آخر المساهمات
2024-05-16, 2:37 am
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران 15781612
المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران Icon_minitime 2014-04-13, 2:39 pm
مع شاعر أديب فنان كانت الفرشاة قلمه دبّج بها أشعاره وتأمّلاته وقصصه
وكان القلم فرشاته صور به لوحاته فبثّها أفكاره وتصوّراته ومشاعره
مع جبران خليل جبران
المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران Gibr1

المواكب



الخير في الناس مصنوع إذا جبروا ..... والشر في الناس لا يفنى وان قبروا
واكثر الناس آلات تحركها . ............ أصابع الدهر يوما ثم تنكسر
فلا تقولن هذا عالم علم ... .............. ولا تقولن ذاك السيد الوقر
فأفضل الناس قطعان يسير بها .............. صوت الرعاة ومن لم يمش يندثر


ليس في الغابات راع .. .......... لا ولا فيها القطيع
فالشتا يمشي ولكن ... ............ لا يجاريه الربيع
خلق الناس عبيدا ...... .. .......... للذي يأبا الخضوع
فإذا ما هب يوما ........... ....... سائرا سار الجميع


أعطني الناي وغن ......... .. ..... فالغنا يرعى العقول
وأنيني الناي أبقى .................. . من مجيد وذليل



وما الحياة سوى نوم تراوده ....... .......أحلام من بمراد النفس يأتمر
والسر في النفس حزن النفس يستره ...... فان تولى فبالأفراح يستتر
والسر في العيش رغد العيش يحجبه . ..... فان أزيل تولى حجبه الكدر
فان ترفعت عن رغد وعن كدر ........... جاورت ظل الذي حارت به الفكر


ليس في الغابات حزن .... ............ لا ولا فيها الهموم
فإذا هب نسيم .............. .......... لم تجئ معه السموم
وغيوم النفس تبدو ... ..... ............ من ثناياها النجوم


أعطني الناي وغن .......... .......... فالغنا يمحو المحن
وانين الناي يبقى .............. ........ بعد أن يفنى الزمن


وقل في الأرض من يرضى الحياة كما ...... تأتيه عفوا ولم يحكم به الضجر
لذاك قد حولوا نهر الحياة إلى ..... ..... أكواب وهم إذا طافوا بها خدروا
فالناس أن شربوا سروا كأنهم .......... رهن الهوى وعلى التخدير قد فطروا
فذا يعربد أن صلى وذاك إذا .. ............ أثرى وذلك بالأحلام يختمر
فالأرض خمارة والدهر صاحبها ....... وليس يرضى بها غير الألي سكروا
فإن رأيت أخا صحوا فقل عجبا! .. ....... هل استظل بغيم ممطر قمر؟


ليس في الغابات سكر .................. من مدام أو خيال
فالسواقي ليس فيها .................... غير إكسير الغمام
إنما التخدير ثدي ...... .................... وحليب للأنام
فإذا شاخوا وماتوا ....................... بلغوا سن الفطام


اعطني الناي وغني ................... فالغنا خير الشراب
وانين الناي يبقى ................... بعد أن تفنى الهضاب


والدين في الناس حقل ليس يزرعه . ....... غير الألي لهم في زرعه وطر
من آمل بنعيم الخلد مبتشر ......... ....... ومن جهول يخاف النار تستعر


فالقوم لولا عقاب البعث ما عبدوا ......... ربا ولولا الثواب المرتجى كفروا
كأنما الدين ضرب من متاجرهم ........ أن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا


ليس في الغابات دين .... ............. لا ولا الكفر القبيح
فإذا البلبل غنى ....... ............... لم يقل هذا الصحيح
أن دين الناس يأتي ....... ........... مثل ظل ويروح
لم يقم في الأرض دين .......... ..... بعد طه والمسيح


أعطني الناي وغني ............ .. فالغنا خير الصلاة
وانين الناي يبقى ... ............. بعد أن تفنى الحياة


والعدل في الأرض يبكي الجن لو سمعوا .به ويستضحك الأموات لو نظروا
فالسجن والموت للجانين أن صغروا ...... والمجد والفخر والإثراء أن كبروا
فسارق الزهر مذموم ومحتقر . ..... وسارق الحقل يدعى الباسل الخطر
وقاتل الجسم مقتول بفعلته ... ....... وقاتل الروح لا تدري به البشر


ليس في الغابات عدل ..... ......... لا ولا فيها العقاب
فإذا الصفصاف ألقى ..... .......... ظله فوق التراب
لا يقول السرو هذي ........ ....... بدعة ضد الكتاب
أن عدل الناس ثلج ......... ....... أن رأته الشمس ذاب
أعطني الناي وغن ............ .... فالغنا عدل القلوب
وأنيني الناي يبقى ......... ........ بعد أن تفنى الذنوب


والحق للعزم، والأرواح أن قويت .... .. سادت وان ضعفت حلت بها الغير
ففي العرينة ريح ليس يقربه ... ........ بنو الثعالب غاب الأسد أم حضروا
وفي الزرازير جبن وهي طائرة . ...... وفي البزاة شموخ وهي تحتضر
والعزم في الروح حق ليس ينكره ... .. عزم السواعد شاء الناس أم نكروا
فان رأيت ضعيفا سائدا فعلى .. ......... قوم إذا ما رأوا أشباههم نفروا


ليس في الغابات عزم ..... ..... لا ولا فيها الضعيف
فإذا ما الأسد صاحت ... ........ لم تقل هذا المخيف
أن عزم الناس ظل ...... ...... في فضا الفكر يطوف
وحقوق الناس تبلى ... ......... مثل أوراق الخريف


أعطني الناي وغن ... .......... فالغنا عزم النفوس
وانين الناي يبقى . ............. بعد أن تفنى الشموس


والعلم في الناس سبل بان أولها ....... أما أواخرها فالدهر والقدر
وأفضل العلم حلم أن ظفرت به .. ..... وسرت ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيت أخا الأحلام منفردا . ........ عن قومه وهو منبوذ ومحتقر
فهو النبي وبرد الغد يحجبه .. ........ عن أمة برداء الأمس تأتزر
وهو الغريب عن الدنيا وساكنها .... ... وهو المجاهر لام الناس أو عذروا
وهو الشديد وان أبدى ملاينة ........ ... وهو البعيد تدانى الناس أم هجروا


ليس في الغابات علم ........... لا ولا فيها الجهول
فإذا الأغصان مالت . ... ........ لم تقل هذا الجليل
أن علم الناس طراً ... ..... ..... كضباب في الحقول
فإذا الشمس أطلت ... ..... ..... من ورا الأفق يزول


أعطني الناي وغن ... . ...... فالغنا خير العلوم
وأنين الناي يبقى .......... .. بعد أن تطفى النجوم


والحر في الأرض يبني من منازعه .. ..... سجنا له وهو لا يدري فيؤتسر
فان تحرر من أبناء بجدته ..... ............ يظل عبدا لمن يهوى ويفتكر
فهو الأريب ولكن في تصلبه ...... ........ حتى وللحق بطل بل هو البطر
وهو الطليق ولكن في تسرعه ....... ....... حتى إلى أوج مجد خالد صغر


ليس في الغابات حر ..... ....... لا ولا العبد الذميم
إنما الأمجاد سخف ... .......... وفقاقيع تعوم
فإذا ما اللوز ألقى ....... ......... زهره فوق الهشيم
لم يقل هذا حقير ........ ......... وأنا المولى الكريم


أعطني الناي وغن ... ......... فالغنا مجد أثيل
وانين الناي أبقى ...... ........ من زنيم وجليل


واللطف في الناس أصداف وان نعمت ... أضلاعها لم تكن في جوفها الدرر
فمن خبيث له نفسان: واحدة .......... .. من العجين وأخرى دونها الحجر
ومن خفيف ومن مستأنث خنث ....... تكاد تدمي ثنايا ثوبه الإبر
واللطف للنذل درع يستجير به .... .... أن راعه وجل أو هاله الخطر
فان لقيت قويا لينا فبه ................ . لأعين قد فقدت أبصارها البصر


ليس في الغاب لطيف ... ...... لينه لين الجبان
فغصون البان تعلوا ....... .... في جوار السنديان
وإذا الطاووس أعطي .. ....... حلة كالأرجوان
فهو لا يدري أحسن ..... ...... فيه أم فيه افتتان


أعطني الناي وغن .. ....... فالغنا لطف الوديع
وأنيني الناي أبقى ...... .... من ضعيف وضليع


والظرف في الناس تمويه وأبغضه ...... ظرف الألي في فنون الإقتدا مهروا
من معجب بأمور وهو يجهلها ... ........ وليس فيها له نفع ولا ضرر
ومن عتي يرى في نفسه ملكا ....... ..... في صوتها نغم في لفظها سور
ومن شموخ غدت مرآته فلكا .... ......... وظله قمرا يزهو ويزدهر


ليس في الغاب ظريف ........... ظرفه ضعف الضئيل
فالضبا وهي عليل ...... ........... ما بها سقم العليل
أن بالأنهار طعما ..... ......... مثل طعم السلسبيل
وبها هول وعزم ......... ..... يجرف الصلد الثقيل


أعطني الناي وغن ....... ....... فالغنا ظرف الظريف
وأنين الناي أبقى .... ............ من رقيق وكثيف


والحب في الناس أشكال وأكثرها . ..... كالعشب في الحقل لا زهر ولا ثمر
وأكثر الحب مثل الراح أيسره .. ....... يرضي وأكثره للمدمن الخطر
وان الحب أن قادت الأجسام موكبه . ..... إلى فراش من الأغراض ينتحر
كأنه ملك في الأسر معتقل ........ ....... يأبى الحياة وأعوان له غدروا


ليس في الغاب خليع .. ...... يدعي نبل الغرام
فإذا الثيران خارت . ........... لم تقل هذا الهيام
أن حب الناس داء ......... .... بين لحم وعظام
فإذا ولى شباب ....... ......... يختفي ذاك السقام


أعطني الناي وغن ...... ...... فالغنا حب صحيح
وأنين الناي أبقى ...... ........ من جميل ومليح


فان لقيت محبا هائما كلفا ............. ...... في جوعه شبع في ورده الصدر
والناس قالوا هو المجنون ماذا عسى .... يبغى من الحب أو يرجو فيصطبر؟
أفي هوى تلك يستدمي محاجره ... ....... وليس في تلك ما يحلوا ويعتبر!
فقل هم البهم ماتوا قبلما ولدوا ........... أنى دروا كنه من يحيى وما اختبروا


ليس في الغابات عذل . ........ لا ولا فيها الرقيب
فإذا الغزلان جنت ...... ..... إذ ترى وجه المغيب
لا يقول النسر واها ..... ..... أن ذا شيء عجيب
إنما العاقل يدعى .......... .. عندنا الأمر الغريب


أعطني الناي وغن ......... .. فالغنا خير الجنون
وأنيني الناي أبقى ....... ..... من حصيف ورصين


وقل نسينا فخار الفاتحين وما .... .... ننسى المجانين حتى يغمر الغمر
قد كان في قلب ذي القرنين مجزرة .. ... وفي حشاشة قيس هيكل وقر
ففي انتصارات هذا غلبة خفيت ... ...... وفي انكسارات هذا الفوز والظفر
والحب في الروح لا في الجسم نعرفه . ... كالخمر للوحي لا للسكر ينعصر


ليس في الغابات ذكر ... .... غير ذكر العاشقين
فالألي سادوا ومادوا . ....... وطغوا بالعالمين
أصبحوا مثل حروف ....... . في أسامي المجرمين
فالهوى الفضاح يدعى .. ...... عندنا الفتح المبين


أعطني الناي وغن ...... ..... وانس ظلم الأقوياء
إنما الزنبق كأس ... ......... للندى لا للدماء


وما السعادة في الدنيا سوى شبح ... .. يرجى فأن صار جسما مله البشر
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحا ....... حتى إذا جاءه يبطي ويعتكر
لم يسعد الناس إلا في تشوقهم ...... .... .. إلى المنيع فإن صاروا به فتروا
فان لقيت سعيدا وهو منصرف .... ...... عن المنيع فقل في خلقه العبر


ليس في الغاب رجاء ... . ...... لا ولا فيها الملل
كيف يرجوا الغاب جزءا .... .... وعلى الكل حصل؟
وبما السعي بغاب ..... ...... أملا وهو الأمل؟
إنما العيش رجاء ..... ...... إحدى هاتيك العلل


أعطني الناي وغن ........ ... فالغنا نار ونور
وانين الناي شوق ............ . لا يدانيه الفتور


وغاية الروح طي الروح قد خفيت . ....... فلا المظاهر تبديها ولا الصور
فذا يقول هي الأرواح أن بلغت ... ........ حد الكمال تلاشت وانقضى الخبر
كأنما هي أثمار إذا نضجت ... ....... .... ومرت الريح يوما عافها الشجر
وذا يقول هي الأجسام أن هجعت .. ....... لم يبق في الروح تهويم ولا سمر
كأنما هي ظل في الغدير إذا ....... ....... تعكر الماء ولت وامحى الأثر
ظل الجميع فلا الذرات في جسد .......... تثوى ولا هي في الأرواح تحتضر
فما طوت شمأل أذيال عاقلة ... ............ إلا ومر بها الشرقي فتنتشر


لم أجد في الغاب فرقا .... ...... بين نفس وجسد
فالهوا ماء تهادى ... ........... والندى ماء ركد
والشذى زهر تمادى ........ .... والثرى زهر جمد
وظلال الحور حور .... ........ ظن ليلا فرقد


أعطني الناي وغن .... ....... فالغنا جسم وروح
وأنيني الناي أبقى ... .......... من غبوق وصبوح


والجسم للروح رحم تستكن به ... ...... حتى البلوغ فتستعلي وينغمر
فهي الجنين وما يوم الحمام سوى . ...... عهد المخاض فلا سقط ولا عسر
لكن في الناس أشباحا يلازمها . .......... عقم القسي التي ما شدها وتر
فهي الدخيلة والأرواح ما ولدت .. ......... من القفيل ولم يحبل بها المدر
وكم على الأرض من نبت بلا أرج ... ..... وكم علا الأفق غيم ما به مطر


ليس في الغاب عقيم . ............. لا ولا فيها الدخيل
أن في التمر نواة .............. .... حفظت سر النخيل
وبقرص الشهد رمز .... ............ عن قفير وحقول
إنما العاقر لفظ .................. صيغ من معنى الخمول


أعطني الناي وغن ............. ... فالغنا جسم يسيل
وأنين الناي أبقى ......... ...... من مسوخ ونغول


والموت في الأرض لابن الأرض خاتمة ...... وللأثيري فهو البدء والظفر
فمن يعانق في أحلامه سحرا . ...... ....... سيبقى ومن نام كل الليل يندثر
ومن يلازم تربا حال يقظته . ........ ..... يعانق الترب حتى تخمد الزهر
فالموت كالبحر، من خفت عناصره .... .. ...... يجتازه، وأخو الأثقال ينحدر


ليس في الغابات موت ... ....... لا ولا فيها القبور
فإذا نيسان ولى ............. .... لم يمت معه السرور
أن هول الموت وهم .. .......... ينثني طي الصدور
فالذي عاش ربيعا ....... ....... كالذي عاش الدهور


أعطني الناي وغن .... ........ فالغنا سر الخلود
وأنين الناي يبقى ....... ....... بعد أن يفنى الوجود


أعطني الناي وغن ..... ....... وانس ما قلت وقلتا
إنما النطق هباء ..... .......... فأفدني ما فعلتا


هل تخذت الغاب مثلي ..... ... منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي ......... ...... وتسلقت الصخور؟
هل تحممت بعطر .... ........ وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا ... ...... في كؤوس من أثير؟


هل جلست العصر مثلي ........ ... بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت ..... ...... كثريات الذهب


هي للصادي عيون ..... ..... ولمن جاع الطعام
وهي شهد وهي عطر ...... .. ولمن شاء المدام


هل فرشت العشب ليلا .... . ..... وتلحفت الفضا
زاهدا في ما سيأتي ...... ....... ناسيا ما قد مضى؟


وسكوت الليل بحر .......... .. موجه في مسمعك
وبصدر الليل قلب ........ . ..... خافق في مضجعك


أعطني الناي وغن ..... ........ وانس داء ودواء
إنما الناس سطور ...... ........ كتبت لكن بماء


ليت شعري أي نفع . .......... في اجتماع وزحام
وجدال وضجيج ....... ....... واحتجاج وخصام؟


كلها أنفاق خلد ...... ......... وخيوط العنكبوت
فالذي يحيا بعجز ....... ...... فهو في بطء يموت


العيش في الغاب والأيام لو نظمت .......... في قبضتي لغدت في الغاب تنثر
لكن هو الدهر في نفسي له أرب .... ........ فكلما رمت غابا قام يعتذر
وللتقادير سبل لا تغيرها ...... ... والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا


البلاد المحجوبة

هُـو ذا الفجْرُ، فقومي ننْصَرِفْ .. عـنْ بلادٍ ما لنا فيها صديقْ
ما عسـى يرْجو نباتٌ يختلِفْ .. زهْرُهُ عـنْ كُلِّ ورْدٍ وشقيقْ
وجديدُ القلْــبِ أنَّى يأْتَلِفْ .. معْ بلادٍ كلُّ ما فيها عتيقْ
هو ذا الصبحُ يُنادي، فاسمعي .. وهلمِّي نقتفي خطْواتِـــهِ
قدْ كفانَا منْ مسَــاءٍ يدَّعي .. أنَّ نورَ الصًّبْحِ منْ آيَــاتِهِ!

***

قدْ أقمْنا العُمْرَ في وادٍ تسيرْ .. بيْنَ ضلعيْهِ خيالاتُ الهمـومْ
وشَهِدْنا اليأسَ أسراباً تطـيرْ .. فوق متنيْهِ كعِقبانٍ وبُــومْ
وشرِبنا السُّقمَ منْ ماءِ الغديرْ .. وأكلْنا السُّمَّ منْ فِجِّ الكرومْ
ولبسْنا الصَّبْرَ ثوْباً فالتهَـبْ .. فـغدوْنا نتردَّى بالرَّمَــادْ
وافترشْناهُ وِساداً فانقَلـبْ .. عنـدما نمْنا هشيماً وقَتَـادْ

***
يا بلاداً حُجِّبَـتْ منْذُ الأزَلْ .. كيفَ نرْجوكِ ومنْ أيْنَ السَّبيلْ
أيُّ قَفْرٍ دونهــا؟ أيُّ جبَلْ .. سورُها العالي؟ ومنْ منَّا الدَّليلْ؟
أسرابٌ أنتِ؟ أمْ أنْتِ الأمَلْ؟ .. في نفـوسٍ تتمنَّى المستـحيلْ؟
أمَنامٌ يتهادى في القلــوبْ .. فإذا ما اسْتيْقَظَتْ ولَّى المنـامْ؟
أمْ غيومٌ طُفْنَ في شمْسِ الغروبْ .. قبلَ أنْ يغْرقْنَ في بحْرِ الظلامْ؟

***
يا بِلادَ الفِكْرِ يا مهْدَ الأُلى .. عَبَدوا الحقَّ، وصلُّوا للجمَالْ
ما طلبْناكِ بركْبٍ أوْعلى .. متْنِ سُفْنٍ، أوْ بخيْلٍ ورِجالْ
لسْتِ في الشرقِ ولا الغرْبِ ولا .. في جنوبِ الأرْضِ أوْ نحْوَ الشِّمالْ
لسْتِ في الجَوِّ ولا تحْتَ البِحارْ .. لسْتِ في السَّهْلِ ولا الوعْرِ الحَرِجْ
أنتِ في الأرواحِ أنْوارٌ ونارْ .. أنتِ في صدْري فؤادٌ يخْتلِجْ


أمام عرش الجمال





هربتُ من الاجتماع وهِمْتُ في ذاك الوادي الواسع...



مصغيًا إلى محاورات العصافير... وجلستُ أسامِرُ وَحْدَتي وأناجي نفسي.



نفس ظامئة رأت كل ما يرى سرابًا وكل ما لا يرى شرابًا.



ولما انطَلَقَتْ عاقِلَتي من محبس المادة إلى فضاء الخيال,



التفتُّ فإذا... حورية لم تتخذ من الحلي والحلل سوى غصن من الكرمة تستر



به بعضَ قامَتِها, وإكليلٍ من الشقيق يجمع شعرها الذهبي...



وإذ عَلمَتْ من نظراتي أنني مسلوب الفجأة والحيرة, قالت:



أنا ابنة الأحراج فلا تجزع.



... أنا رمز الطبيعة.



أنا العذراء التي عبدها آباؤك فبنوا لها مذابح وهياكل في بعلبك وأفقا وجبيل...



أما ألوهيتي فهي مستمدة من جمال تراه كيفما حولت عينيك.



جمال هو الطبيعة بأسرها.



جمال كان بدء سعادة الراعي بين الربى,



والقروي بين الحقول,



والعشائر الرحل بين الجبل والساحل.



جمال كان للحكيم مرقاة إلى عرش حقيقة لا تجرح.



قلتُ ودقاتُ قلبي تقول ما لا يعرفه اللسان:



إن الجمال قوة مخيفة رهيبة.



فقالت وعلى شفتيها ابتسامة الأزهار,



وفي نَظَرِها أسرارُ الحياة:



أنتم البشر تخافون كل شيء حتى ذواتكم.



تخافون السماء وهي منبع الأمن.



تخافون الطبيعة وهي مرقد الراحة...



وبعد سكينة مازَجَتْهَا الأَحلامُ اللَّطيفة سألتها:



ما هذا الجمال...?



قالت:



هو ما كان بنفسك جاذب إليه.



هو ما تراه وتودُّ أن تُعطِي لا أن تأخذ.



هو ما شَعَرْتَ, عند ملقاه, بأيد ممدودةٍ لضمّه إلى أعماقك.



هو ما تحسبه الأجسام محنة والأرواح منحة.



هو ألفة بين الحزن والفرح.



هو ما تراه محجوبًا وتعرفه مجهولاً وتسمعه صامتًا.



هو قوة تبتدئ في قدس أقداس ذاتك وتنتهي فيما وراء تخيلاتك...



واقتَرَبَت ابنَةُ الأحراج منِّي,



ووضعت يدها المُعَطَّرة على عيني, ولما رَفَعَتْهَا رأيْتُنِي وحيدًا في ذلك الوادي.



فرجعت ونفسي مردّدة:



إن الجمال هو ما تراه وتود أن تعطي لا أن تأخذ



فقرات من مقال في كتاب (دمعة وابتسامة)





بين الحقيقة والخيال





تحْملنا الحياة من مكان إلى مكان.



وتنتقل بنا التقادير من محيط إلى آخر...



ونحن لا نرى إِلاَّ ما وَقَفَ عثرة في سبيل سيرنا



ولا نسمع سوى صوتٍ يخيفنا.



يتجلى لنا الجمال على كرسي مجده فنقترب منه.



وباسم الشوق ندنّس أذياله,



ونخلع عنه تاج طهره.



يمرُّ بنا الحبُّ مكتسيًا ثوبَ الوداعة, فنخافه ونختبئ في



مغاور الظلمة, أو نتبعه ونفعل باسمه الشرور. والحكيم



بيننا يحمّله نيرًا ثقيلاً وهو ألطف من أنفاس الأزهار



وأرق من نسيماتِ لبنان.



تقف الحكمة في منعطفات الشوارع,



وتنادينا على رؤوس الأشهاد,



فنحسبها بُطلاً ونحتقر متَّبِعِيها.



تدعونا الحرية إلى مائدتها لنلتذَّ بخمرها وأطعمتها, فنذهب ونشره...



فتصير تلك المائدة مسرحًا للابتذال ومجالاً لاحتقار الذات.



تمدُّ الطبيعَةُ نحونا يد الولاء,



وتطلب منا أن نتمتع بجمالها, فنخشى سكينتها ونلتجئ



إلى المدينة, وهناك نتكاثر بعضُنَا على بعض كقطيع رأى ذئبًا خاطفًا.



تزورنا الحقيقة منقادة بابتسامة طفل, أو قبلة محبوبة,



فنوصد دونها أبواب عواطفنا ونغادرها كمجرم دنس



القلب البشري يستنجد بنا,



والنفس تنادينا...



ونحن أشدُّ صَمَمًا من الجماد لا نعي ولا نفهم.



وإذا ما سمع أحد صراخ قلبه ونداء نفسه, قلنا:



هذا ذو جِنَّة, وتبرَّأنا منه.



هكذا تمر الليالي ونحن غافلون.



وتُصَافِحُنَا الأيَّامُ ونحن خائفون من الليالي والأيام.



نقترب من التراب,



والآلهة تنتمي إلينا.



ونمرُّ على خبز الحياة, والمجاعة تتغذى من قوانا.



فما أحب الحياة إلينا,



وما أبعَدَنَا عن الحياة



مقال من كتاب (دمعة وابتسامة)





ابتهال للموسيقى





أيتها الموسيقى!



يا (أوتربي) المقدسة.



لقد رقصت أَخَوَاتُكِ الفنونُ فيما غبر من الأجيال زمنًا



وَوُضِعْن في معاقل النسيان آخر...



وأنتِ تهزئين بهنّ,



ولم تتنازلي عن مسرح النفس يومًا واحدًا,



كأنَّك صدى القبلة الأولى التي وضعها آدم على شفتيْ حوَّاء.



صدًى له صدًى له صدى تتناقل وتتناسخ وتكتنف الكلّ وتحيا بالكلّ...



يا بْنة النفس والمحبة.



يا إناء مرارة الغرام وحلاوته.



يا أخيِلةَ القلب البشري.



يا ثمرَةَ الحزن وزهرةَ الفرح.



يا رائحةً متصاعدة من طاقة زهور المشاعر المضمومة.



يا لسان المحبين ومذيعة أسرار العاشقين.



يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة.



يا موحِيَةَ الشّعر ومنظّمَةَ عقودِ الأوزان.



يا موحّدة الأفكار مع نتف الكلام,



ومؤلّفةَ المشاعر من مؤثِّرات الجمال...



ياأيتها التموّجات الأثيريَّة الحاملة أشباح النفس...



إلى أمواجِكِ نُسَلّم أنفُسَنَا



وفي أعماقك نستودع قلوبنا,



فاحمليها إلى ما وراء المادّة



وأَرِينَا ما تُكِنُّه عوالم الغيب



فقرات كتاب (الموسيقى)





يوم مولدي





في مثلِ هذا اليوم وَلَدَتْنِي أُمّي.



في مثلِ هذا اليوم منذ خمس وعشرين سنة



وَضَعَتْنِي السَّكِينَةُ بين أيدي هذا الوجود المملوء بالصراخِ والنزاعِ والعراك.



... قد سرت خمسًا وعشرين مرة مع الأرض والقمر والشمس والكواكب



حول الناموسِ الكلّي الأعلى، ولكن:



هوذا نفسي تهمس الآن أسماء ذلك الناموس



مثلما ترجّع الكهوفُ صَدَى أمواجِ البحر...



منذ خمسٍ وعشرين سنة خَطَّتْنِي يَدُ الزَّمان كَلِمةً



في كتاب هذا العالم الغريب الهائل. وهاأنذا كلمة مبهمة،



ملتَبِسَةُ المعاني، تَرْمُزُ تارَةً إلى لا شيء وطورًا إلى أشياءَ كثيرة.



... في هذا اليوم تنتصب أمامي معاني حياتي الغابرة،



كأنَّها مرآة ضئيلة أنظر فيها طويلاً فلا أَرَى سِوَى أوجُهِ



السّنينَ الشاحبة، وملامحِ الآمالِ والأحلامِ والأماني



المتجعِّدة كملامِحِ الشيوخ. ثم أغمض عيني وأنظر ثانية



في تلك المرآة فلاَ أرى غيرَ وجهي. ثم أُحدِّق إلى وجهي



فلا أرى فيه غيرَ الكآبة. ثم أستنطِقُ الكآبة فَأَجِدُهَا خرساء



لا تتكلَّم. ولو تكلّمَتِ الكآبة لكانت أكثَرَ حَلاَوَة من الغبطة.



في الخمس والعشرين سنة الغابرة قد أحببت كثيرًا.



وكثيرًا ما أحببتُ ما يكرهُه الناس وكرِهْتُ ما يستحسنونه.



والذي أَحْبَبْتُه عندما كنتُ صَبِيًّا ما زلت أحبُّه الآن.



والذي أحبُّه الآن سأحبُّه إلى نهاية الحياة.



فالمَحَبَّةُ هي كل ما أستطيع أن أحصل عليه



ولا يقدر أَحَدٌ أَنْ يُفْقِدَني إِيَّاه....



أحببتُ الحرِّيَّة فكانت محبتي تنمو بِنُمُوِّ معرِفَتِي عبودِيَّةَ الناس للمجد



والهوان، وتتَّسِعُ باتِّساعِ إدراكي خُضُوعَهُم



للأصنامِ المخيفة التي نَحَتَتْهَا الأجيالُ المظلمة،



ونَصَبَتْهَا الجَهَالة المستَمِرّة،



ونَعَّمَتْ جَوَانِبَهَا ملامِسُ شِفَاهِ العبيد،



لكنَّني كنتُ أحبُّ هؤلاءِ العبيد بمحَبَّتي الحرية،



وأُشفِقُ عَلَيهم لأنّهم عميان يُقَبِّلونَ أحناك



الضواري الدامية ولا يبصرون، ويمتصُّون



لهاث الأفاعي الخبيثة ولا يشعرون، ويَحْفِرُون



قبورَهُمْ بأظافِرِهِم ولا يعلمون.



أَحْبَبْتُ الحرّيَّة أكثرَ من كلِّ شيء لأنَّني وجدتُهَا فتاة



قد أضناها الانفراد، وأَنْحَلَهَا الاعتزال... حتى صارت



خيالاً شَفَّافًا يَمُرُّ بين المنازِلِ،



ويَقِفُ في منعَطَفَاتِ الشَّوارع،



وينادي عابِرِي الطريق... فلا يسمعون ولا يلتفتون.



في الخمسِ والعشرين سنة أحببتُ السعادة... لكنني



لم أجدها... ولما انفَرَدْتُ بطلبها سمعت نفسي تهمس في أذني قائلة:



السعادة صَبِيَّةٌ تولَدُ وتحيا في أعماق القلب ولن



تجيء إليه من محيطه. ولمَّا فَتَحْتُ قلبي لكي أرى السعادة



وجدت هناك مرآتها وسريرها وملابسها، لكنني لم أجدها.



وقد أحببت الناس. أحببتهم كثيرًا.



والناس في شرعي ثلاثة:



واحد يلعن الحياة،



وواحد يباركها،



وواحد يتأمل بها.



فقد أحببت الأول لتعاسته، والثاني لسماحته، والثالث لمداركه...



واليوم... أقف بجانب نافذتي،... ثم أنظر مُتَأَمِّلاً بما وراءَ المدينة، فأرى



البرِّيَّةَ بكلِّ ما فيها من الجمال الرهيب...



ثم أنظر متأمِّلاً بما وراءَ البحر فأرى الفضاءَ غيرَ المُتَنَاهِي



بكلّ ما فيه من العوالِمِ السَّابِحة،



والكواكبِ اللاَّمِعَة،



والشموسِ والأقمارِ والسيَّاراتِ والثَّوابِتِ وما بينها



من الدوافِعِ والجواذِبِ المتسالمة المتنازعة، المتولَّدة، المتحوِّلة،



المُتَمَاسِكَة بِناموسٍ لا حدَّ له ولا مدى...



أنظُرُ وأتأمَّل بجميعِ هذه الأشياء... فأنسى الخمس



والعشرين... ويظهر لي كِيَانِي ومحيطي بكلِّ ما أخفاه



وأعلَنَهُ كَذَرَّةٍ من تنهُّدَةِ طفلٍ ترتجف في خلاء أَزَليِّ



الأعماق، سرمديِّ العُلُوّ، أبديّ الحدود. لكني أشعر



بكيانِ هذه الذرة، هذه النفس، هذه الذات التي أدعوها



أنا... وبصوتٍ مُتَصَاعِدٍ من قُدْسِ أقْدَاسِهَا تصرخ:



سلام أيتها الحياة.



سلام أيتها اليقظة.



سلام أيتها الرؤيا.



سلام أيها النهار الغامِرُ بنورِكَ ظلمَةَ الأرض.



سلام أيها الليل المظهِّر بظلمتِكَ أنوارَ السماء.



سلام أيتها الفصول.



سلام أيها الربيع المُعِيدُ شَبِيبَةَ الأرض.



سلام أيها الصيف المذيعُ مجدَ الشمس.



سلام أيها الخريف الواهبُ ثمارَ الأتعاب وإلَّةَ الأعمال.



سلام أيها الشتاء المُرجعُ بثوراتك عزمَ الطبيعة.



سلام أيتها الأعوام الناشِرَة ما أخفته الأعوام.



سلام أيتها الأجيال المُصلِحَة ما أفسدته الأجيال.



سلام أيها الزمن السائرُ بنا نحو الكمال.



سلام أيها الروح الضابطُ أعنَّةَ الحياة.



والمحجوبُ عنا بِنِقَابِ الشَّمْس .



باريس، 6 كانون الثاني 1908

من مقال في كتاب (دمعة وابتسامة)







على باب الهيكل





قد طهَّرتُ شفتيَّ بالنار المقدَّسة لأتكلَّم عن الحب,



ولمَّا فتحت شفتيَّ للكلام وجدتُنِي أخرس.



كنت أترنّم بأغاني الحب قبل أن أعرفه.



ولما عرفتُه تحوَّلتِ الألفاظ في فمي إلى لهاث ضئيل,



والأنغام في صدري إلى سكينة عميقة.



وكنتم أيها الناس, فيما مضى, تسألونني عن غرائب



الحب وعجائبه, فكنت أحدّثكم وأُقنِعُكم. أما الآن, وقد



غمرني الحب بوشاحه, فجئتُ بدوري أسألكم عن



مسالكه ومزاياه فهل بينكم من يجيبني?



... هل بينكم من يستطيع أن يُبَيِّن قلبي



لقلبي ويوضحَ ذاتي لذاتي?



ألا فأخبروني ما هذه الشعلة التي تَتَّقِد في صدري



وتلتهم قواي وتُذيب عواطفي وميولي?



وما هذه الأيدي الخفية الناعمة الخشنة التي تَقِبضُ



على روحي في ساعة الوحدة والانفراد, وتسكب في



كبدي خمرةً ممزوجة بمرارَةِ اللذة وحلاوة الأوجاع?



وما هذه الأجنحة التي ترفرف حول مضجعي



في سكينة



الليل فأسهَرَ مترقّبًا ما لا أعرفه,



مُصغيًا إلى ما لا أسمعه,



مُحدّقًا إلى ما لا أراه,



مفكّرًا بما لا أفهمه,



شاعرًا بما لا أُدركه,



مُتأوِّهًا لأَنَّ في التأوُّهِ غصَّاتٍ أَحبَّ



لديَّ من رنَّةِ الضَّحِك والابتهاج,



مستسلمًا إلى قوة غيرِ منظورةٍ تُميتُني



وتُحييني ثم تُميتُني وتُحييني حتى يطلع الفجر



ويملأ النور



زوايا غرفتي فأنام إذ ذاك...



وبين أجفاني الذابلة ترتعش أشباح اليقظة



وعلى فراشِيَ الحجري تتمايل خيالات الأحلام.



وما هذا الذي ندعوه حبًا?



أخبِروني ما هذا السر الخفيّ



الكامِنُ خلفَ الدهور,



المختبِئ وراءَ المرئيَّات,



السَّاكِنُ في ضمير الوجود?



ما هذه الفكرة المطلقة التي تجيءُ سببًا



لجميع النتائج



وتأتي نتيجةً لجميعِ الأسباب?



ما هذه اليقظَةُ التي تتناول الموتَ والحياة,



وتبتَدِع منهما حلمًا أغرَبَ مِنَ الحياة



وأعمَقَ من الموت?



أخبروني أيها الناس.



أخبروني هل بينكم من لا يستيقظ من رقدة الحياة



إذا ما لمس الحبُّ روحَه بأطرافِ أصابعه?



هل بينكم من لا يترك أباه وأمَّه ومسقط رأسه



عندما تناديه الصَّبِيَّةُ التي أحبَّها قلبُه?



هل فيكم من لا يمخر البحر ويقطع الصحاري, ويجتاز



الجبال والأودية ليلتقي المرأة التي اختارتها روحه?



أيُّ فتًى لا يتبع قلبه إلى أقاصي الأرض إذا



كان له في أقاصي الأرض حبيبة



يستطيب نكهة أنفاسها,



ويستلطف ملامس يديها,



ويستعذب رنَّة صوتها?



أيُّ بشريّ لا يحرق نفسه بخورًا أمام إله



يسمَعُ ابتهاله ويستجيبُ صَلَوَاتِه?



وقفتُ بالأمس على باب الهيكل



أسأل العابرين عن خفايا الحب ومزاياه.



مرَّ أمامي كهل... وقال متأوهًا:



الحبُّ ضعف فطري ورثناه عن الإنسان الأوّل.



ومرَّ فتى... مفتول الساعدين وقال مترنّمًا:



الحبُّ عزم يلازم كياننا



ويصل حاضرنا بماضي الأجيال ومستقبلها.



ومرَّت امرأة كئيبة... وقالت متنهّدة:



الحب سمٌّ قتَّال تتنفسه الأفاعي السَّوداء...



ومرَّت صبيَّة مورّدة الوجنتين وقالت مبتسمة:



الحب كوثر تسكبه عرائس الفجر في الأرواح...



ومرَّ طفلٌ ابنُ خمسٍ وهتف ضاحكًا:



الحبُّ أبي والحبُّ أمّي.



وانقضى النَّهار.



والناس يَمُرُّون أمام الهيكل.



وكلٌّ يصوَّر نفسَه متكلّمًا عن الحب,



ويبوح بأمانيه مُعْلنًا سرَّ الحياة.



ولمَّا جاء المساء, وسكنت حركة العابرين,



سَمِعْتُ صوتًا آتيًا من داخل الهيكل يقول:



الحياة نصفان: نصف متجلّد ونصف ملتهب.



فالحب هو النصف الملتهب.



فدخلت الهيكل إذ ذاك,



وسجدت راكعًا, مبتهلاً, مصليًّا, هاتفًا:



اجعلني يا رب طعامًا للّهيب.



اجعلني أيّها الإله مأكلاً للنارِ المقدَّسة.



آمين



مختارات من مقال في كتاب (العواصف)






_________________
المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المواكب والبلاد المحجوبة أجمل قصائد جبران خليل جبران

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» مختارات من نثر جبران خليل جبران ,قصائد جبران خليل جبران النثرية
» تحميل جميع كتب جبران خليل جبران ترجمة ثروت عكاشة pdf,تحميل أجمل الروايات
» قصائد لم تنشر لجبران خليل جبران
» مضجع العروس كاملة لجبران خليل جبران
» أجمل قصائد أحمد شوقى

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا