آخر المساهمات
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-05-04, 8:49 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : ديوان - كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf 15781612
ديوان - كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf Icon_minitime 2012-12-30, 1:46 pm
كرسيان متقابلان

علاء خالد
ديوان - كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf Alaa_khalid2

جيرة دافئة

المهام الخشنة للبيوت

علاء خالدللخادمات ، على الأرجح ، جزء ميت في أجسادهن
حفرية طافية
يمكن قياس العمر القديم للتعب
بعدد الخطوط السوداء
بعدد الجوارب التي تئن خيوطها و تنسل
تحت ضغط هذا الكعب الميت .

جزء ميت
يدين له الجسد بكامله
بتلقى جرعات زائدة من المهام الخشنة للبيوت
بالانزواء في الظل
بتصدر مسيرة الجسد نحو الفناء

كانت تسير في الشارع
وشعرها المصبوغ يطير في هواء العشرينيات
أما قدمها
فكانت تسبح في زمن آخر .

ماراتونات ضاحكة

كان يعمل بواباً لإحدى العمارات المجاورة
يقطع كل يومٍ ماراتونات ضاحكة للعيش و الخضار
بجانبى كانت هناك محطة ظليلة ،
مجموعة من القلل علقها جارى لعابرى السبيل

لا يستطعم بأى ماءٍ
إلا بهذا الماء الجماعى .
دائماً أحذيته تفوق قدمه عمراً و طولاً .
لسيره صوت خشن ،
و لكن هذه الغفوة في القدم
هى أكثر ما تشعرنى بطيبته
هى و غفوة في لسانه
يتكلم فتهرب الحروف بغير رجعةٍ .

فى إحدى المرات ، أشار إلى جزءٍ من سبابته
و أخبرنى بأن حبة بحجم الفاصوليا
نبتت في رأس زوجته .
أعاد علىّ ما أخبره به الطبيب .
الطبيب أيضاً كان يرى الحقول
التى يحتفظ بها في يده و تحت أظافره .

أثناء مروره ، أستوقفه
و أسأله عن مصير حبة الفاصوليا .
يهز يده يميناً و يساراً
كقارب منسى وسط المياه .
يده المرتعشة كانت أكثر حكمة .

من سيره بدأت أحدس بمصير تلك الحبة ،
أحياتاً أستوقفه
أحياناً أتركه يكمل رحلة الجمع و الطرح إلى البيت

و لكن في كل الأحيان
لم ييأس من حبة للمياه و الظل .
صار سؤالى محطةً لى أيضاً
شهور و القارب يمتلىء بالمياه
تميل اليد’ إلى ناحيةٍ واحدة .

فى يومٍ أزهرت حبة الفاصوليا
و عاد برأس زوجته إلى موطنها في الحقول .

جيرة دافئة

جارى في المحل المجاور ، لا يثق إلا في أناقة النار . يرفع المكواة قرب خدٌَه ، ليجس حرارتها . طوال عشرتى له ، لم اجدَ أحداً يقترب منه إلى هذا الحد ؛ إلاٌ المكواة .

لا يتحمل الحب إلا أذا ترك علامةً على جلده .

عندما مرضت زوجته ، خشى أن يجتمع بملاك الموت في غرفة واحدة ، فكان يلوذ بدكانه ليبكى داخله . أسبوع كامل و هو يضع تلك اللافتة " مغلق للصلاة ً " .

لأبناء الحى الراقى ، لأرستقراطية عاش بينها كنبات غير مرئى ؛ كان ينحنى ، و هو يفتح باب العربة ، و يده اليسرى خلف ظهره ، و ميلٌ طفيف في رأسه ، كأنها سنة من النوم ، ليأخذ صرة الهدوم .

أقف بجواره أشاهد فيلماً من الخمسينيات ، و في يده الخاشعة خلف ظهره ، أتخيل خنجر أطفالٍ من البلاستك .

أى مرارة كانت خدعة .
أى صرة من الأسى ، كان يثقبها سريعاً بكوب ثقيل من الشاى .

لو مرَّ أى محصلٍ للكهرباء أو المياه ، و صادفه و هو مازال يزيح ستارة الصباح الثقيلة ، عندها لن يتورع أن يلعنه ، أن يرتطم بذلك الحائط القريب . و أحيان أخرى كان يسدد فاتورة نفسية ضخمة ، ويهيج لأتفه الأسباب ، كأن كلباً معلقاً بلسانه .

على الأكثر ساعة أو ساعتان ، و يعود كل شئ إلى ما كان عليه ، و يبتعد ذلك الحائط ، و يكتشف أرضاً خالية للابتسام . يجلس على الدكة الخشبية و كوب الشاى بجواره ، و سيل من السلامات و صرر الهدوم تنهال عليه ، يتسرب الرزق من أبواب عديدة ، و سؤاله لأى طفلٍ أو بوابٍ مار بأن يأتى له
بالعيش من الفرن. وجبة ساخنة تجدد عقده مع الحياة .

كان عاشقا للاخشاب القديمة. يسير بحذاء الحوائط ،وعينه على الارض. أى خشبة ملقاة في نهر الطريق لها مكان في خياله. كل يوم ينسج من أخشابه القديمة دككا مهتزة،ترابيزات ملفقة للطعام،قاربا للنجاة. يحاول بكلتا يديه أن يسد ثقبا كبيرا تتدافع من خلفه المياه.

كل زبون يأتى له بالمكواة ، يحدد له ميعاداً دقيقاً في اليوم التالى . كأنه يحمل في رأسه مفكرة طبيب . في الغالب ينسى ، و لكنها كرامة المهنة . فرصته الوحيدة ليمدَّ خيط الكلام ، ليخلف وعداً ثم يعود سريعاً ليصححه .

فى الشتاء أنعم بجيرة دافئة . صوت المكواة و هو ينقلها من بيت النار للقاعدة الحديدية ، يدور بها في الهواء عدة دورات قبل أن تلامس سطح القماش . رائحة الطعام لتلك الوجبة المقدسة بعد صلاة المغرب . يتجمع هو وابنه و حفيدته ، ثلاثة أجيال تقف خلف عامود الطعام . و دائماً هناك كرسى فارغ ، لصداقة متوقعة ، لرابطة العيش و الملح .

لم يتخل يوماً عن كلمة " أستاذ " التى ينادينى بها . لا يسهو أبداً عن الجدار الفاصل بيننا . عن البحث عن سبب ما لينقر ثقباً ، ليرشق مسماراً ، يزيده تعلقاً بهذا الجدار .

لم يتخل يوماً أن يكون دكانه محطة للمياه و الطعام و الاستراحة لكل بسطاء الحى . أولئك الذين يعقدون حلفاً فطرياً مع الله .

ربما فقدت أصدقاء كثيرين ، ولكنى اكتسبت صديقاً ، في وقت اعتقدت فيه أن الشارع هو منزل الفرقاء.

9 شارع قرداحى

كل عدة أعوام ،
عندما تخفت في خزانتها لمعة الذكرى
تحزم حقائبها و تتكئ على العصا المعدنية
و تأتى للإسكندرية ،
للبيت الذى عاشت فيه مع والديها ؛ 9 شارع قرداحى .

مازالت الفيلا قائمة حتى الآن
ربما لكى لا يخذلها شئ واحد في الحياة .
تمسح بمشيتها البطيئة
كل التفاصيل التى غابت عن عينيها
تجذب كل معادن الذكرى .

تقف أسفل البيت
تشاهد النافذة االتى أطلَّت منها و هى طفلة
لترى خيوط المؤامرة تتجمع في الحديقة
كان الشارى الجديد يقيس أرض طفولتها بالأمتار .

بكت حينئذ ،
بكاءَ الأبنة الوحيدة ،
كانت أصغر من أن تغلق النافذة على دموعها
أو تهيم فوق الذكرى و تكبر معها كأخٍ حميم .

يعرفها أهل الشارع جميعاً
و يفسحون مكاناً لبكائها .
كنت الغريب عن ذكراها ،
عن نافذة الدموع التى لم تغلق أبداً في خيالها
منذ غادرت الإسكندرية إلى نافذة أخرى مرصعة بالثلج في سويسرا .

لم يكن بيننا ما يسمح بكل هذه الأسرار
سوى أنى أصبحت جاراً لنافذة الطفولة .

كان علاجها الناجع، أن تعودَ
و تنظر إلى بيتها القديم .

تركتنى و صوت العصا المعدنية
يرسم حدود الذكرى
صوتُ رتاجٍ يغلق لباب كبير .

بائعة العرائس

كلما أتت لتبيعنى عرائسها
تجدَ البكاءَ مستيقظاً تحت الكرسى
بدون جهد أو استنفار
تبكى و هى تسحب خيوط المأساة من مرقدها .

حرضتها رائحة فم زوجها أن تهجر الفراش
بعد اسبوع واحد من الزواج ،
و لا تعود إليه .

عاشت عنوستها بين عدة بيوت
و عدة مفاتيح .

كانت تترك نسخة من مفتاح بيتها
لأختٍ وحيدة ، كانت تحبها أكثر من الأخريات ،
لتدخل عليها ملهوفةْ
لو أقلقت رائحتها الجيران .

الأخت المؤتمنة ماتت قبلها ، و دفن معها المفتاح
أصبح موتها المؤجل عارياً بدون دموع شقيقةٍ .

عندما كانت تحكى عن أبيها
تعود شابة متألقة بالحزن و الأنوثة .

فى السبعين هناك صور واضحة للموت
و كما قالت لى ؛ يبدأ الموت رحلته من القدم
كل عشر دقائق كان أبوها يطلب منها
قِرْبة مياه ساخنة لتضعها فوق قدميه
كانت تصعد بالقِرْبةَ من القدم للفخذين للبطن
تتتبع بفزع المسارَ البارد للموت .

حرارة الغناء في الستينيات

كنت أرى السعادة في غرفة المطبخ لبيت صديقى .الأجساد الكثيرة التى تروح وتجىء ، الصدامات المتكررة بدون اعتذارات أو انتظار لها ، برطمانات المخلل والأطعمة الحريفة ، أرغفة الخبز الرقيقة.
كل وجبة كانت احتفالا ، بالخيط الذى يربط بينهم ، بالطعام ، بالكلام المهم والفارغ ، بالثرثرة .

سور واحد كان يفصل بيننا ، في نهاية اليوم كنت أتسّمع من غرفتى لصوت اخته الرخيم ،وهى تغسل الصحون وتغنى حافية. كانت تحب عبد الحليم ونجاة وأم كلثوم . تحاول أن تظهر جذوة النار التى تسكن خلف أصواتهم.

انقطع حبل الغناء في بيت صديقى . مات الأب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم . تزوجت البنات وأخذن لبيوتهن حرارة الغناء في الستينيات . تزوج صديقى وأنجب ، أصبح مدمناً لميراث البيت من الأغانى العاطفية. اختار عملا مناسباً ، يتيح له أن يؤجل عودته للبيت ، اشترى تاكسياً بمسجل يابانى ، واطلق لحيته. يدور في الشوارع والأحياء الشعبية ، ينحنى للرزق ، وللبيوت التى يتصاعد منها الغناء القديم.

شىء قاس أن نظل أصدقاء حتى العقد الخامس ، بدون سنوات ساقطة ، ينسب لها ماأخفق من أحلام . منذ كنا صغاراً وصديقى يحلم بمعجزة تغير حياته . لكى تطلق نبوءة وأنت صغير ، يجب أن تقتل كل من شهد عليها . كنت الشاهد الوحيد ، والتمس له العذر ، وهو يتحاشى أن ينظر لى ، وأنا أعدّ السنوات المتبقية من حياته وحياتى ، متسائلاً هل تكفى لكى تتحقق المعجزة ؟

الألبوم العائلى للموت

آخر صورة أضيفت للألبوم العائلى للموت ،
كانت بمثابة جدة لى .
فى درجة من درجات غيبوبتها
كانت تضغط بإحدى يديها على يدى ،
ويدها الأخرى كانت تصفف خصلة شعرٍ هشة ،
طيرتها أجنحة ملاك الموت .
الحركة التى كانت ترددها دائماً ،
عند الاستيقاظ من النوم
واستقبال يوم جديد ،
بشعر مصفف
بمفرق لامع البياض.

فى عروق زرقاء ،
كنت أجس هذا اللحن القديم للحيا ة ،
النبض وهو ينسحب تدريجياً
ويخلى المكان لصمت طويل .

ترتيل صامت

فى حدود السابعة مساءً
انتظره وهو يمر أمام المحل
بجسده المكتنز
وأعوامه الثلاثين.
وفى يده إنجيل يقرأ فيه
وهو يترنح يمينا ويساراً
كأنه يعدل بين كفتين للهواء .

فى الشتاء ، كان هو والإنجيل
يسيران تحت مظلة كبيرة
فوق طبقة لامعة من المياه .

أمام المطر تتعدد أشكال الوحدة .
عندها أتخيل خيمة صحراوية
مضاءة بصمت الكلمات .

ميريام ميهينيدو

أتذكر اليوم السابق لسفرك ،
كانت قدماك متشبثتين بالأرض ،
كل حركة تقومين بها ،
بطيئة وتنكسر ويضيع صداها .
هناك سلمة مفقودة في تقويم حياتك .
يسقط الكوب على الأرض ،
تحركين عفواً خصلة خشنة عن موضعها ،
أوترفعين اصابعك المدببة كحراب إفريقبة
لمستوى عينيك
لتلتقطى حصاد سنوات المنفى .

بكل أرض جديدة
هناك فخ مشرع للحنين.

فى المسافة بينك وبين العربة ،
تكاثرت الأكواب المهشمة .
كطفل في خطواته الأولى ،
يقوم ويسقط
بعناد لا مستقبل له .
وكلما أنجزت خطوة في طريق السفر،
ترفعين يدك لأعلى ،
كانك تعطين الإشارة لفرقة موسيقية
لتبدأ النشيد .

... مازلت أؤدى دوراً حزيناً

بينه وبين قبرها ، المسافة أقرب منه إلى السرير ، حيث ترقد وتنادى ملائكة الموت ، وهو مستسلم ، يجلس أمامها بدأب ، ، يؤرجح عينيها بحكاياته ، صامتاً قدر الإمكان ، حتى لآيؤلب الملائكة أكثر بنحيبه . منذ أن تجاوز الأربعين ، وهو يفكر بدور جديد له في الحياة. عشرون عاماً يفكر ، خذلته الأمومة ، يضغط الموت ضغطة خفيفة على قلبه ، فيفر إلى أعوامه الستين ليستنجد بها ، بالكرامة المفروضة لبياض شعره ،يردد وهو يعبر الممر الضيق إلى غرفته : مازلت ابناً ، مازلت أؤدى دوراً حزيناً في الحياة .

عندما ازدحمت الغرفة بالمياه ، ولم يعد هناك رفيف لأجنحة ليقاومه ، خرج بهدوء لا يلوى على شىء . نزل إلى الشارع الكبير ليند س وسط جموع حزينة ، ساعات وهو يحمل جثمان امه في عينيه.
فرغ الشارع من الحنان ، فعاد إلى البيت ، كانت الغرفة خالية تماماً. بعدها كلما هم بنزول الشارع والسير وسط الجموع شعر بحزن كبير يطارده ، بخيط من المياه يجرى وراءه.

سنوات الطفولة العمياء

صديقى من أيام الطفولة
صديق الابتسامات البعيدة
والإيماءات المقتضبة ،
ترك التعليم وترهل جسمه ترهل المستسلمين ،
واختار أن يعمل كمسارياً
ليضيع وسط الزحام.

مثلى لم يبرح الحى
وسيكون لكلٍ منا ذكرى ينحنى لها.

أراه كل يوم ببدلته الرمادية
وبعض السندويتشات في يده
للوجبة المخطوفة وسط ركام العملات الورقية.
لا يشعر بأى غضاضة من لون بدلته المميز ،
من موقعه السائب في الحياة.

كان هدفاً لدعاباتنا.
فىيوم من الأيام ،
طوح أحدنا بيد الطفولة العمياء
حجراً مسنوناً استقر في رأسه.
وضع يده على الجرح بقوة
وأزاح عنه ايدينا المطببة،
كأنه لايريد لأحد أن يتدخل في أموره الشخصية.

وسار إلى بيته
حتى غاب عن أعيننا
وأخذ بكاءه معه إلى البيت.
يومها بكينا جميعا بدلاً منه.

أثناء خطوه اليومى،
يمد وراءه خيطا رفيعا من الدماء.
ربما لوتتبعت هذا الخيط
لفقدت الأمل باستعادة أى ذكرى
من سنوات الطفولة العمياء.

كرسيان متقابلان

لسنوات طويلة
كان يهجره النوم في السادسة صباحاً ،
فيقوم ليطارده فوق التلال
وأسطح العمارات المجاورة.

يستسلم للشرفة ،
لكوب الشاى النقى ،
لأول سيجارة سيمتص رحيقها ،
للجريدة التى لم يجف حبرها ،
للشارع الخالى من الذكريات.

كل شىء لامع ،
ليست هناك أتربة على الأفريز
ليس هناك من يأتى بعده
ليطعم أسراب النمل.

كانت أمه قد ماتت ،
وبقى هو يتتبع آثارها
فى هواء الصباح الباكر
فى حنان الشاى
فى قطعة البسكويت
التى كانت تدفعها دفعاً إلى فمه
فينفرط جزء منها على الأرض.
فى حوارتهما الهادئة
كرسيان متقابلان
لامفر من الحب
حتى ولو كان أحدهما فارغاً
حتى ولو كان أحدهما أعزب في الستين.

وعندما تصل الشمس إلى حافة الإفريز
ويتبدل الهواء الأمومى
وتنكشف تلك الطبقة الحزينة من الغبار
عندها يقف في مصب أحزان صباحية
لا تُقاوم بالحنين.

أطياف

أخذ يحدثنى
عن الآلام المحتملة ،
والآلام غير المحتملة ،
كأنه يقنع جسده بأن النهاية مازالت مفتوحة
أمام درجة أخرى من الآلام .

كان يحدثنى بلغة عربية سليمة
لأن مرضا مثل السرطان
لايجعل المرء يخطىء في التهجّى.
مرض جدير بكل احترام
فى اللغة ، في الخوف ، وفى الأمل ؛
بوضع فروقات غاية في الرهافة
بين أطياف من الألم
بين عتبات ملساء
يتدحرج من فوقها الجسد.

باقة حمراء

فاجأها موته
وهى بالملابس البيضاء
فأخذت تحوم كحمامة حول جنازته .
من بعيد تترصد نافذة مواربة وسط الحشد الباكى
لتطرق عليها بمنقارها .
الحزن في شكله الأصفى
بدون ميراث طويل من الحب .
القطط وهى تحك أجسادها في الحواف الخشنة ،
كانت تتخبط في الحواف المسنونة للمقابر
ربما عن عمدٍ
لتخرج بباقة كبيرة من الندوب .

خطوة معلقة

يقولون عنه ،
أصبح يكلم نفسه كثيراً ،
يفتح الصنبور وينتظر أمامه ،
لايقف في طريق المياه.
يجلس لساعات على كرسى
لايقوى على تحريك أفكاره
أبعد من النافذة المغلقة.

يقولون عنه ،
أصبح يتحسس الجدران الباردة بأذنيه
بحثاً
عن لص قريب
يؤنس وحدته الملساء.

أصبح سخياً ،
أكثر من سيجارة مشتعلة في الزوايا
وعلى حواف النافذة
وراء كل واحدة نسيان مؤقت
وعين مقفلة.

وعندما يقوم من كرسيّه
لا يعرف مصير الخطوة المعلقة.
كأنه دخل في متاهة بلا قدمين
يسبح بروحه وسط خيالات
وجمل منزوعة من أفواه الأصدقاء
لايصل حتى إلى الباب ،
يتردد في الخطى ،
يميناً ويساراً ،
ربما في ثوان لاتُلحظ
ولكنه يعرف أن الطرق أصبحت مفتوحة
يخشى الطرق التى تقع خلف ظهره ،
يخشى لمسةً على الكتف لايرى صاحبها.

الجدران الخشنة للمستقبل

كان يأتى محتشداً بسلطة الصداقة الجارحة
تتحول الغرفة إلى أنقاض من الكلام
وكتب مفتوحة عند المنتصف
واستشهادات من كل بقعة ساخنة
نقلّب معاً في صور الموت المكتوبة .

عينه كانت لاتستقر إلا على درجة عالية
من السلم الموسيقى للبكاء.
نصعد لأعلى مختصمين في مرآة الطفولة.
كنت أحب دورانى ، التخبط في الجدران الخشنة للمستقبل ،
اتزانى المفقود وسط هذه الحقول الحزينة من الكلمات .

فى تلك الغرفة الكونية
كثرت المشاجب والأردية ،
بسهولة كل منا يخطىء في حذائه ،
على عجل من أمرنا فهناك منضدة في مقهى
تنتظرنا لتتمدد الأيدى عليها وتنطفىء حتى الصباح .

الآن ، بعد سنوات
نجلس داخل غرف مشابهة
باستشهادات صامتة ،
بحياة أخرى بعيدة.

صوت منطفىء للألم

يسير ونصف جسمه مدلى في نهر الطريق
الدماء أقرب إلى شرفته من الغبار.
يحرض العربات أن تتبعه،
يضىء لحزنه شوارع وميادين
يبتسم للحصان القادم
لصليل العنق الموشى بالأجراس والورود الصناعية ،
لصوت منطفىء للألم .
يعنف بقبضته كل عامود يقابله ،
كلما يئس ذراع ،
نبت آخر .
بالقبضات المنبسطة ،
بالأذرع المخذولة ،
يرسم خريطة جديدة للمدينة .

سنواتى الجميلة

سنواتى الجميلة

اعيش الآن سنواتى الجميلة
لا أعرف أى مدار كونى يرعى حياتى
أى نجمة شاردة تبعث في هذا الأمل .
ولكن وأنا مسافر،
هناك خيوط تنسل من ثيابى ،
تتعلق بمسمار ،بحائط ،
بكرسى قديم أريقت عليه الكثير من الحكايات.
تجرح الثياب لكى تستمر الذكرى.
ولكن في كل شارع أو بلد مررت به
هناك كرسى جلست عليه ،
وسيجارة أو أكثر دخنتها بشغف
وحديث كان يؤجل علينا طلوع النهار.

قلب البصل

أعيش على ذكرى مكان آخر ولدت به .ولدتُ بدمشق في الفجر ، كان ابى مبعوثاً هناك ، و في شهادة ميلادى كلمة غريبة و هى " الإقليم الشمالى " . لا أذكر أية تفاصيل عن هذا المكان ، و لكن ربما رائحة منه تنفستها و تسربت عبر هذه السنين ، رائحة جليد يصعد الجبل ، هكذا حكت لى أمى ، أن يوم ميلادى صادفَ تكاثر الجليد فوق الجبل . هذه الرائحة تجعلنى أتخيل المستقبل و له أبجدية مناخية مختلفة . ثلج فوق الأشجار ، أو رمل يعلق بذيل حذائى عند دخول البيت . تتغير العادات بحلم سابق ، أو حلم لم يتحقق بعد . القلبُ أيضاً يتغير ، يصبح كقلب البصل ، و جنسيتى كذلك . الآف الأمكنة التى تتخلق من رمل الذكرى . حتى أنسى المكان الوحيد الذى كان السبب في كل هذا الحزن ، في هذا الانقسام الذى لا يسقط بالتقادم .

ملح الاستسلام

و أنا أقلب في أوراقى القديمة
مرت على عينى سحابة بيضاء
و أنا أقرأ هذه الكلمات
" الملح ، هذا البياض الذى يلتصق بجلودنا
بعد كل مدٍ عميق للغرف
يوماً ما ،
سأجمع الملح من حصيلة قمصانى
و أرفعه كراية بيضاء ضد الوحدة "

الأن ، لم أعد أميز وحدتى
وسط هذا الكرنفال الحزين من الألوان .

بعد ثلاثة عشر سنة من وفاته

على فترات متباعدة ،
أتذكر أبى .
فى كل تذكُّرِ ؛
أقف بجانبه ، خلف نافذةٍ
خفيفين من رابطة الأبوة و البنوة ،
من جاذبية الحياة .
كاثنين التقيا صدفةً
و تحاشيا طويلاً أن تصطدم عيناهما .
فى كل منهما ،
مقدار حبة بيضاء من العتاب .

عاملة النظافة

داخل أى فندق أحلُّ به
لا أفكر إلاّ بعاملة النظافة
التى تأتى أثناء غيابى
و تطلع على حياتى الداخلية .

بالتأكيد هى ترسم صورة لكل نزيلٍ
و ربما تحتفظ بأثر لا يُلحظ
لكل أصدقائها الغائبين .

أتحاشى أن ألتقى بها ،
بكل من له القدرة على التطلَّع إلى نفسى
إلا لمرة واحدة .

ليس هناك سر .
و لكن الحياة الداخلية شفافة أكثر مما يجب .

حياة تسير على الجدران

مع كل جهازٍ كهربائى يضاف
إلى أرشيف البيت ،
تضاف وصلة جديدة من الأسلاك .
سنة بعد أخرى ،
تكثر الثقوب في الحائط ،
المسامير المنسية لوصلات قديمة ،
ولأطراف مبتورة .

الأرض و هى مفروشة بتلك الأغصان الملتفة ،
من كل غرفة تخرجُ فروع دقيقة ،
تتسلق هواءً لا نصل إليه بذكرياتنا .

فى صمت الليل و نحن نائمون ،
هناك حياة تسير على الجدران و في الزوايا ،
أزيزكصوت الحقول .

أى بيت مهما تعالت جدرانه
مكشوف أمام نقطة حنين قادمة .

كلما فكرت أن أترك هذا البيت
تراجعت أمام هذا النسيج الحى من الأسلاك .

أقوى من أى ماض حزين لأغنية

أفيق من تلك اللحظة
أضبط نفسى متلبساً بالغناء .
نمدُّ أطراف الصوت ،
لنلمس مياه النهر القريب من حدقاتنا .

بين النوم و اليقظة
الغناء حزين
بلا ماضٍ أو مستقبل
لا استرجع أى بدايات مؤثرة .

أى جسدين عاريين
أقوى من أى ماضٍ حزين لأغنية
أو لحياةٍ مليئة بالإخفاقات

ساعتَها أود و لو أدخن علبة سجائر كاملة
حتى تضئ الحجرة بالدخان
تصعدُ أجسادنا مع الغناء
تتسلق الحواف المضيئة للشجر ،
مآذن الفجر ، منبهات البيوت المجاورة

الحياة تبدأ
و نحن متضافران بين شغف العتمة و الضوء .

لا نهبطُ إلاَّ و النهار يعرَّى تنفسنا البطىُ ؛
إيقاع الحياة و الموت .

شارة الأنوثة

اترك الخيط ،
دع الطائرة الورقية تطير أبعدَ من الخيط
المشدود بينك و بينها .

الألم و هى في يدك .
تبتعدُ ،كسرب طيور مهاجرة ،
و لكنها لا تغيب .

كم تبقى لى لكى أعيش بمفردى ؛
النسبة الغالبة من حياتى كانت مناصفةً
كحزٍ يتركه الخيطَ المشدود
بعاطفةٍ قاسية
وهو ينفلت بعيداً
وهو يودعنى .

الألم ؛
شارة الأنوثة التى تخيم على النسبة الغالبة من حياتى ،
أى نسبة جديدة يمكن أن تنال منى ،
مثل الخوف من الفقد .

دع الطائرة الورقية
تراك من بعيد
وهى تعبر من سماء لسماء
كسحابة طافية
تراك وتتجاهلك
ولا تقول لك : صباح الخير.

كتاب الفجر

مرات ،
أستيقظ فجأة ،
أقوم لأبحث عن كتابٍ
استكمل معه ما كنت أقرأه أثناء النوم .

فى كتاب الفجر
أقلِّبُ الصفحات سريعاً
أقرأبتعجُّلِ من ينتظر لقاءً .

عند الجملة التى قادتنى سعيداً من النوم ، أتوقف .
أبحث في صفاء الأشياء التى حولى .
تحفر كلُ مفردة أراها مساراً في ذاكرتى .
حتى كوب الشاى الذى أصنعه على عجلٍ
ليرافق هذا الزحف الهادئ للذاكرة .
كلما نظرتُ إليه أجده ملآن .

حافة مضيئة

أثناء تناولى لوجبتى
أرفع السكين أمامى و أسهو ،
كشاهد على الاعتذارات ،
على تلك الحافة المضيئة
تولدُ الذكريات
و تموت .
على تلك الحافة ،
تنشطر قطع الطعام
إلى أجزاءٍ متناهية في الصغر
أسير وراء ذاكرتى
كقفاء أثر
كراعٍ رحيم .

.......

لو تذكَّر كلٌ منا
عدد الأمراض التى سكنت خاطره
و هو يتحسس جسده
أو يرصد خللاً سارحاً في الذاكرة ،
أو يحلم بحياة جديدة .
تتحول الحياة عندها إلى صورة للأشعة
تعبر بين ضوء ساطع و أصابع مرتعشة .
كل نقطة سوداء كانت موقعةً فاصلةً
تغلبنا عليها بالنسيان
و حب الحياة .

************

الطبعة الأولى 2006
© حقوق النشر محفوظة لدار شرقيات 2006

دار شرقيات للنشر والتوزيع

_________________
ديوان - كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كرسيان متقابلان,جسد عالق بمشيئة حبر,شعر وقصائد علاء خالد,ديوان علاء خالد pdf

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا