح
تحسّ أن ضحايا مذبحةِ التاريخِ البشريِّ يطلقون في أعماقك صرخةً واحدةً تطالب بالعدالة والقصاص.

ماذا يعملُ الأب، ماذا تعمل الأم الثكلى؟ أمام أبنائهم القتلى، أبنائهم الغرقى عراةً.
هل يحجبُ الشمسَ الحارقةَ عن أجسادهم المُسجّاة، هل يمنع البردَ الضاري ويدثرهم بأسمال جسده الممزّق.
لا جنازةَ لا قبورَ في انتظارهم ولا مشيعين، لا شيء لا شيء، عدا هذا الفراغ المُحتشد بالأشباح والغياب.

أفظع ما في كابوسِ المذبحة في غزة بجانب الضحايا والمنكوبين، تلك المزايدات والهذر واستغلال الدّم الطاهر المُراق لصالحِ أهدافٍ وغاياتٍ دنيئة ورخيصة؛
أيْ نقيض قداسةِ القضية بحلم الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة بعد تلك التضحيات الجِسام
وهذا ما يتكرر دائما في الأزمنة والأمكنة المُختلفة، وتأتي القضية الفلسطينيّة العادلة في طليعتها.

الطائرة تندفع إلى هدفها المحدّد عبر خطٍّ واضحٍ مستقيم. التعرّجات الخفيّة للأخطار والمصائر لا تظهر على الخارطة. هكذا البشرية في سعيها اليومي إلى تحقيق الأهداف والرّغبات التي أسَّسها أسلافٌ رحلوا وآخرون يرسمون الخرائط والمذابح والحروب. الفلسطينيّون في تغريبةِ الاقتلاعِ الجديدةِ يندفعون حُفاةً عُراةً من شمال البلاد المدمَّر إلى أقاصي جنوب الهاوية، إلى أقاصي المتاهِ الفاغرِ شدقَيْه على آفاق دمويّة ضارية، هاوية المتاه والدم التي تتمرأى على شاشات العالم في فرجته اليومية لهذه الجموع مندفعةً من غير زادٍ ولا أملٍ يعين على هذه الرحلة تحت وابلِ القنابل وكواسرِ الموت. المجزرة تتناسلُ في أعماقك والطائرة تحلّق بعيدًا بعيدًا في مدلهمّ المُحيطات.

ملبّدٌ طقسُ هذا الصباح
يشبه وجهكِ الغائمَ بالأحزان والحلم
غائمٌ طقسُ هذا العالم
مضرجةٌ هي المجزرة في أرجائها الشاسعة
كل بلاغة العباقرة واللغات عبر التاريخ لا تستطيع حتى الاقترابَ من دموع أطفالٍ أمام الأمّهات الثكالى في انتظار مصيرهم المحتوم، حيث القَتَلة يطوّقون البلادَ من كل الجهات حاقنين الهواءَ الخانق بالسمّ الزّعاف، بأسرار الذَّرَّةِ، بكوابيس الموت القياميّ الصاعق.
ملبّدةٌ ملامحكِ هذا الصباح والصباحات القادمة بدماء المجزرة رغم أنكِ تبعدين آلاف الكيلومترات عن حومة نيرانها الجهنميّة،
إنها مجزرةُ ما تبقى من زادٍ روحيّ ومن قيَمٍ إنسانية، مجزرة العالم وقد تدحرج وانحطّ إلى آخر دركٍ في طبقات الجحيم،
ملبدةٌ أعماقكِ بالمجازر هذا الصباح
لقد وُلدتِ في القدس، وها أنت تعيشين الآن في بوليفيا البعيدة؛ لكنّ أنهار الدم تمتدّ من أقصى الكون بكواكبه ومجراته إلى أقصاه
كيف لنا أن نكتب شعرًا مشتركًا كما في الماضي وأي شعرٍ أو نثرٍ يُعبّر عن عار الإنسان أو بالأحرى عار الحيوان؛ لأنه هو من بدأ هذه المسيرة على الأرض حتى محطة الوصول إلى الإنسان القاتل.

وسط نيرانِ الحرائق والدخان ثمّة معسكرُ لاجئين في العراء الدّامي.
المطر ينهمر بغزارةٍ، الأطفالُ يتقافزون منتشين بزائر الرّحمة الغريب، قلوبُ رجالٍ ونساءٍ ترتجف رعبًا من هول الانفجارات، الأطفال في أفراحهم خارج مدار الحرب، طيورٌ لا لونَ لها تُحلّق بين المعسكر والبحر القريب.
هذا المشهد يحصُل اللحظةَ في غزة وعموم فلسطين وقبلها في بيروت وسوريا، في اليمن والعراق وليبيا، في أرض العرب التي ضاقت على اتساعها حتى استحالت إلى معسكرات لاجئين وثكنات وغرباء.

“إذا كان الفنّ في جوهره شِعرًا فيجب أن يُنسبَ فنّ العمارة والموسيقى والتصوير إلى الشعر”.
هايدغر
“كان الشعرُ عِلمَ قومٍ لم يكن لهم علمٌ أصحّ منه”
عُمر بن الخطاب

هذه اللحظات الأولى من الفجر الدامي بالفراق، وتتراكم الذكرى ومراراتها.. كيف للكائن أن يتدبّر أمرَ رحيله هو المضرّج بكل تلك العناصر والأنقاض والطَّمْيِ الذي راكمه الزمن في صيرورته ذات المسارات المتعددة؟ كيف للفرد الأعزل أن يتدبر شأن حياته العمليّة اليوميّة وهو يتّجه نحو مجهولٍ ضارٍ ينتظره أمامَ كل منعطف وشجرة، ميدانِ قريةٍ وصحراءَ ومدينة؟

(إن ما نستطيع رؤيته من الكون الخفيِّ لا يمثل سوى جزءٍ ضئيلٍ جدًّا، ولكي يقتنص العلماء (اللمحة الأولى) الكونَ الخفيّ من حولنا؛ فإنهم يعكفون على تعلّمِ سبلِ إدراكِ ذلك الشيء المجهول: المادة المظلمة/الطاقة المظلمة ذات الطّبيعة الغامضة والمادة المظلمة هي التي قادت المجرات إلى مواقعها الحالية.)

آمن ويليام بليك بالمتناقضات في الجوهر الأسمى، وعليه تصبح الأبدية في نموٍّ مستمر وليس كمالًا جامدًا مضجرًا. وهكذا مضى جبران خليل جبران حين قال إنه والرب ينموان أمام وجه الشمس.

“عندما تتحدث إلى امرأة فأنصت إلى ما تقوله عيناها”.
فيكتور هوجو

أتأمل هذا الخشب الذي كان يُصنع في صور، ويترحّل على متنه العُمانيّون إلى أفريقيا وبلاد الهند والسند،
مقدرةُ التحمّل والصبر الأسطوري المتبادلة بين البشر وهذه السفن الشراعية وسط بهيم الليل والعواصف المحمّلة بالخطر الجاثم بشبح النهايات.

إلى ثاني السويدي
قبل بزوغ قطرةِ الدم الأولى من جسد الجدّ الأول على سطح هذه البسيطة الأبيض
كنتَ تحدقُ في وجه الموت
لم تكن هناك كينونةٌ
كان الخالقُ والمياهُ والسديمُ
ولم يولد الكائنُ ذو الخليّة الواحدة بعد
وكان العدمُ يُسرج خيولَه في الخواء الشاسع
حدقتَ في الغموض الساطع بوجه الغياب
وهكذا استعجلتَ الرّحيلَ ممتزجًا بأرخبيل الجثث المجندلة في المدن والخنادق
متوحّدًا بمعجزة التراب والشجرة
سلامًا إلى روحكَ النّائمة في مرافئ الأبد.

لحظةُ غروبٍ عُمانيّ
قلتُ لأشباحي: انتظريني على بوّابة المُحيط
فلم تنتظرْني أشباحِي الجَذلى
راقبتُ الدمَ الأحمرَ القاني ينتشرُ على اتّساع الآفاق.

على هذا الليل أن ينقضي، على هذا الليل الكاسر أن ينقضي بفيالقهِ الهائجةِ، بحشراتِه وكوابِيسه،
أن ينقضي وإن كان الصباحُ المُنتَظَرُ ليس بأمثلَ منه.
عليه أن يتصرَّمَ وينقضي، وعليكَ أن تحشدَ كلَّ دفاعاتك ومتاريسك إزاء عدوانه الوحشيّ الذي توارثته السّلالة حتى استقرّ ناصبًا خيامَه في أعماقِ رجلٍ وحيد، أن تُعِدَّ له ما استطعتَ من عقاقيرَ ومسارح فارغة يرتادُها نظّارةٌ وهميّون، أن تخبط الأمواجُ صخورَ رأسك وتتلاشى في مهبِّ المغيب، أن تسرح ظباء في القَفر القاحل الذي لم تزره أمطارٌ ولا آلهةٌ منذ قرون، أن تُعِدَّ ما استطعتَ من عدّةٍ تجاه هذا الليلِ العدواني من الأرق والحروب.

بقرةٌ تقفُ فوق شرفةِ منزلٍ مُهدَّم وأخرى فوق أكوام الجثث والجرحى محدّقةً في غُيوم الدّم العابرة للمحيطات
بقرةٌ وليس نسرًا أو حيوانًا ضاريًا آخر
وحيدةً وحزينةً
فوق جبل الحطام والأنين
بقرة تحدق في (مستقبل الماضي) الذي تتناسل دوائره في عقلها الباطن منذ أسلاف قطعانها الوحشية
حائرةً ووحيدةً هي البقرة الصفراء وسط دخان الحرائق للمذبحة الأزلية.

كل شيء يرتطم بنقيضه في هذا الكون، والأكوان الأخرى ربما، ليُولَد الجديدُ ومعه ديمومة الحياة والاستمرار. صراع الأضداد في الديالكتيك الهيجلي. هذا المسكين (هيجل) ظل عقودًا رأسه في الأرض ورجلاه في الأعلى مشقلبًا مُعذّبا، لاعب جمبازِ المنظومات الفلسفية الكبرى وخاتمها حسب بعض الماركسيين حتى جاء المخلّص البروليتاري الشهير فسوّاه على طبيعته الأصليّة المنطقية، التي ستحرّك آلةَ التاريخ وتدفعها إلى ضفاف الحلم وآفاق الفردوس التي ستكون على الأرض وليس في السماء.
تلك اليوتوبيا التي حين باشرت التطبيق العمليّ على أرض الواقع والتاريخ لم تنتج إلا المجازر والديكتاتوريات والدّمار. كل يوتوبيا إذا خرجتْ من جنّة النظرية الحالمة مع غض النظر عن مصدرها ومنشأها الأيديولوجي والعقائدي، تلقى المصيرَ نفسه كارتطام نيزكٍ عملاقٍ بكوكب الأرض حين يحيله إلى خراب ورماد.

الحبّ بكل معانيه التي تُلامس اللانهائي هو جوهرُ الكينونة ومَعينه الذي لا ينضب لدى القلة الفريدة مهما تقدّم العمر في الألم والمعاناة وبلغت الحياة حدًّا من التوحش الذي لا يطاق.
نتوسّله ونلوذُ به
أو كما يقول الشيخ الفيلسوف محيي الدين ابن عربي:
أدينُ بِدينِ الحُبّ أنَّى توجهتْ
ركائبُه فالحب ديني وإيماني
إن هذا الحب أو ما تبقى من ذلك النور الداخلي، لا نترك مآسي الدّهر وانحطاط القيم الأخلاقية والروحية أن تظفر بالانتصار على إطفائه وسحقه
فلنحافظ عليه في مكان قصيّ ونرعاه بفلذات أكبادنا والقلوب.

أن يقذفك سوء طالعِ الصّدفة وأنت في وهمِ نزهةٍ على رصيفِ مدينةٍ في الشّارع أو في مقهى، في البلدان الريعيّة خاصّة، إلى لقاءِ شخصٍ تعرفه منذ قرون أو لا تعرفه إطلاقًا؛ لكنه في الحالتين يُلقي بثقل حضوره كذبًا وتهريجًا وادّعاءً على اللحظة الممتدّة في الزمان والمكان اللذَيْن سيغمرهما بغلاظة انحطاطه المُنتن، فعليك بعد التخلص من هذا المأزق الوجوديّ الذي لا بد من تكراره رغم الحيطة والحذر في مثل زماننا المجرّد من القيم الأخلاقية والإنسانيّة إلا في النُّدرة المُعتزِلة خارج القطيع السّائد، فعليك لحظة الخلاص بجانب تذكّرك لمقولة سارتر (الجحيم هم الآخرون)، أن تغسل روحكَ بمياه القداسة والمحيطات المُزبدة بالحنوِّ والغضب على هذه اليابسة، كي تستطيع النَّوم برهةً محدودةً محاولة للنّسيان.

(العُزلة وطن الأرواح المُتعبة) الأرواح الجريحة التي طوّح بها النأيُ بعيدًا بين أمواجه المزبِدة الغامضة، فوجدتْ في العزلة بعضَ أمانٍ وطمأنينة يمليها وطنٌ حقيقيّ.
العُزلة ليست خيارًا قسريًّا، زنزانةً يدفع إليها الاكتئاب والقنوط؛ بل الخيارُ الأكثر جمالًا وحريةً وضفافًا لا محدودة.
المكان الذي يمكنك أن ترى منه الأشياء والبشر خارج الأقنعة والمساحيق والقشور، ويمكنك أن تقارب حقيقةَ الوجود والطبيعة في جوهرها المُغَيَّب وسط الصخب والزحام.
إنها ليست منفى؛ بل وطن الأرواح والقلوب التي أثخنتها جراحُ التّاريخ والغياب.

امرأة بجسدٍ رشيقٍ وفخذين صقيلين بمثابة تلخيصٍ لما خفي من جمال الكون، قبالة البحر، في ضياءِ طقس غائمٍ بالسحر على غير العادة، إزاءَ هذا المشهد الجمالي النادر، ماذا يفعل الحاملُ في ضميره ثقلَ مجازر التاريخ من أول مجزرة على أديم هذه الأرض الثكلى وحتى آخرها في هذا الراهن المتفجر بالدماء والنكبات.
ألفُ مقبرةٍ يهرع موتاها في أعماقه كأنما يومُ نشورٍ داخليّ، منها تتشكل أنسجةُ أعضائه والخلايا، ماذا تفعل هذه الروح الجريحة التي تحاول الإفلاتَ من ألَمِها المُمِضّ العميق؟

كل العالم والكائنات في عبورٍ دائمٍ وليس الخلودُ إلا أحدَ تجلياتِ الوهم البشري في رعبه المتجذر في كينونته ولا وعيه واقعًا ومنامًا.
لذلك يحاول خلق علاماتٍ راسخة للبقاء والديمومة، عبر الإنجاب والأعياد القارّة التي تتوارثها الأجيال عبر القرون لتخفيف مسيرة الزّمان الثقيلة على الأجساد والأرواح، كما تتوارث المقدسَ والوعودَ الغيبية الباذخة.

(سِرْ إِنِ اسْطَعْتَ فِي الْهَوَاءِ رُوَيْدًا
لَا اخْتِيَالًا عَلَى رُفَاتِ الْعِبَادِ

خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـ
أَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ

وَشَبِيهٌ صَوْتُ النَّعِيِّ إِذَا قِيـ
ـسَ بِصَوْتِ الْبَشِيرِ فِي كُلِّ نَادِ

أَبَكَتْ تِلْكُمُ الْحَمَامَةُ أَمْ غَنَّـ
ـتْ عَلَى فَرْعِ غُصْنِهَا الْمَيَّادِ

صَاحِ هَذِهْ قُبُورُنَا تَمْلَأُ الرُّحْـ
ـبَ فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟)

( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ).

#سيف_الرحبى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-02-18, 3:29 am
يبيت رئيس الموساد الإسرائيلي، أو أحد نوابه، في القاهرة ليلةَ كلّ أسبوع تقريبًا منذ بدء العدوان الصهيوني على غزّة، إذ يكاد لا يمرّ أسبوع من دون أن تقرأ خبرًا عن وفد أمني إسرائيلي في مصر، للتباحث بشأن هدن وصفقات تديرها القاهرة والدوحة، وتريدها تل أبيب مشروطة بإنهاء المقاومة الفلسطينية، مبدأً، وعقيدةً، ومشروعًا، وحقًا لأيّ شعبٍ تحت احتلال.

في كلّ جولات التفاوض على مدى الأشهر الأربعة الماضية لم يصدُر عن طرف عربي واحد من المنفردين بعملية الوساطة ما يقرّ بهذا الحقّ أو يدعمه، إن على المستوى الدبلوماسي أو اللوجيستي، إذ تتبنّى المقاربات طوال الوقت القضية باعتبارها، فقط إدخال مساعدات للشعب الذي يُباد، ووقف القتال والالتفات إلى إصلاح قاطرة التطبيع المعطّلة، الأمر الذي تعكسه الضغوط العربية على قيادات المقاومة لكي تتخلّى عن فكرة أنّها مقاومة، وترضخ للمعروض، أميركيًا، من مشاريع الهدن.

أخيراً، اشتدّت هذه الضغوط على المقاومة من أكثر من جهة، إذ بعد أن أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أنّ مصر وجّهت تحذيراً إلى حركة حماس، بأنّ عليها التوّصل إلى صفقة تبادل (أسرى) في غضون أسبوعين، وإلّا فإنّ إسرائيل مستمرّة في عمليتها البرّية في القطاع، جاء الدور على محمود عبّاس، الذي يكمن في حالة توّثب للقفز على توسيع سلطته لتشمل غزّة، فيردّد التحذير المصري نفسه مع اختلافاتٍ طفيفة في الصياغة: "نطالب حركة حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تُحمد عقباها، ولا تقلّ خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنّب هجوم الاحتلال على مدينة رفح، الأمر الذي سيؤدّي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرّد لأبناء شعبنا". هكذا يقول عبّاس.

مسألة الربط بين بقاء المقاومة واستمرار عذابات الشعب الفلسطيني عملٌ غير أخلاقي أو إنساني بالمرّة، فضلًا عن أنّها بالتأكيد نقيصة وطنية تجعل من صاحبها بوقاً للدعاية الصهيونية التي تلقي بمنشوراتها مع القنابل الفتاكة على الشعب الفلسطيني في غزّة تحرّضه على مقاومته، وتقول له إذا أردت النجاة تخلّص من مقاومتك أو أبلغ عن أعضائها، ووقتها سوف تتمتّع بالحياة في كنف إسرائيل الطيّبة، تحت سلطةٍ أخرى تختارها تل أبيب، وتعينها لتدير شؤونك بالوكالة عنها.

هذا ما تريدُه واشنطن وتتبناه ما يمكن تسميتها "دول الطوق الجديدة" من الدول العربية التي لا تطوّق إسرائيل جغرافيًا كما كان في السابق، مصر والأردن وسورية ولبنان، بل محور عربي جديد يحاصر المقاومة الفلسطينية ويضيّق الخناق عليها حتى ترضخ وتفسح الطريق للشرق الأوسط الجديد، الذي يظل محور حركة الإدارة الأميركية طوال الوقت، منذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى مرحلة جو بايدن الذي أعلنت إدارته عقب توليه رئاسة الولايات المتحدة، مباشرًة، أنّها تنظر في مشروع كيان جديد في المنطقة يكون بديلًا لجامعة الدول العربية، يضم الدول العربية وإسرائيل، تحت المظلّة الأميركية، وهو المشروع المقدّم من كل من روبرت دانين، الباحث بمشروع مستقبل الدبلوماسية في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية، التابع لمدرسة كيندي في جامعة هارفارد، وأيضًا مسؤول سابق بوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأميركي.. وماهسا روهي الباحثة بمعهد الدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع القومي الأميركي.

باختصار، يؤمن العرب الرسميون بضرورة وإمكانية إنهاء وجود مقاومة فلسطينية، كما يؤمنون بيقين أشد بأنّه لا غنى عن وجود إسرائيل في المنطقة، واستحالة إنهاء وجودها، ولذا لديهم دائمًا أوراق ضغط يستخدمونها مع المقاومة، فيما يدّعون أمام الإرهاب الإسرائيلي المتعجرف أنّ لا حول لهم ولا قوة. والحال كذلك، أكرّر أنّه على الشعب الفلسطيني أن يسلك في هذه اللحظة البائسة وكأنّه في العام 1948 عقب النكبة الأولى، ويبدأ في صياغة مشروعه الجديد للتحرّر، مستبعدًا فرضية وجود نظام رسمي عربي يمكن أن يكون داعمًا لقضيته على أيّ وجه من الوجوه، فما نحن بصدده أكثر كارثية من كلّ النكبات السابقة.
#وائل_قنديل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-02-20, 11:47 pm
Arrow
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-04-01, 10:43 pm
حتّى لا ننسى #غزة
السد المنيع في وجه الطوفان
الفعل الذي لايُجر
والكلمة التي لاتكسر
والإعراب الذي شوهه الأعراب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-04-20, 2:07 am

الترفيه العربي والاستعراض الإيراني


لستَ في حاجة إلى أن تعدد انتقاداتك المتنوعة للسياسة الإيرانية في المنطقة، لكي تصل إلى نقطة الإشادة والإعجاب بالرد الإيراني على غطرسة الكيان الصهيوني وتحدّي داعميه ورعاته العديدين.
لستَ في حاجة إلى إعلان معارضتك التي تصل إلى حد القرف من الأدوار الإيرانية في تسهيل غزو بغداد وتدمير العراق 2003 أو مشاركتها النظام السوري مذابح ضد شعبه.
لستَ بحاجة إلى أيٍّ من أشكال الاستعاذة لكي تبلغ الموضوع الأساس، وهو الإقرار بأن الضربات الإيرانية على الكيان الصهيوني هي من الأشياء التي تثلج الصدر وتؤسّس لمعادلات جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وتسقط أوهاماً عشّشت عقوداً في العقول بأن إسرائيل قوة جبّارة لا يستطيع أحد منازلتها أو معاملتها الندّ بالند، كما أن هذه الضربات تعرّي المطمور والمسكوت عنه في العلاقات العربية الصهيونية.
من أهم ما أسفرت عنه الضربات الإيرانية ضد المحتل أنها بعثت الحياة في التصوّرات النظرية، وفي أفكارنا عن حجم العلاقات بين محور التطبيع العربي وبين الكيان الصهيوني ومستواها، وترجمت هذه التصوّرات إلى واقع يتشكّل ويتحرك على الأرض، ويعبّر عن ذاته بهذه الانتفاضة الرسمية العربية ضد المسيّرات والصواريخ الإيرانية، لمنعها من إصابة عمق فلسطين المحتلة، حيث يسيطر الاحتلال على الجغرافيا والتاريخ هناك.
أيضًا، أكّدت هذه الضربات المؤكّد، وأظهرت أن الاصطفافات معها أو ضدها هي مواقف جرى اتخاذها مسبقًا، قبل الإعلان عن بدء الهجوم الإيراني الواسع على "إسرائيل"، وهي اصطفافاتٌ طائفيةٌ معروفة قبلاً، ومتوقّعة من أصحابها، بحيث يمكن القول إن ردّات الفعل على الخطوة الإيرانية كانت جاهزة ومستعدّة للانطلاق قبل انطلاق العملية الإيرانية، فمن أراد اعتبارها مسرحيةً أعلن أنها مسرحية قبل أن تبدأ، وسيبقى على موقفه، حتى لو أدّى الهجوم إلى تدمير مفاعل ديمونة نفسه، أو هدم الكنيست ذاته.
والحال كذلك، من العبث إهدار الوقت في محاولة إقناع أحد من المتخندقين طائفيّاً أن تحليق مئات الطيارات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى لمسافة أكثر من 1700 كم انطلاقاً من الأراضي الإيرانية حتى تل أبيب والقدس المحتلة، وإصابة بعضها مطاراتٍ صهيونية، هو حدثٌ استثنائيٌّ ونادرٌ وغير مسبوق، على الأقلّ منذ الصواريخ العراقية التي طاولت الاحتلال عام 1991، وأن عملًا بهذا الاتساع لا يمكن أن يكون مجرّد لهوٍ متفقّ عليه فوق خشبة مسرح.
يقولون إن طهران كانت تستعرض. ... حسناً، الحاصل أننا بصدد لحظةٍ لا تخشى طهران فيها القيام بتظاهرة جوية تعلن فيها أنها تمتلك الإرادة والقدرة على إصابة قلب الكيان الصهيوني، الذي كان يظنّ أنه ينام قرير العين، مطمئناً على أنه لا توجد قوة في المنطقة يمكن أن تزعجه... إيران تستعرض قوتها أمام الصهاينة، فيما لا يظهر آخرون قوتهم إلا على شعوبهم المقموعة.
والحاصل أيضاً أننا بصدد واقع جديد في الشرق الأوسط، يقول فيه رئيس أميركا لدولة في الإقليم: لا تفعلي، فتقرّر هذه الدولة أن تفعل وبكثافة عالية.
والحاصل، كذلك، أننا بصدد الدليل العملي على أن الخطاب السياسي والإعلامي الصادر من محور الهرولة، أو محور الترفيه العربي، انتقل من مرحلة مساواة الخطر الإسرائيلي بالخطر الإيراني إلى مرحلة جديدة كليّاً يعتمد فيها طهران خطراً، وعدوّاً استراتيجيّاً أوحد، تتحرّك له القوات وتتصدّى له المقاتلات العربية إن هدّد أمن إسرائيل ووجودها.
لا غرابة في مواقف عربية التقت ذات يوم على حلم تافه بإنشاء "ناتو" عربي لمواجهة إيراني، واجتمعت في قمّةٍ عربيةٍ قبل خمس سنوات قالت عنها الصحيفة الرسمية الأولى في الدولة المضيفة إن "قمة الظهران لن تخرج إلا بقرار تاريخي... السلام مع إسرائيل ومواجهة مشروع إيران الطائفي؛ لأن النتيجة من يرفض السلام يخدم إيران، وعليه أن يتحمّل تبعات قراره".
إذن، لا مفاجأة هنا ونحن نرى تحقّقًا لما رسمه جو بايدن في الأيام الأولى له في البيت الأبيض، حين أعلن عن نظر إدارته في مشروع كيان جديد في المنطقة يكون بديلاً لجامعة الدول العربية، يضم الدول العربية وإسرائيل، تحت المظلّة الأميركية.
لا شيء يدعو إلى الدهشة، فالغارقون في مهرجانات محور الترفيه ومواسمه صاروا يرون كل الأشياء دراما وفقراتٍ مثيرة في مدن الملاهي العربية الصاعدة، فلا بأس من أن يروا الفعل الإيراني مسرحيةً، بينما مهرجانات إسقاط مساعدات قاتلة على سكان غزّة هو الجد الخالص.
مرّة جديدة وليست أخيرة، إيران جارة للعرب وجزء أصيل من المنطقة، لديها طموح قومي في الإقليم، فهل لدى العرب من طموح مقابل سوى الحلم بالتطبيع الكامل مع الاحتلال؟
#وائل_قنديل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-04-20, 2:08 am

ما الذي كسر عين أصحاب الحق؟

أصبح الكيان الصهيونى اللقيط من الوقاحةِ والجرأةِ ما يجعله لا يسمح لفلسطينيٍّ بالدعاء لفلسطينيٍّ آخر، ماتَ مقتولًا بالرصاص الإسرائيلي، وصار يعتبر إطلاق وصف "شهيد" على الفلسطيني الذي يلقى حتفه، وهو يقاوم، أو يردّ عدوانًا، أو يحمي بيته وعرضه جريمةً يُعاقب عليها قانون الاحتلال.

يقول الخبر المنشور في "العربي الجديد" أمس إنّ النيابة العامة الإسرائيلية أمرت بإجراء تحقيقات جنائية مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من 1948 الذين ينشرون تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمّن كلمة "شهيد"، أو آيات قرآنية، أو دعاءً لله، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت اليومية الإسرائيلية الثلاثاء.

وكُشف عن وثيقةٍ تتضمّن تفاصيل الكلمات والعبارات المحظورة في إسرائيل بعد مناقشاتٍ سرّيةٍ أجرتها لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست الإسرائيلي، عندما ادّعى رئيس اللجنة، سيمحا روتمان، أنّ النيابة العامة كانت متساهلة للغاية بشأن محاكمة من وصفهم بـ"المحرّضين" منذ بدء الحرب على غزّة، بمن فيهم أولئك الذين نشروا آيات قرآنية على وسائل التواصل الاجتماعي.

يتزامن ذلك مع التحديثات التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية على قائمة الممنوعات التي تلزم بها طواقمها التحريرية وشبكة مراسليها، والتي تُشدّد على عدم استخدام كلمة فلسطين "إلا في حالات نادرة جدًا" والابتعاد عن مصطلح "مخيمات اللاجئين" لوصف مناطق غزّة التي استوطنها الفلسطينيون النازحون تاريخيًا الذين طُردوا من أجزاء أخرى من فلسطين خلال الحروب الإسرائيلية العربية السابقة، بالإضافة بالطبع إلى عدم استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" لوصف المذابح الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزّة، و"تجنّب" استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية.

هذا ما يفعله الصهيوني والداعمون له، فماذا عن الإعلام العربي؟ الحاصل أنّ معظم الفضائيات العربية صارت، كسلًا أو استسهالًا، وربّما تواطؤًا من بعضها، لا تتحدّث عن الكيان الصهيوني باعتباره احتلالًا، فصارت عبارات مثل "الجيش الإسرائيلي" تتردّد في غالب الأحيان، بدلاً من جيش الاحتلال، وأصبحت عبارات مثل "المواطنين الإسرائيليين" هي الرائجة عوضاً عن المستوطنين والمستعمرين، وغير ذلك من المفردات والمصطلحات التي تتناول الوجود الصهيوني على أرضِ فلسطين، وكأنّه وجودٌ أصيل، مساوٍ تماماً للوجود الفلسطيني، بل أسوأ من ذلك صارت بعض وسائل الإعلام العربية تردّد التصنيفات الأميركية حول الفلسطينيين، بين مدنيين وغير مدنيين، وكأنّ لفلسطين جيشًاً متعدّد الأفرع، أو أنّها عضو في حلف الناتو مثلًا.

هذا الخضوع الإعلامي العربي أمام الرواية الصهيونية لِما يدور في الأراضي الفلسطينية المحتلة انعكاس للخطاب الرسمي العربي في المحافل الدولية، وهو خطابٌ استجدائيٌّ أقرب إلى تسوّل الاعتراف الصهيوني بفلسطين، ليست بوصفها دولة كاملة السيادة محترمة الحدود على الأرض، بل مجرّد لافتة موضوعة على مائدة في مجلس الأمن.

كان هذا الخضوع ظاهرًا في كلمة ممثل سلطة محمود عبّاس في جلسة مناقشة منح فلسطين عضوية كاملة في مجلس الأمن أمس، إذ لم يتحدّث الرجل بوصفه صاحب حقّ يطلبه كاملًا غير منقوص، بما يشمله من دولةٍ فلسطينيةٍ مكتملةِ السيادة، وكاملةِ الوحدة الجغرافية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 كما يردّد الخطاب الرسمي العربي طوال الوقت، وإنّما تحدّث وكأنّه يلتمس العطف ويستجدي الرضا من رعاة الكيان الصهيوني أن يسمحوا بلافتة لفلسطين بجوار "إسرائيل"، وبدلًا من أن يؤطر الرجل مطلبه بالقرارات 242 و 338 و194 الخاصة بالحدود والسيادة وحقّ العودة، تسوّل من المجلس تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 181 الذي اعترف بالكيان الصهيوني على أرض فلسطين.

كان منطقيًا أمام هذا الانبطاح الدبلوماسي أن تأتي كلمة ممثل الاحتلال حافلة بالسخرية من كلمة "فلسطين"، ومن مشروع القرار الجزائري الذي يطالب بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية، والسخرية كذلك من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة نفسيهما.

يقولون في أمثالنا العربية: "صاحب الحقّ عينه قوية"، فما الذي يجعل عين صاحب الحقّ العربي مكسورةً إلى هذا الحد؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11549
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا 15781612
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا Icon_minitime 2024-04-20, 2:14 am

إسماعيل هنيّة... وهذه النذالات

كانت محقّةً الغضبةُ الغربيةُ العريضةُ من قتل جيش الاحتلال ستّة متطوّعي إغاثة أجانب في غزّة، يتبعون المطبخ المركزي العالمي. ولا يمكن، في كل حال، غير التنديد الشديد بهذه الجريمة، ولكنّ شيئاً من العنصرية حفّ بتلك الغضبة، أغمضْنا عنه عيونَنا، نحن المغتاظين من كيْل الولايات المتحدة وأمثالها بألف مكيالٍ بشأن القتل اليومي في أهل غزّة، غير أن إغماض الدول التي استفظعت الجريمة (وهي على حقٍّ في هذا) عيونَها عن جريمةٍ ليست أقلّ شناعة، أياماً بعد تلك، وهي قتل ثلاثة أبناء وثلاث حفيدات وحفيدٍ لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، لن يعني سوى العنصرية نفسها، لأن الصمت عن استنكار النذالة الموصوفة في استهداف هؤلاء الشباب والصبايا يكاد يصيرُ تواطؤاً، سيّما أن هذه الجريمة في يوم عيد المسلمين ارتكبها جيش القتلة بكيفيّةٍ لا تُغاير تلك التي أزهق بها أرواح المغيثين الأجانب النبيلين.
أما نذالة الذين طالما ثرثروا عن فنادق الدوحة وإسطنبول التي يقيم بها أبناء إسماعيل هنيّة فلا تستحقّ اكتراثاً بها. وعندما يقول المجاهد، الصبور الزاهد، إن دماء أبنائه ليست أغلى من أبناء شعب فلسطين، فإنه لا يحفل بهؤلاء، وإنما يؤكّد المؤكّد عن قياديّته، وعن حديديّة أعصابه. كيف لا والرجل يشعّ ثقةً بالنفس، ويقع من يجلس إليه على روحٍ جسورةٍ فيه، وينجذبُ المنصتُ إليه إلى رجاحة حجّته. ولئن بخلَ عليه رؤساءُ ومسؤولون عربٌ في مواساته (حسناً من محمود عبّاس اتصاله الهاتفي) فإنهم بهذا أضافوا خدوشاً أخرى إلى صورتهم في أمّتهم. والقول هنا، في هذا الزعيم النادر المعدن، إنه، بالذي بدا عليه، وهو يتلقّى نبأ استشهاد أبنائه وحفيداته وحفيده، صنَع لنفسه موضعاً جليلاً مرصّعاً بالنور في التراجيديا الفلسطينية الطويلة.
أياماً قبل نذالة العدو في جريمة قتل حازم وأمير ومحمّد وخالد ورزان ومنى وآمال، الموصولة دماؤهم بمن سبقوهم ومن تبعوهم من شهداء المقتلة الجارية في قطاع غزّة، أياماً بعد نذالة العدو في جريمة قتل السبعة (ستة أجانب وفلسطيني) من المطبخ المركزي العالمي، شوهدت على الشاشات نذالةٌ من جنسٍ آخر: مشاركة رئيس دولة الاحتلال إسحق هيرتزوغ، في إحياء الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية في رواندا، وراح ضحيّتها نحو 800 ألف رواندي أغلبُهم من التوتسي في عنف الهوتو. يُدعى هذا إلى التظاهرة العالمية هذه، في كيغالي، من دون التفاتِ مَن دعوه إلى شراكته في إبادةٍ جاريةٍ في غزّة، وهو صاحب القول إيّاه عن عدم وجود مدنيين أبرياء في القطاع، في ترخيصٍ منه لمحدلة التمويت النشطة ضد شعبٍ أعزل، وقد نال في هذا خِزياً عندما اعتدّت جنوب إفريقيا في دعواها بكلامه هذا، وأيضاً بصورته يوقّع على صواريخ إسرائيلية قيد الإطلاق ضد أطفال غزّة ونسائها ومشافيها وعموم ناسها. وهناك، في البكائيّة الدولية أمام مركز كيغالي التذكاري للإبادة الجماعية، طالب المذكور بعدم "تسييس" الإبادة، أو التقليل من شأنها. ومن فائض النذالة وشناعتها أن أحداً من مستمعيه لم يعقّب عليه، بالأخذ بنصيحتِه النافلة هذه، فيذكّره بأنه ليس من "التسييس" في شيءٍ استنكار حضورِه، طالما هو في منزلة القاتل في الإبادة في غزّة، فضلاً عن أن الدولة التي يرأسُها ويمثّلها، واسمُها إسرائيل، زوّدت الهوتو بأسلحةٍ استُخدمت في إبادة التوتسي، وأن المحكمة الإسرائيلية العليا منعت، في 2014، أي إشهارٍ في هذا الخصوص، وأمرَت ببقائه "سرّاً"، وإنْ من مفارقاته أنه ذائع!
قال الرئيس الفرنسي، ماكرون، في المناسبة نفسِها في كيغالي، إن بلادَه كان في وُسعها أن تمنع حرب الإبادة في رواندا، والقول منّا إليه إنه كان في وُسع بلاده أن يكون لها موقف قويٌّ ومسؤولٌ وأخلاقيٌّ من حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة، بل إن إفراطاً في النذالة تبدّى في نعت رئيس الوزراء الفرنسي، غابرييل أتال، أمام البرلمان، نوّاباً طالبوا بوقف تصدير فرنسا أسلحةً إلى إسرائيل، بأنهم "يدعمون إرهاب حماس"، ثم راح يرافع عن الدولة العبرية، من دون أيِّ التفاتةٍ منه إلى عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين سقطوا في حرب الإبادة في غزّة، والتي يُشارك فيها جنودٌ إسرائيليون بجنسياتٍ فرنسية.
أرطال النذالات في العالم ثقيلة، أوجزت عن بعضٍ منها السطورُ أعلاه، غير أن جبلاً اسمُه إسماعيل هنيّة لا ينفكّ يُطمئننا بأن فلسطين أقوى، دائماً، من أصحاب هذه النذالات، أينما كانوا.
#معن_البيارى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» تحميل كتاب المسخ – فرانز كافكا
» تحميل فيلم خطيئة ملاك نسخة أصلية
» الوان يرتاح بها الكيان
» جريمة عنصرية في الغرب المنافق بلال فضل
» قصائد جديدة مترجمة لأشهر شعراء الغرب

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات عامة :: || فرشه جرايد ~ :: جريدة العربى الجديد

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا