آخر المساهمات
اليوم في 9:26 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-28, 9:57 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
2024-04-01, 10:46 pm
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11552
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب 15781612
نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب Icon_minitime 2020-10-25, 2:05 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

نصب الفعل المضارع


ينصب الفعل المضارع إذا سبقه أداةٌ مِن أدوات النصب، وأدوات نصب الفعل المضارع عشرة، وهي:

أنْ، لن، إذن، كي، لام كي، لام الجحود، حتى، الفاء والواو في الجواب، أو.

وقبل أن أبدأ في ذكر هذه النواصب، ألخص لك أولًا علامات نصب الفعل المضارع، والتي قد تقدم ذكرها، فأقول: إن علامة نصب الفعل المضارع قد تكون: أصلية، وهي الفتحة، أو فرعية، وهي حذف النون.



أولًا: العلامة الأصلية (الفتحة):

تكون الفتحةُ علامةً لنصب الفعل المضارع إذا تجرَّد عن الاتصال بـ: ألف الاثنين، واو الجماعة، ياء المخاطبة المؤنثة، نون التوكيد، نون النسوة[1].



وهذه الفتحة قد تكون:

ظاهرةً، وذلك في ثلاثة مواضع؛ هي:

1- الفعل المضارع الصحيح الآخر؛ نحو: الفعلين (تخرق، وتبلغ) في قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37].



2- الفعل المضارع المعتل الآخر بالياء؛ نحو الفعل (يأتيك) في قوله عز وجل: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].



3- الفعل المضارع المعتل الآخر بالواو؛ نحو الفعل (يبلوني) في قوله تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ﴾ [النمل: 40].

وقد تكون مقدَّرةً، وذلك في الفعل المضارع المعتل الآخر بالألف؛ نحو الفعل (ترضى) في قوله عز وجل: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].



ثانيًا: العلامة الفرعية (حذف النون):

يكون حذف النون علامةً لنصب الفعل المضارع في الأفعال الخمسة، وهي - كما تقدم - كلُّ فعلٍ مضارع كان على وزن:

(تفعلون)، ومثال نصبه بحذف النون: الفعلان (تنالوا، وتنفقوا) في قوله عز وجل: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].



(يفعلون)، ومثال نصبه بحذف النون: الفعل (يُحشروا) في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا ﴾ [الأنعام: 51].



(يفعلان)، ومثال نصبه بحذف النون: الفعلان: (يبلغا، ويستخرجا) في قوله تعالى: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا﴾ [الكهف: 82].



(تفعلان)، ومثال نصبه بحذف النون: الأفعال (تُكبِّرا، وتُسبِّحاه، وتحمداه) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُعلِّمُكما خيرًا مما سألتُما؟ إذا أخذتُما مضاجعَكما أن تُكبِّرا الله أربعًا وثلاثين، وتُسبِّحاه ثلاثًا وثلاثين، وتَحمَداه ثلاثًا وثلاثين)).



(تفعلين)، ومثال نصبه بحذف النون: الفعلان: (ترجعي، وتذوقي) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟! لا حتى تذوقي عُسَيْلَتَه، ويذوق عُسَيلتك)).



ذكر أدوات نصب الفعل المضارع:

الحرف الأول من نواصب الفعل المضارع: (أَنْ) بفتح الهمزة وسكون النون، وبذلك يخرج:

(إِنْ) بكسر الهمزة وسكون النون، فهذه لا تنصب الفعل المضارع، وإنما تجزمه، على ما سيأتي بيانه بالتفصيل إن شاء الله تعالى في باب جوازم الفعل المضارع، ومثال جزم الفعل المضارع بـ(إن): الفعلان (تصبك، وتسؤهم) في قوله تعالى: ﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾ [التوبة: 50]، فكل مِن هذين الفعلين مجزوم بـ (إن)، وعلامة جزمه السكون.



(أَنَّ) بفتح الهمزة، وتشديد النون.

(إِنَّ) بكسر الهمزة، وتشديد النون.

فكلٌّ من هذين الحرفين (أَنَّ، وإِنَّ) لا ينصب الفعل المضارع؛ وإنما هما يعملان في الأسماء، فيدخلان على الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ والخبر، فينصبان المبتدأ، ويسمى اسمهما، ويرفعان الخبر، ويسمى خبرهما، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك بالتفصل في باب (إنَّ) وأخواتها.



ومثال عمل (إِنَّ) النصب في المبتدأ، والرفعَ في الخبر: قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾ [طه: 15].

ومثال عمل (أَنَّ) النصب في المبتدأ، والرفعَ في الخبر: قولُه تعالى: ﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [القصص: 13]، ففي هاتين الآيتين دخلت (إنَّ، وأنَّ) على جملة اسمية، فنصَبتا المبتدأ (الساعة، ووعد)، وسُمِّي اسمَهما، ورفعتا الخبر (آتية، حق)، وسمي خبرَهما.



و(أَنْ) الناصبة للفعل المضارع هي أكثر أنواع النواصب العشرة وقوعًا في القرآن، فقد جاء بعدها الفعل المضارع منصوبًا في مئين من الآيات، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 92]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النور: 8]، وقوله عز وجل: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]، فالأفعال: (يتخذ، وتشهد، ويبعثك) أفعالٌ مضارعة منصوبة بـ(أنْ)، وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة...، إلى غير ذلك من الأمثلة من كتاب الله عز وجل.



و(أن) الناصبة للفعل المضارع تُوصَف بأنها:

حرف مصدري؛ وذلك لأنها تُسبَك وتُدمَج وتُؤوَّل مع الفعل الذي تدخل عليه بمصدرِ هذا الفعل، فالتقدير مثلًا في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184]: وصيامُكم خيرٌ لكم، فهنا دُمج الحرف الناصب (أن) مع الفعل المضارع (تصوموا)، وأتينا بدلًا منهما بكلمة واحدة، هي مصدر الفعل (تصوموا)، فكان التقدير: وصيامُكم خير لكم.



ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237]، والتقدير: وعفوُكم أقرب للتقوى.

ومثال ذلك أيضًا قوله سبحانه: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 16]، والتقدير: ألم يأنِ للذين آمنوا خشوعُ قلوبهم لذكر الله...، وهكذا.

وتوصف أيضًا بأنها حرف استقبال؛ وذلك لأنها تُصيِّر معنى الفعل المضارع خالصًا للمستقبل، بعد أن كان صالحًا للحال والمستقبل[2].



وذاكم أمثلة من القرآن على إعراب (أن) الناصبة للفعل المضارع، مع ما دخلت عليه من أفعال مضارعة:

1- قال تعالى: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا ﴾ [يوسف: 21].

(أن): حرف مصدر ونصب واستقبال، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

(ينفعنا)، (ينفع)، فعل مضارع منصوب بـ(أن)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



2- قال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ﴾ [يوسف: 13].

(أن): حرف مصدر ونصب واستقبال، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

(تذهبوا)، فعل مضارع منصوب بـ(أن)، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، فاعل.



3- قال تعالى: ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ [الأحزاب: 37].

(أن): حرف مصدر ونصب واستقبال، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

(تخشاه): فعل مضارع منصوب بـ(أن)، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، منع من ظهورها التعذر.



الحرف الثاني: من حروف نصب الفعل: (لَنْ) بفتح اللام، وسكون النون، ومن أمثلة نصب الفعل المضارع بـ(لن) في كتاب الله عز وجل:

• مثال نصب الفعل المضارع إذا سبقته (لن) بالفتحة الظاهرة: الفعلان (يؤمن، وتغني) في قوله تعالى: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ﴾ [هود: 36]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 10].



2- ومثال نصب الفعل المضارع إذا سبقته (لن) بالفتحة المقدرة: الفعل (ترضى) في قوله سبحانه: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى ﴾ [البقرة: 120].



3- ومثال نصب الفعل المضارع إذا سبقته (لن) بحذف النون: الفعل (يهتدوا) في قوله عز وجل: ﴿ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 57].



وحرف النصب (لن) يفيد النفي[3]، والاستقبال[4]، والنفي بـ(لن) قد يكون:

محدودًا؛ نحو قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ [طه: 91]، فقد حدَّدوا مدة عكوفهم برجوع موسى صلى الله عليه وسلم.



وقد يكون غير محدود - يعني: مؤبدًا - وذلك نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73].

وبِناءً على هذا الذي ذكرناه من كون (لن) قد يكون المنفيُّ بها محدودًا، كان القول الراجح أن (لن) لا تقتضي التأبيد، بل إنها قد تفيد التأبيد وعدمه، كما مثلنا.



وذهب الزمخشري إلى أن (لن) تقتضي التأبيد دائمًا[5]، وحمله على ذلك مذهبه المعتزليُّ من كون الله تعالى لا يُرى في الآخرة، فقال: إن الله عز وجل يقول في كتابه: ﴿ قَالَ لَنْ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: 143]، و(لن) تفيد تأبيد النفي، فيكون الله لا يُرى في الآخرة، ولا شك أن هذا مذهب باطل مردود، ويردُّه من الناحية اللُّغوية[6]:

1- أنه لو كان من موضوع (لن) التأبيد، لَما جازت التغيية بـ(حتى) بعدها؛ لأن التغيية لا تكون إلا حيث يكون الشيء محتملًا، فيزيل ذلك الاحتمال بالتغيية، وقد جاءت التغيية بـ(حتى) بعد (لن) في قوله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وقوله عز وجل: ﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي ﴾ [يوسف: 80]، وقوله سبحانه: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].



2- أنه لو كانت (لن) تفيد التأبيد لكان ذكر الأبد معها تكرارًا، والأصل عدمه، ولقد جاء ذكر (أبدًا) مع (لن) في قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [البقرة: 95]، وقوله عز وجل: ﴿ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا ﴾ [التوبة: 83]، وقوله سبحانه: ﴿ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 20].

3- أنه لو كانت (لن) للتأبيد لم يُقيَّد منفيُّها باليوم في قوله تعالى: ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 26][7].



الحرف الثالث من الحروف التي تنصب الفعل المضارع: (إذن)، و(إذن) حرف جواب وجزاء واستقبال:

وسميت حرف جواب؛ لأنها تقع في جملة تكون جوابًا لكلام سابق، كما سيأتي إن شاء الله بيانه بالمثال.

وسميت حرف جزاء؛ لأنها يؤتَى بها جزاء الشيء، وسنوضح ذلك أيضًا بالأمثلة، إن شاء الله تعالى.

ومثال نصب الفعل المضارع بعدها: أن تقول: إذن تنالَ أَمَلَك؛ جوابًا وجزاء لمن قال لك: سأجدُّ وأعمل.



و(إذن) لا تنصب الفعلَ المضارع إلا بثلاثة شروط، لا بد من توافرها فيها جميعًا؛ وهي:

1- أن يكون الفعل المضارع الواقع بعدها دالًّا على الاستقبال.

2- أن تكون في صدر جملة الجواب.

3- أن تكون متصلة بالفعل المضارع الواقع بعدها.



أولًا: الشرط الأول: أن يكون الفعل المضارع الواقع بعدها دالًّا على الاستقبال.

وهذا الشرط معناه: أن يخلص معنى الفعل المضارع للمستقبل، فلا يدل على الحال.



ومثال ذلك: قال رجل لك: سأزورك غدًا، فقلت له: إذن أُكرمَك، فالفعل المضارع (أُكرمك) الواقع بعد (إذن) قد دل هنا على الاستقبال؛ لأن الإكرام سيكون غدًا إذا زارك.



فإن دل الفعل المضارع الواقع بعد (إذن) على الحال، لم يُنصب؛ وإنما يُرفع.

مثال ذلك: أن يقال لك: أنا أُحبك، فتقول: إذن أظنُّك صادقًا، برفع (أظن)؛ لأنه هنا يدل على الحال، لا الاستقبال، و(إذن) لا تعمل النصب إلا إذا دل الفعل المضارع الواقع بعدها على الاستقبال.



الشرط الثاني من شروط عمل (إذن) النصبَ في الفعل المضارع أن تكون في صدر جملة الجواب.

وهذا الشرط معناه: أنه لا بد لعمل (إذن) النصب في الفعل المضارع أن تقع في أول جملة الجواب، فلا يتقدم جملةَ الجواب شيءٌ غير (إذن)[8].

ومثال ذلك: أن تقول: إذن تتفوَّقَ، لمن قال لك: سأنتبه للعلماء، وأذاكر بفهم.



فإن تقدم عليها شيء، لم يُنصب الفعل المضارع الآتي بعدها، بل يُرفع؛ وذلك كقول رئيس العمال في أحد المصانع معلقًا على حسن سير العمل: العمل إذن يتقدَّمُ بسرعة، والعمال إذن يؤدُّون واجباتهم بإخلاص، فيلاحظ هنا أن الفعلين: (يتقدم، ويؤدون) قد أتيا مرفوعين - الفعل (يتقدم) مرفوع بالضمة، والفعل (يؤدون) مرفوع بثبوت النون - فلم تعمل فيهما (إذن) النصبَ؛ وذلك لأنها لم تتصدَّر الجملة.



إلا أنه يُستثنَى من شرط صدارتها حتى تعمل: أن يتقدَّم عليها أحد حرفَي العطف:

الواو، فقد جاء في قراءة أُبَيٍّ وعبدالله بن مسعود: ﴿ وَإِذًا لَا يَلْبَثُوا خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾.

أو الفاء[9]، فقد جاء في قراءة عبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس وأُبَي: ﴿ فَإِذًا لَا يُؤْتُوا النَّاسَ نَقِيرًا ﴾.



فهنا في هاتين القراءتين[10] قد نُصب الفعلان المضارعان: (يلبثوا، ويؤتوا) بـ(إذن)، على الرغم من كونها لم تتصدر، وتقدَّم عليها حرفا العطف: الواو والفاء، إلا أن نصب الفعل المضارع ليس على سبيل الإلزام، بل إنه يجوز في مثل هذه الحال رفع الفعل المضارع أيضًا، بل إن الأَولى الرفع، كما نص على ذلك ابن مالك رحمه الله[11].



ثالثًا: الشرط الثالث: أن تكون (إذن) متصلة بالفعل المضارع الواقع بعدها.

هذا الشرط معناه: ألا يفصل بين (إذن) وبين الفعل المضارع بفاصل، كما لو قلت لمن قال لك: سآتيك غدًا: إذن أُكرمَك، فهنا الفعل المضارع (أكرمك) يجب نصبه بـ(إذن)؛ لأنه لم يُفصَل بينها وبينه بفاصل.



فإن فصَل بين الفعل المضارع و(إذن) فاصلٌ، رُفِع الفعل المضارع بعدها، كما لو قلتَ على سبيل المثال: إذن هم ينجحون، جوابًا لمن قال لك: إنهم يجتهدون، فإن الفعل المضارع هنا (ينجحون) جاء مرفوعًا؛ لأن الضمير (هم) فصل بينه وبين (إذن)، إلا أنه يُستثنى من هذا الشرط ما إذا كان الفاصل بين الفعل المضارع وبين (إذن):

القَسَمُ، وأشهر ما ورد شاهدًا لذلك: قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

إذن - واللهِ - نرميَهم بحربٍ ♦♦♦ تُشيبُ الطفلَ مِن قبلِ المشيبِ



أو (لا) النافية؛ نحو: إذن لا أخافَ في الله لومة لائم.

فبالرغم من وجود فاصل (القسم، ولا النافية) بين (إذن) والفعل المضارع، فإن الفعلين المضارعين (نرميهم، وأخاف) قد أتيا منصوبين، ولم يؤثر في نصبهما وجود الفاصل.




الحرف الرابع من الحروف التي تنصب الفعل المضارع: (كي)، و(كي) حرف مصدر ونصب واستقبال، فهي مثل (أن) الناصبة للفعل المضارع تمامًا، والتي قد تقدم ذكرها.

فـ (كي): حرف مصدري؛ لأنها تؤول مع الفعل المضارع بعدها بمصدرِ هذا الفعل.



وهي حرف استقبال؛ لأنها تُصيِّر معنى الفعل المضارع الآتي بعدها خالصًا للمستقبل، بعد أن كان صالحًا للحال والمستقبل، ومن أمثلة كون (كي) حرف مصدر ونصب واستقبال من كتاب الله عز وجل:

1- مثال نصب الفعل المضارع بعد (كي) بالفتحة الظاهرة قوله تعالى: ﴿ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾ [طه: 40]، فـ(كي) هنا حرف مصدر؛ لأنها أُوِّلت مع الفعل المضارع بعدها (تقر) بمصدر هذا الفعل، والتقدير: فرجعناك إلى أمك لقرِّ عينها.

وهي حرف استقبال؛ لأنها خلَّصت معنى الفعل المضارع (تقر) إلى المستقبل.

وهي حرف نصب؛ لأنها نصبت الفعل المضارع (تقر)، وعلامة نصبه كما هو واضح هنا - الفتحة الظاهرة.



2- ومثال نصب الفعل المضارع إذا سبقته (كي) بحذف النون: الفعل (تأسَوا) في قوله تعالى: ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ [الحديد: 23]، ونفس ما قيل في الآية السابقة من كون (كي) حرف مصدر ونصب واستقبال يقال هنا[12].



الحرف الخامس من حروف نصب الفعل المضارع: لام (كي)؛ أي: لام التعليل:

وقد سمِّيت بذلك؛ لأن ما بعدها يكون علة لما قبلها، وسببًا فيه، فيكون ما قبلها مقصودًا لحصولِ ما بعدها.

ومثال نصب الفعل المضارع بلام التعليل من كتاب الله عز وجل:

أولًا: مثال نصبه بالفتحة الظاهرة[13]: الفعل (تُبين) في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ﴾ [النحل: 44]، والفعل (نريه) في قوله عز وجل: ﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]، والفعل (يبلوني) في قوله سبحانه: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ﴾ [النمل: 40][14].



ثانيًا: مثال نصبه بالفتحة المقدرة[15]: الفعل (ترضى) في قوله تعالى: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]، فإن الفعل المضارع (ترضى) نُصِب بلام التعليل، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة، منع من ظهورها التعذر.



ثالثًا: مثال نصبه بحذف النون[16]: الفعل (يعبدوا) في قوله سبحانه: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، والفعل (يسكنوا) في قوله عز وجل: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ ﴾ [النمل: 86]، والفعل (يقتلوك) في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ﴾ [القصص: 20]، وحركةُ هذه اللام - كما هو واضح فيما تقدَّم من الآيات - الكسرُ.



الحرف السادس من الحروف الناصبة للفعل المضارع: لام الجحود:

والجحود معناه: شدةُ الإنكار والرفض، ومن ذلك ما يقال: جحد الكفار الإسلام؛ أي: رفضوه أشدَّ الرفض، ولام الجحود تفيد توكيد النفي؛ ولذلك سمى بعضُ النَّحْويين هذه اللام لامَ النفي، ولامُ الجحود علامتها أن تأتي بعد كونٍ منفيٍّ، فتأتي بعد:

1- الفعل الماضي (كان) المنفي بـ(ما)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ﴾ [الأنفال: 33]، وقوله سبحانه: ﴿ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 111]، وقوله عز وجل: ﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43]، فيلاحظ هنا: أن الأفعال المضارعة (ليعذبهم، ليؤمنوا، لنهتدي) قد أتت منصوبة، والسبب في نصبها لام الجحود الآتية بعد الأفعال الماضية (كان، كانوا، كنا) المنفية بـ(ما)[17].



2- الفعل المضارع (يكون) المنفي بـ(لم)؛ نحو قوله عز وجل: ﴿ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ﴾ [النساء: 137]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ ﴾ [الحجر: 33]، فيلاحظ هنا: أن الفعلين المضارعين (ليغفر، لأسجد) قد أتيَا منصوبينِ، والسبب في نصبهما هو أنهما قد تقدم عليهما لام الجحود الآتية بعد الفعلين المضارعين (يكن، وأكن) المنفيينِ بـ(لم)[18].



ووظيفة لام الجحود - كما تقدم - توكيد النفي؛ فإنه من البين أن (ما كان) نفيٌ، وأيضًا (لم يكن) نفيٌ، فتأتي اللام بعد ذلك مفيدةً توكيدَ النفي.



واعلم - رحمك الله - أن أسلوب لام الجحود أبلغ مِن غيره، فقولك: ما كان زيد ليقوم، أبلغ مِن قولك: ما كان زيد يقوم؛ لأن الأول نفي للتهيئة والإرادة للقيام، وهو أبلغ من نفي الفعل؛ لأن نفي الفعل لا يستلزم نفي إرادته، واعلم أيضًا - رحمك الله - أن حقَّ لام الجحود الكسرُ كلامِ التعليل.



الحرف السابع من الحروف التي تنصب الفعل المضارع: حتى:

ومن أمثلة نصب الفعل المضارع بـ(حتى) من كتاب الله عز وجل:

أولًا: مثال نصب الفعل المضارع بعد (حتى) بالفتحة الظاهرة[19]: الفعل (يرجع) في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ [طه: 91].



ثانيًا: مثال نصب الفعل المضارع بعد (حتى) بالفتحة المقدرة[20]: الفعل (نرى) في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [البقرة: 55].



ثالثًا: مثال نصب الفعل المضارع بعد (حتى) بحذف النون[21]: الفعل (يخوضوا) في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [النساء: 140].



ولـ(حتى) الناصبة للفعل المضارع عدةُ معانٍ؛ نذكر منها:

1- أن تكون بمعنى (كي)؛ أي: أن تفيد التعليل، وذلك بأن يكون ما قبلها سببًا فيما بعدها؛ نحو قولك لرجل كافر: أسلِمْ حتى تدخل الجنة؛ أي: كي تدخل الجنة، فإن الإسلام علةٌ لدخول الجنة، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193].



2- أن تكون بمعنى (إلى)؛ أي: أن تكون بمعنى الغاية، ومعنى الغاية كون ما قبل (حتى) غاية انقضائه وانتهائه ما بعدها؛ وذلك نحو قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ [طه: 91]؛ أي: إلى أن يرجع[22].



3- ما زاده ابن مالك في شرح التسهيل 4/ 22، 24 من أن (حتى) تكون أيضًا بمعنى (إلا) الاستثنائية[23]، وخرَّج عليه قول الشاعر:

ليس العطاءُ من الفضولِ سماحةً ♦♦♦ حتى تجودَ وما لديكَ قليلُ

أي: إلا أن تجود[24].



الحرفان الثامن والتاسع من الحروف التي تنصب الفعل المضارع: فاء السببية، وواو المعية:

ومما ذكر ابن آجروم رحمه الله كذلك من نواصب الفعل المضارع: فاء السببية، وواو المعية، وقد اشترط النحاةُ لنصب الفعل المضارع بهذين الحرفين شرطين؛ هما:

الشرط الأول: أن تكون الفاء للسببية، والواو للمعية.

ومعنى كون الفاء للسببية: أن تدل على أن ما قبلها سببٌ في حصول ما بعدها، وأن ما بعدها مسبَّب عما قبلها، ومثال ذلك من كتاب الله: قوله تعالى: ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ [طه: 81]، فقد نُصِب الفعل المضارع (يحل) هنا بفاء السببية، التي دلَّت على أن ما قبلها - وهو الطغيان - هو السبب في حصول ما بعدها، وهو حلول الغضب من الله، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ومعنى كون الواو للمعية: أن تكون بمعنى (مع)[25]، فتفيد المصاحبة؛ أي: إن حصول ما قبلها وما بعدها يكون في وقت واحد، فلا يسبق أحدُهما الآخر ولا يتأخر عنه.



ومثال نصب الفعل المضارع بالواو الدالة على المعية قولُ الشاعر:

لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مثلَهُ ♦♦♦ عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ[26]

والشرط الثاني: أن يقع كلٌّ من هذين الحرفين في جواب: نفي، أو طلب.

وسيأتي - إن شاء الله تعالى - الكلام على هذا الشرط بالتفصيل فيما يلي.



ذكرنا قبلُ أنه يشترط لحصول النصب بفاء السببية وواو المعية أن يتقدَّم عليها نفيٌ أو طلب، وذاكم هو التفصيل في ذلك، مع ضرب الأمثلة عليه:

أولًا: مثال وقوع كل من واو المعية وفاء السببية في جواب النفي، ونصب الفعل المضارع بهما:

مثال وقوع واو المعية في جواب النفي، ونصب الفعل المضارع بها: قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142]، فهنا وقعت واو المعية قبل الفعل المضارع (يعلم) الثاني، في جواب النفي المدلول عليه بـ(لما)[27]؛ ولذلك نصب هذا الفعل، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ومثال وقوع فاء السببية في جواب النفي، ونصب الفعل المضارع بها: قوله تعالى: ﴿ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ﴾ [فاطر: 36]، وقوله سبحانه: ﴿ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ ﴾ [الأنعام: 52]، فهنا وقعَتْ فاء السببية قبل الفعل (فيموتوا)، والفعل (فتطردهم) في جواب النفي المدلول عليه بـ(لا، وما)؛ ولذلك نصب الفعل المضارع (فيموتوا)، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.

ونصب الفعل (تطردهم)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ثانيًا: مثال وقوع كل من فاء السببية وواو المعية في جواب الطلب، ونصب الفعل المضارع بهما:

اعلم - رحمك الله - أولًا أن الطلب يشمل ثمانية أمور؛ هي:

1- الأمر.

2- الدعاء.

3- النهي.

4- الاستفهام.

5- العرض.

6- التحضيض.

7- التمني.

8- الترجي.



وقد جمع بعضُ النحاة هذه الأمور الثمانية مع النفي في بيت واحد، فقال:

مُرْ وادعُ وانهَ وسَلْ واعرِضْ لحضِّهمُ ♦♦♦ تَمنَّ وارجُ كذاك النفيُ قد كَمُلا



وأي هذه الأمور الثمانية وقعت فاءُ السببية أو واو المعية جوابًا له، فإن الفعل المضارع الذي دخلت عليه هذه الفاء وهذه الواوُ يكون منصوبًا، وذاكم هي الأمثلة على نصب الفعل المضارع بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب هذا الطلب:

أولًا من أنواع الطلب: الأمر[28]:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب الأمر: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ ﴾ [البقرة: 117]، بنصب (يكون) في قراءة ابن عامر، وهي قراءة سبعية، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ﴾ [النحل: 40]، بنصب (يكون) في قراءة الكسائي، وهي أيضًا قراءة سبعية. ووجه النصب هنا: أن الفعل (يكون) قد تقدَّمت عليه فاء السببية الواقعة في جواب الأمر (كن)[29]، فنُصب بها، وقد قرأ باقي السبعة هاتين الآيتين برفع الفعل المضارع (يكون)، على اعتبار أن الفاء للعطف والتعقيب[30].



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب الأمر: قول الأعشى:

فقلتُ ادعي وأدعوَ إنَّ أندى ♦♦♦ لِصوتٍ أن يُناديَ داعيانِ



فقد نصب الفعل المضارع (أدعو) بواو المعية[31] في جواب الأمر (ادعي)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

ومثال ذلك أيضًا: قولك: أيها الصديق اغفر هفوتي وأغفرَ هفوتك؛ لتدومَ صداقتنا.




ثانيًا: من أنواع الطلب: الدعاء:

ينصب الفعل المضارع بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب الدعاء، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب الدعاء: قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88]، فقد نصب الفعل المضارع (يؤمنوا) بفاء السببية[32] الواقعة في جواب الدعاء (اطمس، واشدد)، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.



ومثال ذلك أيضًا قول الشاعر:

ربِّ وفِّقني فلا أعدلَ عَنْ ♦♦♦ سننِ الساعينَ في خيرِ سننْ



فقد نصب الفعل المضارع (أعدل) بفاء السببية الواقعة في جواب فعل الدعاء الذي هو (وفِّقني)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقع في جواب الدعاء: أن تقول: رب اهدني وأعملَ الخير، فقد نصب الفعل المضارع (أعمل) بواو المعية الواقعة في جواب الدعاء (اهدني)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ثالثًا: من أنواع الطلبِ: النهيُ:

ينصب الفعل المضارع بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب النهي، وأداة النهي هي (لا) الناهية، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب النهي: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ [طه: 81]، وقوله سبحانه: ﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾ [طه: 16]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾ [طه: 117][33]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35]، وقوله سبحانه: ﴿ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ﴾ [طه: 61]، وقوله عز وجل: ﴿ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ [النساء: 129]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وقوله سبحانه: ﴿ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 39][34].



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب النهي: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 42]، فقد نصب الفعل (تكتموا) هنا بالواو الدالة على المعية، والواقعة في جواب النهي المدلول عليه بـ(لا) الناهية في قوله سبحانه: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا ﴾[35]، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.



رابعًا: من أنواع الطلب: الاستفهام:

ينصب الفعل المضارع بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب الاستفهام، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام: قولُه تعالى: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا ﴾ [الأعراف: 53]، وقوله سبحانه: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ﴾ [الأنعام: 148]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ﴾ [المائدة: 31]، وقوله عز وجل: ﴿ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ﴾ [النساء: 97]، ومثال ذلك من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: ((هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا))[36].



ففي هذه الآيات وهذا الحديث قد نصبت الأفعال المضارعة: (يشفعوا، ويضاعفه، وتخرجوه، وأواري، وتهاجروا، وتطعمونا) بفاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام، المدلول عليه بأداة الاستفهام: (هل، من، هل، الهمزة في: "أعجزت" وفي "ألم"، وهل)[37].



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب الاستفهام: قول الشاعر:

ألم أكُ جارَكم ويكونَ بيني ♦♦♦ وبينَكمُ المودةُ والإخاءُ



فقد نصب الفعل المضارع (يكون) هنا بالواو الدالة على المعية[38]، في جواب الاستفهام المدلول عليه بالهمزة في (ألم)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.




خامسًا من أنواع الطلب: العَرْض:

العَرْضُ هو: الطلب برفقٍ ولِينٍ، ويَظهرانِ غالبًا في صوت المتكلم، وفي اختيار كلماته رقيقة دالَّة على الرفق، ومِن أدواته: (ألَا)، كما سيأتي في التمثيل عليه إن شاء الله تعالى.



والفعل المضارع يُنصَب بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب العرض، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب العرض: قول الشاعر:

يا بنَ الكرامِ ألا تدنو فتبصرَ ما ♦♦♦ قد حدَّثوكَ فما راءٍ كمَن سَمِعَا



فقد نصب الفعل المضارع (تبصر) بفاء السببية الواقعة في جواب العرض المدلول عليه بـ(ألَا)[39]، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب العرض: ألَا تنزل عندنا وتصيبَ خيرًا - ألا تزورنا ونُكرمَك.

فقد نُصب الفعلان المضارعان (تصيب، ونكرمك) بواو المعية الواقعة في جواب العرض المدلول عليه بـ(ألا)، وعلامة نصبهما الفتحة الظاهرة.



سادسًا من أنواع الطلب: التحضيض:

التحضيض هو: الطلب بحثٍّ وإزعاج وشدة وعنف، ويظهر ذلك غالبًا في صوت المتكلم، وفي اختيار كلماته جزلة قوية، ومن أدواته: (هلَّا، ولولا)، كما سيأتي في الأمثلة إن شاء الله تعالى.



والفعل المضارع ينصب بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب التحضيض، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب التحضيض: قوله تعالى: ﴿ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ ﴾ [المنافقون: 10]، وقوله عز وجل: ﴿ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ ﴾ [طه: 134]، فقد نُصِب الفعلان المضارعان (أصَّدَّق، ونتَّبع) بفاء السببية في جواب التحضيض المدلول عليه بـ(لولا)، وعلامة نصبهما الفتحة الظاهرة.



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب التحضيض: أن تقول: هلَّا أكرمت زيدًا ويشكرَ، فقد نصب الفعل المضارع (يشكر) بواو المعية الواقعة في جواب التحضيض المدلول عليه بـ(هلَّا)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



سابعًا من أنواع الطلب: التمني:

التمني هو: طلب ما يتعذَّر أو يتعسَّر الحصول عليه، وأشهر أدواته (ليت)، وهي الأصل، ومن أدواته أحيانًا (لو)، كما سيأتي في الأمثلة إن شاء الله تعالى، والفعل المضارع ينصب بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب التمني، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب التمني: قوله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 73]، فقد نصب الفعل المضارع (أفوز) بفاء السببية الواقعة في جواب التمني المدلول عليه بالحرف (ليت)[40]، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



ومن أدوات التمنِّي أيضًا - ولكن أحيانًا -: (لو)، ومثال نصب الفعل المضارع في جوابها بفاء السببية: قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا ﴾ [البقرة: 167]، وقوله سبحانه: ﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 102]، وقوله عز وجل: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 58][41].



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعية الواقعة في جواب التمني: قوله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾ [الأنعام: 27]، فقد نصب الفعل المضارع (نكذب) بواو المعية الواقعة في جواب التمنِّي المدلول عليه بقوله سبحانه: يا ليتنا[42].

ومثال ذلك أيضًا: أن تقول: ليت خالدًا يقول ويعملَ بما يقول.




ثامنًا: من أنواع الطلب: الترجي:

الترجي هو: طلب ما يقرُبُ بحصوله، وهو مرغوب فيه ومحبوب، ومن أدواته: (لعل)، كما سيأتي في الأمثلة إن شاء الله تعالى.



والفعل المضارع يُنصَب بفاء السببية وواو المعية الواقعتين في جواب الترجي، ومثال ذلك:

مثال نصب الفعل المضارع بفاء السببية الواقعة في جواب الترجي: قوله تعالى: ﴿ لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ﴾ [غافر: 36، 37]، وقوله سبحانه: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾ [عبس: 3، 4]، فقد نُصب الفعلان المضارعان (أطَّلع، وتنفَع) في هاتين الآيتين، بفاء السببية الواقعة في جواب الترجي المدلول عليه بالحرف (لعل)، وعلامة نصبهما الفتحة الظاهرة.



ومثال نصب الفعل المضارع بواو المعيَّة في جواب الترجي: لعلي أراجع الشيخ ويُفهِمَني المسألة، فقد نصب الفعل المضارع (يفهمني) هنا بواو المعية، الواقعة في جواب الترجي، المدلول عليه بالحرف (لعل)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.



والخلاصة الآن: أن من أدوات نصب الفعل المضارع فاءَ السببية وواو المعية، وذلك بشرطين؛ هما:

الشرط الأول: أن تدل الفاءُ على معنى السببية، وأن تدل الواو على معنى (مع).

والشرط الثاني: أن يقع كلٌّ من الفاء والواو في جواب نفي أو طلب.



فهذا هو خلاصة ما تقدم، ومفهومه:

1- أنه إذا لم يسبق واوَ المعية ولا فاءَ السببية نفيٌ، أو نوع من أنواع الطلب الثمانية التي ذكرناها؛ فإن الفعل المضارع لا ينصب حينئذٍ، بل يرفع، ومثال ذلك: يُكرم الشيخُ المجتهدَ فيخجلُ الكسلان - الشمس طالعة وينزلُ المطر[43].



2- وأنه إذا سقطت - أي: حُذفت - فاءُ السببية بعد ما يدل على الطلب - أي: بعد واحد من الأمور الثمانية السابق ذكرها - وقصد معنى الجزاء[44]؛ فإن الفعل المضارع الذي سقطت فاء السببية مِن أوله لا يُنصَب حينئذٍ، بل يُجزَم، فعلى سبيل المثال: لو أسقطت الفاء من قولك: اجتهد فتنجحَ[45]، لقلت: اجتهِدْ تنجَحْ، بجزم الفعل المضارع (تنجح)، وتابع ما سيأتي من الأمثلة على ذلك أيضًا إن شاء الله تعالى.



ومِن أمثلة جزم الفعل المضارع في جواب الطلب بعد حذف فاء السببية: قولُه سبحانه: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، فإن الفعل (أتلُ) هنا سقطت من أوله فاء السببية، وتقدَّم عليه ما يدل على الطلب، وهو فعل الأمر (تعالوا)، وقُصد به معنى الجزاء؛ لأن المراد هنا (تعالوا فإن تأتوا أتل)، فالتلاوة مسببة وناتجة عن مجيئهم، فكان هذا الفعل المضارع (أتل) مجزومًا لذلك، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الواو)؛ لأن أصله (أتلو).



ومن أمثلة ذلك أيضًا: قول امرئ القيس:

قِفَا نَبْكِ مِن ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ♦♦♦ بسقطِ اللِّوى بين الدخولِ فحَوْمَلِ



الشاهد فيه قوله: (نبكِ)، فإنه فعل مضارع غير مقترنٍ بالفاء، وقد سبقه فعل أمر، وهو قوله: (قِفَا)، وقد قُصِد به معنى الجزاء، فقصد الشاعر هنا أن يجعل البكاء مسببًا عن الوقوف؛ ولذلك جزم هذا الفعل المضارع (نبك) في جواب الأمر، فحذف منه حرف العلة الذي هو آخره، وذلك الحذف هو أَمارةُ الجزم.



ومثال ذلك أيضًا أن تقول: عامل الناس بالحسنى يُحِبُّوك، فالفعل المضارع (يحبوك) مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأمثلة الخمسة، والجازم له هو وقوعه في جواب الطلب - الذي هو فعل الأمر (عامل) - بعد تجريده من فاء السببية الناصبة، وبهذا يتضح لنا أن الفعل المضارع يُجزَم في جواب الطلب بشروط ثلاثة؛ هي:

1- أن يتقدم على هذا الفعلِ المضارع لفظٌ دالٌّ على الطلب بأموره الثمانية المعروفة[46]، فيما عدا النهي، ففيه شرط خاص، سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى بعد قليل.



2- أن يتجرَّد هذا الفعل المضارع الواقع بعد اللفظ الدال على الطلب من فاء السببية.



3- أن يُقصَد معنى الجزاء، وذلك بأن يكون هذا الفعل المضارع مسببًا وناتجًا عن ذلك الطلب[47].



فإن كانت الدلالةُ على الطلب عن طريقِ النهي، اشترط شرط رابع، وهو: أن يكون جواب هذا الطلب المدلول عليه بالنهي أمرًا محبوبًا؛ ففي مثل: "لا تدنُ مِن الأسد تسلَمْ"، كان جواب النهي - وهو (تسلم) - أمرًا محبوبًا، فجُزِم هذا الجواب.



بينما لو قلت: لا تدنُ من الأسد يأكُلُك، لوجب رفع الجواب، الذي هو الفعل (يأكلك)؛ لأن هذا الجواب أمر مكروه، وليس محبوبًا.



ويمكننا تلخيص ما مضى بأن نقول:

إن الفعل المضارع في هذه المسألة إما أن يكون:

منصوبًا، وذلك إذا سبقَتْه فاء السببية، أو واو المعية، الواقعتان في جواب الطلب أو النفي.

أو مجزومًا، وذلك إذا سقطت فاء السببية من أوله، وتقدم عليه طلب، وقُصد معنى الجزاء.

أو مرفوعًا، وذلك فيما سوى هاتين الحالتين السابقتين، ولحصر ذلك انظر ما تقدم.



الحرف العاشر والأخير من الحروف التي ذكر ابن آجروم رحمه الله أنها تنصب الفعل المضارع: (أو):

فمِن نواصب الفعل المضارع أيضًا: الحرف (أو)، ولا تنصب (أو) الفعل المضارع إلا إذا كانت بمعنى: (حتى)؛ يعني: أن تدل على أن ما بعدها غاية لما قبلها، ومن العلماء من يعبِّر بأن تكون بمعنى (إلى)، والمعنى واحد، فكلاهما للغاية[48].



ومثال إتيان الحرف (أو) بمعنى (حتى)، ونصب الفعل المضارع به: قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128][49]، فقد أتى الحرف (أو) هنا بمعنى (حتى)، أو (إلى)؛ ولذلك نصب الفعل المضارع (يتوب) بعده به.



ومثال ذلك أيضًا: قول الشاعر:

لأستسهلنَّ الصعبَ أو أُدرِكَ المُنَى ♦♦♦ فما انقادَتِ الآمالُ إلا لصابرِ

فقد نصب الفعل المضارع (أدرك) هنا بـ(أو)؛ لأنها أتت بمعنى (إلى)، فمعنى البيت: لأستسهلن الصعب إلى أن أدرك المنى.



أو تكون بمعنى (إلا) الاستثنائية، ومثال إتيان الحرف (أو) بمعنى (إلا) الاستثنائية، ونصب الفعل المضارع به: قوله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ [البقرة: 236]، فقد نُصِب الفعل المضارع (تفرضوا) هنا بـ(أو)؛ لأنها أتت بمعنى (إلا)[50]، ومثال ذلك أيضًا قولك: لأقتلن الكافر أو يُسلِمَ - لأكافئن الصانع أو يهملَ، فقد نصب الفعلان المضارعان (يسلم، ويهمل) هنا بـ(أو)؛ لأن المعنى: لأقتلن الكافر إلا أن يسلم - لأكافئن الصانع إلا أن يهمل.



فإن لم يكن معنى (أو) واحدًا من هذين المعنيينِ السابقين، وإنما كان معناها الدلالة على أن ما بعدها مساوٍ لِمَا قبلها في الشك والتردُّد، فإن الفعل المضارع يُرفَع بعدها، ومثال ذلك أن تقول: سأزورُ محمدًا أو أبعثُ إليه رسولًا، برفع الفعل المضارع (أبعث)؛ لأن (أو) هنا لم تدل على معنى (إلى) الغائية، أو معنى (إلا) الاستثنائية؛ وإنما دلت على أن ما بعدها مساوٍ لما قبلها في الشك والتردد.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11552
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب 15781612
نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب Icon_minitime 2020-10-25, 2:06 pm

نصب الفعل المضارع بأن المضمرة

يُنصب الفعل المضارع بأن المضمرة في ست حالات، إذا جاء بعد

لام التعليل، مثال: جئتُ لأزورك
لام الجحود، كقوله تبارك وتعالى ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾
حتى لانتهاء الغاية، كقوله تبارك وتعالى ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾
فاء السببية، مثال: اجتهد فتتفوق
واو المعية، لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله
عاطف على اسم صريح، يسرني اجتهادك وتتميزَ

[1] وانظر تفصيل ذلك فيما تقدم ذكره.

[2] وكذا يقال فيما سيأتي من الحروف الناصبة للفعل المضارع: (لن، وكي، وإذن)؛ فإن هذه الحروف الثلاثة تشترك مع (أنْ) في تخصيص زمن الفعل المضارع للمستقبل.

[3] وبهذا تمتاز (لن) عن سائر أخواتها النواصب للفعل المضارع، فهي تختلف عنهن بأنها تحمل معنى النفي.

[4] وذلك أن الفعل المضارع الآتي بعدها يصير معناه خالصًا للمستقبل، بعد أن كان صالحًا بدلالته على الحال والمستقبل، وعلى كون (لن) تفيد نفي المستقبل اتفق النحاة.

[5] فخالف في ذلك أئمة اللغة المتقدمين؛ فإنه لم ينقل عن أحد منهم أن (لن) تفيد التأبيد، بل المنقول عنهم أنها لنفي الاستقبال، دون تقييده بالأبدية؛ ولذلك قال الواحدي - كما في التفسير الكبير للرازي، 14/ 109 - عن قول الزمخشري بأن (لن) تفيد التأبيد: هذه دعوى باطلة على أهل اللغة، وليس يشهد بصحته كتابٌ معتبر، ولا نقلٌ صحيح؛ اهـ.

وقال ابن مالك في الكافية الشافية 3/ 1515:

ومَن رأى النفيَ بـ(لن) مؤبَّدَا ♦♦♦ فقولَه اردُدْ وسواه فاعضُدَا

[6] ناهيك عما ورد من الآيات والأحاديث في إثبات رؤية المؤمنين ربَّهم يوم القيامة.

[7] ولقد أسبهتُ هنا وأطلتُ بعض الشيء؛ حتى يعلم طالب علم الشريعة أنه لن يستقيم حاله حتى يتعلَّم علم النحو، وأنه لا انفصال بين علم الشريعة وعلم النحو، فأردت أن أبيِّن له كيف أثر علم النحو في سلامة المعتقد وفساده.

وأحيل إخواني طلبة العلم الشرعي إلى كتاب: (الأثر العقدي في تعدد التوجيه الإعرابي لآيات القرآن الكريم جمعًا ودراسة)؛ للشيخ محمد بن عبدالله بن حمد السيف [ط دار التدمرية]، فقد بيَّن فضيلته في هذا الكتاب المبارك كيف أثر التوجيه الإعرابي في صحة المعتقد وفساده، وانظر بحثه في هذه المسألة التي نحن بصددها 3/ 1151 - 1172.

[8] وليعلم أن (إذن) الناصبة للفعل المضارع المصدرة لم تقع في القرآن الكريم، وإنما الذي جاء من (إذن) الواقع بعدها المضارع في القرآن الكريم ما جاء مسبوقًا بحرف العطف الواو أو الفاء، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

[9] خصوصًا، دون ما سواهما من حروف العطف، كما ذكر ذلك ابن عقيل رحمه الله في شرح الألفية.

[10] وكلتا هاتين القراءتين شاذة.

[11] قال رحمه الله في شرح الكافية 2/ 244: إلغاء (إذن) أجود، وهو لغة القرآن، التي قرأ بها السبعة؛ اهـ.

قلت: وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: ﴿ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 53]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 76]، وقال عز وجل: ﴿ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الأحزاب: 16]، فقد جاءت الأفعال المضارعة (يؤتون، ويلبثون، وتُمتَّعون) كلها مرفوعة، على الرغم من تقدُّم (إذن) عليها، ولكن لَمَّا لم تتصدر (إذن) جملة الجواب، وإنما تقدم عليها أحد حرفَي العطف (الواو، أو الفاء)؛ جاز النصب والرفع، والرفع أَولى، كما تقدم، وبه قرأ السبعة.

[12] أما نصب الفعل المضارع بعد (كي) بالفتحة المقدرة، فيلس عليه مثال من كتاب الله عز وجل، ويمكن أن يمثل له بقولنا: نصحته وذكرته بالله كي يخشاه ويستقيم حاله، فإن الفعل المضارع (يخشاه) منصوب بـ(كي)، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، منع من ظهورها التعذر.

[13] وهذا - كما تقدم مرارًا - يكون في الأفعال المضارعة الصحيحة الآخر، والأفعال المضارعة المنتهية بواو أو ياء، كما سيتضح من الأمثلة التي سنذكرها الآن، إن شاء الله تعالى.

[14] ويلاحظ هنا: أن الفعلين المضارعين (نريه، ويبلوني) قد ظهرت عليهما الفتحة بالرغم من كونهما معتلي الآخر بالياء والواو؛ وذلك لخفة الفتحة.

[15] وهذا يكون في الأفعال المضارعة المعتلة الآخر بالألف.

[16] وهذا يكون في الأفعال الخمسة؛ أي: في الأفعال المضارعة المتصلة بواو الجماعة، أو ألف الاثنين، أو ياء المخاطبة المؤنثة.

[17] ويأخذ نفس الحكم من وجوب نصب الفعل المضارع بعده بلام الجحود: ما كانت، ما كنت، ما كنتما، ما كانا، ما كنتم، ما كنتنَّ، ما كُنَّ...، إلى غير ذلك من صور الفعل الماضي (كان) المنفي بـ(ما)، فالمهم أن تأتي هذه اللام بعد الفعل الماضي (كان) المنفي بـ(ما) حتى تنصب الفعل المضارع.

[18] ومثل ذلك أيضًا في جوب نصب الفعل المضارع: أن تأتي لام الجحود بعد: (لم تكن، لم تكونا، لم يكونوا، لم يكُنَّ، لم نكُنْ...) إلى غير ذلك من صور الفعل المضارع (يكون) المنفي بـ(لم)، فالمهم للام الجحود حتى تنصب الفعل المضارع: أن تأتي بعد الفعل المضارع (يكون) المنفي بـ(لم)، على أي شكل كان الفعل المضارع (يكون).

[19] وذلك - كما تقدم مرارًا - يكون في الفعل المضارع الصحيح الآخر، والفعل المضارع المعتل الآخر بالواو أو الياء.

[20] وذلك - كم تقدم مرارًا - يكون في الفعل المضارع المعتل الآخر بالألف.

[21] وذلك - كما تقدم مرارًا - يكون في الأفعال الخمسة، وهي - كما سبق - : كل فعل مضارع اتصل به (واو الجماعة)؛ كـ: (يفعلون، وتفعلون)، أو (ألف الاثنين): كـ: (يفعلان، وتفعلان)، أو (ياء المخاطبة): كـ: (تفعلين).

[22] وقد تصلح (حتى) للمعنيين السابقين جميعًا، إذا كان الظرف اللُّغوي الذي ورد فيه الكلام صالحًا لهما، ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، فقد ذكر أبو البقاء العكبري في (التبيان) 1/ 52، وأبو حيان في (البحر) 2/ 149، 150، أن (حتى) في هذه الآية تحتمل أن تكون بمعنى (إلى)، وتحتمل أن تكون بمعنى (كي)؛ وانظر: دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 116.

[23] ولكن قال أبو حيان رحمه الله في (البحر) 1/ 330: وهذا معنى لـ(حتى) لا أعلم أحدًا من المتقدمين ذكره؛ اهـ.

[24] وقد ذكر الأستاذ محمد بن عبدالخالق عضيمة رحمه الله في كتابه (دراسات لأسلوب القرآن الكريم) 2/ 117 أن (حتى) محتملة لأن تكون بمعنى (إلى أن)، وأن تكون بمعنى (إلا أن) في عدة آيات، وذكر منها قوله تعالى: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [البقرة: 55]، فالمعنى هنا محتمل لأن يكون: لن نؤمن لك إلى أن نرى الله جهرة، ولأن يكون: لن نؤمن لك إلا أن نرى الله جهرة.

[25] فعلامتها أن يصح وضع كلمة (مع) مكانها، ولا يختل المعنى.

[26] الشاهد في هذا البيت قوله: (وتأتيَ)؛ حيث نصب الفعل المضارع (تأتي) بعد الواو الدالة على المعية؛ أي: مصاحبة ما بعدها لما قبلها، ألست ترى أن غرض الشاعر أن ينهاك عن أن تنهى أحدًا عن فعلِ أمر قبيح، وأنت تأتي مثل هذا الأمر الذي تنهى عنه؟

ومثال نصب الفعل المضارع كذلك بالواو الدالة على المعية: لن يأمر الناصح بالأمانة ويخونَ، فإن الفعل (يخون) منصوب بواو المعية؛ لأن المنفيَّ هو مصاحبة الخيانة للنصح بالأمانة.

[27] فـ(لما) من حروف النفي، وهي قريبة في المعنى من حرف النفي (لم)، كما سيأتي إن شاء الله في باب الجوازم.

[28] صيغة الأمر المرادة هنا هي: فعل الأمر؛ نحو: تُبْ، والفعل المضارع المقرون بلام الأمر؛ نحو: لِتتُبْ.

[29] فيكون لفظ (فيكون) مسببًا عن (كن).

[30] ومن أمثلة نصب الفعل المضارع أيضًا بفاء السببية الواقعة في جواب الأمر: قول الشاعر:

يا ناقُ سِيرِي عنقًا فسيحا ♦♦♦ إلى سليمانَ فنستريحا

فقد نصب الفعل المضارع (فنستريحا) بفاء السببية الواقعة في جواب الأمر (سِيري).

ومثال ذلك أيضًا: قولك: تب إلى الله فيدخلَك الجنة، فقد نصب الفعل المضارع (فيدخلك) بفاء السببية الواقعة في جواب الأمر (تب).

[31] لأن المعنى: اجمعي دعائي ودعاءك.

[32] وقد دخلَت - كما ترى هاهنا - على (لا النافية)، ولم تدخل مباشرة على الفعل المضارع، ولا تأثير لذلك على نصب الفعل المضارع بها.

[33] أسند هنا فعل الشقاء إلى آدم صلى الله عليه وسلم وحده؛ لأن شقاء زوجه منوط بشقائه، كما أن سعادتها منوطة بسعادته، فاختصر الكلام، مع المحافظة على الفاصلة.

[34] ففي هذه الآيات كلها نصبت الأفعال المضارعة: (يحل، وتَرْدَى، وتشقى، وتكونا، ويُسحتكم، وتذَروها، وتقعد، وتُلقى) بفاء السببية الواقعة في جواب النهي المدلول عليه بـ(لا) الناهية، وهو على الترتيب: (ولا تطغوا فيه، فلا يصدنك، فلا يخرجنكما، ولا تقربا، لا تفتروا، فلا تميلوا، ولا تجعل، ولا تبسطها، ولا تجعل)، وعلامة نصب هذه الأفعال إما الفتحة الظاهرة، وذلك في الأفعال: (يحل، ويسحتكم، وتقعد)، وإما الفتحة المقدرة للتعذر، وذلك في الأفعال: (تردى، تشقى، تُلقى)، وإما حذف النون؛ لأنها من الأفعال الخمسة، وذلك في الفعلين: (تكونا، تذَروها).

[35] ومن أمثلة نصب الفعل المضارع كذلك بواو المعية في جواب النهي: قول الشاعر:

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مثلَهُ ♦♦♦ عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ

فقد نصب الفعل (تأتي) بالواو الدالة على المعية في جواب النهي (لا تنهَ).

[36] ومن ذلك أيضًا ما ورد في الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له، ومَن يسألني فأعطيَه، ومن يستغفرني فأغفرَ له))، فقد نصبت الأفعال المضارعة (أستجيب، أعطيه، أغفر) بفاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام المدلول عليه باسم الاستفهام (مَن).

[37] وعلامة نصب هذه الأفعال إما الفتحة الظاهرة، وذلك في الفعلين: (يضاعفه، وأواري)، وإما حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وذلك في الأفعال: (يشفعوا، وتخرجوه، وتهاجروا، وتطعمونا)، وكان الفعل (تطعمونا) منصوبًا بحذف النون؛ لأن أصله: (تطعموننا)، فحذفت نون الأفعال الخمسة؛ لدخول الناصب (فاء السببية)، وبقيت نون (نا) المفعولين.

[38] لأن مراد الشاعر: (ألم يجتمع لي الجوار والمودة؟).

[39] ومن ذلك أيضًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود رحمه الله: ((ألَا رجل يتصدَّق على هذا فيصليَ معه))، فقد نصب الفعل المضارع (يصلي) بفاء السببية الواقعة في جواب العرض المدلول عليه بـ(ألا).

[40] ومن ذلك أيضًا: قول الشاعر:

ليت الكواكبَ تدنو لي فأنظمَها ♦♦♦ عقودَ مدحٍ فما أرضى لكم كلمي

وقول الآخر:

ألا ليت الشبابَ يعودُ يومًا ♦♦♦ فأُخبرَه بما فعَل المَشيبُ

وقول الآخر:

يا ليت أمَّ خليدٍ واعدَتْ فوفَتْ ♦♦♦ ودام لي ولها عمرٌ فنصطحبَا

ففي هذه الأبيات الثلاثة: نصبت الأفعال المضارعة: (أنظم، وأخبر، ونصطحب)، بفاء السببية الواقعة في جواب التمنِّي المدلول عليه بالحرف (ليت).

[41] ففي هذه الآيات الثلاث نصبت الأفعال المضارعة: (نتبرأ، ونكون، وأكون) بفاء السببية الواقعة في جواب التمني، المدلول عليه بالحرف (لو)، وكأنه قيل: ليت لنا كرة فنتبرأ منهم. ليت لنا كرة فنكون من المؤمنين. ليت لي كرة فأكون من المحسنين، وانظر: الكشاف للزمخشري 1/ 106، والنحو الوافي لعباس بن حسن 4/ 370.

[42] ويلاحظ أن التمني في كل ما مضى من أمثلة؛ سواء في ذلك الأمثلة التي أوردناها على فاء السببية،، أم تلك التي أوردناها على واو المعية، كان لمتعذر الحصول.

وقد يكون التمنِّي كذلك لأمر متعسِّر الحصول، وليس متعذرًا، كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وينصب في جوابه الفعل المضارع بفاء السببية، أو واو المعية.

ومثال ذلك: قول الفقير المعدم: ليت لي مالًا فأتصدَّقَ منه، فهذا متعسر، وليس متعذرًا؛ لأنه كم من فقير صار غنيًّا، وقد نصب الفعل المضارع (أتصدق) هنا بفاء السببية الواقعة في جواب هذا التمني.

[43] برفع الفعلين المضارعين: (يخجل، ينزل)، وعدم نصبهما بالرغم من دخول فاء السببية على الفعل (يخجل)، وواو المعية على الفعل (ينزل)؛ وذلك لأنهما لم يتقدم عليهما - أي: على فاء السببية، وواو المعية - نفيٌ أو طلب.

[44] وذلك بأن كان الفعل المضارع الذي سقطت فاء السببية من أوله مسببًا وناتجًا عن ذلك الطلب المتقدم.

[45] بنصب الفعل المضارع (تنجح) بفاء السببية الواقعة في جواب الأمر، على ما تقدم بيانه بالتفصيل.

[46] فإن لم يتقدم طلب، بل تقدم نفيٌ أو خبر مُثبَت، لم يصح جزم الفعل المضارع، بل يجب رفعه؛ نحو: ما تأتينا تحدثُنا، برفع (تحدثنا)؛ لأن الذي تقدم عليه ليس طلبًا، وإنما هو نفي؛ ونحو: أنت تأتينا تحدثنا، برفع تحدثنا أيضًا؛ لأن الذي تقدم عليه ليس طلبًا، وإنما هو خبرٌ مثبت.

[47] فإن لم يقصد الجزاء، وجب الرفع؛ نحو: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ائتنِي برجلٍ يحبُّ الله ورسوله))، فلا يجوز هنا جزم الفعل المضارع الواقع في جواب الطلب (يحب)؛ لعدم قصد الجزاء؛ لأن المحبة ليست ناتجة عن الإتيان به، وإنما المراد هنا: ائتني برجل هذه صفتُه؛ أي كأنه قال: ائتني برجل محبٍّ لله ورسوله، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾ [التوبة: 103]، برفع (تطهرهم) باتفاق القراء، وإن كان قد تقدَّم عليه الطلب، الذي هو فعل الأمر (خذ)؛ وذلك لأنه ليس المراد هنا الجزاء، فليس مقصودًا بالآية: إن تأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وإنما المراد الوصفيةُ، وأن المعنى: خذ من أموالهم صدقةً مُطهِّرة، فـ(تطهرهم) صفة لـ(صدقة)، وليست جزاءً للأخذ.

[48] انظر: إعراب القرآن لمحيي الدين درويش 1/ 528، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 585.

[49] ومثال ذلك أيضًا: أن تقول: لأنتظرن محمدًا أو يَجِيءَ، فقد نصب الفعل المضارع (يجيء) هنا بالحرف (أو)؛ لأنه أتى بمعنى إلى أن يجيء، أو: حتى يجيء.

[50] انظر: البحر 2/ 464، والمغني 1/ 64، والقرطبي 3/ 199.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

نصب الفعل المضارع شرح كامل لجميع أدوات النصب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» حالات توكيد الفعل بالنون
» حالات تقديم المفعول به على الفعل والفاعل وجوبًا وجوازًا
» تحميل برنامج Psiloc IR Remote كامل بالسيريال لجميع الموبايلات n70
» النصب التذكارى للطالب المصرى
» حالات توكيد الفعل بالنون

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات تعليمية :: المرحلة الثانوية

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا