آخر المساهمات
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-05-04, 8:49 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

جنازة الغريب لعبد الله السفر,ديوان عبد الله السفر pdf ,شعر وقصائد عبد الله السفر

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : جنازة الغريب لعبد الله السفر,ديوان عبد الله السفر pdf ,شعر وقصائد عبد الله السفر 15781612
جنازة الغريب لعبد الله السفر,ديوان عبد الله السفر pdf ,شعر وقصائد عبد الله السفر Icon_minitime 2013-12-15, 7:01 am
جنازة الغريب
عبدالله السفر

عبير النعناع

كؤوس الشاي الساخنة. النعناع بأعواده الغضة الطريّة يزيّن تلك الكؤوس.  النعناع يطلق شذاه ويترك للسان أن يغيب في الاستطعام ويختبر براعم التذوق على مهل الجلسة وعلى مهل الرشفة التي تحلو بحديث الاستعادة لأيامٍ خلت. بدت نائية. قَطْعا نازفا في مسيرة لا تتوقف، ولا تتريّث..أيام تريد أن تقف للنسيان وتصدّ غيرَ قليلٍ من غباره ينكَتّ على الذاكرة ويمضي بالوجوه إلى غربتها، وبالملامح إلى صلابتها. سوى أن الشاي وعبير النعناع فرملةٌ صغيرة، لعل هذا الغبار يهدأ قليلا، ويضع فسحةً تنهض فيها الروح إلى وداعتها مغسولة من أدران الكآبة، تنهلّ ساعة نطالع الساعات خلسةً لنحسب كم بقي لنا. كم بقي للطريق، نريق فيه أعمارنا.

دارت كؤوس الشاي. طاف عبير النعناع. ومن كل فجٍّ هبطت الذكريات.
نعيد ترتيب المشهد. نرفع القطع الذابلة من السنوات. نرفو ما كان مهترئا. نصبّ زبدةَ المشاعر ليلمع المكان، فتفيض أنواره.
تسري كهرباء عالية. والأيدي فراشاتٌ تحطّ في الأحضان. الأيدي حماماتٌ تغطّ في سرب حميمية متّقدة.
كان لليلِ كثيرٌ من الجمر ليضاعف من الهبوب.

كنّا في المهبّ الجميل
كنّا على ربوةٍ مختلَسَة
كنّا نحضن أيامنا.
كنّا نحاذر التهدّج. ماذا سنصنع إنْ أَلَمَّ بنا، ونحن بعدُ في أوّل الشاي. أوّل عبير النعناع الطائف بنا. نلمس في الشذا طراوةً لم تعدّ لنا.نضع الأكفّ على الشوك الليّن. نباعد الأغصان ونطلّ على مجرى الندى الذي أضحى بعيدا لا نتستدنيه إلا على حين غفلة من كؤوس الشاي وعبير النعناع.

تستعيد الحناجر عافيتها
تلعلع الضحكات بصخبٍ يجلو صدأ الغياب.
القشرة البنيّة التي صمدت طويلا. تتطاير الآن.
كأن الزمن لم يكن. كأن التجعيدة لم تأخذ من ملامحنا. ولم ننلْها ما أرادت إلا تحت الألم. إلا تحت النزيف الذي رفع أيدينا عنوةُ وأدخلَنا في سواده.

إبريق الشاي يوشك على النفاد.
أعواد النعناع ترتخي أعناقها في قعر الكؤوس.
ابيضاض الفجر يبلغنا تعبَ النادل. وفوطته تكنس أثر الراحلين.
عبثا نقاوم.

نجرّ أقدامنا. نعلم، يقينا، أن النادل سيكنس ما بقي منّا ماكثا من أثر كؤوس الشاي وعبير النعناع.

الظهران ـ 29 يوليو 2002

يُخْلُونَ سريرَ محبتِهِم

دَفَعَ بدمعتِهِ الرسولُ، وهامَ طَيَّ رسالةٍ لم يحملْهَا. أُخِذَ بالتهدّجِ، نالَهُ يأسُ الكائنِ، فراغُ الأملِ من صاحبِه، نفاذُ السكينِ، عُريُ الوردةِ من شوكتِها. وهذا الليلُ الذي لا يحسنُ مدافعتَه، حين الأصدقاءُ بمناكبَ مذعورةٍ يُخْلُونَ سريرَ محبّتِهم ويتهافتون إلى مراكبَ مخلّعةٍ مشقوقةِ الأشرعة. يعرفون أنها ليست مأوى في اليابسة، ولا تصمدُ لماء.
يغادرون فحسب لأنّ الرسولَ فاضتْ به الدمعةُ، وانجرحتْ منه الحنجرةُ؛ فطاشتْ سهامٌ خفيّةٌ لا ترأفُ. سُمُّها ضارٍ يبدّدُ الروحَ، ينثرُ الجمرَ في اللحمِ. يتسمَّى الجرحُ باسمِه. تنكتبُ الخيانةُ. تَطْلُعُ عروقُها السوداء. وفي الهشيمِ يبينُ رداءٌ. بقيّةٌ من رداء لا تسترُ جثّةً شاختْ واسترسلتْ في العتمةِ، يرجّفُها بَرْدُ العقوقِ، نظرةٌ مقصوفةٌ لطائرٍ فُركتْ أجنحتُهُ.
ريشٌ في الهواء. يثقلُ. يحطُّ. يأتيهِ الدمعُ من كلِّ مكان. يثقلُ. يحطُّ. يزفِرُ. يفرفرُ.
لمعتْ الذكرى وانسابَ الحنينُ عن أخلاّءَ متروكين.. مقذوفين بغيرِ يدٍ تهمسُ بالوداع.
ظهورٌ تراصّتْ، بطّطَتْها القسوةُ. شروخٌ تطلُّ على النسيانِ. هاويةٌ موَّهَتْها الخديعةُ. مكيدةٌ تتربّصُ. صخرةٌ نهضتْ من أوّلِ الليلِ تفحصُ وليمتَها؛ تتبعُ خيطَ الدمعِ، شاغرَ الخطى. فمُ الكهفِ يقترب. ينصبُ اليأسُ مشنقتَه للعابرِ بدمعتِه، للزائلِ بلا أثرٍ.. بلا حلمٍ يهوّنُ.. بلا نطفةٍ من ضوءٍ يريقُه. الصخرةُ تتعقّبُه، تلزِمُه مضيقَ الألم. وفي لحظة الصَّعْقِ الفاجرةِ يتلوّى مبهوتاً. أظلمتْ عيناهُ. تشعّثتْ أشلاؤُه . ضاءتْ دمعتُه سريراً، وفي الأفقِ لاحتْ جنازةُ الغريب.

الظهران ـ 13 فبراير 2003

ها أنت على المشارف

ماذا كنتَ تظنّ، وأنت تترجّل في الغبار، وتدفع بقدميك في أرضٍ تميد. حرّاسُك الوحدة وبضعةُ وجوهٍ تستحضرها من همس الورق بحبرٍ باهتٍ؛ يخفَى.. يتخفّى حتى عنك. أتظنّه العمر. هذه الكتلة التي تداريها وهي تنفشُ ريشَها الذاوي الذاهبَ في الرماد والاتساخ. سوف تعجز. يضربك العجزُ. هل نظرتَ إلى اليديْن، شقّقَهما سوادُ التعب. سدّدتَ السهمَ إليهما تحملان الحطام من باب العام إلى باب العام.
الشرخُ طويلٌ وموجع.
تقف بجناحيْنِ ضاويين وسريرةٍ مشقوقة؛ نثارُها بعدد أوراق التقويم محقونة بالخيبات لانتظارٍ، ما عاد انتظارا سوى أنك تعوّدتَ على طعمه المرّ كشايك الذي تقترفه كل صباح مخلوطا بمرارة التكرار ومقعد الوظيفة؛ سترةِ الأولاد ولقمة الحياة. تتعقّل كثيرا قبل أن تركل المقعد وتلتمس هواء الجنون لمرّة واحدة وحيدة. تدفع بالمتَّكأِ وتهمس للريح أن تضمك، تطويك إلى غير هذه الأرض.
تقفُ.. زادُكَ اللعثمة، وبحرُ الحيرةِ يصفعُك بملحِه. أيّةُ حفرةٍ جديدةٍ تستضيف أيامك. أحقاً بقي لك أيامٌ تُستضاف. لكنها حفرة، وعليك ألا تستمهلها، وألا تطمع.. تعرفُ مهما داورتَ وأبطأتَ الخُطى؛ فالحواف الزلقة تجتذبك بدبقها الذي حسبته يوما العسل والبهجة وحلوَ القطاف.
كنّاسُ الذكريات يتقصّى أوراقك،؛ بممسحةٍ ومقصٍّ وبرميل. تتداعى لهبوبٍ لا يستره ثوبك المشقوق. المنديلُ الرطب لا يجفّ، أبدا من الوداع. تهزّه مرّاتٍ، تلوّح به في مرارةِ الهواء حيث العابرون يحملون شموسَ ضحكاتهم وظلالَ الأيدي التي استرختْ طويلا على طاولة المنادمة والحكايةَ التي أزهرت قبّةً؛ حسبتَها أضلاعاً تقيك ما يلي من بردٍ يتفلّت من ورق التقويم؛ ينيخ عليك ورقةً إثرَ ورقة.
كأن أيامَكَ لم تُرصَد إلا لليلٍ يتنفّسُ العراءَ، يقلّبُ هذا النائمَ في ذهول الصحوة والانتباه؛ أنه لا يمرّ. في هذه الحُلكة أنت المُبدّدُ في سرير الوحشة. لا بريقَ.. لا رنين. هو الحنينُ فحسبُ في هذه الحُلكة. عبرتَ النهرَ مرةً وإلى الأبد. أقمتَ عند شجرةٍ مسلوخةٍ تدّعي أنها عمرك؛ تنفضُ عليكَ صُفرةَ الأوراق وتهيل وجوهاً قضتْ في النسيان.
هاأنتَ على المشارف .لا تنتظرُ من يدفعُكَ.
ورقةُ التقويم. حفيفُ الورقة الأخيرة.
النَّفَسُ الفقير.
أُلهيةُ الأملِ وضجرُه.

4 يناير 2004

المنسي في دفترِه، وحيدا

هذه الوردة التي حشرتَ ساقها الضعيفة في فوّهة القنينة وخالجكَ طموحُ أن تبقى عدّة أيام؛ تفاجئك بذبولٍ مبكّر. أمالتْ رأسها، انحنت. ذهبتْ اللمعة. أريجُها الخفيف بالكاد ينبعثُ حتى وأنت تدسُّ أنفك كالمخبول بين أوراقِها.

ذهبتْ أيامُك.
ذهبتْ
ذهبَ الأصدقاء.

في سرير الوحدة، تقبض على دفتر الذكريات. تُنْهِضُ الحبرَ النائم، تَسُوسُ الصورَ؛ تنبّهها من خدرٍ طويلٍ موجع، يسري بالرجفة إلى أصابعَ غضّنتْها الأيامُ وخالطَها بردٌ مقيم، لا يفارقها. الوحشةُ ها هنا. تدسُّ الأصابعَ في الدفتر، لعل الدفء ينبعث.
لعل سخونةً ما تتفجّر من أكوام الحطب المصفوفة تنتظر جمرةَ الغريب يأتي محمولا بالذخائر نسِيتَها. وها هو يلوّح بجمرته؛ يقدح الذاكرةَ على رماد المنسيين. رماد المنسي في دفتره وحيدا، أصابعُه لا تطاوعه. ينقبضُ عن أشباحٍ تخرج عمّا قليلٍ في ملاءاتِها السوداء تخفُقُ في ريحٍ ورملٍ وعطش.

لم تشخ كثيرا
لم تنفد البهجةُ بعدُ
والوسادةُ، كلَّ مساء، تفضحك بالأحلام؛ بصبيبها تداريه حتى عن عروقِك.
لم… لكنهم ليسوا هنا؛ مختبرُ الأحلام . شواغلُ اللهفة. الحدُّ المسنون للحظةٍ مشتهاةٍ تنغرس في خاصرتِك. ليسوا هنا. لستَ أنتَ. تشقّقَ الرَّحِمُ وانزلقتَ باردا، مهجورا، يقمِّطُك الحنينُ إلى حضنٍ غاب، إلى خيمةٍ فرشتْ، يوما، لك الأضلاع. فكيف تصبر. كيف تنسى.

الهاويةُ تلتهم روحك، والصورةُ مخلوعةٌ من مائها.

بركَ المسحورُ أمام الوردةِ يطبقُ على الهشيم، وها هو يجأرُ، وحيدا في فم القنينة.

الظهران ـ 1 مايو 2003

نغمةٌ في خافت الضوء

1 ـ الغرق

النغمةُ الآسرة تتصاعدُ في جوف الليل.
ـ يا سيد المتعة، أَنِلْنِي..
; يشخبُ الحليب. يطفر العسل.
ـ يا سيد المتعة، أَنِلْنِي..
تنصدِعُ خابيةٌ. ينفجر ينبوع.
ـ يا …
من يسعفني من الغرق؟

2 ـ نُوَاح

في خافت الضوءِ وعميقِ الشعر. في خافت الضوء وواضحِ الألم؛
ركبةٌ غَافَلَتْنَا وراحتْ تنوح.
انسلّتْ يدي تحاول التربيت والكتمان.
باغَتَها: " بُهِتَ الرفاق "
باغتها: " أثمَلَني دخانُ الكي "
باغتَها.. انتابَها ما لا يُطاق؛ ارتدّتْ عظاماً مكشوفة.
يا لياليه التي لا تُحصَى..
فَرَد أعضاءَهُ للسهم كلِّه، داراه في غائر اللحم. وعند الرفيف العالي؛ تنوحُ الركبةُ وحدَها، في خافت الضوء والغفلة.

الظهران ـ 8 ديسمبر 2002

إشارة: ما بين مزدوجيْن للشاعر أحمد الملا

*****

مشاهد

1 ـ ابتلاع

بتخاذل يضع المفتاح في القفل. يدور المفتاح. يدور في الفراغ.
يكتشف أنه منذ زمنٍ لم يجرّب المفتاح. منذ زمنٍ تغيّر القفل.
لماذا عاد؟
يصفعه الفراغ. تصفعه الخيبة.
يجذب المفتاح. يحرّره من السلسلة. يهمّ بإلقائه. تتعالى ضحكات. يشتدّ صخبها. ثمة نورٌ يسيل من تحت الباب.
ينتحي. يهمز قدميه وطعم المرارة لا يغادر.
يلوك أطراف الكلمات ويبصق. هل يبصق حياته كحكايةٍ فجّة، يكتشفها الآن على ضوء أحلامٍ مؤجّلة، أنامها طويلا. وحينما عاد ليرشّها بالصحو. ينقذف بالشهب تطرده.

برمادٍ كثّ يغطّي صفحةً من حياته، ويدلف في ظلمة جديدة؛ مخلوعَ الأيام، مخلوعَ الفؤاد. يتمنّى لو أنّ قبرا يواريه.

2 ـ ذوبان

بفروةٍ لم يعد فيها متسّعٌ ليستوعب مزيدا من الطعنات، ينكمش الطريد تحت ظلّ شجرةٍ يابسة. تخترقه اندلاعاتُ الضوء من بقعة الظلّ الممزّقة.
يجرّ جسده؛ جسدَ الطريد المبلّل بالهزائم المفغور بالطعنات.
يلوذ بمنزلٍ مهجور، بحائطٍ متهدّم. يجرّب أعضاءه التالفة في القفز والانزلاق إلى الداخل.
ما تكاد قدماه تمسّان الأرض حتى يفجأه نحيبٌ يتصاعد، يتمدّد في لوعة. يلتفت إلى الساحة. ثمّة سوادٌ كثيف؛ ثواكل في عقيرة الندب وقرع الصدور.
غذَّ خطواته. أخذ مكانه في كتلة السواد، وذاب في النحيب.

3 ـ تفكّك

يفضحه الدوار. تكشفه الأنفاس المخذولة. تغيم الوجوه في الضباب، تغيب في العتمة حيث مرتقى العمر الوعر. يهدر في أذنيه طنينٌ معذِّب.
تنفتح اللُّجّة. تنفغر الهاوية. لحظة يوشك؛ تكرّ صفحاتُ أيامه، تتفلّت، تتطاير. تتهاوى قبضةٌ يلطّخها رذاذ النحيب:
الكف العارية.
الكفٌّ المهتوكة من سِتْرِ الصفحات، لم يصمد بها إلا وردةٌ آفلة؛ ذهبَ عنها ريقُ الأيام. وها هي، أيضا، تتفكّك تقدمةً لخريفٍ يوشك.

الظهران ـ 7 سبتمبر 2002

*****

مَضيق

 1 ـ يغطّ في الخزف

تلحُّ عليه هذه الشجرة بصفرة أوراقها الذاوية والشحوب الذي يمازج أغصانَها؛ تتهدّل من عطشٍ ومن شمسٍ ومن ريح.
تلحُّ عليه وبيدِهِ الإبريق. يريد أن يجهشَ، أن يرفعَ حطاما أخذ يعلو حتّى مضيق النَّفَس.
تتحشرج في حلقه دمعتان، يُدْنِي الإبريق. خيطُ الماء يبتلعه الترابُ في نهم. يدسُّ أصابعه الجافة، يقلّب اللدونة التي ستذهب عمّا قليل. يعاود إبريقَه، يخضّه؛ حاضناً رطوبة تتفلّتُ وملمسا باردا يغطّ في الخزف.
غامتْ عيناه من ورقٍ يتكسّر وشجرةٍ تشخر في صدره.

2 ـ ريحان

تعوّد في كل صباح أن يقطف عودا من ريحان حديقة المنزل؛ يفتتح به بهجةَ العمل ومشوار الصباح، يعبُّ الرائحة ويردّد ما يحسبه ترتيلة الأمل تهدّئ حقلَ الشوك يسفر عنه لغط الزملاء، وجهامةُ أوراقٍ مريضة تحطّ على طاولته. لا يزجرها. يكتفي بعود الريحان. يطيل إليه النظر، يحجب عسر الوقت الذي لا يمر. يطيل النظر، ولا ينتبه إلى تجعيدة تتمدّد في ريحانه، تتشعّب آخذةً الندى وما علق من رائحةٍ تزول الآن في مقدم ظهيرةٍ تكنس أوهام الصباح.

الظهران ـ فبراير 2004

الرائحة

1 ـ استعادة

سكبتُ كثيرا من العطر. جعلتُ الجسدَ مخاضة
شرع أنفي يعبُّ الرائحةَ. يتغلغل فيها حتى الدُّوار
الانسحار بصورة غائمة، غابتْ ملامحُها.
أدسُ رأسي في خيوط الرائحة
أعاود غَزْلَ التفاصيل، أدخلُها في دوّامة حواسي؛
أُقلِّبُها لتضجَّ بما كنتُ فيه من نعمةٍ وهيام.
تغدو للصورة أطرافٌ وقوائم.
تدبُّ
تنهضُ
تجاورني بذات الرائحة.
الآن.. لستُ وحيدا، والغيابُ ليس مهنتي.

2 ـ نزاع

في الرائحةِ تنامُ ذاكرةٌ وأيام.
تنامُ أوراقٌ مطويّة.
ينهرُني الحلم بملامح ليست لها. يخاتلني: كأنها هي.
أُهرَعُ إلى زجاجة العطر.
أطلِقَ نافورةً تضيءُ كفَيَّ؛
تسحبُ أنفي إلى مكامنها القصية.
أغمض عينِي. أجادل المسافات.
ترتطم اليدان بكثافة الغياب.
إلهي.. كلُّ هذا العَبق ولا تصحُّ لي الصورة!
في الرائحة تصحو ذاكرة وأيام.
تصحو أوراقٌ مطويّة.

3 ـ مسافة

لم تكن الرائحةُ، وحدَها، هي ما يخدش.
لم تكن.
باغتَني الحلمُ بما لا قبل لي من تآكل ملامحها.
أدمتْني المسافةُ، وأسالَتْ دماً وافرا.
مسافةٌ تتبرزخُ بالنحيب وبزجاجةٍ فرَّ عطرُها.

الظهران ـ 3 يناير 2003

زهرةٌ تفتّحتْ في روحي

زهرةٌ تفتّحتْ في روحي. كنتُ أظنني في الجفاف. الجسدُ حَطَبَةٌ ناشفة؛ لم تكن يوما غصنا، ولا الاخضرارُ مرَّ ببابِها. كنتُ أظنني محضَ حطبةٍ لا تصلح إلا لمواقد الشتاء؛ أقلّبها ليستوي الجمر. أتذكّرُ، وأدمع. صناعتي الحنين. أقطفُ الوجوهَ الذابلة، أرويها بدفءٍ غاب؛ علّها تنهض من الوحشة، تشقّقُ خشونةَ الأيام ببريقٍ يحتدم، يطلع من قلبي. من حطبةٍ ناشفة. كنتُ أظنّها ناشفةً حتى تفتّحت زهرةٌ في روحي.
نبّهَتْ الغافي من تعب، الغافلَ بين قضبان الأيام، التالفَ في عُلَبِ الوجوهِ المحفوظة، الراكدَ، الآسنَ، العاثرَ، الخادرَ يتمطّى في كرسي الوظيفة، تمتصّه الجرائدُ، ورمادُ الشاشة يغطّي نومَه كلّ مساء. لم تعد له أحلام. يناور ألا تنتابَه الكوابيسُ. ألا يشتدَّ عليه ماءُ آخرَ الليل؛ فتفتضحُ روحُه، ويخرّ الجسدُ في مرارةِ الانكشاف. سرٌّ مهتوكٌ، اطّلعتَ عليه وحدَك. آذاكَ وحدَك. اعتذرتَ بخريفٍ وعمرٍ وأولادٍ وأصدقاء. احتشدتَ بجلالِ مصيبةٍ وشجرٍ يذبُلُ وروحٍ تعوم في غير مراسيها. تنخذلُ، وتتركُ حطبةً طافيةً. تتمنّى أن يأخذَها الموجُ فلا تعودُ أبدا؛ حتّى امتدّ الخيطُ. حرَّكَتْه يدُ الزهرة. الزهرةُ التي نبهتني. الزهرة التي تفتّحت في روحي.
بزغتْ، ترجُّ الهاجعَ. تمسحُ العمى عن عينيْهِ والسوادَ من لياليهِ. تُبْرِئُ حطبةً من عاهتِها وتريقُ النشوةَ في أضلاعِها اليابسة. الهُبوبُ الجميل يُقِيمُ الشجرةَ، يذكّرُ أن لها نُسغاً يسري، وحليباً يدوّم في الأعالي حين تستنفرُهُ الأيائلُ بقرونِ الرائحة. رائحة الزهرة التي تفتّحت في روحي.

الظهران ـ 10 فبراير 2003

رمادٌ يعلو..

.. قطعةٌ من العمر تذهبُ وأخرى في امتثال رحيلٍ يأزف، وينشر ظلالاً للأرق، يجدّ في إعطاب الملامح وكسوتها بأثرٍ يقدُم، وسؤال أما يزالُ هنا.. ماذا يفعل، وأيامه تبدو أنّها نافدة أو موشكة..
.. لماذا لا يتوارى قليلاً؛ يتأكّد من أمتعته، بقاياه، ما يدّعي أنّها الحكمة..
.. لماذا لا يتوارى ويلملمها على مهل العجائز وشدّة استقصائهم، حتّى إذا غادر يكون على ثقةٍ أنّ الأثر يحمله في قدميه، والأرض الجديدة تفسح لخطواتٍ نضرة..
.. خطوات.. لم تتلوّث بعدُ، ولا عفّرها دربٌ سالك، بوهم الخبرةِ لدروبٍ مطروقة، ودُربَةِ قوافلَ كم باتت من الليالي تقطع ـ تلك الدروب ـ تشيل ما تظنّه العثرات..

.. قطعةٌ من العمر تذهب. لكأنما ورقةُ آخر العام هي الدفعةُ المكينة والحارسُ اليقِظ لبوّابةٍ تمحو من يعبر وما يعبر..
.. ورقةٌ يأخذُها عويلُ البياض، تأخذها ضفّةُ بالغةُ النأي حيث الأخاديدُ مطمورةٌ بتراب السنين..
.. والرماد يعلو.. ينتظر أنْ تسفعَه الريح في العيون؛ تلك العيون المأكولة بطولِ تحديقها إلى وقتٍ يجفّ، وإلى وجوهٍ تمضي في الخسران..

.. قطعةٌ من العمر تذهب. للتذكّر يدُ الحنين؛ تطوي.. تعيد التّصفح.. علاماتٍ.. محض علاماتٍ شقّقها النسيان.. محض صدوعٍ تتبقّع بالصدأ. وحرفُ الأيام شوكةُ ندمٍ لا تكفّ..

الخبر ـ 11 أبريل 2000

أطار السِّدادة

في مكانٍ عزيزٍ من الذاكرة، ومن العمر الذي أسميه جميلاً. كان طلال مدّاح.
لا تستطيع خيوطُ الذاكرة أنْ تنتظم إلاّ على خلفيّةٍ وصدىً من صوت طلال مدّاح.
.. لكأنّما ذلك الصوت هو الروحُ الخفيّةُ التي ترتّبُ المكانَ، وتصقل حجارتَه بإشعاعٍ عصيٍّ على الرّماد، وبنبرةٍ موغلةٍ في تقصّي الهشيم الذي يأتي من حقلٍ مكشوف، وتنّورٍ لا تكفّ نارُه عن تطيير الأحلام.
كم هي الأجنحة الصغيرة، فتيّةً وذاوية، التي عبَّأَنَا بها صوتُه، وطفنا يحرسُنَا جمرُ الليل، يحرقُنَا هوىً هائم.. هوىً رومانسيٌّ شفيف..
طفنَا نتبعُ الأثرَ ونقيم له فروض المحبّة؛ بمنديلٍ يخفق في الآه، بدمعٍ يؤجّجُه " تحت ظلال الزيزفون "، وبنومٍ نتهيّأ له بورد الأحلام إذْ ندير آلة التسجيل؛ تبثّ صوتَه بريدَ الليل ونسمةَ الصيف على " سطحٍ " مفغورٍ لنثيث الأسرار ودمِ الشجن المراق يكتبُ المشاعرَ في شبهةِ الطعن، في بلل المراهقة..
.. العمرُ الغضّ.. الزجاج الذي لم يصمد لصلف الأيام وغلظة التحوّلات بيدها الخشنة حيث الثقوب، حيث الشقّ الواسع يبتلع، يجفّف خزانةَ طلال ـ منذ عشرين عاماً ـ إلى النسيان. كأنّي لم أسمعْه يوماً، ولم تحتشد الروازن والأدراج باسطواناته وأشرطته، غيرَ أنّ فجرَ الجمعة بجسده الصريع؛ يهوي على خشب المسرح أطارَ السّدادةَ، لتطلَّ الذّاكرة من شحوبها، من لمعتِها الغافية. كأنّها الآن..

الظهران ـ 12/8/2004

يختنقُ وحده ..

إلى ياسر الزيات

أيّها المجنون كيف ستغادر أشلاءك ؟

ألم يكن أحمد …
ألم يكن غسّان …
ألم يكن إبراهيم …
ألم أكن …
ألم تكن " أمل " ذات مساء وانتحابُ  الحلاّج يعيد تقطير الروح ورعدة العود تمّزق ما نخيط .

أيَّ ورق نخصفُ _ أيّها المجنون _ والعراءُ شاسعٌ كما دودة لا تكفّ عن النهب

الأبوابُ هشة .. فلم كلّ هذا العصف ؟
يليقُ بك _ أيّها القاسي _ أن تمهل دفتر أيّامك .
حفرةُ الرزنامةِ تأخذك
حفنةٌ ثمّ نسوخ …
يليقُ بنا _ أيّها القاسي _ أن نوصد عليها قليلاً .

الراعفُ يختنقُ وحدهُ فلا تشدَّ الخيط .

أشلاؤك التي تعرف يزدحم بها ؛
لهاثُ الدرج
كأسُ الماء
البريد المتطاير تحفظه
والتحويلة  " 234 " .. هل تصورتَ _ أيّها المجنون _ ما     يصنع بها وبحنينه ؟
أشلاؤك تنخس وأنت موغلٌ …

فقيرُك أسلمَ قلبه إلى الصحراء
يختنق الآن  وحده
وحده الآن يختنق
     وحده
كيف واتتك الجرأة لتشدَّ الخيط ؟

سبتمبر 98

ربّما نبّهتْهم أعضاؤك

أيّها الولهُ ماذا بقي ؟
تسهم في البعيد .
المدى غائمٌ . طفلٌ تحبّه ولا يدنو

حزمةُ أعضائك لن تفلحَ في عدّها .
ذهبتْ .
في المنحنى تضعها .

شبقُ الوليمة يُنسيهم
يذرّيهم في هُلام الصورةِ ،
تصفرّ ، تتقشّر .
يهبطون واحداً واحداَ

في سلام الخطوةِ يرفعون غائر الأثر
ولا ينتبهون .
أعضاؤك في المنحنى .
أعضاؤك تنفرط وتتبعهم .

طفلٌ يلهو في خيطانه ..
يلهو ..
وأنت في الأثر .
ربّما .. خطوة ويعودون ،
ربّما ..  نبّههم رسولُ الوله ،
ربّما ..  أعضاؤك .

29 سبتمبر 98

قدمٌ تعارك الأحلام

هل كانوا يدفعون به إلى الفخ ؟
لم يجد متسعاً من الوقت ليسأل أو ليتّخذ خطوة الوثب .
سحب قدمه على نيّة عرجٍ قديم . طواها كأنّها لم تكن ، واحتبسَ بدمٍ هازئ ؛ يكشفه لغزير الهواء ولعميق الليل حين الخيانةُ تفزّزه في القماط ويغدو الجدار أحنّ من أم .

ينقبضون وجهًا وجهًا  والملامحُ تغيم في الغياب .
أثخنوه بالأوراق وجعلوا تحت الوسادةِ ذخيرةً ، عجب كيف لاتنفد وهو يسدّدُ كلّ مساء .
((  اُسقوني .. اُسقوني )) ..
لا الريشُ يحمله ، ولا خيمةُ النوم تدنيهم .

فخٌ يجرجره ، وقدمٌ تعارك الأحلام

24  سبتمبر 98

اعتكار

على الباب اتّكأ كأنّما يستند إلى خيبة .
جُرمه يكاد يشغل الفتحة التي لم تكن ضيقةً ، أبداً ، هكذا .. ولا واطئةً  تغوص بالرأس إلى الكتفين .
افترارُ الثغر ، اعتكارُ الابتسامة ، يلاطمه في تشقّق الأرضيّةِ وانسدال الستائر الكتيمة .
عبثاً يحاولُ . فمهُ تردمه الهشاشةُ وانعقادُ غيمةٍ سوداء  تحسن الفتكَ بالعينين وانسلال الهواء قطرةً قطرةً .

من زج بالنديم خارجَ الليل ، وأرادَ له صحوة الظهيرة .
ها هو في وضوحٍ غاب عنه زمنا ؛ يكتشفه الآن .
ها هو يسحبُ روحه إلى المهبّ ..

21  سبتمبر 98

فيما العينُ تشيخ

على مهل يعيد ترتيب الأحلام .
على مهل جمرةٍ تطيبُ لها الرائحة ؛ فتصيبُ الكبد .
على مهلها تنثّ الأسرار .

اليد التي تعبث بين أشرطة الكاسيت .
اليدُ التي تنّقب عن شفرةِ الولهِ القديم .
اليدُ التي تَشْرِقُ بأصواتهم .
اليدُ التي تخضلّ بدمعها .
اليد التي .. فيما أخرى تنشب الأظفار .

لم يكن يريد أن يقترب .
مهاوي الحافّة لا تصمد لها عينٌ تشيخ .
الغبار يرجّف الرئتين والروحُ تنخلعُ لطنين وافى ذبذبته .
البئرُ تندهه والقرارُ يضطربُ بأصدقاءَ يجفّون .
لم يكن يريد . لم يكن يعرف .
الحافّة انسلختْ وهو على بُعدِ وجيب .

27   سبتمبر 98

ذئبٌ يعرج في قريةٍ نائية *

الأصدقاء

يحكمون عليه بالوحشة
ويقولون لماذا ؟

هات ذئبك يا قاسم
واجعله فيما  بيننا
نُسْنِدُ وحشتَه
ثم
نعاتبُ الأصدقاء .

ولاهم انتبهوا

لا تقتربْ
لا تبتعدْ
إلى من يذهب بعُري الطين ؟

اِلتمَّ على نصلٍ مدّته أيديهم
لم يبح بدمه
ولاهم انتبهوا .

النسيان

أغْرَوهُ بالطريق
ودلوا عليه .
طفقَ يقلّب " القميص " .
لا وجهةَ
لا رائحة .

وحده يعوي
يعوي وحده
قوائمهُ في المكيدةِ
وهم يتدّبرون النسيان.

الصديق

شُبّه لهم :
أنّ " سلةَ الرطب " ذاويةٌ
أنّ التينَ بلا عبقٍ

راقتْ الشبهة
فما نظروا حيث الجرف :
بطشةُ الشرك
جهشةُ الناي .

طابتْ الشبهة
طاشت قدمُ الصديق

مايو 97

*****

الجشّة .. هشيمُ المكان ..

" وين البْلاد .. وين الديرة " ؟

إهداء .. إلى جاسم الحمدان .. زمن الأيّام الغضّة
 إلى يوسف بن فهد الهلال .. زمن حنينٍ لا ينتهي .

الأثر

   الجشة ..
   هل خرجتْ من كتاب الحلم
   نفضتْ عنها غبشة الفجر
   واقتحمتْ وهج الظهيرة .

    مازلتُ طيّةَ ذاك الحلم
   في غبشة فجرٍ لا تليه ظهيرةٌ أبداً .

   ذكر سطوري الأولى وأنفاسي
   العمر يدرج في سنواته العشر
   والخطوات تجوس فجراً إلى " الخبّاز " .
   صطف في انتظار أرغفة خبزٍ ثمانية
   دسّها في الصدر
   يشيع الدفء .. يطرد برداً يجمّد  الأنفاس ،
   ويمتدّ إلى أقدام حافية .
   قدامي التي لا تعرف الحذاء إلاّ في الدوام المدرسي .

   قدامٌ يُسِرُّ إليها الطين بحكاياته ،
   يلتصق بها ..
   ولن يزول مهما دعكتْهُ الأيام

رغفةُ الخبز
ـ الآن ـ
طارت
وحطّت
في كيس من البلاستك
تجده في أيّ وقتٍ
وقد تمزّقَ عنه :
               كتاب الحلم
وذاب عنه :
               ندى الفجر .

أهي أرغفةُ الخبز
 وحدها
التي تهــرّأت ؟

بحثاً عن
"  وين البْلاد .. وين الدّيرة "  ؟
انظرْ إليها
 جشّتك
 جثتك
 أو : وحشتك .

"  وين البْلاد .. وين الدّيرة "  ؟

قلبُ القرية ..
تلك البيوت الطينيّة المتماسكة المتعاضدة
صوت  "  الهاون   "
ـ وفي عمقه الهيل ـ
يجوب أقصى "  الفريج  "
والدخان يتصاعد
أعلاماً .. أحلاماً
تلتفّ حولها تلك البيوت
التي نحن .
عقدٌ تنظمه فناجين القهوة
وحبّات التمر
وسوالف التينة والسدرة
و "الفسيلة" التي كأصغر الأولاد .
وربما تنغمس الآذانُ
في شجىً عراقيًّ نبيل
يبثّه "رادو"
تحتضنه إحدى "الروازن" .
تزينه عباءة سوداء
مدروزة الجوانب
بخيوطٍ هي الذهب :

   (( تفرحون .. أفرحْ لْكم
   تضحكون .. أضحكْ لْكم
   وال يمسْكُم .. يمسني
   روحي تتعذبْ قبلْكـم
   أحبكم     ..   أحبكم ))

    " وين البْلاد .. وين الديرة "  ؟
    ـ من سيردّ  عليك ؟
    " وين البْلاد .. وين الديرة "  ؟

"البْلاد" محض أطلال
خرائب ..
ربما تفيء إليها العمالة الأسيوية
أو ربما ..
  عافوها .
"البْلاد .. الديرة" محض دروبْ ومماشي ..
نبت فيها الشوك .
أرضٌ قاحلةٌ
 ( هل طاف بها إنسان )

"البْلاد .. الديرة" براميلُ مسنودةٌ
علاها الصدأ
"البْلاد"  .. لا أحد يمرّ ..
حتى " القاري " تقاعد ،
 تهالَكَ إلى حجرين .
أفرغ حكاياته
وآب إلى قروحٍ
جفّت لا ترتعش إلاّ
كما يرتعش الصدى  ؛
نأمةٌ وتمر …

"وين البْلاد .. وين الديرة"  ؟

تركوه مأهولاً بالحنين
 
 أيّها البابُ ..
 أيّها الثغرة
 ماذا تحرس ؟
 من كان يلْبِدُ وراءك بأسراره
 تكنّه
 تحوطه بالعتمة
  وبالبهجة الخفية ؛
 ـ  ………………

 خرجوا تباعاً
 ما التفتوا ولا ندموا
 غادروا
 تركوا المكان مأهولاً
 بحطب الحنين
  وبالوحشة
 وبخضابٍ على الجدران
 يقول غيابهم 000

 ألهذا .. لم يصطبر
 غير بضعة أعوامٍ
 ( أهي بضعة أعوامٍ ) ؟
  ثم
 تهّدم جرّاء حنينه
أو جرّاء عقوق اسمُه
 "عجلةُ الأسمنت" :

((  على الله وعليكم اعتمادي
        هجرتوني لَجِلْ عين الأعادي
        نِطيتوني جزائي لَجِلْ حبي وَّفائي
    يا عيني عليكم  ))

.. " يا عينك علينا" يا قريتي

ماذا نفعل عندما يَدْلَهِمُّ الحنين ؛
    بنا
نحن المقيمين بك
 أو المرتحلين إلى "خرائب الأسمنت"
ماذا نفعل ..
ماذا ننتظر .. ؟

اِرأفي وتقبّلي
ـ بعد أعوام .. أيّامٍ ـ
أجسادَنا الهشّة
في أحشائك .
لا أتصوّر "جسدي"
 ـ يوماً ـ
في مكانٍ آخر .
   
هكذا
يلتئم الهشيمُ
و تكفُّ الوحشة
وربما قال " العوسجُ "
ذاتَ ربيعٍ :
إنه " أنا " .

*****  

للكاتب:

يفتح النافذة ويرحل ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر
بيروت ، 1995


[/size]

_________________
جنازة الغريب لعبد الله السفر,ديوان عبد الله السفر pdf ,شعر وقصائد عبد الله السفر Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جنازة الغريب لعبد الله السفر,ديوان عبد الله السفر pdf ,شعر وقصائد عبد الله السفر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» ديوان سيرة الكرز لإبراهيم نصر الله , شعر وقصائد إبراهيم نصر الله
» أياد كانت تسرق القمر,شعر وقصائد عبد الله راجع,ديوان عبد الله راجع pdf
» تحميل ديوان الحنين العارى لعبد المنعم رمضان pdf ,ديوان لماذا أيها الماضى,ديوان الصعود إلى المنزل
» شعر وقصائد فتحى عبد الله , ديوان فتحى عبد الله pdf
» شجر طيب,شعر وقصائد ابراهيم نصر الله,ديوان ابراهيم نصر الله pdf

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا