آخر المساهمات
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-05-04, 8:49 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

8 نتيجة بحث عن وائل_قنديل

كاتب الموضوعرسالة
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا
hassanbalam

المساهمات: 13
مشاهدة: 882

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2024-04-20, 2:07 am

الترفيه العربي والاستعراض الإيراني


لستَ في حاجة إلى أن تعدد انتقاداتك المتنوعة للسياسة الإيرانية في المنطقة، لكي تصل إلى نقطة الإشادة والإعجاب بالرد الإيراني على غطرسة الكيان الصهيوني وتحدّي داعميه ورعاته العديدين.
لستَ في حاجة إلى إعلان معارضتك التي تصل إلى حد القرف من الأدوار الإيرانية في تسهيل غزو بغداد وتدمير العراق 2003 أو مشاركتها النظام السوري مذابح ضد شعبه.
لستَ بحاجة إلى أيٍّ من أشكال الاستعاذة لكي تبلغ الموضوع الأساس، وهو الإقرار بأن الضربات الإيرانية على الكيان الصهيوني هي من الأشياء التي تثلج الصدر وتؤسّس لمعادلات جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وتسقط أوهاماً عشّشت عقوداً في العقول بأن إسرائيل قوة جبّارة لا يستطيع أحد منازلتها أو معاملتها الندّ بالند، كما أن هذه الضربات تعرّي المطمور والمسكوت عنه في العلاقات العربية الصهيونية.
من أهم ما أسفرت عنه الضربات الإيرانية ضد المحتل أنها بعثت الحياة في التصوّرات النظرية، وفي أفكارنا عن حجم العلاقات بين محور التطبيع العربي وبين الكيان الصهيوني ومستواها، وترجمت هذه التصوّرات إلى واقع يتشكّل ويتحرك على الأرض، ويعبّر عن ذاته بهذه الانتفاضة الرسمية العربية ضد المسيّرات والصواريخ الإيرانية، لمنعها من إصابة عمق فلسطين المحتلة، حيث يسيطر الاحتلال على الجغرافيا والتاريخ هناك.
أيضًا، أكّدت هذه الضربات المؤكّد، وأظهرت أن الاصطفافات معها أو ضدها هي مواقف جرى اتخاذها مسبقًا، قبل الإعلان عن بدء الهجوم الإيراني الواسع على "إسرائيل"، وهي اصطفافاتٌ طائفيةٌ معروفة قبلاً، ومتوقّعة من أصحابها، بحيث يمكن القول إن ردّات الفعل على الخطوة الإيرانية كانت جاهزة ومستعدّة للانطلاق قبل انطلاق العملية الإيرانية، فمن أراد اعتبارها مسرحيةً أعلن أنها مسرحية قبل أن تبدأ، وسيبقى على موقفه، حتى لو أدّى الهجوم إلى تدمير مفاعل ديمونة نفسه، أو هدم الكنيست ذاته.
والحال كذلك، من العبث إهدار الوقت في محاولة إقناع أحد من المتخندقين طائفيّاً أن تحليق مئات الطيارات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى لمسافة أكثر من 1700 كم انطلاقاً من الأراضي الإيرانية حتى تل أبيب والقدس المحتلة، وإصابة بعضها مطاراتٍ صهيونية، هو حدثٌ استثنائيٌّ ونادرٌ وغير مسبوق، على الأقلّ منذ الصواريخ العراقية التي طاولت الاحتلال عام 1991، وأن عملًا بهذا الاتساع لا يمكن أن يكون مجرّد لهوٍ متفقّ عليه فوق خشبة مسرح.
يقولون إن طهران كانت تستعرض. ... حسناً، الحاصل أننا بصدد لحظةٍ لا تخشى طهران فيها القيام بتظاهرة جوية تعلن فيها أنها تمتلك الإرادة والقدرة على إصابة قلب الكيان الصهيوني، الذي كان يظنّ أنه ينام قرير العين، مطمئناً على أنه لا توجد قوة في المنطقة يمكن أن تزعجه... إيران تستعرض قوتها أمام الصهاينة، فيما لا يظهر آخرون قوتهم إلا على شعوبهم المقموعة.
والحاصل أيضاً أننا بصدد واقع جديد في الشرق الأوسط، يقول فيه رئيس أميركا لدولة في الإقليم: لا تفعلي، فتقرّر هذه الدولة أن تفعل وبكثافة عالية.
والحاصل، كذلك، أننا بصدد الدليل العملي على أن الخطاب السياسي والإعلامي الصادر من محور الهرولة، أو محور الترفيه العربي، انتقل من مرحلة مساواة الخطر الإسرائيلي بالخطر الإيراني إلى مرحلة جديدة كليّاً يعتمد فيها طهران خطراً، وعدوّاً استراتيجيّاً أوحد، تتحرّك له القوات وتتصدّى له المقاتلات العربية إن هدّد أمن إسرائيل ووجودها.
لا غرابة في مواقف عربية التقت ذات يوم على حلم تافه بإنشاء "ناتو" عربي لمواجهة إيراني، واجتمعت في قمّةٍ عربيةٍ قبل خمس سنوات قالت عنها الصحيفة الرسمية الأولى في الدولة المضيفة إن "قمة الظهران لن تخرج إلا بقرار تاريخي... السلام مع إسرائيل ومواجهة مشروع إيران الطائفي؛ لأن النتيجة من يرفض السلام يخدم إيران، وعليه أن يتحمّل تبعات قراره".
إذن، لا مفاجأة هنا ونحن نرى تحقّقًا لما رسمه جو بايدن في الأيام الأولى له في البيت الأبيض، حين أعلن عن نظر إدارته في مشروع كيان جديد في المنطقة يكون بديلاً لجامعة الدول العربية، يضم الدول العربية وإسرائيل، تحت المظلّة الأميركية.
لا شيء يدعو إلى الدهشة، فالغارقون في مهرجانات محور الترفيه ومواسمه صاروا يرون كل الأشياء دراما وفقراتٍ مثيرة في مدن الملاهي العربية الصاعدة، فلا بأس من أن يروا الفعل الإيراني مسرحيةً، بينما مهرجانات إسقاط مساعدات قاتلة على سكان غزّة هو الجد الخالص.
مرّة جديدة وليست أخيرة، إيران جارة للعرب وجزء أصيل من المنطقة، لديها طموح قومي في الإقليم، فهل لدى العرب من طموح مقابل سوى الحلم بالتطبيع الكامل مع الاحتلال؟
#وائل_قنديل
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا
hassanbalam

المساهمات: 13
مشاهدة: 882

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2024-02-18, 3:29 am
يبيت رئيس الموساد الإسرائيلي، أو أحد نوابه، في القاهرة ليلةَ كلّ أسبوع تقريبًا منذ بدء العدوان الصهيوني على غزّة، إذ يكاد لا يمرّ أسبوع من دون أن تقرأ خبرًا عن وفد أمني إسرائيلي في مصر، للتباحث بشأن هدن وصفقات تديرها القاهرة والدوحة، وتريدها تل أبيب مشروطة بإنهاء المقاومة الفلسطينية، مبدأً، وعقيدةً، ومشروعًا، وحقًا لأيّ شعبٍ تحت احتلال.

في كلّ جولات التفاوض على مدى الأشهر الأربعة الماضية لم يصدُر عن طرف عربي واحد من المنفردين بعملية الوساطة ما يقرّ بهذا الحقّ أو يدعمه، إن على المستوى الدبلوماسي أو اللوجيستي، إذ تتبنّى المقاربات طوال الوقت القضية باعتبارها، فقط إدخال مساعدات للشعب الذي يُباد، ووقف القتال والالتفات إلى إصلاح قاطرة التطبيع المعطّلة، الأمر الذي تعكسه الضغوط العربية على قيادات المقاومة لكي تتخلّى عن فكرة أنّها مقاومة، وترضخ للمعروض، أميركيًا، من مشاريع الهدن.

أخيراً، اشتدّت هذه الضغوط على المقاومة من أكثر من جهة، إذ بعد أن أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أنّ مصر وجّهت تحذيراً إلى حركة حماس، بأنّ عليها التوّصل إلى صفقة تبادل (أسرى) في غضون أسبوعين، وإلّا فإنّ إسرائيل مستمرّة في عمليتها البرّية في القطاع، جاء الدور على محمود عبّاس، الذي يكمن في حالة توّثب للقفز على توسيع سلطته لتشمل غزّة، فيردّد التحذير المصري نفسه مع اختلافاتٍ طفيفة في الصياغة: "نطالب حركة حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تُحمد عقباها، ولا تقلّ خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنّب هجوم الاحتلال على مدينة رفح، الأمر الذي سيؤدّي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرّد لأبناء شعبنا". هكذا يقول عبّاس.

مسألة الربط بين بقاء المقاومة واستمرار عذابات الشعب الفلسطيني عملٌ غير أخلاقي أو إنساني بالمرّة، فضلًا عن أنّها بالتأكيد نقيصة وطنية تجعل من صاحبها بوقاً للدعاية الصهيونية التي تلقي بمنشوراتها مع القنابل الفتاكة على الشعب الفلسطيني في غزّة تحرّضه على مقاومته، وتقول له إذا أردت النجاة تخلّص من مقاومتك أو أبلغ عن أعضائها، ووقتها سوف تتمتّع بالحياة في كنف إسرائيل الطيّبة، تحت سلطةٍ أخرى تختارها تل أبيب، وتعينها لتدير شؤونك بالوكالة عنها.

هذا ما تريدُه واشنطن وتتبناه ما يمكن تسميتها "دول الطوق الجديدة" من الدول العربية التي لا تطوّق إسرائيل جغرافيًا كما كان في السابق، مصر والأردن وسورية ولبنان، بل محور عربي جديد يحاصر المقاومة الفلسطينية ويضيّق الخناق عليها حتى ترضخ وتفسح الطريق للشرق الأوسط الجديد، الذي يظل محور حركة الإدارة الأميركية طوال الوقت، منذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى مرحلة جو بايدن الذي أعلنت إدارته عقب توليه رئاسة الولايات المتحدة، مباشرًة، أنّها تنظر في مشروع كيان جديد في المنطقة يكون بديلًا لجامعة الدول العربية، يضم الدول العربية وإسرائيل، تحت المظلّة الأميركية، وهو المشروع المقدّم من كل من روبرت دانين، الباحث بمشروع مستقبل الدبلوماسية في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية، التابع لمدرسة كيندي في جامعة هارفارد، وأيضًا مسؤول سابق بوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأميركي.. وماهسا روهي الباحثة بمعهد الدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع القومي الأميركي.

باختصار، يؤمن العرب الرسميون بضرورة وإمكانية إنهاء وجود مقاومة فلسطينية، كما يؤمنون بيقين أشد بأنّه لا غنى عن وجود إسرائيل في المنطقة، واستحالة إنهاء وجودها، ولذا لديهم دائمًا أوراق ضغط يستخدمونها مع المقاومة، فيما يدّعون أمام الإرهاب الإسرائيلي المتعجرف أنّ لا حول لهم ولا قوة. والحال كذلك، أكرّر أنّه على الشعب الفلسطيني أن يسلك في هذه اللحظة البائسة وكأنّه في العام 1948 عقب النكبة الأولى، ويبدأ في صياغة مشروعه الجديد للتحرّر، مستبعدًا فرضية وجود نظام رسمي عربي يمكن أن يكون داعمًا لقضيته على أيّ وجه من الوجوه، فما نحن بصدده أكثر كارثية من كلّ النكبات السابقة.
#وائل_قنديل
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا
hassanbalam

المساهمات: 13
مشاهدة: 882

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2023-10-11, 10:11 pm
هذا الكيان المسخ هو ابن خطيئة الغرب الذي قرّر دسّها في تلابيب جغرافيتنا وتاريخنا، لينمو فوق أجسادنا ويتغذّى على دماء شعبنا، مدعومًا ماليًا وسياسيًا وعسكريًا من أصحاب الخطيئة الأصليين، الذين يعلنون الآن أنّ أكثر من ملياري إنسان من العرب والمسلمين لا يستحقّون الحياة.

يعلنها المستعمر ابن الخطيئة الأوروبية، أنّنا لسنا بشرًا، بل حيوانات بشرية، إبادتها واجبة ومحوها من التاريخ الإنساني ضرورة، على الرغم من أنّ الذي تعامل مع هذا الاحتلال بوصفه نفايات بشرية أقلّ درجة من الحيوانات، هو ذلك الغرب الذي يتحالف الآن ضد الشعب الفلسطيني، انحيازًا لابن خطيئته النازية التي تدحرجت من ألمانيا إلى كلّ دول أوروبا، فراحت تبحث عن مكانٍ للتخلّص منه، فزرعته في فلسطين العربية.

والحاصل الآن أنّ الصهيوني ليس وحده الذي يشنّ حرب إبادة غزة، بل يسبقه في ذلك الغرب العنصري، متمثلًا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ يتسابقان على من يسهم أكثر في إبادة الشعب الفلسطيني، إن بقطع المساعدات المالية والمادية، أو بتحريك الأساطيل الحربية لإسناد الاحتلال في إزالة غزة من خريطة العالم.

حسنًا، هذه خطيئتهم وتلك عقدتهم التاريخية، فماذا عن عالم عربي يدّعي أنّ فلسطين شقيقته، وأنّها قضيته المحورية؟. من أسفٍ أنّ هذا العالم العربي متورّط بالتواطؤ والصمت في دعم الحرب الصهيونية الغربية على الشعب الفلسطيني، سواء بإحكام الحصار عليه من جهة معبر رفح، أو من خلال الدعم الاستراتيجي المباشر لعدوانه، كما في حالة الإمارات والبحرين اللتيْن قرّرتا تبنّي الرواية الإسرائيلية في اعتماد المقاومة الفلسطينية الطرف المعتدي على إسرائيل المسالمة الوديعة المدنية، التي تجد لها حاضنة دبلوماسية في كلّ من المنامة وأبو ظبي، أو بالاستمرار في السير على طريق التطبيع، كما في الحالة السعودية التي لا تزال تشهد استضافات حاتمية للوفود الرسمية الصهيونية.

أما ذلك الكيان القومي المتحلّل، المسمّى جامعة الدول العربية، فليس سوى ذلك الصبي جامع الكرات على أطراف ملاعب أصحاب النفوذ المالي من الدول العربية، والذي بقي يتثاءب يومين كاملين أمام دعوة إلى عقد اجتماع طارئ للبحث في موضوع الحرب على غزّة، قبل أن يقرّر "التشاور حالياً لتحديد موعد يراعي ارتباطات أغلبية الأعضاء".

لو كان هذا الغرب يعرف أنّ لفلسطين أشقاء حقيقيين، لما ظهر أكثر عداءً وتوّحشًا ضدها من الاحتلال الصهيوني نفسه، ولو كان يعلم أنّ من الأشقاء من هو مستعدّ لدعم الشعب الفلسطيني بواحد على مائة مما ينفقه على رعاية أندية كرة القدم الأوروبية ودعمها، لما بادر بكلّ وقاحة إلى إعلان منع المساعدات المقرّرة دوليًا عن الشعب الفلسطيني.

ولو كان هذا الصهيوني يدرك أنّ إعلامًا عربيًا يتباهى بالتفوّق المهني على المستوى العالمي يستطيع أن يتّخذ قرارًا بأن يمنع أبواقه من إهانة عشرات الملايين من الفلسطينيين والعرب على الهواء مباشرًة، لما تمادى في صناعة الأكاذيب وترويجها من فوق المنابر العربية، التي تصفع مشاعرنا بحجّة المهنية وشماعة الرأي والرأي الآخر.

لقد قرّر الغرب شطب فلسطين من المعادلات الإنسانية والسياسية، فهل يستطيع العالم العربي أن يجاهر برفض هذه العنصرية الاستعمارية؟ هل تملك دولة عربية واحدة، أو الدول العربية مجتمعًة، شجاعة إصدار بيانٍ يندّد بالوحشية الصهيونية، المدعومة غربيًا، ويذكّر العالم بأصل الحكاية: أنّ القضية هي قضية احتلال أجنبي لأرض عربية لها شعب يكافح من أجل تحرير وطن، وليس من أجل تحسين شروط العبودية للمستعمر؟.

أما عن النخب العربية التي تسمّي نفسها مستنيرة وحداثية ومتحضّرة، فهي أكثر شراسةً من الصهيوني في استباحة الذات الفلسطينية والسخرية من هويتها، إذ تتفوّق بعض هذه النخب على الخطاب الصهيوني في تصوير واقع الصراع، لتذهب أبعد منه في تصنيف كلّ مقاومة، وكلّ تعبير عن رفض التغلغل الصهيوني في المدن العربية، باسم السياحة أو الثقافة والرياضة، باعتباره إرهابًا، كما أنّ المعركة التي يخوضها المحارب الفلسطيني ضد الاحتلال إرهاب.

في مصر، مثلًا، تحوّل الشرطي المصري الذي أطلق الرصاص على فوج سياحي صهيوني يرفع الأعلام الإسرائيلية في الاسكندرية، بينما الفلسطينيون يتعرّضون للإبادة في غزة، تحوّل إلى إرهابي بنظر تجّار التنوير المتصهين، الذين نموا وتضخّموا في حظائر التطبيع الثقافي.

هؤلاء التنويريون المزيّفون أشدّ خطرًا على فلسطين، وأكثر كراهية لها من الصهيوني الذي يقتل شعبها بالسلاح، فيما يعاديها ويقتلها هؤلاء بجرعاتٍ من السموم، يسكبونها بانتظام في وعي أجيالٍ ناشئة، يعلمونها أنّ قلب الغريب كقلب أخيك، وأنّ يدًا كان سيفها لك تساوي يدًا سيفها أثكلك.
#وائل_قنديل
#العربى_الجديد

الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع:  ارتباط الدول بالاستدانة من صندوق النقد الدولي أشبه بعلاقة المدمن بتاجر المخدّرات
hassanbalam

المساهمات: 1
مشاهدة: 153

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: ارتباط الدول بالاستدانة من صندوق النقد الدولي أشبه بعلاقة المدمن بتاجر المخدّرات    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2023-01-06, 9:17 pm
يعرف أصغر دارس للاقتصاد والسياسة إن ارتباط الدول بالاستدانة من صندوق النقد الدولي أشبه بعلاقة المدمن بتاجر المخدّرات، وهي العلاقة التي تنتهي، على الأغلب، بضياع ذلك الذي سلم نفسه للإدمان، فينتهي منتحرًا أو منحورًا بسيف الديون والفقر.

يستشعر متعاطي المخدّرات لذة في البدايات، منتشيًا بالحالة الحالمة التي توفرها له جرعة المخدّر، فيظن أنه صار أقوى وأنشط وأسعد، حتى يصل إلى المرحلة التي يتحكّم فيه المخدّر، فيصبح عبدًا للجرعة ولبائعها، لا يستطيع الخروج من هذه الدائرة حتى لو أراد ذلك.
أما في حالة الدول المدمنة على القروض فالكارثة أعظم، إذ أن الضياع هنا لا يتوقّف عند المتعاطي وحده، بل يطال أمةً بكاملها تجد نفسها أدمنت الاستكانة والضعف، والتظاهر بالعجز وقلة الحيلة، بالعمق نفسه الذي يستسلم به المدمن لمصدر المخدّرات.

والوضع كذلك، فإن ادّعاء الدهشة أو الصدمة من عربدة الدولار بالعملة المحلية في مصر يبدو، بحد ذاته، أمرًا مدهشًا، إذ يمتلئ التاريخان، القريب والبعيد، بعديد النهايات التراجيدية الدامية لدولٍ استكانت للوثة الإدمان من صندوق النقد الدولي، ففقدت كل شيء، وسقطت منهكةً ومنتهكةً في فراش التبعية السياسية والاقتصادية الكاملتين.

يخيّل للمدمن، طوال الوقت، أنه الأعقل والأحكم والأكثر فهمًا وإدراكًا وخبرةً بكل شيء، فيزداد طغيانًا على نفسه وعلى المحيطين به، في الدوائر الأقرب التي تتّسع شيئًا فشيئًا، حتى يبدو كائنًا مخيفًا للجميع، غير مسموحٍ بمعارضته أو محاولة إيقافه، أو حتى السخرية منه، والتي تصبح جريمة يتهدّد مرتكبيها الفناء.

يتندّر المصريون على الوضع البائس الحالي بأنهم في الطريق إلى اللبننة، والدخول في الحالة اللبنانية الراهنة التي وصل سعر الدولار الواحد معها إلى ما فوق الأربعين ألف ليرة لبنانية، فسقط لبنان من خريطة الدول المستقرّة، غير أن هذا التندّر وهذه المقارنة تظلم لبنان والشعب اللبناني كثيرًا، إذ تبقى ثمّة اختلافاتٌ جوهريةٌ بين الحالتين، أهمها على الإطلاق أن لبنان، بالرغم من كل آثار الأزمة الاقتصادية، لا يزال محتفظًا بحالة إنسانية محترمة، عمادها مجتمع إنساني متعايش ومبدع في ابتكار وسائل لإدارة شؤون حياته، من دون توحّش طبقة على طبقة وطائفة على أخرى في مجتمع قائم على تنوّع طائفي واسع.

رغم الإفلاس والفقر، لا يزال اللبنانيون قادرين على الصمود في مواجهة عقوبات حصارٍ عربيٍّ صامت، وخصوصًا من الدول الشقيقة صاحبة النفوذ على أهل الحكم، كما لا يزال الصباح صباحًا والمساء مساءً، ولا زالت فيروز توزّع أغنياتها على البيوت كل صباح.

إبداع الشعب اللبناني في تدبير أساسيات الحياة عجيب، وخصوصًا مع الانسحاب الكامل للحكومة من أدوارها الرئيسة، إذ لا كهرباء ولا مياه تأتي من الحكومة للمنازل، فقرّر أصحابها تشكيل حكومات صغيرة موازية في كل منطقةٍ وكل ضيعة، بل وفي كل بنايةٍ توافق سكانها بشكل ديمقراطي وعادل على تأمين احتياجاتهم من الكهرباء والمياه والغاز بطريقتهم الخاصة، مقابل رسومٍ شهريةٍ تدفع بانتظام.

في لبنان، رغم الأزمة الطاحنة، لم ينفلت المجتمع أو ينزلق على طريق الجرائم المروّعة، ولم تتغوّل السلطة أمنيًا فتقمع الناس وتجرّدهم من وطنيتهم أو تخفيهم قسريًا أو تسرق ممتلكاتهم وأموالهم أو تعتقلهم وتعذّبهم وتقتلهم في السجون.

يسخر اللبنانيون من رئيسهم في الصباح والمساء، على محطّات التلفزة والإذاعة وفي الشوارع والمقاهي والبيوت، يلعنون الحكومة والوزراء بأعلى الصوت، وينامون في بيوتهم آمنين، لا يدفع الواحد منهم سنواتٍ من عمره في الحبس الاحتياطي عقابًا على إطلاق نكتة أو رفع لافتة ضد الحكومة والرئيس.

في لبنان، يستطيع السائح الأجنبي والعربي أن يأتي ويمضي أيامًا لا يراقبه كظله العسس، ولا يعتبره الأمن عدوًا خطيرًا يتعقبه منذ وقت الوصول وحتى وقت المغادرة، ولا يستوقفه شرطي أو مخبر في الطرقات يسأله عن هويته، وماذا يفعل هنا، أو يعتبره جاسوسًا، يمكن أن ينتهي به الحال مثل جوليو ريجيني في القاهرة.

لا تفرض السلطات اللبنانية صنمًا من الخواء معبودًا لا يمسّه أحد بكلمة أو إيماءة أو جملة مخبأة في مقال، ولا تكفر المواطنين وتخوّنهم بحجّة حماية الأمن القومي، ولا تتسوّل من العالم بحجّة الحرب على الإرهاب، فما زالت جدران المباني المحيطة بمبنى سراي الحكومة في ساحة رياض الصلح تحتفظ بشعارات الثورة ولوحات الغرافيتي التي تتهم أهل الحكم بالفساد السياسي والمالي، وتنظر إليهم بوصفهم عصابة، ولم يؤثر ذلك على سلامة المجتمع وأمن الوطن أو يعرّض مستقبل البلاد للخطر.

لا تفتح دول الخليج خزائنها للبنان، الصغير مساحًة بما لا يزيد عن مساحة محافظة مصرية، والقليل التعداد، أقل من نصف عدد سكان محافظة الجيزة، ولم تتساقط عليه عشرات المليارات من المانحين والمُقرضين، كما تنهمر بكثافة على أصحاب السلطة في مصر، ومع ذلك تزداد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءًا.

الحاصل في لبنان أن الحكومة أسقطت الشعب من حساباتها، كما أسقط الشعب الحكومة من حساباته، وقرّر أن يدير نفسه بنفسه، فيما احترم كلا الطرفين هذه الصيغة، حيث الحكومة حرّة في تخبّطها وفشلها، والشعب حر في السخرية من هذا الفشل، من دون أن يعرّضه ذلك لمذابح جماعية وتجفيف كامل للحق في التعبير عن الألم والأمل.

باختصار، لا يجد اللبنانيون الخبز بسهولة، لكنهم ما زالوا يتمتعون بشيءٍ من الحرية التي تليق بالبشر. ولذلك لا يخنقهم الإفلاس ويقتل رغبتهم في الحياة والقدرة على الاستمرار فيها.

فاللهم بلّغ المصريين الحالة اللبنانية.
#وائل_قنديل
#العربى_الجديد
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: سكت الكلام، أو تم إسكاته، عن العبث الرسمي بقناة السويس
hassanbalam

المساهمات: 0
مشاهدة: 569

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: سكت الكلام، أو تم إسكاته، عن العبث الرسمي بقناة السويس    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2022-12-28, 8:41 pm
الكود:
ارتبط العيد القومي لمدينة بورسعيد بقناة السويس، إذ صمدت المدينة في وجه العدوان الثلاثي على مصر بعد قرار تأميم قناة السويس 1956، فقدّمت واحدة من أنبل ملاحم المقاومة الشعبية في تاريخ العالم كله.
كان العدوان الثلاثي يظن أن بالإمكان الاستيلاء على قناة السويس مرة أخرى، ومعاقبة مصر وجمال عبد الناصر على قرار تأميم القناة وإرجاعها للسيادة المصرية، فكان النفير العام من كل محافظات مصر للدفاع عن بوابتها الشمالية الشرقية ضد محاولة احتلال أجنبي، وسجّل أهالي بورسعيد بطولة خالدة في الصمود والمقاومة حتى رحل آخر جندي أجنبي في الثالث والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 1965.
على بعد 66 عامًا من ملحمة بورسعيد دفاعًا عن مصرية قناة السويس ضد الهيمنة الأجنبية، يدشّن أهل السلطة في مصر مسارًا عكسيًا يعيد القناة إلى الأجنبي من دون غزو عسكري أو طلقة رصاص واحدة، عن طريق وضعها في صندوق استثماري مع السماح لرأس المال الأجنبي بالشراء والمساهمة فيه، وهو ما أجمع خبراء الاقتصاد والسياسة والعالمون بالتاريخ على أنه يعيد عصر الامتيازات الأجنبية، التي كانت المدخل للهيمنة على مصر ثم احتلالها.
في ذكرى ملحمة المقاومة الباسلة، كان الإعلام الرسمي المصري مشغولًا ببورسعيد، ليس بوصفها مدينة الصمود والدفاع عن مصرية قناة السويس، وإنما بوصفها المدينة التي تعيش أجواء جرائم أسرية مزلزلة من نوعية مقتل أم على يد ابنتها (المعلمة) وصديقها (الطفل) بعد افتضاح علاقة غرامية بينهما في منزلها.
أحصيت أكثر من مائة عنوان في الصحف والمواقع الخبرية المصرية عن هذه القضية خلال بضعة أيام فقط، فيما لم تتحمّل هذه المنظومة الإعلامية الغارقة في هذه "القضية الوطنية المشينة" حوارًا مع الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، يعترض فيه على القانون الذي أقرّه البرلمان بشأن حبسها في صندوق استثماري ودعوة المستثمر الأجنبي إلى الانفراد بها داخل الصندوق.

سكت الكلام، أو تم إسكاته، عن العبث الرسمي بقناة السويس، مقابل فتح الصفحات والشاشات لكلام منهمر كالمطر عن أهمية توجّه المصريين إلى تناول أرجل الفراخ، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
لا أحد يتكلّم عن الاستبداد المسلّح الذي انتزع السلطة بالقوة وإراقة الدماء فأنتج فشلًا ذريعًا في الإدارة والحكم، وأغرق البلاد في مستنقع من الديون قفزت خلال عشر سنوات فقط من 34 مليار دولار عام 2012 إلى 155 مليار دولار في 2022 نتيجة لوثة الاقتراض من الخارج لتمويل الإنفاق السفيه في الداخل.
مسموحٌ فقط بالكلام المستفيض عن جرائم فردية مقزّزة وتصويرها وكأنها سلوك عام للشعب، كما في البذخ الإعلامي السفيه في تناول جريمة المعلمة والطفل في بورسعيد، فالشعب طوال الوقت هو المتهم بالتسبّب في الأزمة، لأنه يتناكح وينجب ويزداد تعداده، كما أنه يأكل كثيرًا ويبحث عن البروتين في اللحوم والدواجن، بينما هو هناك في أرجل الفراخ والبيض المسلوق، كما أن هذا الشعب الوغد يصوّر له شيطانه أن مدّخراته في البنوك ملكية خاصة له يستطيع التصرّف فيها والإنفاق منها كما يشاء، بينما الحقيقة أنه وماله ملك الحكومة، وحدها لها حق التصرف فيما يظن أنها أمواله.
تنطق معطيات الصورة إن الواقع يديره نظام جباية واستدانة ورهن البلاد والعباد للدائنين، على نحو أسوأ بكثير مما كان في مصر الخديوية التي انتهى بها الأمر إلى الوقوع في قبضة المحتل الأجنبي.
يحدُث ذلك كله، بينما هناك من الدجالين المنتشرين في أزقة السياسة والإعلام من لا يزالون يمضغون برقاعة نكتة أن (السيسي 2013 - 2022) هو عبد الناصر(1956)، وأن البلاد تعيش سنوات تحرّر من التبعية والوصاية الأجنبية والمد القومي العروبي .. وإلخ إلخ، ولا يلفت نظرَهم مثلًا أن ما يدور بشأن قناة السويس الآن يبدّد كل أوهام الربط والمقارنة بين عصرين وشخصين وعقيدتين وطنيتين.
وعلى ذكر القناة وبورسعيد وجمال عبد الناصر، يفرض اسم البطل العربي السوري جول جمال اسمه على الذاكرة، بوصفه أحد شهداء معركة بورسعيد الباسلة عام 1956 حين فجّر البارجة الفرنسية جان بارت التي كان الفرنسيون يعدّونها فخر بحريتهم، ونجح في إعطابها ومنعها من الوصول إلى قصف الأراضي المصرية.
أتذكّر جول جمال، وأنظر إلى جول، بل أجوال الجنرال الذي يحكم مصر الآن ويتباهى بتسجيلها، من عيّنة مد أنابيب الغاز الصهيوني في الأراضي المصرية، بعد سرقته من فلسطين، لتكون مصر مركزًا رخيصًا لاستيراد الغاز وتسييله، ثم إعادة تصديره لصالح الكيان الصهيوني.



#وائل_قنديل
ٌُ#العربى_الجديد
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: ما يجري الآن يسقط ورقة التوت الأخيرة عن هذه السلطة
hassanbalam

المساهمات: 0
مشاهدة: 85

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: ما يجري الآن يسقط ورقة التوت الأخيرة عن هذه السلطة    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2022-12-25, 11:41 am
#وائل_قنديل
انتظر المصريون أن يخرُجَ عليهم مسؤولٌ بقرار قاطع عن سحب المشروع المقدّم إلى البرلمان بشأن قناة السويس، ليحسم الجدل ويبدّد المخاوف مما يحيق بقناة الشعب من مخاطر على مذبح الخصخصة. لكن رئيس هيئة القناة، الفريق أسامة ربيع، عقد مؤتمرًا صحافيًا أكّد هذه المخاوف، وأثبت صحّة تخوفات المصريين على قناتهم المحفورة بعظام أجدادهم، إذ قال بوضوح إن المطروح على المستثمر الأجنبي هو صندوق هيئة القناة، وليست القناة نفسها، زاعمًا أن"صندوق الهيئة منفصلٌ عن القناة"، ثم قال في الجملة ذاتها إن "من المهم وجود صندوق للاستثمار لزيادة العوائد إلى القناة لذا سنقيم مشروعات جيدة وعملاقة للدولة وللقناة".
هناك خللٌ منطقي هنا، إذ كيف يكون صندوق القناة منفصلًا عن القناة، ثم تؤول عوائد استثماره إلى القناة؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الاستثمار في صندوق القناة سيكون متاحًا للمستثمر الأجنبي، الذي يدخل مالكًا وشريكًا في أسهم هذا الصندوق، صندوق القناة الذي يريدون منا أن نصدّق أن لا علاقة له بالقناة.
أدلى الفريق ربيع بهذه التصريحات بأوامر من الجنرال عبد الفتاح السيسي، صاحب مشروع الصندوق، والمسؤول الأول والوحيد عنه، في محاولةٍ لتمرير أسوأ نتائج التبعية لصندوق النقد الدولي، مردّدًا عباراتٍ رنّانة من نوعية "لن نسمح للمستثمر الأجنبي بالاقتراب من السيادة على قناة السويس"، وهذا قولٌ يجافي العقل، بالنظر إلى أنه لا يمكن الفصل بين صندوق القناة والقناة، وبالتالي من يشتري الصندوق سيكون، بشكل أو بآخر، صاحب سيادة وقرار فيما يخصّ هذا الصندوق.
تعلمنا من المنطق والتاريخ أنك لا يمكن أن تبيع شيئًا ثم تحتفظ بالسيادة الكاملة عليه، وإلا سيتحوّل الأمر إلى نكتة أو أغنية ساخرة، تشبه رائعة الراحل العظيم سيد درويش قبل قرن، حين غنّى"سرقوا الصندوق يا محمد لكن مفتاحه معايا"، لتتحوّل المسخرة إلى واقع يقول "نبيع صندوق القناة للأجنبي لكننا نحتفظ بمفتاحه".
الارتباك والتلعثم واضحان في تعاطي النظام المصري مع كارثةٍ محدقة بقناة السويس، التي قرّروا وضعها في صندوق، ثم عرضوا الصندوق للبيع أو الشراكة مع الأجنبي مع الاحتفاظ بالمفتاح، هذا هراءٌ لا يمكن تصوره عقلًا حتى في بيع صندوق بريد إلكتروني أو حساب على تويتر، ذلك أنه لا يوجد مجنون يمكن أن يشتري منك حسابًا إلكترونيًا ويترك لك "الباسوورد".
لو لم يكن الأمر محاولةً لتبرير وتمرير ما لا يمكن قبوله وتصوّره لما أسرعوا إلى إعدام تصريحات لرئيس هيئة القناة السابق، مهاب مميش، تضمّنها حوار على موقع صحيفة يومية تابعة للنظام بعد سويعاتٍ من نشره، لاشتماله على وجهة نظر رافضة لمبدأ الاقتراب من قناة السويس وهيئتها ببيعها للمستثمرين الأجانب أو حبسها في صندوق منفصل.
من مظاهر الارتباك والتلعثم، كذلك، أن يصدُر بيان من رئاسة الحكومة يتحدّث في أوله عن شائعات مغرضة بشأن خصخصة هيئة القناة، لكنه، في نهايته، يؤكّد أن الشائعة ليست شائعة، وإنما حقيقة، حين يقول إن "إنشاء صندوق مملوك لهيئة القناة هدفه المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرافق الهيئة، وستخضع كافة حسابات الصندوق لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات". لكن البيان نسي أن يضيف أنه لو اعترض الجهاز المركزي للمحاسبات على حسابات الصندوق، أو أشار إلى خلل فيها أو عوار أو انحراف، فإن رئيسه سيواجه مصيرًا يشبه مصير الرئيس السابق لجهاز المحاسبات، المستشار هشام جنينة، القابع في السجن حاليًا بعد شلحه من منصبه وضربه وسحله في الشارع على أيدي مواطني السلطة، ولا يعلم أحدٌ متى يخرج من عتمة الزنزانة وبردها.
ما العمل إذن، وقد بانت وتأكّدت نية النظام في الاقتراب شيئًا فشيئًا من قناة السويس، بوضعها في الصندوق أولًا، ثم طرح الصندوق للخصخصة والاستثمار، ثم بعد حين بيع الصندوق بما فيه لمن يدفع أكثر؟
أحسب أن ما يجري الآن يسقط ورقة التوت الأخيرة عن هذه السلطة، ويضع تلك المعارضة اللطيفة أمام اختبارٍ تاريخي، فإما أن تبقى مشاركة في كل هذا الخراب وتواصل جلوسها على موائده في "حوار وطني" لا طائل من ورائه سوى تجميل القبيح من السياسات وتمرير الأقبح من الإجراءات، أو تغسل يدها من ذلك كله وتتوجه بخطابها إلى الجماهير، التي هي الخاسر الأول والأكبر من هذا الجموح في عرض أصول الوطن للبيع.

#عبد_الحكيم_حيدر

من سيتحلّى بالشجاعة بعد ممدوح حمزة؟

أعلن المهندس ممدوح حمزة، أحد أهم أعمدة ثورة يناير في مصر وهوجة المغربية في 30/ 6 (2013)، اعتذاره عن اشتراكه في 30/ 6، مع طلب سماح الله، وهي بادرة شجاعة من رجل شجاع أصاب، في يناير، بجهده وماله وقدراته، وأخطأ في 30/ 6، بعدما اكتشف الملعوب "الذي كان ظاهراً من الأصل"، أعلن بكل شجاعة، قبل أيام، اعتذاره عن اشتراكه في 30/ 6. وتلك بادرة طيبة على أي حال، فتحيّة لشجاعته في أوقاتٍ تعب فيه كثيرون، بل زهد في العمليّة برمتها، وبعضهم اكتفى بالصمت في المهجر، منسحباً من كل شيء، وفي الداخل أيضاً بعد التخويف والسجون والقتل والفصل من العمل، علاوة على المراقبات الأمنية التي تشبه الحبس اليومي داخل المنازل... فهل يفعلها محمد البرادعي (صندوق أسرار العملية كلها) أم سوف يكتفي بتصريحات مواربة وانسحابية، كل آن، على سبيل "الحضور الحيادي هناك"، بعدما حضر أوائل الوليمة، ثم هرب بناء على توجيهات، تاركاً الجميع في حيرة السؤال والتأويل، لماذا جاء أصلاً، ولماذا هرب قبل حمّامات الدم؟
نعم، تم الإعداد لـ 30/ 6 جيداً من خلال دولة رجال المال والأعمال مع الدولة العميقة بكل أجهزتها السيادية قبلها بأكثر من سنة، ومن قبل حتى وصول المرحوم محمد مرسي إلى الرئاسة "المؤقتة". كان الإعداد لـ 30/ 6 يتم في حماية القضاء والشرطة. قال وزير الداخلية الأسبق، محمد إبراهيم، صوتاً وصورة: "كنت أعمل ضد مرسي قبل 30/ 6 بأربعة شهور". إلا أن الأخطر من 30/ 6 هو الإعداد المدني والأدبي والمالي والإعلامي لها، كفرشة ممهّدة لساعة الانقضاض. وفي اعتقادي، هذا الجزء المهم، الإعداد السرّي لـ 30/ 6، هو الجزء الأخطر، وهو يمثل الـ 90% من جبل الثلج الغاطس في بحار ما تم. وعلّ المهندس ممدوح حمزة "رغم شجاعته محلّ شكرنا". هو يقصد الاعتذار بلباقة عن هذا الجزء المهم والغاطس كثلج تحت مياه بحار الأحداث الخفية التي مهدت لزوبعة مغربية 30/ 6، فهل يفتح الرجل الباب أمام جبل الثلج الغاطس أسفل أحداثٍ مرّت عليها سنوات تسع إلا قليلاً؟ أم سوف تلجم المصالح والمخاوف بقية الأفواه التي أعملت معاول الهدم في جسد أول ثورة شعبية نادرة في تاريخ مصر الحديث.
سنكون نحن بعد شهر وأيام في ذكراها الـ 12، إن مدّ الله في أعمارنا، فرحمة الله على من استشهد فيها، وسامح الله من بالخطأ غدر بها، وسامح الله أيضاً من تحلّى بالشجاعة واعتذر، أما من نالوا مصالحهم، فهؤلاء "ليس عندهم أفضل من ذلك"، ومن 7000 سنة سابقة أيضاً.
أتذكّر، وهذا للتاريخ والله لا للوم أحد، أن من التجهيزات الإعلامية لأحداث الانقلاب المصنوع والمتّفق عليه في استديوهات رجال المال والأعمال شاهدت سواطير إبراهيم عيسى ومناشيره وكاوتشاته المنفوخة والمعلقة على حوائط الاستديو والمكتوب تحتها "انتهت 80 يوم من الـ 100 يوم يا معلم". علاوة على بط توفيق عكاشة وشتائمه وغيرها. وشاهدت أيضاً ذلك "الخروف" الأملح الأقرن الذي أرسله المهندس ممدوح حمزة إلى برنامج الممثل هاني رمزي، وذلك في الأيام التي كانت الحكومة تستورد، بتراب الفلوس الشامي الأصفر، من أميركا لخرافها قبل أن تحول أميركا 40% منه إلى طاقة عضوية، وصار في الأسواق كالذهب الأحمر أو الكبريت. كانت كل تلك المشاهد المعدّة بحرفية عالية في الاستديوهات كتمهيد ساخر لإهانة شخص الرئيس، تمهيداً لـ 30 /6. وبالطبع ملأ الممثل هاني رمزي الاستديو بالضحك والظرف المصنوع مع المهندس العبقري الذي كان من لبنات ثورة يناير، والآن يأتي مع "خروفه" نكاية وسخرية من شخص الرئيس.
كانت مطابخ الإعداد في قمة صناعتها تمهيداً لذلك اليوم، مع نساء الشوارع بالملاءات اللفّ والنظارات السوداء أمام بوابة قصر الاتحادية وعيال الشوارع بالطوب أمام سميراميس.. إلخ. وكان الممثل الكوميدي أحمد رزق وقد دخل، قبل الخروف، بأنبوبة بوتاغاز إلى نفس الممثل هاني رمزي، تعبيراً عن شحّ الغاز وغلاء سعره، وكان سعرها آنذاك ثمانية جنيهات. وعليك أن تعرف أن سعرها الآن 80 جنيهاً كي تكتمل الكوميديا. أما المضحك، أيضاً، أن أحمد رزق الذي كان في تلك الأيام نجماً أصبح نسياً منسياً، وهاني رمزي نفسه الذي كان نجماً حضر فيلمه الأخير خلال حفلتين فقط 500 مشاهد، ثم رفع فيلمه من قاعات السينما تمهيداً لسنج محمد رمضان وسيوفه وأغانيه، فهل هناك انتقام أقدار أكبر من ذلك. وعلّ الله يسامح، وهو المسامح من قبل ومن بعد.
الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: هيا نخترع شعبًا مصريًا جديدًا
hassanbalam

المساهمات: 0
مشاهدة: 297

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: هيا نخترع شعبًا مصريًا جديدًا    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2020-09-20, 11:11 am
@hassanbalam
#وائل_قنديل

صحيحٌ هو حراك أشبه بمحاولة كتلة من البشر النجاة من غرق أو حريق، أو قل هو صرخة ألم، تطلقها الجماهير بوجه من كانوا يراهنون عليه، فتبين لهم أنه يفتري عليهم.


حراك صغير ومحدود ومتناثر هنا وهناك؟ وهو كذلك، لكنه أثمر وحقق ما يمكن اعتباره أول انتصار شعبي للمصريين على نظام القمع والجباية الذي يحكمهم بالحديد والنار والدبابة والجرافة، إذ هي المرة الأولى، ربما، التي تطلب فيها سلطة عبد الفتاح السيسي التهدئة، وتعلن من طرف واحد وقف عملياتها الحربية ضد المجتمع المصري، وتدفع رئيس الوزراء ليدلي بتصريحات تحمل تراجعًا عن سياسة القوة الغاشمة، الغشوم، التي يتعمّدها السيسي أسلوبًا وحيدًا للحوار.

نزل السيسي من فوق الجرافة، وتوارى إلى الظل، لأول مرة، مقدّمًا مصطفى مدبولي (هل كتبت اسمه صحيحًا؟)، ليقول: لن نهدم أي عقار مأهول بالسكان.. وجهنا المحافظين لمراعاة البعد الاجتماعي في التصالح على مخالفات البناء.

باختصار، توقفت حرب الإبادة مؤقتًا، لتعفي جيش مصر من عار تاريخي، يتمثل في العبث بدور المقاتل، ليكون مطلوبًا منه، بدلًا من أن يحارب العدو بالدبابة، أن يهاجم أهله وناسه بالجرافة.

هذا الجنون توقف، سواء كان توقفًا تكتيكيًا، أم قرارًا استراتيجيًا برفض التورّط فيما أعلنه السيسي قبل أكثر من أسبوع، وهو يهدّد الشعب المصري بإرسال الجيش إلى القرى والمدن ليكي يهدم البيوت على رؤوس أصحابا، إن لم يدفعوا له الجباية.

ولعل أروع ما في هذه الهبَّة أو"ثويرة الغضب" المباغتة بمناطق متفرقة في مصر أنها تلقائية وعفوية، من الناس وللناس، يكذب من يدّعي أنه يحرّكها عن بعد، ويؤذيها ويؤذي أصحابها كل من يحاول القفز عليها وركوبها ، أو ادّعاء وصاية أو توجيه أو إدارة.

هو حراك اجتماعي واحتجاجات مطلبية، تشبه تلك التي مارسنا عليها استعلاء سخيفًا أيام ثورة يناير 2011 وأسميناها "مطالب فئوية"، وصادرنا حق أصحابها في التعبير عنها والتظاهر من أجلها، بحجة أن من شأن ذلك أن يعطّل مسيرة الثورة .. فماذا حصل؟

كانت النتيجة أن الثورة خسرت قطاعات واسعة من الجماهير، كانت تمنّي النفس بأنها سوف تتخلص من الأوجاع الاقتصادية والمظالم الاجتماعية (الفئوية)، بعد أن أزاحت رأس النظام، لكنها فوجئت بأن الثورة تنظر لها بغير اهتمام أو احترام، وتسفّه من مطالبها البسيطة، أجور أو مشكلات بناء أو وظائف، فتحولت شرائح كثيرة من هذه الفئات إلى اتخاذ موقف سلبي، أو بالحد الأدنى محايد، من الثورة، وانتهى الأمر بأن هؤلاء الموجوعين الفئويين المطلبيين صاروا وقودًا للثورة المضادّة.

ما يدور في مصر الآن غضب احتجاجي، محوره الموضوع الواحد والمطلب الواحد: النضال من أجل الاحتفاظ بالمسكن والمأوى، بمواجهة سلطةٍ تعتلي الجرّافة، وتعربد هدمًا وتدميرًا وتشريدًا، بزعم إزالة المخالفات وتصحيح الأوضاع.

وبعيدًا عن أن هذه السلطة بحد ذاتها هي أكبر مخالفة سياسية وأخلاقية وإنسانية قائمة في مصر، فإن غضبة الجماهير هي صورة من صور الثورة، وإن كانت لا ترفع شعارات كبيرة، أو تتمثل قيمًا وأفكارًا فلسفية ضخمة، بل هي بكل بساطة وعفوية تناضل من أجل بقائها ووجودها على أرضها، وتقاوم محاولة اقتلاعها من جذورها، وهذا من صميم الثورة، بوصفها حركة مجتمع ضد الإبادة والإزالة .. وهذا وحده يكفي للتضامن والتعاطف والدعم، حتى لو كان الغاضبون ضد تغوّل السلطة اليوم مؤيدي استبدادها وطغيانها بالأمس.. حتى لو كان هؤلاء من الذين صفقوا وغنوا ورقصوا لانقلابٍ ظنوه ثورة، تحت تأثير مخدّرات روّجها بينهم محترفو سياسة وإعلام.

الثابت يقينًا، من واقع حركة التاريخ، أن لا تغيير ولا ثورة إلا بالشعب، الشعب كما هو عليه، بأحواله ومواصفاته هذه، فحن لن نخترع شعبًا جديدًا، ولن نستورد شعبًا آخر يثور أو نصنع به ثورة. ومن ثم فإن الاستمرار في جلد الشعب بسياط الشماتة والتشفّي والتقريع على أخطائه السابقة التي جعلته، بجهل أو بانتهازية أو بسوء تقدير، من أسباب الخراب الذي تردّت فيه مصر، لا يخدم إلا السلطة القائمة، ولا ينتج إلا مزيدًا من الضعف والعجز والاستسلام وتكريس الوضع القائم.

وهي النغمة ذاتها التي تردّدت في أثناء تظاهرات الخبز مارس/ أذار 2017 وكأن هناك من يصرّ على مضاعفة محصول العجز واليأس في التغيير، بينما ينطق الواقع إن الشعب حين يريد يكون أقوى من جرّافة السلطة.


الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: ولنا فى مقاومة التطبيع حياة مقال وائل قنديل
hassanbalam

المساهمات: 0
مشاهدة: 179

ابحث في: جريدة العربى الجديد   الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: ولنا فى مقاومة التطبيع حياة مقال وائل قنديل    الوسم وائل_قنديل على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2020-09-20, 11:09 am
@hassanbalam
#وائل_قنديل

مقالات العربى الجديد المحجوبة



يدرك الصهيوني أن مصافحة لاعب كرة أو مطرب أو مثقف عربي أهم وأشد أثرًا وفائدة من التوقيع مع كل الأنظمة، تمامًا كما أن لقطة في مهرجان دولي، أو مؤتمر، تجمع بين عربي وصهيوني يتبادلان الابتسامة، ويردّدان أقوالًا واحدة، تبدو فضفاضة وفاخرة، هي أخطر من ألف خطاب وبرقية وإعلان مبادئ بين الكيان الصهيوني وأي حكومة عربية.

هم يدركون أن مكسبهم من مصافحة في مؤتمر، أو مناظرة في منتدى، بصرف النظر عمن يفوز أو يخسر، أو دور في فيلم مع ممثل إسرائيلي، يفوق مكاسبهم من مفاوضات وفود رسمية تذهب وتعود، فالواقع أن ثمرة فراولة واحدة، أو كيلو خيار، أو حبة عنب مهجنة ببذور إسرائيلية، مهما كانت حلاوة المذاق وارتفاع القيمة الغذائية، أكثر خطورةً وسميةً من زرع عربي ضعيف ينبت عشوائيًا في تربة عربية، ذلك أن الهدف عندهم ليس المعدة، بل تسميم الروح، بحيث لا تعود تدقق كثيرًا في القيمة والمعنى والمبدأ الأخلاقي، بقدر ما تنشغل بالمكسب والعائد والمصلحة.


منذ أن أشهرها أنور السادات في "كامب ديفيد" 17 سبتمبر/ أيلول 1978، والهدف الأول والأخير على الأجندة الصهيونية هو حالة تطبيع شعبي، تستهدف الطالب والفلاح والعامل والمثقف، وتجعل السفر بسيارة نيفا 1600 من دمياط إلى تل أبيب، كما فعلها المسرحي المصري علي سالم، أيسر وأقصر من رحلة بالقطار من القاهرة إلى سوهاج..كما تجعل من حضن السائحة الإسرائيلية في طابا أو دهب أو شرم الشيخ، الملاذ الأكثر رفاهة ودفئًا لغرائز الشاب المصري المحبط من إمكانية الحصول على فرصة عمل، أو الزواج من مصرية أو عربية، فيكون السفر إلى الكيان الصهيوني والعمل هناك حلًا سهلًا.

اثنان وأربعون عامًا بالتمام والكمال، انقضت على توقيع أنور السادات مع، أو بالأحرى للعدو الصهيوني. جيل كامل ولد وترعرع ونضج وسط غابة كثيفة وشاسعة، تحرق فيها يوميًا المفاهيم والمعاني والقيم، في جحيم إعلامي تعليمي ثقافي اقتصادي، لتثبيت قيم جديدة، تتأسّس على ما يعرف بثقافة السلام .. هذا الجيل لم يتشرّب كل تلك السموم المفروضة عليه، وبقي التطبيع شأنًا يخص حكومات، لتكون المحصلة فشلًا وتحطمًا لمحاولة تغليب "وداعة وهم السلام الملوث" على "رعب واقع الاحتلال المجرم"، تلك الجدلية التي برقت في عديد الأعمال الأدبية، أهمها وأوضحها معالجة الأديب المصري محمد المنسي قنديل في رواية القصيرة "الوداعة والرعب" التي تحولت إلى فيلم سينمائي، وانتهت باستعصاء الذات المصرية العربية على الذوبان في أحماض التطبيع.

بعد 42 عامًا من الافتتاح، ها هو الشاب عبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات، يسيل لعابه أمام غلاف اتفاقية التطبيع الثلاثي، وكأنه شاب تتفجّر مراهقته وتتطاير أمام إغراء سائحة صهيونية على شواطئ خليج العقبة .. وها هي امرأة إماراتية تظهر أو يتم إظهارها وعلم الكيان الصهيوني فوق أنفها، متوسطًا ألوان كمّامة واقية من كورونا، أو على صدرها، مهيمنًا على نقوش تي - شيرت التطبيع .. وها أنت ترى أطفالًا تنتهك براءتهم بالغناء بالعبري، وشيوخًا يرقصون في حفل ماجن لفرض دين جديد وهمي وزائف، يسمى"الدين الإبراهيمي"

ها أنت ترى مشاهد مركبة لما يصلح لكي تطلق عليه انتحار الذات وإخصاء الروح العربية، فهل تعتقد أنهم انتصروا ونجحوا في فرض التطبيع؟ إنهم يحاولون إكراهك على قول ذلك، يدفعونك إلى الإستسلام أمام وحشية المشاهد والصور، لكي ترضخ وتسلم بأن هذا هو الواقع، غير أن الواقع الحقيقي والفعلي شيءٌ آخر، تعبر عنه روابط التطبيع المتنامية في دول الخليج العربي، وقوافل التذكّر وتجديد العهد مع فلسطين الممتدة في براح "السوشيال ميديا"، واليقين المتجدّد بأن ذلك كله سيمضي وينتهي مع أول استفاقةٍ شعبيةٍ تنتفض ضد خدم إسرائيل في قصور الحكم العربية المنخرطة في عملية التطبيع، تمامًا كما فعلها المصريون، عقب إطاحة رجل إسرائيل في القاهرة، وأغلقوا سفارة العدو وطردوا السفير وأحرقوا العلم.

لذلك كله وغيره، حين نقول إن رهاننا على ضمير الشعوب ووعيها هو الفائز، فإننا لا نحلق في فراغ الأحلام والأوهام الساذجة، بل نقرّ الواقع، ونحاول حمايته، من أولئك الذين يخدعون أنفسهم والجماهير بأن السادات كان سابق عصره، ومتسقًا مع مقتضيات الواقع، أو أولئك الذين يردّدون بسذاجة أن يسار الاحتلال المثقف طيب، بينما يمينه المتغطرس شرير، فكل الاحتلال جريمة، وكل محتل عدو.

هنا قمة الدجل والتشويش على حقائق التاريخ، ذلك أن جناية السادات على فلسطين، وعلى الذات العربية، أكبر وأعمق أثرًا من رقصات الصغار في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، ابتهاجًا بالتوقيع على العار في 2020، فالسادات سلم انتصارًا عسكريًا للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، مقابل وهم رخاء لم يتحقق .. لم يكن مجبرًا على المضاربة بأوراق نصر أراد له ألا يكتمل في بورصة سلام كاذب.

دقّق في اللحظة التي قرّر فيها أنور السادات أن يولي وجهه شطر الكيان الصهيوني، ستجد أنها التالية، مباشرة، للحظة التي أدار فيها ظهره إلى الشعب المصري، وكشر عن أنياب الانتقام منه، بعد أن تجرّأ الشعب على الانتفاض ضده في 18-19 يناير/ كانون ثان 1977..لقد فعلها السادات نكاية في شعب، وتبديدًا لانتصار جيش، فما حصدت مصر، وما حصد العرب، إلا مزيدًا من الانهزام والتقزّم.

هم لم ينتصروا، ونحن، الشعوب العربية، لم ننهزم ولن ننكسر، وسيبقى التطبيع عارًا، في حياة المطبعين، وبعد موتهم، وأمامك حالة علي سالم، المطبع الأوضح والأسبق، حين مات لم يجدوا عدد أصابع اليدين يشيعونه ويصلون عليه.

لذلك كله، لنا في رفض التطبيع حياة، مع الوضع في الاعتبار أن رفضنا التطبيع ليس لأنه ضار سياسيًا واقتصاديًا، وإنما لأنه عار إنسانيًا وأخلاقيًا، فرفضك التطبيع مع احتلال غاصب يعني مباشرة رفضك القبول بمنطق السرقة والاغتصاب والسطو والظلم، في أي وقت، وفي كل مكان، ومن أي طرف.



الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
انتقل الى:  

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا