آخر المساهمات
أمس في 2:37 am
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين 15781612
مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين Icon_minitime 2020-12-07, 7:21 am
@hassanbalam
#حكمة_أوشو


أنا لا أنتمي إلى فكر ديني بعينه. أنا بداية وعي جديد للإنسان. لذا فأنا غير مرتبط بالماضي الذي لا يستحق حتى أن نتذكَّره.
– أوشو




يقول أوشو:

رسالتي لك ليست معتقدًا أو دينًا تعتنقه، ولا هي بفكر فلسفي. إنها نوع من كيمياء الإنسان، إنها علم التحول. لذا لن يستدعيها غير أولئك الراغبين في ملاقاة الموت على أمل ولادة جديدة، غير أولئك الشجعان الذين هم على استعداد للإصغاء، على الرغم من معرفتهم بما لهذه التجربة من خطورة.
الإصغاء هو الخطوة الأولى على طريق الولادة الجديدة. إذًا هو ليس فلسفة أو معطفًا ترتديه وتتفاخر به، وليس معتقدًا تعتنقه يعطيك أجوبة عن أسئلة مقلِقة تؤرق حياتك. إنه أبعد من ذلك بكثير، إنه ليس أقل من موت وانبعاث.

لهذا "الحكيم" (كما يسمونه) الكثير من المقالات والكتب المؤلَّفة. هو ذا يقول في إحدى مقالاته:

أنا لا أدعوك إلى أن تصبح هندوسيًّا أو يهوديًّا، مسلمًا أو مسيحيًّا. أنا هنا لأساعدك لتصبح متدينًا تقيًّا.

وقد عُرِفَ عنه إصرارُه على عدم رغبته في أن يُطلَقَ عليه اسمٌ أو توصيفٌ فكري معين، انطلاقًا من إيمانه بأنه لا توجد فلسفة تصف الحقيقة وصفًا مطلقًا. ففي إحدى محاضراته تحدث عن نفسه قائلاً:

أنا أساعدك في إدراك السكينة في روحك. هذه ليست تعاليم ولا عقيدة، ولا حتى قانونًا دينيًّا محددًا. لهذا أستطيع أن أقول أيَّ شيء، أستطيع أن أناقض نفسي في الليلة الواحدة مئات المرات.
إنني في حالة صعبة جدًّا. فمنذ اليوم الذي دخل حبُّ الله فيَّ اختفت الكراهيةُ من داخلي. لذلك حتى لو أردتُ أن أكره فلن أستطيع؛ حتى لو أتى الشيطان أمامي لا يسعني إلا أن أحبَّه! ليس لدي أي خيار آخر، لأنني قبل أن أستطيع أن أكره أحتاج إلى وجود الكراهية في داخلي، وبغير ذلك لا أستطيع.
من المستحيل أن يتعايش الحب مع الكراهية في القلب نفسه. إنهما متناقضان تمامًا تناقُضَ الحياة والموت. الحب والكراهية لا يمكن لهما أن يوجدا في القلب نفسه أبدًا.

يمثل أوشو ظاهرةً فريدةً من حيث مرجعيته الروحية. إذ على الرغم من نشأته في مجتمع يدين بمختلف الأديان إلا أنه جمع في تعاليمه الخلاصة الروحية للأديان والمعتقدات كلِّها: لا تخلو نصوصُه من الرجوع إلى إرث الصوفيين، بمَن فيهم كبير وجلال الدين الرومي وابن عربي؛ كما يعود إلى روحانيات السيد المسيح والبوذا وكرشنا وفلسفة الڤيدنتيين الموحِّدين.



أوشو (1931-1990)

كثيرًا ما يُعرَّف بأوشو بالقول إنه لم يولد أبدًا ولم يمت أبدًا، لكنَّه زار هذه الأرض ما بين 11 كانون الأول 1931 و19 كانون الثاني 1990. إنه الصوفي المستنير. وإبان ثلاثين عامًا أمضى وجوده فيها عبر المحاورات – تلك التي تذكِّرك بأيام الفلاسفة الإغريق – مناقشًا أفكار الحكماء في العالم، مستمرًّا في محاولة طرح رؤية جديدة وحديثة حول جميع الأمور الخاصة والمحيطة بالإنسان. لقد ناقش معيدًا الحياة إلى الأوپنشاد الهندية، تعاليم گورجييف والأشتاڤاكرا والزرادشتية، كما تكلم على أفكار الحصيديين اليهود والصوفية المسلمين واليوگا والتنترا والتاو وغيرها. لقد جمع أطراف الحكمة التي راكمتْها الإنسانيةُ بعضَها إلى بعض، متجاوزًا بتعاليمه الفكر المؤسَّسي الديني والروحاني.

ولقد حاول أن يساعد الإنسان على تلمُّس طريقه في الزمن الحالي، مؤازرًا سعي الفرد إلى معنى الحياة. وقد وضعت صحيفة Sunday Times البريطانية أوشو كواحد من أهم مئة شخصية شكَّلتْ القرن العشرين. أما أوشو نفسه فإنه قدَّم توجهاته على أنها محاولة للمساعدة في خلق مناخ لولادة نوعية جديدة من البشر ترتقي بأرواحها وتدرك وجودها وروابطها بهذا الكون. إن أوشو يسعى في جمع الخيوط التي تربط ما بين روحانية الشرق والفكر العلمي للغرب الذي طوَّره الإنسانُ الحديث. وقد طوَّر أوشو أساليب التأمل لتكون جزءًا من حياة الإنسان اليومية، هادفًا إلى الصفاء النفسي والروحي والانعتاق من ربقة الاستلاب والاغتراب.

ولد أوشو في ولاية مادهيا پرديش في الهند. ومنذ بداية شبابه، راح يبحث عن الحقيقة انطلاقًا من تجاربه واختباراته، لا من خلال المفاهيم الدينية والاجتماعية السائدة في مجتمعه، ولا من خلال ما حاول بعضهم أن يلقِّنه من معارف ومعلومات. وما إن بلغ الحادية والعشرين حتى اكتملتْ خبرتُه الروحية.

وبعد دراسة عميقة لپسيكولوجيا الإنسان المعاصر تعود إلى أواخر ستينيات القرن الماضي، شرع أوشو يطور تقنياته الدينامية لمساعدة "الإنسان المعاصر، المثقل بتفاهات التقاليد العتيقة، وهموم الحياة اليومية"، على اكتشاف ذاته من خلال التأمل والتحرر من الفرضيات والأفكار المسبقة وتطهير نفسه من رواسب المفاهيم البالية.

في بداية السبعينيات من القرن الماضي، بدأ الغرب يتعرف إلى أفكار أوشو. وفي العام 1974، تأسست في مدينة پونا الهندية حلقة فكرية حول أوشو. ومنذ ذلك التاريخ والزوار يقصدونه للاستماع إليه شوقًا إلى التحول من عالم المادة إلى عالم الروح، ومن عالم الروح إلى عالم المادة. إذ لم يترك أوشو جانبًا من جوانب الحياة إلا وتحدث عنه، داعيًا إلى تفتح الوعي عند الإنسان والارتقاء بالنفس الإنسانية إلى ما هو أبعد من المفاهيم الثقافية السائدة، إلى التعرف إلى الحياة من خلال الممارسة اليومية واختبار مدى أهمية الذات الإنسانية في ذلك كلِّه. وتكمن أهمية فلسفة أوشو في أنه يخاطب الإنسان في جوهر كيانه بلغة بسيطة، عميقة، صادقة، ومفهومة. وفلسفته تصلح لكلِّ زمان ومكان؛ إذ كان يتمتع بقدرة عجيبة على إضاءة الأعماق المظلمة للنفس البشرية حيث يعشِّش الخوف والقلق.

يوصلنا أوشو إلى حقيقة لا تستقيم الحياةُ من دونها، وهي: علينا أن نُظهِرَ وجهَنا الحقيقي، مهما كان الثمن. وهو يبين لنا، عبر أمثلة عديدة، أن الناس الذين يعيشون بأقنعة ويُظهِرون عكس ما يُضمرون يصابون مع الزمن بانفصام داخلي، تتدمَّر ثقتهم بنفسهم بالتدريج، ولا يعرفون معنى الهدوء والاستقرار الداخلي. فالصدق مع النفس، أولاً، ومع الآخر، ثانيًا، هو أساس بناء علاقات صحيحة في مجتمع سليم. ولكن كيف يمكن لنا أن نعرف ذاتنا الحقيقية؟!

يبين لنا أوشو أن عملية البحث عن الذات أشبه برحلة شاقة. إذ يجب علينا إسقاطُ جميع الأفكار الموروثة عن أنفسنا. فالإنسان يجمع كلَّ ما يقوله الناس عنه ويتماهى معه: إننا ننسى صفاتنا الأصيلة ووجهنا الحقيقي، ويصير هدفنا هو نوال إعجاب الناس وتقديرهم ورضاهم. وللأسف فإن العالم الذي نعيش فيه ليس "متحضِّرًا"، كما يدَّعي، بل هو عالم همجي بدائي يمجِّد القوة التي غالبًا ما تكون وحشية وظالمة ومنافقة. باختصار، يدفعنا أوشو إلى المجازفة! يقول بإيمان: "جازف لتكون حقيقيًّا." فالوقت الذي نعيشه مستخدِمين الشخصية الزائفة هو انتحار بطيء نمارسه على أنفسنا.

في كتابه الذي يتناول فيه موضوع الذكاء والإبداع، يعرِّف أوشو بالإنسان "الذكي" بأنه الثائر وبأنه الذي يمتلك القدرة على اكتشاف غير العادي في العادي. وهو يقول إن جميع أنواع الإبداع هي حدسية، وبأن معظم الاكتشافات العظيمة تحققت بواسطة الحدس، وليس الفكر. ويخصِّص أوشو فصلاً هامًّا لأهمية التأمل في الحياة، ويعرِّف بالتأمل بأنه القدرة على أن تكون سعيدًا وأنتَ وحيد، سعيدًا بنفسك سعادةَ الطيور في تحليقها!

يحفزنا أوشو دومًا على اكتشاف آفاق جديدة للحياة، يجعلنا نفهم العالم من حولنا وكيف نتعامل معه. فنحن في الواقع لدينا نظريات عن الحياة، لكننا لا نعيش عمق الحياة الحقيقية. رؤوسنا مليئة بأفكار نعتقد أنها الحقيقة المطلقة، لكننا لا نفهم أن الحقائق نسبية. إن إنسان اليوم في حالة نفسية بائسة حقًّا: معظم حواسه معطل، يعيش في حالة جمود، متشبثًا بعقائد جامدة تعيقه عن التواصل الحقيقي مع الناس، عقائد جامدة، فارغة من الروح والحب. حتى حديث الناس بعضهم مع بعض فارغ: إذ إننا نستمع إلى بعضنا بعضًا بدافع اللياقة؛ وبالتالي، فإصغاؤنا ليس إصغاءً حقيقيًّا، إصغاء عقل لعقل وقلب لقلب.

يساعدنا أوشو في كتبه القيِّمة على أن نترك أفكارنا البالية تتساقط كما يتساقط الورق اليابس عن أغصان الأشجار؛ يزيل "الصدأ" عن أفكارنا ومشاعرنا ويفتح مسامنا لنور الحقيقة. أوشو يدلنا على الأصالة الحقيقية الكامنة في نفوسنا التي ضيعناها بسبب ضغوط هذا الزمن الهائلة وبسبب خوفنا من الحياة. لذا نحتاج إلى ترميم قوانا المُخدَّرة بالخوف والقلق، المشلولة بالإحباط؛ نحتاج إلى فلسفة صادقة وعميقة، مثل فلسفة أوشو، تعيننا حقًّا على التصدِّي للزمن المشحون بشتى أنواع المشكلات والإحباط، وعلى خلق الفرح والأمل عنوة – إذ لا معنى للحياة من دونهما.

تدعو أفكار أوشو الإنسان إلى التجذُّر في الوجود وفتح النوافذ عليه، بأن يذهب الإنسان إلى الله لا نتيجة للخوف، وإنما من خلال الحب. "المحبة" ليست مسيحية، ولا إسلامية، ولا هندوسية. وإذا كان القديس يوحنا يرى أن "الله محبة"، وإذا كان "نبي" جبران يعكس المقولةَ نفسَها في قوله: "لا تقل: الله في قلبي، ولكن قُلْ: أنا في قلب الله"، فإن أوشو يقول: "الحب هو الله." وفي هذا اقتراب من مفهوم ابن عربي لـ"دين الحب": "الحب ديني وإيماني".

أحيانًا، نجد أنفسنا منغمسين في شيء ما. وفي لحظة التذكر، نخرج من ذواتنا، نعيد تركيب أنفسنا، فتزدحم الأفكار في رؤوسنا. يقول أوشو في ذلك:

انتقِ الأفضل منها. ستكون أمامك على شاشة الوعي ثم تختفي. كن منتبهًا. هناك فيها ما هو جيد وما هو سيء. وسواء كانت طبيعيةً أو لم تكن، انظر إليها بعين العالِم. وذات يوم، فجأةً، لن تراها ثانية؛ وفي ذلك اليوم سيغمرك صمتٌ لم تتعرف إليه من قبل، سيبقى إلى جانبك، سيكون معك كنفسك، وإنه ليحرِّرك من عبودية الجسد.

والحياة، في مفهوم أوشو، هدية من الله تعالى. وكذلك الولادة والحب والموت هدايا، على أن نعرف كيف نكون شاكرين لله – وإذ ذاك فكل شيء يتحول إلى هدية. الآخرون يفتقرون إلى الشعور بالشكران؛ ومن الناس مَن يدينون الآخرين دومًا ويتذمرون، ويطلبون المزيد والمزيد. النوع الأول من البشر فقط هو الذي يصبح ورعًا وشكورًا؛ على عكس الثاني الذي لا يستطيع ذلك، لأنهم اتِّكاليون، يظنون أن على الله أن يلبِّي طلباتهم كلَّها، ولذلك يكفرون أحيانًا إذا لم تُلبَّ طلباتُهم. وهؤلاء يشعرون دومًا أنهم مكبوتون وأن كلَّ ما يحدث باطل ومخادع: إذ لا شيء يلبِّي رغباتهم، لا شيء يملأ قلوبهم بالرضا؛ دائمًا تحدث الأمور الحسنة بعيدًا عنهم! إنهم يعيشون في بؤس وشقاء لأنهم يكنُّون دومًا الشكوى والحقد ونكران الجميل، كما لو أنهم مبعَدون عن شيء ما. كيف يستطيعون الشعور بالامتنان؟ فمن غير امتنان "ليس هناك صلاة، ومن دون الصلاة ليس هناك دين". هكذا هؤلاء، ومصيرهم الضلال.

الصلاة في الحقيقة ضرورية: إنها شكر لله على ما أعطانا من نِعَم الحياة، مهما كانت. إنه موقف ينطوي على قول "نعم"، ولا يعرف الشك ولا الارتياب أو التشاؤم أو السلبية. العالم هو الجمال والروعة، حتى إنك لا تستطيع إلا أن تُبادَله الفرح والغناء! إنها – أي الصلاة – هدية لنا، ونحن جديرون بها. فنحن لا نستطيع أن نردَّ الجميل إلى الله إلا بها. فكل ما نستطيعه هو أن نشكر الله: "بالشكر تدوم النعم". يقول أوشو:

اجعل الصلاة دربك. كن شكورًا بكلِّ الطرق الممكنة، لا تتذمر أبدًا، وأسقِط العقل الساخط. فالمسألة، فقط، قضية قرار. وما إن تقرِّر أن تُسقِط التذمر حتى تبدأ في إسقاط العادة القديمة. وينبغي، أيضًا، إسقاط حواجز الجسد. فنحن متماهون كثيرًا مع أجسادنا، نعتقد أننا أجساد، ونحن لسنا كذلك. هذه هي الفكرة الزائفة الأولى التي ينبغي إسقاطُها. هذه الفكرة الزائفة تولِّد أفكارًا زائفة أخرى. إذا كان الواحد منا متماهيًا مع الجسد فإنه سوف يكون خائفًا من الشيخوخة، المرض، الموت. هذا الخوف يخلق من هذا التماهي الالتصاق بالجسد. أنت الذي يدرك هذا الجسد، وأنت لست العقل أيضًا.

ويتابع أوشو:

ابدأ أولاً بالعمل على الجسد، لأن من السهل الابتداء بكلِّ ما هو محسوس؛ ثم تحوَّل نحو الأرقِّ والألطف: انظر إلى العقل باعتباره منفصلاً عن ذاتك، حتى تعي أنك لست الجسد ولا العقل. ستشعر بالحرية وبأنك بلا قيود أو حواجز. لن تكون هناك جدران، سيكون فقط الفراغ المطلق في الاتجاهات كلِّها. عندئذٍ ينبغي إسقاط الحاجز الأكثر شفافية، وهو المتعلق بالمشاعر.

أي أن علينا، أولاً، أن نتحرر من الجسد، ثم من الفكر، ثم من القلب – وحتى نكون متنوِّرين علينا أن نتحرر من القلب. عندما نعرف أننا لسنا الجسد، ولسنا العقل، ولسنا القلب، سنعرف مباشرة مَن نحن، وما هو الوجود، وما هي الحياة بكلِّ معانيها، وسيرتفع الحجابُ مباشرة عن الأسرار كلِّها. جميعنا هنا "غرباء": هذا العالم ليس بيتنا؛ بيتنا في مكان آخر. نحن في أرض غريبة. أن نبقى خارج ذواتنا هو أن نبقى بلا منزل. وبرجوعنا إلى المنزل نعود إلى دواخلنا. فلنكرِّس جهودَنا كلَّها للعودة إلى الداخل؛ فلا شيء أكثر قيمة من هذا التوجه. لذا علينا المخاطرة والتضحية بكلِّ شيء؛ وماعدا ذلك يُعَد أمرًا تافهًا.

نتعرَّف ولا نعرف

هناك فرق بين المعرفة والتعرف. المعرفة هي معلومات وافية عن زمن مضى، بينما التعرف هو محاولة اكتساب معرفة جديدة؛ إنه عملية تحول تطوري. لذا، إذا كنَّا فعلاً راغبين في التعرف، علينا الاعتراف بأن كلَّ شيء قابل للتعرف والتحول. حتى اللغات التي نكتب بها اليوم أو نحكيها قطعت مراحل "تعرُّف" كثيرة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. ولهذا انقرضت لغات لأنها لم تتحول. فلا شيء في هذا الوجود ثابت؛ كل شيء في تحول دائم. لذا لا تقل "معرفة" بل "تعرف"، ولا تقل "الحب" بل "أنا محب ومحبوب في آن". المشكلة أننا تعوَّدنا على ترداد الأشياء كالببغاوات، فلا نزال نقول "النهر"، مع أنه جريان المياه وليس هو ذاته بين ثانية وأخرى. وكذلك الأشجار: مع أنها تنمو كلَّ لحظة وتتغير، تتساقط أوراقُها، ثم تعود فتورق من جديد. إذًا لا شيء ثابتًا في الوجود.

أيها الإنسان، كن مع الحياة متحركًا ومتحولاً، ولا تكتفِ بالنظر إلى ما يجري دونما اهتمام، بل انظر بهدف التعرف إلى التحول الذي يصيب الأشياء. ولا تكتفِ بما عرفت، بل ثابرْ على اكتساب المعرفة؛ فهكذا ترى الأشياء واضحة.

مهما عرفنا يبقى هناك الكثير من الأشياء والأمور التي عرفناها وتعرَّفنا إليها. ففي كلِّ لحظة ثمة شيء جديد؛ وحتى "أنا" الآن لستُ "أنا" بعد انتهائي من كتابة هذه الكلمة. أقول "الكلمة" وليس "الكلمات"؛ فالحياة مستمرة في التحول ولا تتآلف مع الغموض. والله لا يحل إلا في أولئك القادرين على التحول والراغبين في التعرف. فكيف يتم اكتشاف المعرفة، الحقيقة، الحكمة؟ إن ذلك يتم من خلال الوعي المنتبه: لا من خلال مراكمة المعلومات، بل من خلال الذهاب إلى داخل عملية التحول نفسها. الوعي المنتبه هو تحول داخلي جذري، ولادة جديدة.

غالبًا ما يوجد المرء في حالة نوم: وعيه المنتبه في أدنى درجاته، يعمل بنسبة واحد في المئة وحسب أو بنسبة أقل من ذلك. ولكن ذلك يكفيك لعملك اليومي، يكفيك لتكسب خبزك ولتوفر ملجأك وليكون لك أسرة وأولاد؛ يكفيك هذا الوعي الضئيل لتحقيق ذلك، لكنه لا يكفيك لتحقيق ما هو أكثر منه. تسع وتسعون في المئة من وجودك تبقى في ظلام دامس! لكن هذا الظلام يمكن لك تغييره. في إمكان المرء أن يمتلئ بالنور. عندئذٍ يتعرف المرء إلى ثقافة العيش وإلى الغبطة الهائلة للعيش والحياة.

منذ أن وجد الإنسان والعقلُ عاجز عن معرفة ماهية الحقيقة. إنه يعرف أشياء عنها، لكنه لا يعرفها في ذاتها. أن تعرف شيئًا عن الحقيقة أمر مختلف عن معرفتها. قد تكون قادرًا على التحدث عن الحب من دون أن تعرف ما هو. وحتى تتعرف إليه، يجب أن تمرَّ بخبرة الحب، يجب أن تكون عاشقًا. جمع المعلومات شيء، والوصول إلى الذات شيء آخر. في مقدورك حفظ ما قاله الفلاسفة وعلماء الدين، وكذلك نظريات العلوم وفرضياتها؛ ولكن ليس في مقدورك الادِّعاء بأنها أقوالك ونظرياتك وفرضياتك أنت. لا أحد ينكر أنها تعينك على تعميق وعيك – وهنا مكمن الخطر: لأنها تجعلك مدَّعيًا أنك تعرف كلَّ شيء.

عليك دومًا معرفة أنك إنْ حفظت شيئًا فقد غابت عنك أشياء. عليك معرفة الشيء ونقيضه، وعليك الاعتراف أنك جاهل في أمور كثيرة. لماذا؟ حتى تبقى راغبًا في حبِّ الاستطلاع، في اكتساب المعرفة، حتى تبقى باحثًا عن الحقيقة، عن حقيقة المعرفة. وهكذا تمضي حياتك باحثًا عن الحقيقة، عن حقيقة الوجود، باحثًا عن الوعي الكلِّي الشامل، بهدف الوصول إلى الحقيقة واختبارها. الله معنا كلَّ لحظة. إنه في قلوبنا النابضة، في رئتينا حين نتنفس. لكن المشكلة هي أننا، أحيانًا، لسنا مع الله. نريده أن يكون معنا ولنا، في حين لا نحاول التقرُّب منه. لكننا حين نصبح مع الله، نعي أهمية الحياة، نعي أن علينا الشعور بالشكر والامتنان ونعي أهمية وجودنا. ليس في مقدورك الاستيلاء على الحقيقة، بل السعي إليها وحسب، بأن تفتح قلبك لها – ولن يكون هذا إلا بالتأمل، إلا بالاستغراق في التفكير، بجعل نفسك ممتلئةً بالنعمة، في أن تكون شاعرًا وليس عالِمًا، في أن تصلي من الأعماق وليس من الشفاه.

صلِّ واثقًا أن الله يستجيب لدعائك وأنه سيكون معك. كن مصباحًا ينير ذاتك قبل إنارة غيرك. فلا أحد في مقدوره منحك المعرفة. فإن ظننت هذا فهذا يعني أنك لن تتعرف إلى المعرفة. فلماذا تبحث عن النور خارج ذاتك؟! الله أعطاك كلَّ ما أنت في حاجة إليه، مَنَحَك النور الداخلي؛ وهو دائمًا إلى جانبك ومعك ليساعدك على التمييز بين الصواب والخطأ، ليغمرك بغبطته ورضاه. لا تكن مثل أولئك المستلقين على قارعة الطريق بانتظار من يُقلُّهم معه – فهذا مضيعة للوقت وهدر للطاقة الكامنة فيك.

أنا لن أقول لك ما عليك فعله، ولا كيف يجب أن تفعل هذا أو ذاك، بل أطلب منك أن تكون أنت أنت، ولا أحد غيرك. ثم، أخيرًا، لماذا لا تجعل حياتك حديقة أزهار، متعددة الأنواع والألوان، كل زهرة تسعى أن تعطي أكثر من الأخرى. إنه "استباق الخيرات". فلماذا لا نكون مثلها، نتنافس من أجل بلوغ التسامي؟ كثيرون من البشر يعانون انقسامات وصراعات داخلية، يحارون أيَّ طريق يسلكون، لأنهم ليسوا كتلك الأزهار التي توحدت في سبيل العطاء. بغير ذلك لن يشعر الإنسان أن حياته ليست مصادفة، بل هي مجموعات تخلَّت عن أنانياتها ونذرت نفسها لفعل الخير.

فلا نعمة، ولا محبة، ولا سعادة إلا بتوحد الذات الإنسانية؛ إلا بتوحد ساعٍ للوصول إلى نعمة الله.

* * *



"المستقبل"
مختارات من أقوال أوشو بتعريب وشرح مريم نور

إن كلَّ ما أقوله ليس هو الشيء الذي أريد أن أقوله لكم. فكلُّ ما أقوله لا يفعل شيئًا مع الحقيقة لأن الحقيقة لا يمكن أن تُقال. كل ما أقول ليس إلاَّ طَرْقًا على الباب! وعندما تصبح واعيًا سوف ترى الحقيقة. ماذا أريد؟ أريد أن أرى القوة والسلام في كمالهما، أريد جمعًا وانسجامًا بين الدين والعلم. وبهذا يولد فردٌ مثالي لثقافةٍ مثلى.

إن الفرد ليس جسدًا أو روحًا، إنه توحيدٌ للاثنين معًا. لذلك فإن أيَّ شيءٍ يعتمد على أحدهما بمفرده يكون ناقصًا.

لستُ هنا لأجعلك تفهمني! أنا هنا لأساعدك على أن تفهم نفسك. عليك أن تراقب عن كثب أفعالك، علاقاتك، أحوالك ومزاجك، أن تراقب حالتك عندما تكون وحيدًا وعندما تكون مع الناس، كيف تتصرف، كيف تنفعل... هل ردود أفعالك شرقية أم غربية؟ هل هي نمط متحجِّر من الأفكار، أم أنك عفوي، تلقائي، مسؤول؟ راقب هذه الأشياء كلَّها، استمر في مراقبة فكرك وقلبك. هذا ما يجب أن تفهمه، هذا هو الكتاب الذي يجب أن تفتحه. أنت كتاب غير مفتوح بعد.

الحياة كريمة جدًّا. كل ما عليك هو أن تكون مُتلقِّيًا. لكن لا تنتظر أية مكافأة! أريدك أن تكون بريئًا تمامًا من كلِّ فساد وتلوث فكري. ليكن عقلك صامتًا ومحبًّا، منتظرًا للمزيد أن يأتي. الحياة واسعة جدًّا، مهما اكتشفنا منها لن نستطيع أن نستنفدها أبدًا! فهي لامتناهية... والسر يكمُن في العمق، فوق الزمان وفوق المكان.

أنا كلٌّ مع الأشياء كلِّها... في الجمال، في القبح، في الأشياء كلِّها. أنا لست موجودًا في الفضيلة فقط، بل في الرذيلة أيضًا أنا شريك. وليست الجنة فقط مسكني، بل الجحيم أيضًا. بوذا، المسيح، لاوتسو... من السهولة بمكان أن أكون تابعًا لهم! لكن هتلر وتيمورلنك وجنكيز خان أيضًا في داخلي! لا، لا أنصاف! أنا الجنس البشري بكامله، وكل ما هو إنساني يسكن فيَّ – الورود كما الأشواك، الظلام كما الضياء. وإذا كان الرحيق لي فلِمَن السم؟ السم والرحيق كلاهما لي... كل مَن اختبر هذه الأشياء جميعًا هو بنظري إنسان متديِّن. فعذابات جميع هذه الخبرات وحدها تستطيع أن تُحدِثَ انقلابًا جذريًّا في هذا العالم المجنون!

كلما أوغل المرء بعيدًا داخل نفسه زاد نضجُه. وعندما يصل إلى مركز وجوده تحديدًا سيصبح ناضجًا تمامًا. ولكن، في تلك اللحظة، يختفي الشخص ويبقى وجودُه! تختفي النفْس ويبقى الصمت، تختفي المعرفة وتبقى البراءة.

أنا أيضًا فلاح، وقد زرعتُ بعض البذور. لقد تبرعمَتْ هذه البذور وأزهرت الآن. حياتي بكاملها مليئة بأريج هذه الأزهار، وبسبب هذا الأريج أعيش في عالم مختلف. لقد أعطاني ولادة جديدة... وأنا، منذ الآن، لا أبدو كما ترى العيون العادية. لقد فَتح غير المرئي وغير المعروف أبوابه المغلقة. وأنا أرى عالمًا مختلفًا، لا يُرى بالعين، وأنا الآن أستمع إلى موسيقى لا تستطيع الآذان سماعها. كل ما وجدته وكل ما عرفته متلهِّف، يشبه شلالات الجبال وينابيعها التي تتدفق مندفعةً إلى المحيط.

تذكَّر: عندما تمتلئ الغيوم ماءًا فلا بدَّ أن تُمطر، وعندما تمتلئ الأزهار عطرًا فإن عليها أن تهبه إلى الرياح لتنشره، وعندما يضيء المصباح فمن المفروض أن يشعَّ الضوء منه... لقد حدث شيء مشابه معي، وتقوم الرياح بحمل بعض بذور الثورة منِّي. ليست عندي أية فكرة في أيِّ حقل ستقع ومَن سيعتني بها. كل ما أعرفه أنني من مثل هذه البذور حصلتُ على أزهار الحياة والحياة الأبدية واقتربتُ من الله.

وأينما هبطَتْ البذور، في أيِّ حقل، ستتحول تربة ذلك الحقل إلى أزهار الخلود. الخلود مخفيٌّ في الموت، الحياة كامنة في الموت – تمامًا كالزهرة التي تخرج من التراب. لكن الشيء الكامن في التراب لا يمكن له أبدًا أن يظهر في غياب البذور. البذور تجعل الخفيَّ ظاهرًا وتُعبِّر عن المعاني الدفينة.

مهما كان لدي، ومهما كنتُ في حياتي، أريد أن أهب نفسي كبذور من الوعي المقدَّس. إن ما نحصل عليه عبر المعرفة والتعلم يُقدِّمه الحب في كَرَمٍ للجميع.



بمعرفة المرء نفْسَه يعرفُ الله، وبالمحبة يصبح الإنسانُ إلهًا في حدِّ ذاته.

عندما تغيب منك الأفكار ويبقى ذهنك صافيًا، عندما لا يكون عندك خيار وتكون لأمر الله مسلِّمًا، عندما لا تكون هناك كلمات ويكون قلبك فاعلاً، عندئذٍ تدخل في الدين الحق. لستُ من الذين يخافون الله، بل أنا من عشَّاقه – فالخوف لن يأخذك إليه، بل سيؤدي بك إلى فراقهِ.

ودون أن أشعر فأنا لست بمؤمنٍ ولا بمُعتقِدٍ أيضًا. فالاعتقاد أعمى! وكيف للأعمى أن يأخذك إلى الحقيقة المطلقة؟! مع احترامي للأديان كلِّها، لستُ بتابع لأيِّ دين! لأن الدِّين لا يمكن له أن يقسَّم ويُوضَع في مصنَّفات! إنه دين واحد، أبدي، لا يتجزَّأ، وهو التدين في القلب! والأديان كلها فيها روح واحدة، وهي توصلك إلى جوهرة واحدة.

بالأمس، عندما قلتُ ذلك، سألني أحدهم: "إذًا أنت مُلحد؟" لستُ بمُلحدٍ ولا بمُؤمن! إنها مجرَّد اختلافات سطحية وفكرية فقط، لا علاقة لها بالكون أبدًا. فالوجود غير مقسَّم مثل عقلنا المليء بالتناقضات. فمن الفكر فقط تأتي جميع تلك الاختلافات. كلٌّ من الإيمان والإلحاد مصدره العقل ولا يصل إلى المستوى الروحي! الروح تسمو فوق كلِّ شيء إيجابي وسلبي، وتكمُن وراءهما في العمق. في عبارة أخرى، إن الإيجابي والسلبي شيء واحد على ذلك المستوى، وليس هناك خط فاصل بينهما. لا يوجد أي مفهوم فكري يعمل هناك. في الواقع، على المؤمن أن يُسقِطَ إيمانه، وكذلك على المُلحِد أن يُسقِطَ إلحاده... ومن المحتمل إذ ذاك أن يدخلا جميعًا إلى عالم الحقيقة والحق ويهتديا إلى الصراط المستقيم.

الفكرتان كلاهما من استحواذ العقل عليك – والاستحواذ عبء مفروض قسريًّا. ليس علينا أن نقرِّر ماهية الحقيقة، لكن علينا أن نتذكرها بوصفها اللحظة التي ينفتح فيها المرءُ على نفسه. وعندئذٍ: "مَن عرف نفسَه فقد عرف ربَّه."

مَن يقدر أن يرمي جميع قراراته الفكرية والمفاهيم المنطقية وجميع الافتراضات والهواجس يصل إلى براءة طفولية يفتح فيها نفسَه على الحقيقة كما تفتح الزهورُ بتلاتها على النور. وفي هذا التفتح، تصبح الرؤية الحقيقية ممكنة، ولن يرى المريد إلا نورًا في نور. وهكذا فإنني أُسمِّي الرجلَ بـ"المتديِّن الحق" إذا لم يكن مؤمنًا ولا ملحدًا. التديُّن هو قفزةٌ كبيرةٌ من فكرة التعددية إلى الوحدة والتوحيد، إلى رؤية الله في الأشياء والمخلوقات قاطبة.

عندما تغيب الأفكارُ ويبقى ذهنك صافيًا، عندما لا يكون عندك خيارٌ وتكون لأمر الله مسلِّمًا، عندما لا تكون هناك كلمات ويكون قلبك فاعلاً، عندئذٍ تدخل في الدين الحقيقي.

الخوف لن يأخذك إلى الله، بل الحب سيجلبه إليك.

يا أخي الشجاع، هل تعرف أن الحكمة والشجاعة كلها تكمن في حبة الرمل التي تكاد لا تراها على شاطئ البحر؟! نعم، إنها الشجاعة الحقيقية النابعة من الثقة بالوجود وبالموجِد. تأمَّلْ رمال الشاطئ المتناثرة في موج البحر، كيف تروح جيئةً وذهابًا مع تلك الأمواج، من دون مقاومة أو خوف، بل بكلِّ سلام وتسليم، وكأن البحر يغازل حبة الرمل ويداعبها مع كلِّ موجة – إنه التناغم المطلق في الطبيعة، في كلِّ ذرة وكلِّ كون. هنا تجد الشجاعة الحقيقية في البحث عن الحياة ذاتها، لا بالعودة إلى الماضي الميت أو الغوص في وهم المستقبل. إنها الآن وفقط الآن، في هذه اللحظة الحاضرة التي تبدِّد الزمان والمكان إلى روح الإنسان، بأن تقول نعم للوجود الذي يحتضنك، كما يقولها الطفلُ لأمِّه، كما تقولها الشجرةُ للأرض والرياح والشمس، كما تقولها السمكةُ للمحيط... كل خلية في جسمك تقولها أيضًا؛ وأنت كذلك، من أعماق قلبك، كالعاشق الذي يفتح قلبه وروحه للمعشوق، فتزول الحواجزُ والحدودُ كلُّها، للاَّمحدود في هذا الوجود، وقبله، وبعده.

إن جذور الإنسان ممتدةٌ عميقًا في الوجود كـ"شجرة مباركة". فلماذا تقاوم الحياة؟! لمن هذه الـ"لا"؟ أهي لأمِّك الأرض؟ أم للسماء الزرقاء التي تحلِّق روحك فيها؟ أم للشمس التي تغتسل بنورها؟

مَن يقاوم الحياة يَمُتْ رويدًا رويدًا. هذه الحياة تتدفق فيك مع كلِّ نَفَس، تنعش قلبك كلَّ لحظة وكلَّ آن... فكن ناي الحياة يعزف لحنًا إلهيًّا أبديًّا، يا صاحب المكان والزمان.

الإنسان الشجاع ينظر حوله ويشعر بقلبه، ليرى بروحه أنه جزء من هذا الوجود الواحد، من هذا الكلِّ اللامتناهي، في هذه اللحظة وكلِّ لحظة، فيصمت فكرُه وتطمئن نفسُه في سكينة الساكن في كلِّ جسد وكلِّ أحد، يا واحد يا أحد، ليقولها بكلِّ محبة وثقة: نعم للحياة!

إنه مستعد ليغامر بكلِّ شيء عَرَفَه طوال عمره لأجل هذه الـ"نَعم"، لأجل تلك اللحظات التي رشف بها قليلاً من نبع الحياة الأبدية، فيستسلم لماء النهر العذب الصافي الذي يجري رقراقًا، متلألئًا في ضوء القمر والشمس، إلى المحيط الواسع اللاَّمحدود.

الشجاعة الحقيقية هي أن تكون حاضرًا لتغامر بنفسك أيضًا في سبيل نفحة من الحب الصافي. وتستمر المغامرة، حتى بتلك النفحات، إلى أن تفنى في المحبة. لأنك لن تعرف المحبة الحقيقية إلا عندما تذوب تمامًا وتتوحد مع المصدر، مع الأكوان والمكوِّن. هذا هو الفناء في البقاء. فلا تقف متفرِّجًا على الشاطئ مع تلك الكتب والخرائط والاعتقادات المعقَّدة. ارمِها بعيدًا واقفزْ في أحضان المحيط، أحضان الحياة. إن الإنسان يبحث عن الله أو الحياة ضمن حدود معينة، وينسى أنه يبحث عن اللاَّمحدود. فكيف تضع تصورًا مسبقًا أو حدًّا ما لبحثك؟! إنك لن تجده بذلك أبدًا، بل ستراوح مكانك، بتعاستك وبؤسك وقيودك التي تظنها حياةً، بصِلاتك التي تظنها صلةً وما أنت بمكفول ولا موصول، بل في بحور الشيطان تسبح وتجول!

هل تظن أنك ستشتري الحياة بالمال الذي تنفقه على مَن تسمِّيهم فقراء ومساكين؟! وهل تحسب نفسك مغامرًا من الدرجة الأولى لمجرَّد ذهابك إلى الجوامع والكنائس؟! إنك تكون كذلك فعلاً عندما تنذر نفسك في سبيل الحياة، بأن تذبح أحلامك وأمنياتك وطمعك على مذبح الكنيسة أو أضحى الأعياد. ثمن الحياة باهظٌ جدًّا، وهو أبعد من معاييرك وحدودك وأفكارك كلِّها التي قيَّدتَ نفسك بها. فإذا كنت تعتقد بأن صَلاتك لدقيقتين قبل أن تنام في ليل أحلامك المكبوتة صلاة، أو بأن تكرارك لبعض الكلمات والأسماء كالببغاء من دون حياة ذِكرٌ، فأنت تضيع فرصتك الوحيدة بأن تتعرف إلى حقيقتك.

أجل، "مَن عرف نفسه فقد عرف ربَّه". وإذا لم تتحلَّ بالشجاعة والإرادة الكاملة لخوض هذه المغامرة ستبقى ذاك المخادع الذي يخدع نفسه والآخرين دون أن يدرك ما يفعله، وكل ما يجنيه في النهاية وَهْم في وهم، كبرياء وتكبُّر، أنانية توحي إليك بسعادة زائفة مؤقتة. كل ذلك يسكن رأسك الذي يضيق بالأفكار والأدوار، حتى لم يبقَ لك دورٌ ولا دارٌ في الحياة الحاضرة ولا في الآخرة، ولا في هذا "الآن" المقدَّس الأبدي.

يا أخي، الدين الحقيقي أو الصلاة الحقيقية تكون بالحضور والوصل – هذه الحضرة والوعي الصافي الذي يستمر كلَّ لحظة وكلَّ ثانية.

المسألة ليست مسألة فعل أو القيام بشيء، بل هي مسألة تسليم وحضور في الآن. إن الأفكار والاعتقاد والانعقاد بالعقد يقطع تدفُّق الحياة – تلك الحياة التي تزهر في قلبك وتراها في عيون الآخرين، فتشاركهم بها بكلِّ حرية ومحبة. وهذا هو التدين الحقيقي والمحبة الحقيقية. وفي النهاية يقفز الشجعان في محيط الحياة، بينما يبقى الجبناء على رصيف الانتظار والدمار، حيث لا نمو ولا عمار. فمن أيِّ نوع أنت؟

لتعرف الوجود يجب أن تكون وجوديًّا. أنت لست كذلك، بل تعيش في الأفكار، تعيش في الماضي أو في المستقبل، لا تعيش هنا والآن. ولذلك يبرز السؤال: تظن أنك تعيش، لكنك لا تعيش، تظن أنك تحب، لكنك لا تُحب؛ أنت فقط تفكر في الحب، تفكر في الحياة، تفكر في الوجود. وهذا التفكير هو السؤال، هذا التفكير هو الحاجز. ارمِ الأفكارَ كلَّها وانظر: لن تجد سؤالاً واحدًا، فما يوجد هو الجواب فقط!

لذلك أصرُّ دومًا أن البحث الحقيقي ليس عن الجواب، البحث ليس لكي تجد جوابًا عن سؤالك؛ بل يجب أن تفكر فقط كيف تطرح عنك الأسئلة، كيف ترى الوجود والحياة من دون تساؤلات الفكر. هذا هو معنى الثقة بالكون ومُبدعه، هذا هو أعمق معنى للثقة والتسليم: أن تنظر إلى الوجود بذهنٍ خالٍ من الأسئلة. أنت تنظر في بساطة، ليست لديك أية فكرة كيف تنظر إليه، لا تفرض عليه شكلاً معينًا، ليس لديك أي حكم مُسبَّق، تنظر في بساطة وبعينين مجرَّدتين، مكشوفتين، لا تغطيهما أية أفكار، أية نظريات، أية معتقدات، تنظر إلى الوجود بعينَي طفلٍ صغير. وعندئذٍ، فجأة، لا يوجد إلا الجواب.

في الوجود ليست هناك أسئلة. الأسئلة تأتي منك أنت، وسوف تظل تأتي وتأتي... ويمكن لك أن تُكدِّس الكثير من الأجوبة كما يحلو لك. لكن تلك الأجوبة لن تساعدك. عليك أن تصل إلى الجواب؛ ولتصل إليه عليك أن تطرح عنك الأسئلة.

عندما يخلو الذهن من الأسئلة تصبح الرؤية واضحة، وذهنك صافيًا، وأبواب البصيرة تصبح نظيفة ومفتوحة. وفجأة، يصبح كل شيء شفافًا. تستطيع أن تغوص في العمق حيثما نظرتَ؛ فنظرتك تخترق إلى المركز، إلى الجوهر. وهناك، فجأة، ستجد نفسك في كلِّ مكان. ستجد نفسك في صخرة إذا نظرت إلى العمق، العمق الكافي. عندئذٍ يصبح المُشاهِد هو المَشهود، والناظر يصبح المنظور، والعالِم يصبح المعلوم.

إذا نظرت في عمق إلى صخرة، إلى شجرة، إلى رجل أو امرأة، وتابعت النظر في عمق، تصبح تلك النظرة حلقة، تبدأ منك، وتمر عبر الآخرين، وتعود إليك ثانية. كل شيء شفاف جدًّا، لا شيء يمنعه. الشعاع يذهب، يشكِّل حلقة، ويعود ليقع عليك. لذلك فإحدى أعظم العبارات في كتب الأناشيد هي "الحلقة كاملة": أي أن المتعبِّد مع الله واحد، الطالب مع المطلوب واحد، السائل هو نفسه يصبح الجواب.

في الوجود لا توجد أسئلة! لقد عشتُ فيه زمنًا طويلاً حتى الآن، ولم أصادف سؤالاً واحدًا، ولا حتى تساؤلاً. للحياة جمالها الخاص: لا شكوك تبرز في الذهن، ولا ظنون تحيط بك. لا يوجد أي سؤال داخل كيانك. فأنت لست مجزَّأ، بل كلٍّي. البداية هي النهاية...

والجمال كلُّه في البداية، لأنك حين تبدأ بالتحرك تكون النهاية – "السقوط في المحيط" – قد تقرَّرت. البداية كانت بين يديك، لقد كانت حريتك؛ لذا فإن الجمال يكمُن فيها. "السقوط في المحيط" ستكون له غبطة عظيمة، لكنه ليس في يدك. ما كان بين يديك هو البداية؛ وأنت استجمعت الشجاعة، وقفزت من حالة الركود والموت إلى حالة كائنٍ حي، يعيش، يغني ويرقص. فمَن ذا يهتم متى سيأتي "المحيط"؟! حسبك البداية، وهي أكثر من كافية – لأن "السقوط في المحيط" أصبح تلقائي الحدوث. لقد بدأت الرحلة. فابتهجْ بها، لا تفكِّر بالغد. اليوم، في حدِّ ذاته، يكفي. إنه هبة ونعمة وبَرَكة.

أنت المحيط – فما الذي ستجنيه من السقوط في المحيط؟! الأمر، في بساطة، هو أن ندرك أن الماء، في قطرة الندى أو في أكبر محيط، من الطبيعة نفسها. كل قطرة ندى تحتوي محيطات بداخلها، والمحيطات كلها تكونت من قطرات الندى. المريد الحقيقي لا ينشغل بالهدف؛ المريد الحقيقي يهتم بالبداية الصحيحة. وأنت مُبارك لأن البداية الصحيحة قد حدثت. أما متى يصل القارب إلى الشاطئ الآخر فاعلم أنَّ لا وجود للشاطئ الآخر! ليس هنالك إلا شاطئ واحد. فالمسألة لا تتعلق بالوصول إلى مكان ما بقدر ما هي مسألة صحوة، الآن وهنا. يجب على الصحوة أن تكون دائمًا الآن وهنا.

أما "القارب" الذي أتحدث عنه فهو في الحقيقة ليس بقارب. إنني أتحدث عن تحوُّلك إلى إنسان واعٍ، أي أن تصبح أنت القارب! عندما ننام نكون في المكان الذي نريده أو الذي قُدِّر لنا أن نكون فيه.

البشر يحلمون بدخول الجنة، إلا أنهم يغطون في نوم عميق؛ وهذا ما يمنعهم من دخولها. ومع الوقت، تصبح تلك الأحلام هي الحقيقة في نظرهم؛ أما الحقيقة الصافية فهي تتلاشى وتتحول إلى كذبة.

لستَ في حاجة إلى الذهاب إلى أيِّ مكان. فالتأمل ليس رحلة في الفضاء، ولا رحلة في الزمن، بل هو وعي آني. إذا استطعتَ أن تكون صامتًا الآن فهذا هو الشاطئ الآخر. إذا استطعتَ أن تُلزِمَ عقلك بالتوقف وعدم العمل فهذا هو الشاطئ الآخر. إلا أن العقل ذكي جدًّا ومخادع كبير: فهو يحرِّف التعاليم العظيمة كلَّها ويقفز فوق الكلمات ويمسك بها، ثم يبدأ بإعطاء معاني جديدة لها ليست في الواقع معانيها الحقيقية. نعم، لقد تحدثتُ مرة عن "الشاطئ الآخر"، وربما التقط عقلُك كلمتَي "الشاطئ الآخر"، إلاَّ أنك أسأتَ الفهم. كن واعيًا، وهذا "الشاطئ"، أي الوعي، سيصبح الشاطئ الآخر، وهذه اللحظة ستصبح الحياة الأبدية، وهذا المكان بالذات سيصبح الجنَّة.

تذكَّر: الوعي ليس في حاجة إلى وقت، ليس في حاجة حتى إلى جزء من الثانية لكي يحدث. إنه يتحقق برغبة جامحة تظهر بداخلك، نوعية شديدة من الشوق يحوِّلك إلى نار ملتهبة لتحترق معها! ومن خلال تلك النار فإن القديم فيك سيذهب والجديد سيأتي، على الرغم من أن "القديم" لم يكن موجودًا أصلاً في داخلك، بل أنت فقط اعتقدتَ بوجوده! و"الجديد" كان في داخلك منذ الأزل، إلا أنك نسيت ذلك. لا وجود لحقيقتين في هذا العالم. إنها حقيقة واحدة موحَّدة. فلا تفر من نفسك، لا تذهب إلى كهوف الهماليا ولا إلى أيِّ مكان آخر، لأن عليك أن تصبح واعيًا في مكانك بالضبط. وفي الحقيقة، أسهل عليك أن تصبح واعيًا هنا من ذهابك إلى جبال الهماليا!

لأنك إذا كنتَ تعاني في نومك ولاوعيك من كابوس ما فالصحوة تكون أسهل. أما إذا كنتَ تحلم أحلامًا جميلة فالصحوة ستكون أصعب بكثير: كمَنْ يحلم أنه مع مَن يحب، فيكون إيقاظُه صعبًا، حتى إنك قد تتحول في نظره إلى عدو! أما إذا كان نمرٌ مخيفٌ يطاردك ويريد افتراسك، وكلما اقتربَ منك شعرتَ به يعدو خلفك، عند ذاك تكون في منتهى التسامح والشكر لِمَن يوقظك!

في كهوف الهماليا ستحلم أحلامًا جميلة. وهذا ما يفعله النساك في الصوامع: يحلمون بالله، بالملائكة والجنة، بالسلام الأبدي، بينما يتعذب البشر في العالم ويعانون من الكوابيس المزعجة، كوابيس المال والبورصات، كوابيس قوة السياسة والأعمال. لذا من الأسهل أن تصبح واعيًا هنا، وسط هذا المحيط من الناس. لأنك إنْ لم تستطع أن تصبح واعيًا هنا لن تصبح واعيًا في أيِّ مكان آخر. لكن تذكَّر – ودعني أكرِّرها: لا وجود إلا لحقيقة واحدة، لكن في إمكاننا رؤية تلك الحقيقة في مظهرين مختلفين: المظهر الأول: بعينين نائمتين حالمتين، بعينين مليئتين بالغبار – وعندئذٍ فإن كلَّ ما تراه سيكون مشوهًا؛ والوجه الثاني: الحقيقة نفسها يمكن لنا رؤيتها بعيون يقظة وبصيرة مفتوحة – وعندئذٍ مهما يكن ما ترى سيكون حقيقة.

الحقيقة تُحرِّر... من أسماء الله الحسنى. ظاهريًّا، قد نرى القسوة في الحياة، لكننا لا نرى اللطف بأعيننا الحسية. عندما يبحث بعض الناس عن الله يقولون: "نريد أن نراه..." قد تشعر باللطف في قلبك، لكنك لا تستطيع أن تراه. بعينيك ترى القسوة والقوة؛ لكن، لترى اللطف، عليك أن تغلقهما. الله فيك، في داخلك. ولترى الله عليك أن تكون خارجه. لكنك فيه وداخله! لن تراه وتُدركه حتى تتحد معه، حتى تصبح أنت الله والله أنت: "وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبُّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها." (حديث قدسي)

لكي تصل إلى حقيقة الأشياء، أول ما يخطر ببالك: المعرفة – أن تعرف عنها، عن حقيقتها، أن تعرف عنها ماديًّا بالعلم والمعلومات. فالزهرة، مثلاً، لو نظرتَ إليها بعين العلم المادي، حلَّلتَ كيمياءها وعرفتَ مكوناتها، فاسأل نفسك: هل عرفتها بعد؟ ألم يفُتْك شيءٌ ما لأنك لم ترى جمالها؟ لنسأل العالِم: "أين يكمُن الجمال في الزهرة؟" فيجيب: "ليس فيها جمال. أنتم تتخيلون ذلك، هذا من بنات خيالكم. لقد فتتُّها وحلَّلتها قطعة قطعة، وهاكم ما وجدتُ: هذه الجزيئات هي التي تشكِّل الزهرة. الذرات، فيها دقائق وشحنات، ولكن لا جمال فيها مطلقًا." من منَّا لا يرى الزهرة جميلة؟! حتى عالِمنا العظيم، في لحظة شاعرية، سيهدي زوجته زهرة! لن يهديها مواد كيميائية مرصوفة على شكل زهرة! سيهديها جمالاً كامنًا في الزهرة. ولكن عندما يتخذ دورَ العالِم يبدأ بالإنكار، لأن الجمال لا يُرى بالعين المجردة، ولا يساعدك المجهر على تقصِّيه، بل قلبك العاشق، يا إنسان! الشاعر يجلس قرب الزهرة، يغلق عينيه، يراها في داخله، ثم يصبح هو الزهرة ذاتها – وهكذا يعرف ماهية الزهرة! هذا هو الحب والعشق. عندما ترى امرأة، تراها من الخارج، ترى طولها وعرضها، وقد تسألها عن بلدها واسمها، لكنك لم تعرفها بعد. أما إذا عشقت هذه المرأة فستعرفها، ستعرف روحها، جمالها؛ عندما تحبها، لا يبقى أي شيء اسمه "أنت" أو "هي"، بل وجودكما المشترك.

الله هو "اللطيف". فلا تبحث عنه بفظاظة، بل حاول بطُرُق جديدة، بطُرُق غير مباشرة، أن ترى الله كجمالٍ وحبٍّ مقدَّس. لا تكُن مفكِّرًا شكَّاكًا، بل شاعرٌ حساس؛ وبدلاً من تشريح الأشياء، اتَّحدْ معها لكي تفهمها. عند ذاك سترى الله! لن تراه بإرادتك، ولن تراه كشخص ماثل أمامك، بل ستُدرك أنه أنت، وأنك هو، وأن روحك جزء من نوره الصافي. لن تراه محيطًا بك فحسب، بل ستراه في قلبك وكيانك كلِّه، تحيط به ويحيط بك، فوق المكان وفوق الزمان، فوق إدراكنا المادي الضيق، وستصل إلى قول الحلاج: "أنا الحق" – هذه الأنا الكونية التي عبَّرت عن موت الأنا الصغرى واتحادها مع الخالق.

كلُّ ما هو جميل في هذا الوجود هو الله. كلُّ ما فيه من بهاء وعظمة هو الله. أينما رأيتَ الجمال فهو مقدَّس؛ أينما رأيتَه فانحنِ واسجد تقديسًا له – فهذا من الله. "الله جميل ويحب الجمال." والجمال ليس حِكرًا على شيء دون آخر. قد تراه في وجه إنسان، في زهرة، في نجمة. فأينما وجدتَه وأحسستَ بروعته، بالعظمة الكامنة فيه، قِفْ قليلاً، خُذْ من وقتك لتتأمل فيه – وسيُفاجئك! كلما ازددتَ إدراكًا للجمال تزداد قُربًا من الله وترى البهاء في كلِّ مكان، ترى عظمة الخالق في كلِّ شيء. وفي الحقيقة هذه العظمة موجودة في كلِّ شيء وفي كلِّ مكان. حتى في الصخر الجامد تكمن العظمة، وهي تنتظرك لكي تكتشفها. عيناك اللتان تشعَّان بالحبِّ ستريان الحجر جميلاً وستكتشفان جماله الباطني.

عندما تبحث عن الجلال والعظمة في الأشياء ستراها في كلِّ مكان وسيختفي القبح من حياتك تدريجيًّا. وفي الحقيقة، ليس هناك من شيء بشع، لأن الله – الجمال الصافي – هو الذي خلق كلَّ شيء، خلقه على صورته، على جماله. أما القبح فهو فهمنا الخاطئ؛ القبح هو سوء فهمنا للأشياء ونظرتنا السطحية إليها.

عندما تبحث عن "ذي الجلال" ستراه في كلِّ مكان، ستراه في البرق، وستسمعه مع الرعد، ستحس به يغسلك بالمطر، ستسمعه في الصمت والصوت، وسترى الأمور على حقيقتها لأول مرة: لا إله إلا الله! المعبد والمسجد في قلبك. وأنت في هذا الكون، في المعبد الأكبر، تسجد في كلِّ لحظة لـ"ذي الجلال والإكرام".

*** *** ***




[1] على الرغم من تحفظاتنا العديدة على شخصية أوشو (بهگڤن شري راجنيش سابقًا) وعلى مسلكه في الحياة، لا يسعنا، دون الدخول في التفاصيل، إلا أن نحترم جرأةَ تعاليمه في مقاربتها تحريرَ الإنسان من الإشراطات الفكرية والدينية والنفسية والاجتماعية التي تكبل وعيه وتعيقه عن تحقيق كمونه المبدع: فمن شأن التماس مع هذه التعاليم أن يحرض لدى القارئ الأخلاقي الجاد فحصًا جذريًّا عن هذه الإشراطات، قد يصل إلى حدِّ نسفها من أساسها. – ومن هنا نشرُنا هذا المقال. (المحرِّر)



[3] لا بدَّ لنا هنا من التنبيه إلى أن مصادر هذا المقال ومراجعه كانت كثيرة ومتشعبة، مما يصعب علينا ذكرها جميعًا. لذا نقدِّم اعتذارنا سلفًا لكلِّ مَن اقتبسنا منه ولم نذكر اسمه أو عنوان كتابه أو مقاله. (ف.م.)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين 15781612
مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين Icon_minitime 2020-12-07, 7:32 am

تبدأ الرحلة الداخلية فقط ، عندما تفهم بشكل واضح أن لا شيء في الخارج سوف يمنحك الطمأنينة.

أوشو

عندما ترى الجمال في الحياة ، فإن القبح يختفي .. عندما تعيش الحياة ببهجة ، فإن الحزن يختفي .. لا تجتمع جنة ونار ، و لديك الخيار.


‏البشرية تبدو بائسة جداً، فعوضاً عن أن يعطي الإنسان الحب، صار متسولاً يطلبه باستمرار. الزوجة تطلب “أحبني” وكل الناس تطلب، فمن سيعطي من؟


العقل وحده لا يكفي ، العقل بحاجة للغذاء الروحي

كُن طفلاً مرة أُخرى لأنه فقط مع الطفولة تستطيع أن تكتسب عفويتك وستصبح جزءً من فيضان الطبيعة من جديد.

لا يوجد سوى نوع واحد من الفقر : الا هو القلب الذي لا يستطيع ان يحب.

‏الشهوة هي انفعال بينما الحب هو العطر الناتج عن الصمت ، عن الطمأنينة ، عن القلب التأملي ، لا علاقة للحب بأي من القضايا الكيميائية أو الهرمونية.

في اليوم الذي ستدرك فيه أنك لست بحاجة إلى جذب إنتباه الآخرين، سيبدأ الآخرون بالإحساس بجاذبيتك، لأنها ضوء فرديتك

الصلاة التي هي عبارة عن ترداد كلمات ليست صلاة مطلقا .. الصلاة الحقيقية يجب ان تحتوي على الصمت.

من الصعب جداً أن نفهم الانسان الباحث عن السلام والهدوء وسط الزحام , وسط الكم الكبير من الناس والفوضى.

الحب بالإكراه قبيح.

السيطرة على الآخرين دليل كراهية وغضب وعدائية! فكيف تفكر بالسيطرة على من تحب؟ إذا كنت تحبه حقا ستفرح حين تراه حرا مستقلا.

الفقر ليس تكفيراً لخطايا ارتكبناها في الماضي , بل بسبب نظام مجتمعي يعتمد على الإستغلال.

الحياة تتعدىّ المنطق. إنها تناقض، إنها سٍرّ.

إن لكل رجل امرأة تناسبه في مكان ما على الأرض والعكس صحيح

لا علاقة للنضج بخبرات الحياة. النضج هو نتاج الخبرات الباطنية

هناك بضع كلمات تمت إساءة استخدامها مثل الحب , الله , السلام.

الذكَاء خطير، فهو يعْني أنَّـك ستفكّر بنفسك، تبحثُ بنفسِك، لن تصدّق بالنُّصوص المقدّسة، ستصدّق ما تجربه بنفسِـك.

من لا يستمتع برفقة نفسه ، لا يمكن لأحد ان يسعد بمرافقته.

السؤال الحقيقي ليس ما إذا كان هناك حياة اخرى بعد الموت .. السؤال الحقيقي هو هل كنت على قيد الحياة قبل الموت ؟.

الحب قوة ، لا يقدر عليه إلا الأقوياء ، لا مجال هنا للضعفاء والمهزومين نفسيا.

كلما ذهب المرء داخل نفسه كلما زاد نضجه وعندما يصل إلى مركز وجوده بالتحديد سيصبح ناضجاً تماماً ولكن في تلك اللحظة سيختفي الشخص وسيبقى وجوده.

انفتح على العالم بكل شجاعة , ليس هناك ما تخسره .. هناك الكثير يمكن أن تكسبه ولكن تحاشى الضياع في هذا العالم.

السعادة ليست مقصداً إنها رحلة .. السعادة ليست غداً إنها الآن .. السعادة ليست باﻹعتماد على اﻵخرين إنها قرار.

كل ما نحتاجه هو فن اسكات العقل قليلاً.

كل شيء سيكون على ما يرام بالنهاية .. إن لم يكن كذلك .. إذاً هي ليست النهاية.

تتألف الغالبية من الأغبياء .. الأغبياء تماماً .. كن حذرا من الغالبية ، فإن كان الكثير من الناس يتبعون أمراً، فذلك دليل كافٍ على وجود خطر ما، الحقيقة تأتي لأفراد وليس للحشود.

الواقع هو تجمُّع، والحقيقة هي تكامل

لا شيء يُعيق وصولك إلى الله مثل قلة الصبر وفقدان الصبر واحد من أعظم مشاكل العقل المعاصر.

النضج و البراءة لهما نفس المعنى مع فارق بسيط , النضج يعني استعادة البراءة.

الجميع يحاولون ان يكونوا مختلفين و مميزين، فكن انت شخص عادي و بسيط لتكون المختلف عنهم.

إن لم تستطيع أن تشعر بجسدك وتحبه لن تستطيع أن تشعر بجسد آخر وتحبه.

عندما يصل الإنسان إلى أعلى مرحلة بالوعي وهي التنوير , لن يكون إنسان جديد ولن يكسب شيء جديد ولكنه سيخسر الكثير , نعم سيخسر القيود والأغلال والبؤس والقلق.

أول خطوة في طريق الحرية هي أن تتوقف عن إلقاء المسؤولية على الآخرين.

إذا كنت لا تستطيع أخذ زمام تلك المسؤولية فسيأخذها أحد ما بالنيابة عنك ..عندها تبدأ عبوديتك.

المجتمع يُدمّر الثّقة من جذورها ويمنعك من التمتّع بالثّقة بالنفس .. أي إنّ المجتمع يدمّر الثّقة بالنفس ويعزّز الثّقة بالآخرين .. إنّ الثّقة بالآخرين تشبه الأزهار الاصطناعية التي لا جذور لها.

حيث ينتهي الخوف تبدأ الحياة.

‏الفرق بين الحب والعلاقات أشبه بتدفق نهر يجري بمحاذاة شجرة ، يحييها ، يمنحها الماء ، يزهرها ، لكنه لا يتوقف ! بل يواصل السريان.

عندما تدرك ما هو الحب فسوف تكون مستعدا لكي تهديه، فالحب هدية، وكلما أهديته أكثر كلما امتلكته أكثر.

الحرب هي الشيء الوحيد الذي ظل الإنسان متورطا به، يبدو أن الدمار له جاذبية كبيرة جدا ، و يبدو القتل و الجرائم و كأنها هدف العقل البشري.

كل شيء يأتي في وقته .. كل شيء يأتي عندما تكون ناضجا .. كل شيء يأتي عندما تستحقه .. تلك تجربتي.

قليل من (الحمق) كفيل بالاستمتاع بالحياة وقليل من الحكمة كفيل بتجاوز الأخطاء.

حين تحب المرأة تتوهج جمالاً، ويشع في عينيها بريق، ستمشي بخفه وأناقه وكأنها ترقص، ستحيطها هالة جديدة، الأمر نفسه ينطبق على الرجل.

التأمل إدراك المرء لذاته

الوردة لا تزهر لشخص ما ولا لتباع في الأسواق , انها تزهر بدون هدف أو غرض , إن الوردة تزدهر لأن الازدهار سعادتها الخاصه.

لست هنا لأعطيكم أجوبة .. إنني هنا لأحرض فيكم أشارة الأستفهام .. أشارة الأستفهام العظمى.

أترك عنك فكرة أن تصبح شخصية معتبرة، لأنك فعلياً أنت مخلوقٌ رائع.

لا تحاول فهم الحياة بل عشها! لا تحاول فهم الحب بل ارتمي فيه بكل جوارحك! عندها فقط سوف تعرف، وحين تعرف ستعجز عن التعبير والوصف.

كن انسان .. ولد الإنسان كزائر ولم يولد كاملاً .. الوردة هي وردة أما الإنسان فقد يكون ألف شيء وشيء .. كل الاحتمالات مفتوحة , كل الخيارات متاحة .. فكن عطراً لنفسك ونوراً للناس ومسكاً للمحبة .. كُن حقاً إنسان.

أن تكونَ وحيداً هو الثّورة الحقيقيّة الوَحيدة ، أن تقبلَ أن تكُون وحيداً هو أعظمُ تغيُّـر ممكن أنْ يحصُل لَك.

إذا كنت تخدع شخصا ما ، فإنك تفقد حينئذ واحدا من أعظم كنوز الحياة ، تفقد القدرة على الثقة ، لأنه بدون الثقة ، الحب يصبح غير ممكنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين 15781612
مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين Icon_minitime 2020-12-07, 7:37 am

شجاعة

ان كلمة (الشجاعة-courage) مثيرة للاهتمام حقيقة فهي تأتي من اللاتينية (قلب-cor) لهذا ، أن تكون شجاعاً يعني ان تعيش بقلبك، الضعفاء فقط هم من يعيشون بالعقل و حسب؛في خوفهم يخلقون طوقا من أمان المنطق حول أنفسهم.
في رعبهم يقفلون كل نافذة وباب -بالمفاهيم الدينية والعامة ، بالمفردات ، بالنظريات_ وخلف تلك الابواب والنوافذ يختبئون.

سبيل القلب هو سبيل الشجاعة هو ان تعيش اللاأمن ؛ أن تعيش بالحب والثقة ؛ هو ان تسبر المجهول . أن تترك الماضي وتمكّن المستقبل .
الشجاعة تقودك عبر دروب خطرة
الحياة خطرة والجبناء وحدهم هم من يستطيعون تجنب خطرها ولكن على أية حال هم أصلاً ميتون . المرء الحي ، الحي فعلاً وبعنفوان .دائما مستعد لخوض غمار المجهول ، الخطر حتمي لكنه سيقبل به ، فالقلب يرضى بالمخاطرة دوما ، مقامر ، أما العقل فرجل أعمال ، يراجع حساباته طوال الوقت ، ماكر .

القلب لا شأن له باي حساب

لطف ورحمة

الرحمة واللطف من الصفات الأكثر ألوهة، فالمسلمون يناجون من وقت لآخر “يارحيم .. يا لطيف” .. والشرط الأول لأن يكون الإنسان مثل ربه*، رحيماً لطيفاً هو أن يسقط الأنا.

لأن الأنا ليست لطيفة ولا رحيمة أبداً. الأنا عدوانية دائماً، لا تستطيع أن تكون لطيفة أو رحيمة. الأنا ليست متواضعة أبداً، ومن الصعب جداً أن تصير كذلك. فالمشروع الأناني يتهاوى بأسره إذا أصبحت الأنا متواضعة.

اللطف والرحمة هما الدرب الذي يؤدي إلى الإمساك بالوجود واحتوائه، بينما العنف يؤدي إلى تدميره وإفنائه. على المرء أن يصير ليناً شبيهاً بالماء بدلاً من أن يصير شبيهاً بالصخور . وتذكر دائماً : في النهاية سينتصر الماء على الصخور.

من كتاب تأملات قبل النوم

في الحب والكراهية .. وما بينهما

بعض العشاق يشعرون بأنه لاوجود لهم كأشخاص منفردين , الحب فقط هو الحاضر . من السهل تمييز هذه الوجودية الكلية للحب لأن الحب شئ مرض و جميل , لكن الإحاطة بوجود الكره أمر صعب لأنه حال غير مُرض .

العشاق , المحبون بعمق , لا يجدون أنهم " يحبون " , الحب لم يعد نشاطا أو فعلا , لكنهم عوضا عن ذلك قد أصبحوا الحب .

حين تحب أحدا تصير حبا , حين تكره تصير كرها , و لكن إن استطعت أن تُبقي على نفسك كما أنت فلن تحب أو تكره بالطرق العادية . لذلك ندرج على قول عبارة "وقع في الحب" , ظاهرة الحب هي عبارة عن سقوط , و الوقوع في الحب يعني أنك قد فقدت إدراكك لذاتك بسببه .

العشاق يغضبون ممن لا يعيش حالة الحب , أنت لا تستطيع التواصل معهم لأنهم فقدوا منطقهم , لم يعودوا "هم" تحولت كل طاقتهم إلى حب , يأتلفون معه كليا , ليس فيهم من يدرك ليشهد على ظاهرة الحب .

الأمر مشابه في الكراهية , الحب و الكره متماثلان لأنهما أخذ و تحويل لذات الطاقة , جاذبية الحب و نفور الكراهية . حين تكون في الحب مشدودا إلى أحدهم فأنت تفقد جوهرك , تفقد نفسك و يصبح الشخص الآخر هو المحور أو الجوهر , حين تكره أحدهم فأنت تنفر منه , تفقد مركزيتك و إدراكك لذاتك , يصبح هو المركز .

تذكر , ليس باسترجاع و ليس بعد انتهاء الأمر و لكن في ذات لحظة الحدوث , عندما يأتي الغضب , أغلق عينيك , تجاهل الحالة الخارجية و كن واعيا لما يدور في داخلك الآن .

طاقتك بأكملها تحولت إلى كراهية , إذا ركزت على مراقبة ذلك فسوف ترى جزءا من الطاقة يتحول إلى وعي , عمود من الوعي ينتصب وسط فوضى الكراهية أو الحب , كلما ارتفع أكثر فوق حالتك الداخلية كلما تضاءلت الفوضى و انكمشت , عندها ستلاحظ وجودك , أنك "أنت" من بقيت في الداخل و ليس الكره .

تتحول إلى ذات , إلى مركز , و لن يعود الآخر مركزيتك مجددا , لا جاذبا ولا منفرا .

على هذا التأمل أن يحصل لحظة الحدث , بعدها ستكون شخصا مختلفا تماما , ليس أنك هزمت الكراهية , ليس أنك تحكمت بحالتك العقلية , بل أنك صرت الآن وعيا , نورا لذاتك , و بسبب النور تستحيل العتمة .

أنت الآن شخص واع و الكره يحتاج لا وعيك كحجر أساس له , هو مستحيل مع الوعي .

هذه قاعدة هامة يجب فهمها بوضوح : الكره يحتاج لاوعيك , من اللاوعي يتغذى و منه يحصل على طاقته و قوته , لذلك لا تنشغل بالكره , انشغل بوعيك .

كن أكثر وعيا تجاه أفعالك و أفكارك , تجاه أمزجتك نحو ما يحصل حولك . الكائن الواعي لا يغمره شئ … لا الحب .. لا الكراهية ..

عندما يصبح الإنسان مركز ذاته , حين يصل إلى مرحلة متقدمة من تبلور الوعي , سيختفي الإنجذاب نحو الآخر , سيختفي النفور , لكن هذا سيخلق مشكلة أعمق , يعني أنك لن تقدر على تجاوز الكراهية مالم تتجاوز الحب , الجميع يود تخطي الكراهية و ليس الحب , لكن هذه الرغبة تضعنا في موقف مستحيل لأن الكره جزء من ظاهرة الإنجذاب و النفور .

كيف تستطيع أن تحب ؟ كيف تكون منجذبا لكل شئ ؟ نحن نحاول أن نحب بطرائق متعددة , لكن الطريقة الأسهل هي أن تكره شخصا و تحب آخر , السهل هو أن تجعل أحدهم عدوك و الآخر صديق .

ستكون مرتاحا , تستطيع عندها أن تحب , أن تكون مشدودا إلى (أ) و نافرا من (ب) , هذه طريقة , الطريقة الأخرى معقدة أكثر , أن تكره ذات الشخص الذي تحب , نحن نفعل هذا الأمر يوميا , نحب في الصباح , نكره في الظهيرة ثم نعود لنحب مساءا .

كل عاشق يعايش هذا التواتر بين الحب و الكراهية بشكل مستمر , الإنجذاب و النفور , صدق فرويد حين قال : عليك أن تكره عين الشخص الذي تحب , لا مفر من ذلك .

يزداد وضوح معنى هذا القول كلما أقصينا أنفسنا أكثر فأكثر عن أولئك الذين نحمّلهم كراهيتنا , أهداف نفورنا و بغضنا .

تستطيع أن تحب بلدك و تكره بلدا آخر , تحب ديانتك و تبغض أخرى , لأنك ببساطة يجب أن توازن الحب مع كراهية في الكفة الثانية .

في الماضي كان سهلا أن تحافظ على هذا التوازن , اليوم هنالك الناشطون الإنسانيون و دعاة المثالية , هؤلاء يدمرون أهداف الكراهية القديمة , قريبا قد يتحد العالم بحيث تصبح هناك أمة واحدة و عرق واحد و مع تطور كهذا سيُجبر الكل على حب و كره هدف واحد .

هذه الازدواجية هي الحال الطبيعي , إن أحببت فسوف تكره ..

بعض الأشخاص يستمرون بإلقاء العظات "أحبوا العالم بأسره !!" لكننا لا نستطيع أن نحب العالم مالم نجد عالما آخر لنكرهه , أنا لا أعتقد أن سكان الأرض يمكن أن يتحدوا حتى نكتشف أعداءا لنا على كوكب آخر , حالما نجد عدوا في مكان ما – و نحن نسعى جاهدين لذلك – عندها سيتوحد سكان الأرض .

لايمكن أن يتوحد هذا الكوكب إلا عند وجود كوكب آخر نحاربه , مجرد إشاعة عن وجود عدو قد تؤدي ذات الغرض .

لاينوس باولينغ – عالم حائز على جائزة نوبل – اقترح ذات مرة أنها ستكون فكرة جيدة إن نشرنا إشاعة عن طريق الأمم المتحدة عبر أصقاع العالم , إشاعة تقول بأن المريخيين على وشك مهاجمة الأرض , و أن تُدعم هذه الإشاعة من قبل علماء مختلفين حول العالم , آنذاك سيتوقف الإقتتال الناشب على الأرض .

أرى بأنه محق , فكما هي طبيعة البشر الآن قد يتأتّى من هكذا إشاعة نتيجة جيدة , الكذب قد يساعد , الحقيقة لم تساعد حتى الآن .

بتواجد الحب ستتواجد الكراهية و عليك أن تجد هدفا لتسقطها عليه , إذن فكلما أحببت أكثر تصاعدت كراهيتك أكثر , هذا هو الثمن .

تذكر , إما الحب و الكراهية معا و إما أن تعيش دون أي منهما .

الكره سيختفي ليس بقيامك بعمل ما بل بكونك أكثر إدراكا , أكثر وعيا , أكثر تيقظا , كن كائنا واعيا و ستصير مركز ذاتك دون أن يقدر أي كان على تحريكك من مركزيتك .

حاليا يستطيع أي كان القيام بهذا , البعض بالحب , البعض بالكراهية , لكنهم متقلقلون , يستطيع أي كان تحريكهم بعيدا عن مركزيتهم لأنها ليست مركزية حقيقية , هو مركز زائف تقبع فيه بانتظار أن يزيحك أحد ما عنه و يبعدك .

الوعي يعني المركزية , مركزية داخلية مستمرة , مع تحقيقها يختفي الحب , تختفي الكراهية و عندها فقط ستشعر بالسلام .

أعراضهما متشابهة فعليا , الكره العميق سيبقيك أرقا , الحب العميق سيحرمك النوم , كلاهما سيجعل ضغط دمك مرتفعا , كل الأعراض متماثلة , القلق , التعب , الإرهاق , الملل من الأشياء العادية , كلاهما يبقيانك متوترا , كلاهما مرض .

عندما أقول مرض (Disease) فأنا أعني الكلمة بحرفيتها : (dis-ease) عدم ارتياح , أنت لن تكون مرتاحا مع الحب أو الكراهية , راحتك تكمن فقط في زوالهما من داخلك , لا الحب لا الكراهية , عندها ستبقى في ذاتك , وحيدا في وعيك , تتواجد دون أحد آخر , الآخر أصبح غير مهم لأنك أنت المركزي .

بعدها سيأتي التعاطف , التعاطف هو الحدث اللاحق للمركزية , التعاطف ليس حبا ولا كراهية , هو ليس انجذابا ولا نفورا , هو بعد آخر مختلف كليا , إنه كونك نفسك و تحركك وفق نفسك , العيش تبعا لنفسك .

قد تجذب الكثيرين , قد تنفر الكثيرين , لكن هذا ليس إلا إسقاطهم , مشكلتهم هم .

تستطيع أن تضحك من الأمر و ستبقى حرا .

المصدر : كتاب أوشو – التحدي الكبير


مشكلة الكراهية هشّة جدا لذلك أنت لا تستطيع عمل شئ حيالها , مجرد شروعك بعمل ما تجاه كراهيتك يعني بأنك قد بدأت تكره كراهيتك , الآلية حساسة جدا , يستطيع المرء أن يغضب من غضبه و أن يكره كراهيته , أنت بهذا تحاربها , لكنك لن تنتصر أبدا لأنك دون أن تدرك , انتقلت بها إلى مستوى أعمق , درجة جديدة .
ببساطة , لا تفعل أي شيئ , فقط أدرك ماهية كراهيتك , كلما شعرت بالكراهية كن واعيا لوجودها , لا تتهرب منها , و تذكر أنه حتى مبادرتك بعمل ما تجاهها قد يصير هروبا .
إن كنت غاضبا و قمت بشئ ما حيال غضبك فأنت تتجاهل هذا الغضب بحد ذاته و تنشغل بالعمل ضده عوضا عن ذلك , تغيرت الرؤية : اختفى وعيي لغضبي و حل مكانه السعي لمواجهة الغضب , هذا امر سئ , طريقة خاطئة ستودي بك إلى كبت غضبك .
إن شعرت بالكره , الغضب , الجشع أو أي من هذا فلا تحاول أن تجابه شعورك بعمل فوري , فلتكتفي مؤقتا بقدرتك على وعي هذا الإحساس , أدركه في البداية , شاهد بشاعته , سُميته , شاهد حقيقة تكوينه .
حالما ترى الكره بكليته فإنه سيذوي وحده , يستمر الكره فقط إن عجزتَ عن معرفته ككل .
الأمر أشبه بأفعى صادفتها في دربك , حالما تدرك وجودها ستقفز مبتعدا , القفزة لم تكن أمرا مدروسا , أنت لم تخطط لها , لم تقرر أو تخترالقفز ابتعادا , حدثت بشكل تلقائي .
إدراك وجود الأفعى و حدوث القفزة أمران مرتبطان , الأول يولد الثاني , كذلك حين تعي الكره الكامن فيك , ستقفز عفويا , لا حاجة للتخطيط .
أول ما عليك تذكره هو هذا : دعك من الإدانة , ركز على تنمية وعيك لواقع وجود الكره , حالما يظهر , أدرك وجوده , تأمل فيه .
الأمر الثاني الأكثر دقة هو طريقة تفكيرك "أنا أشعر بالكره في داخلي , أشعر بالغضب و الجشع و الأنانية " , هذا التفكير هو حيلة متقنة يصنعها دماغك , خدعة ماكرة جدا , لأنك حينها و بطريقة حاذقة قد فصلت بين نفسك و بين الكره , أنت تقول : " أرى كرها فيّ , أرى جشعا , الجشع حالة فيّ و ليست أنا, أنا لست جشعا , أنا لست كارها , أنا لست غَضِبا , هذه أمور عارضة , غريبة عني لكنها الآن في داخلي "

هكذا يفكر العقل و هكذا تخدعنا اللغة , اللغة تقول " أَحمِلُ غضبا في داخلي " لكن الواقع مختلف , حين تكون غاضبا فليس الغضب جزءا منك أو فيك , أنت الكره , لا يمكن وجود كينونتين في ذات الوقت معا , واحدة فقط , إما الكره أو أنت , لا يمكن لكليكما التواجد سوية .
وجودك يعني ذوبان الكره , وجود الكره يلغي وجودك .
اجعل لاستيعابك خطا وجوديا لا لغويا ,اللغة تخلق العديد من المشاكل و باعتمادنا عليها فنحن نتخذ سلوكا غير واقعي تجاه الأحداث .
إذا كنت غاضبا – على سبيل المثال – فليس هنالك "أناً" للغاضب , هناك فقط الغضب , أنت تماهيت فيه , لم تعد أنت .
توجه نحو المسألة بشكل وجودي , حين يكون الكره كن واعيا فيما إذا كان وحده أو كنت معه , آنذاك ستشعر بتغير عميق ينتاب وعيك , حالما تدرك إن كانت هذه كينونتك أم كينونة الغضب سيأخذ وعيك بالتنامي ومع ازدياد الوعي يتضاءل الكره , لا يتعايش الاثنان معا , الكره ممكن فقط حين يكون الشخص راكنا إلى لاوعيه , غير مدرك , غير مفكر , غير متيقظ .
حين يرحل الكره , الغضب , العنف , و تبدأ باسترجاع تلك الحالات فإنها ستتحول إلى جزء من ذاكرتك , الآن يمكنك فصل نفسك عنها , ستنفصل عن الغضب و الغضب سينفصل عنك , الآن هو جزء من ذكرياتك .
هذا بالتحديد ما يدعم الخطأ اللغوي الذي كنت أتحدث عنه : تجربتك .
منذ لحظة كنتَ غاضبا و الآن لم تعد كذلك , تلاشى الغضب , الآن أنت شئ و الغضب شئ آخر مختلف تماما , الغضب أصبح أمرا حصل في الماضي , تلقائيا أصبح للمعادلة عنصران : الغضب في ذاكرتك و أنت .
ولكن في فعل الغضب بحد ذاته لم يكن هنالك إلا أنت, عنصر واحد , أنت كنت غاضبا . و إذاً , كلما تواجدت الكراهية اشعر بها بعمق , أدركها , أنت أصبحت الكره , أنت الكره , هذا الوعي سيغير المعادلة بأسرها .

يوم تحوز هذا الإدراك سيتلاشى غضبك لأنك لم تعد قادرا على التعايش مع الكره أو الغضب أو الجشع , الإدراك يعني عقلا واعيا , أما الكره و الغضب و الجشع فإنها تعتاش فقط في عقل غافل , غارق في لاوعيه .
كن أكثر تيقظا ولا تفكر بالماضي لأن ذلك عديم النفع , مجرد إهدار لطاقتك .
في حضور الغضب أو الكره , في تلك اللحظة بالذات , أغلق عينيك و تأمل , هل الوجود لك ؟ أم للغضب ؟ إدراكك الأول سيكون أن الغضب وحده موجود هناك , أين أنت ؟ كل طاقتك استحالت غضبا , استحالت كراهية

من كتاب التحدي الكبير

لاتحملها .. لا تردها

هناك شئ واحد يمكن المساس به داخلك : أناك
حساسيته الشديدة تجعله هدفا سهلا لنظرة وجهت لك بلا معنى حقيقي … لابتسامة عارضة, لشخص التفت باتجاهك ولم يعرك الانتباه الكافي .
أناك أشبه بجرح تحمله معك طوال الوقت, مفتوح دائما, متقيح, لمسة واحدة تجعلك في ألم شديد, كلمة واحدة , إيماء ما …
قد لا يدرك الآخر ما صنعه بك, لكنه أصاب أناك و ستحمّله مسؤولية شعورك, ستتهمه بإيذاءك.
أبدا ! …. أنت تحمل جرحك, تحول كل وجودك إلى جرح بهذا الأنا و تسير معه .
في الواقع : لا أحد يتحين فرصة للنيل منك , كل شخص يعكف على جرحه الخاص محاولا حمايته و لا طاقة لديه لينشغل بأناك, مع ذلك فإنك تتألم, ببساطة لأنك مستعد جدا لأن تُجرح , تقضي أيامك على الحافة بانتظار أن يساء إليك .
احذر جرحك, اعمل على شفاءه عوضا عن زيادة حجمه, الطريقة الوحيدة لعلاجه هي أن تنتقل نحو الجذور بعيدا عن اعتدادك .
كلما أقصيت نفسك عن نزعات شخصيتك, تحركت أكثر نحو الشفاء, حتى تصل في النهاية إلى مرحلة اللاجرح, اللاأنا, بعيدا عن اعتدادك و نحو الكينونة الكلية, ستتقبل الأشياء .
جرب هذا : لأربع و عشرين ساعة أن تعتنق القبول التام لأي حادث .
إن أساء إليك أحدهم , تقبل الأمر , فقط راقب نفسك دون أن تقوم بأي ردة فعل, ستشعر بغتة بدفق عظيم من الطاقة يسري خلالك لم تعرفه قبلا .
حين تتعرض للإهانة تشعر بالضعف , يهتز داخلك , تفكر في سبيل للانتقام .
أنت أوذيت و ستنكفئ على نفسك , أيام .. ليالي , أشهر أو سنوات قد تمر و إنت في أرقك و كوابيسك , تهدر حياتك في احتراق تافه , فقط لأن أحدهم قد أهانك .
من السهل جدا أن تجد في ذاكرتك بعض الاحداث : كنت طفلا صغيرا في المدرسة و نعتك أحد الأساتذة بالمغفل ,لا زلت تذكر كلماته و تشعر بالامتعاض , شئ قاله والدك , نظرة معينة من والدتك , هما لن يتذكرا هذه الحوادث إن سألتهما , لكنك حملت الجرح لفترة طويلة و هو لا يزال هناك داخلك مفتوحا , جديدا , مستعدا للانفجار عند أول لمسة .
لا تساعد جرحك على النمو , لا تجعل جرحك روحك , عد إلى الجذور , كن مع الكلية , لأربع و عشرين ساعة فحسب , حاول ألا ترد … ألا ترفض , مهما يكن …
إن دفعك أحدهم و سقطت على الأرض , اسقط , ثم انهض و عد إلى بيتك , لا تتصرف حيال الأمر, عد دون أي ردة فعل , لاتفعل شيئا فقط ليوم واحد , ستشعر بدفق جديد من الطاقة لم يواتك من قبل , قوة حياة تنبع من الجذور , و حالما تعرفها , حالما تختبرها ستتغير حياتك كليا , و ستضحك من حماقاتك السابقة , كل امتعاضك , ردود أفعالك , انتقاماتك التي كنت تدمر ذاتك بها .



صداقة

– تنبعُ إمكانية الصداقة من وجود إنسانين متساويين , متحررين تماما من قيود مجتمعٍ أو ثقافةٍ أو حضارة , يعيشان ببساطةٍ مصداقيةً طبيعتهما الفطرية .

– تستطيع الفرديات التواصل , الشخصيات لا تفعل *. الشخصيات كالظلال , لا تستطيع أن تلتقي أو تندمج لأنها غير موجودة أصلا . الشخصيات مزيفة و لذلك تجد العالم بأسره يتكلم عن الحب , لكن لا يوجد حب , يتحدثون عن الصداقة و هي غير موجودة , حتى الحديث عن الثقة .. الثقة تتطلب امتلاك فردية بالغة القوة . الشخصيات عاجزة عن الثقة , يمنعها خوفها الدائم من انكشاف حقيقتها .

– قد تتحولُ الصداقة إلى عداوةٍ و قد يحصل العكس , الكلُ يعرف هذه الحقيقة ، السعادة إلى تعاسة و الحزن إلى فرح , هي أطراف نقيض تغدو توائم , تغير طفيف في الظروف يجعل أحد الطرفين يختفي بسرعة , الطرف الآخر كان يختبئ خلف الأول مباشرة , بارتقائك تمتلك الوجود , لكنك إن حاولت الفصل بين هكذا ثنائيات سينتهي بك الأمر ممزقا بينها .

– لا يمكن أن تزهر الصداقة في عالم محموم بالطموح كهذا** , الحب شبه مستحيل , التعاطف غير موجود . لقد أوجدنا هذه الفوضى البشعة و نحن نعتقد أننا نشق طريقنا نحو مطامحنا .

– من يطلب الصداقة و الحب و الصحبة هربا من شعوره بالوحدة لن يتمكن من إيجاد ما يطلب , مع كل اقتراب يقوم به سيشعر بأنه مخدوع و سيعطي الشخص الآخر شعورا بكونه قد خُدع , سيشعر بالتعب و الملل و يحمل الآخر على ذات الشعور , بأنه مُستَنْزَفٌ كما الآخر يُستَنْزَف , سيستهلكان طاقات بعضهما التي لا يملكان الكثير منها أساسا , جدولي ماء صغيرين في قحل الصحراء , لا ماء يرتجى منهما ….

من يطلب الصداقة و الحب و الصحبة لأنه وحيد , سيشبه نهرا فائضا متدفق , نهر تحت الأمطار , قادر على العطاء و المشاركة بلا حدود , و كلما أعطى أكثر , ازداد غنى …

– يدرج الناس على قول الحكمة : الصديق وقت الضيق .

عمق هذا القول أناني للغاية ! هذه ليست صداقة و لا حبا , هو استعمال للآخر و ليس الآخر أداة حتى تُستَعمل ، كل إنسان هو منتهى نفسه , لم اذاً اللهاث وراء "الصديق الحقيقي" ؟

– سؤالك الأهم يجب أن يكون : هل أنا ودود مع الآخرين ؟ هل تفهم جوهر الصداقة ؟ الصداقة هي أعلى مراتب الحب . في الحب شئ من الشهوة الحتمية , في الصداقة تختفي الشهوة , في الصداقة تتلاشى المادة إلى شئ غير ملموس

– الصداقة أمر إنساني تماما , ما فيها لا يلاقي آلية معدة مسبقا داخل تركيبك البدني , بالتالي فأنت تنهض بالصداقة , لا تسقط فيها , ذاك بُعد روحاني

– الصداقة تتحول إلى علاقة , تصحيح : الصداقة أكثر مرونة و انسيابية , الصداقة علاقة , الصداقة حالة وجود أنت ببساطة ودود , نحو من ؟ , ليست هذه المسألة , إذا وقفت بقرب شجرة فأنت ودود معها , إذا جلست على صخرة فأنت ودود تجاهها , تجاه البشر , الحيوانات , الطيور , أنت ببساطة ودود .. ليست حالة ثابتة و إنما دفق , يتغير من لحظة إلى أخرى ..

– قيمة الصداقة تجعلها تستحق أي ثمن و أي عاقبة للحفاظ عليها , كن صديقا لزوجتك , كوني صديقة لزوجك و اتركوا مجال حرية مطلقة للآخر

– كلما خلقت المزيد من الأصدقاء شرشت صداقتك أكثر في مختلف الأبعاد و ستجد نفسك أغنى كل يوم , ذروتك ستبلغ قمة إيفريست , و عمقك قعر الباسيفيك .

– "الكل" أعداؤك ! حتى أولئك الذين هم أصدقاء لك , هم يحاربون على المرتبة الأولى مثلك . كيف تكون ودودا ؟ لا مجال للصداقة مع الأنا , تتحول معه إلى مجرد قناع . طبيعة الحياة الواقعية لا تختلف عن حياة الغاب , السمكة الكبيرة تأكل الأصغر . حتى إن زيفت الود , سيكون في النهاية عرضا , استراتيجية , دبلوماسية . يستحيل أن تكون صديقا ما لم تدع أناك , مع اختفاء الأنا ستحمل الحياة بأسرها سمة الصداقة , سمة الحب , و ستكون في آنها ودودا , فقط ودودا و نحو الكل , لأنه لم يعد لديك مشكلة , لم تعد تطمح نحو المرتبة الأولى . تتوقف عن كونك مجرد منافس , تنسحب ….



—————————-

* individuality vs personality : الفردية والشخصية ، بينما تعبر الفردية عن ذاتك أنت ، تكون الشخصية هي تبويب وفئوية مزروعة في المجتمع لمزيد من التوضيح يمكنكم قراءة هذا المقال

** يقصد هنا الطموح بشكله المفرط المرضي الأعمى


حقيقة



لا تحتاج الحقيقة لمن يدافع عنها، على عكس الأكاذيب. ولا تحتاج إثباتاً فهي تبرهن نفسها بنفسها. مشكلة الحقيقة تكمن بنقلها للآخر. الأكاذيب تتطلب جدالاً ، فالآخر قد يقتنع بها ، ويُستخدم المنطق لإقناعه بها.

لا تحتاج الحقيقة لشيء. فهي تكفي ذاتها، وإذا استشعرت وجودها لا تحاول إقناع أحد بها فلن تنجح ، أبق تجربتك معها بالمتناول ، عارية دون المنطق وجدله.

للحقيقة طريقها بعينيك ووجودك ، كما لو كنت بحديقة .. تبقى عطراً.

لايمكنك إقناع من هو مغمض العينين بوجود النور، ولكن بإمكانك وصف جمال النور وأثره عما حولك من أشياء ، ولن يكون نقاشاً حول وجود النور من عدمه ، بل إيجاد لحافز داخل هذا الشخص ليفتح عينيه ، حافز موجود لدى الجميع.

لايوجد إنسان على وجه الخليقة لا يرغب بإدراك الجمال والحب والحقيقة ، المشكلة ليست هنا بل بالمتدينين الذين يحاولون التفسير له وإقناعه بشيء عليه أن يختبره ليتبناه.

كتاب من العبودية للحرية



وعي


– الرجل الواعي يتجاوب و تجاوبه عفوي , هو كالمرآة : يعكس كل ما يقابله , ومن وعيه و عفويته يولد نوع جديد من الفعل , فعل بلا قيود , بلا عاقبة أخلاقية .

فعل كهذا يحررك , أنت تحافظ على حريتك عندما تستمع إلى صوت الطبيعة فيك .



– المسؤولية : إدراك , تيقظ , وعي ,

"الأنا" : لا تعدو كونها لاوعيا , لايمكن أن يتعايش الأمران معا .

بازدياد وعيك تقترب أكثر من النور و تبدأ متعلقات الظلام حولك بالإختفاء ..

"الأنا" ليس سوى ظلام .



– لتصبح سيد نفسك عليك أن تصبح أكثر وعيا نحو أفعالك و أفكارك، الخطوة الأولى نحو سيادة نفسك هي أن يزداد وعيك في أفعالك و أفكارك . اللاوعي عبودية، الوعي سيادة .



– من يقترف أمرا ضد الوجود لا بد أن يعاني , من يساعد الوجود ليغدو أجمل و أكثر وعيا وسعادة , لا بد أن يكافئ , ليس بواسطة قوة إلهية و إنما عن طريق عمله ذاته , في الواقع , عندما تقوم بعمل صالح نابع عن وعيك فإن الفعل بحد ذاته يجلب لك السعادة و السلام الداخلي .

جائزتك تكمن في الفعل نفسه .



– ينتقل بك اللاوعي نحو الأسفل بينما يتجه بك الوعي نحو الأعلى و أيضا : الأعلى هو رديف الداخل , الأسفل رديف الخارج .

الوعي يذهب إلى الداخل , اللاوعي إلى الخارج .

اللاوعي يجعلك مهتما بالآخرين .. الأشياء .. الأشخاص , دائما الآخرون , دائما في الظلام بعينين مركزتين على من سواك .

اللاوعي يخلق نوعا من اللامركزية , يجعلك سطحيا , الوعي يحولك إلى كائن داخلي , يجعلك مستغرقا في ذاتك , يأخذك إلى أبعادك الداخلية أعمق فأعمق ..



– الدين أساسا هو علم خلق الوعي في داخلك أن تصبح أقدر على التأمل , أعمق وعيا , هذه الأمور تخلق شخصية مرنة , عفوية , شخصية تتعامل مع التغيرات اليومية دون أن ترتبط بالماضي , لاتكون مسبقة البرمجة على العكس , شخصية مسؤولة , تتعامل مع الواقع لحظة بلحظة .

هي كالمرآة تعكس أي حالة و من انعكاسها يولد فعلها .. ذاك الفعل هو الفعل الديني .



– الوعي يلخص كل المعرفة التي تملكها , الوعي هو الفراغ , أن تكون فارغا كليا , و تتحرك عبر الحياة بفراغك الذي تحمله , ترى عبر الفراغ , تتصرف بدافع من الفراغ و عندها تتسم أفعالك برشاقة مذهلة فيغدو كل ما تقوم به صحيحا .

لا يكمن السؤال في ماهية الصواب أو الخطأ , لأن صواب اليوم قد يغدو خطأ الغد , و المعرفة المستعارة لايمكن أن تفلح ..



عن هتلر 3 : الثقة

لطالما تساءل العالم بأسره عن السبب الذي جعل رجلا كهتلر يهيمن على عرق ذكيّ كالعرق الألماني .. لماذا ؟ و مما فاقم هذا التناقض دعم رجل كمارتن هايدغر له – أستاذ جامعي متميز و أحد أهم الفلاسفة و المفكرين الألمان الذين عاصروا هتلر – ما الذي جعل معادلة كهذه ممكنة الحصول ؟

في الكفة الأخرى : كان أدولف هتلر شخصا غبيا , غير متعلم , غير متحضر , أمر واحد فيه لم يملكه مثقفو ألمانيا و عقولها الفذة , لم يملكه هايدغر : " الثقة المطلقة " , صحيح انه كان شخصا مغفلا لكنه كان يستطيع طرح الأمور دون "لو" أو "لكن" , تصريحاته كانت قوية واثقة كما لو أنه يعلم كل شئ . مجنون , لكن جنونه كان يحمل طاقة هائلة غيّرت مجرى التاريخ الإنساني بأسره …

ليس غريبا كونه أسر اهتمام و إعجاب الشعب الألماني , هم لم ينقصهم الذكاء , على العكس , كانوا أحد أكثر الشعوب ذكاءا على وجه الأرض , لكن الذكاء دائما ما يجلب الارتباك …

هذا هو سر نجاح أدولف هتلر , الذكاء يجلب الارتباك , الارتباك يجلب الخوف . يبدأ الإنسان عندها بالضياع , أين يذهب ؟ ماذا يفعل ؟ , يبدأ بالبحث عن قائد , عن شخص يتحدث بثقة , عن شخص يَعِدُ و يؤكد بشكل قاطع .

المصدر : من كتاب الحكمة

عن أدولف هتلر (ج2) من العبودية إلى الحرية

من الجدير بالذكر أن ألمانيا بلد يتصدر قائمة البلدان الأعلى ثقافة في العالم . وهو البلد الذي منح العالم أشخاصا، مثل كانط ، هيغل ، فيورباخ، كارل ماركس، فرويد، مارتن هيدغر — الفلاسفة وعلماء النفس العظماء. مع ذلك فقد تمكن شخص غريب الأطوار من الدرجة الثالثة، كأدولف هتلر ، من استقطاب اهتمام و تأييد مثقفي البلاد .

باعتقادي : لم تتعلم البشرية شيئاً من ذلك , إن لم تتعلم : يكرر التاريخ نفسه , إن تعلمتْ : يتوقف التاريخ عن تكرار نفسه .

لا بد أن شخصا كمارتن هايدغر كان يعد من أبرز فلاسفة القرن العشرين و أكثرهم تميزا , هو لم يعاصر أدولف هتلر فحسب بل كان مؤيدا له، أمر لا يصدق !

الشباب – زبدة المجتمع- ذكاء ألمانيا و مثقفيها من أساتذة جامعيين و حملة الشهادات العليا , كلهم كانوا في صفه ، رجل غير متعلم، رجل رفض من كلية الفنون ، رفض من كلية الهندسة لأنه لم يكن ذكيا كفاية ,

أصبح هذا الرجل زعيم البلد الأكثر ذكاء في العالم ، وخلق أعظم إمبراطورية فاشية على الإطلاق . قتل ما يقارب العشرة ملايين إنسان ، و مع ذلك لم يفقد شعبيته أو دعم الناس له .

لا بد من تحليل نفسي لهكذا أمر …

ما هو السبب؟ هزمت ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وتعالى جدال المثقفين في دواخلهم و فيما بينهم. وهم يزعمون ، يتمنطقون ، يتفلسفون ، لم يكن نشاطهم ماديا . و بذاتيتهم اعتقد كل واحد منهم بأنه قد عثر على سر الحياة .

بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ، أصبحت ألمانيا في حالة من الفوضى. هذه الفوضى أوجدت أدولف هتلر ، لأنه وعد ، ووفى بوعده : "أستطيع أن أجعل هذا البلد موحدا من جديد , قويا من جديد , قويا بحيث يسود العالم كله "

وجوده كأيقونة كان حاجة ملحة للمجتمع الألماني , الناس لم تعد تعمل , لم تعد تبدع و ازدادت أهمية ظهور من يعيد للبلاد إبداعيتها و انضباطها , هتلر ملأ هذا الشاغر و في 10 سنين أصبحت ألمانيا قوة عالمية من جديد

غريب , إذا أعطيت الناس حريتهم تركوا أعمالهم و نزعوا إلى الكسل ,

إذا أعطيتهم حكما فاشيا عملوا و أبدعوا , توحدوا و استعادوا قوتهم من جديد .

خمس سنوات من النصر الألماني المستمر , إثبات كاف لصواب اتباع هذا الرجل .

العالم كله في كفة .. و هو وحده يكفي في الكفة الأخرى , أعطى الشريحة المثقفة منتهى أناهم كما لم يفعل غيره , أخبرهم بأن النسل الألماني الشمالي هو النسل الآري النقي و مقدر له أن يحكم العالم

مستعبدا من دونه من الأعراق الهجينة التي لا ترقى للإنسانية

كانت هذه الوعود مرضية لغرور الطبقة المفكرة، حتى رجل كمارتن هايدغر سقط في الفخ

فقط بعد أن هُزٍم هتلر ودُمرت ألمانيا بمعظمها ، حتى بدأ الناس بالنظر إلى ما فعلوا ، أي نوع من الرجال قد دعموا : وحش , مجرم قتل ملايين البشر و قد يكون الأفظع في التاريخ .

إذن تذكروا : الحرية ليست رخصة , الحرية مسؤولية ..

إذا كنت لا تستطيع أخذ زمام تلك المسؤولية فسيأخذها أحد ما بالنيابة عنك ..عندها تبدأ عبوديتك ..

مترجم من كتاب أوشو من العبودية إلى الحرية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مقتبسات من حكمة أوشو , أقوال تشاندرا موهان جاين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» أجمل أقوال شمس التبريزى , مقتبسات وحكم شمس الدين التبريزى
» حكمة في زجاجة وفنجان قهوة
» قطوف من حكمة الروائي العالمي باولو كويلو
» كتاب شمس المعارف الكبرى مقتبسات ودراسة تحليلية
» مقتبسات من شعر سليم رشيد الخورى , أسبوع الشاعر القروى

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: منتديات عامة :: المنتدى العام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا