آخر المساهمات
أمس في 2:37 am
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

 

 مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
® مدير المنتدى ®
hassanbalam


رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!

ذكر

عدد المساهمات : 11556
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf 15781612


مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf Empty
08052014
مُساهمةمقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf

مقالات وائل قنديل رئيس تحرير العربى الجديد

كل هذه الأكاذيب في حوار واحد!

الثابت تاريخيا و بالوثائق أن كل العناصر الجهادية التي كانت قيد الاعتقال بعد انتهاء فترات محكومياتها في زمن حسني مبارك، خرجت من ظلمات السجون بقرار من المجلس العسكري الذي كان عبد الفتاح السيسي عضوا فيه، بعد مرور أقل من شهرين على قيام ثورة يناير.

غير أن المشير السيسي قال في حواره التلفزيوني أمس كلاما يناقض ما فعله اللواء عبد الفتاح السيسي الذي شارك بطبيعة الأمور في اتخاذ قرار إطلاق المعتقلين من التيار الإسلامي.

شخصيا لم أندهش من ادعاء السيسي في حواره أمس بأنه قال للرئيس المختطف محمد مرسي : "أنتم تخرجون أناساً ستقتلنا"، وذلك على خلفية قرارات الرئيس المعزول بالإفراج عن قيادات الجماعات الإرهابية خلال فترة حكمه.

فالثابت أن انقلاب الثلاثين من يونيو/حزيران بني على أكاذيب أكبر وأضخم، ناهيك عن أن الأطراف المعنية بالرد وراء أسوار سجون السيسي، وبالطبع لن يتسنى لها الكلام والتمحيص.

إن السيسي في حواره أمس قدم أوراق اعتماده كمرشح مثالي للثورة المضادة، إذ يغترف من قاموس حسني مبارك، دون تصرف غالبا، وبتصرف نادرا، الأمر الذي جعله واضحا في كراهته لثورة يناير كما لم يحدث من قبل.

وعلى ذلك يجدر أن نقولها مرة أخرى، كما قلناها قبل نحو أربعين يوما من عملية سحق ثورة يناير 2011 في يونيو 2013:

الحكاية من الأول: المصريون قاموا بثورة على نظام مبارك، شارك فيها كل الأطياف من الإخواني والليبرالي والعلماني والناصري والمواطن العادي، ثم أكملوا طريقهم ضد ما تبقى من ظل مبارك وذيوله.

باختصار: تلك كانت المكونات الواضحة الشفافة للثورة، وعليه حين يقول لك أحد إنه يواصل الثورة بضم واستدعاء أتباع مبارك وأنصار ظله، قل له إن هذه ليست ثورة، ولا موجة جديدة من الثورة، ولا استمرارا لما بدأ فى يناير 2011، فهذا اسمه صراع سياسي على سلطة وحكم، ينبغي أن يظل محكوما بآليات ومنطلقات هذا الصراع، بعيدا عن استخدام اسم وشعارات ومنطلقات الثورة.

إن الثورة ليست ملكية خاصة لفصيل أو تيار كان من المشاركين فيه، كما أنها لا تدار بمنطق الشركات المساهمة، وبالتالي لا يملك أحد المساهمين أن يخرج آخرين، أو يتخارج منها وقتما شاء وكيفما شاء، فيمحو الثورية عن هذا ويسبغها على ذاك.

وحين تقرر ثورة أن تنقلب على بعض مكوناتها، أو تصنفهم كأعداء وخصوم، وتستبدل الذين قامت ضدهم بهم، فإنها بالضرورة تنقلب على نفسها وتتخلى عن جوهرها، وتخرج من كونها ثورة إلى شيء آخر.. هكذا يقول منطق الأشياء الذي يجعلك تسمع عشرات المرات في عشرات المناسبات تعبيرات من نوعية «الموجة الثانية من الثورة» كما قيل في الأحداث المصاحبة لمعركة الاتحادية، ثم قيل في ذكرى 25 يناير، وها هو يقال الآن على حراك يقوم على الحشد الكمي، بما يسمح بدمج وإدخال من قامت ضدهم الثورة في التركيبة الجديدة الغريبة.

وعلى ذلك ــ شئنا أم أبينا ــ فإن ما يسمى «ثورة على جزء أساسي من الثورة الأم» يصبح ثورة عكسية، وحين يتقاطع ذلك أو يتواشج أو يتجاور أو يتحالف مع الخصوم الألداء الواضحين لهذه الثورة فإننا نكون أمام تجسيد واضح للثورة المضادة.

وعندما يرفع بعضهم شعارات التطهير والإقصاء والقضاء على فصيل شارك في الثورة، ويتعامل معه باعتباره استعمارا دخيلا، فهم من حيث لا يدرون يأخذون البلاد إلى آتون حروب الإبادة، فيشعلون النار في كل بارقة أمل لانعتاق مصر من فقرها وجوعها، فيصبح القمح ــ مثلا ــ هدفا لإطلاق النار الكثيف، وتكون أخبار زيادة إنتاجه من المنغصات، بدلا من أن تكون من بواعث الفرح والتفاؤل.

إن النتيجة المباشرة للاستسلام لمنطق الكراهية العمياء وفلسفة الإقصاء والإبادة أن نشعل النار فى قمحنا وخبزنا وننشد للخراب أغنيات ثورية.

هذا ما سجلته في صبيحة 19 مايو/أيار 2013 ٠٠ ووجدته يقفز أمامي بعد هذا الحوار الطافح بنوازع الإبادة ورغبات الإحراق، ما جعل كل من شارك في ثورة يناير يتحسس رأسه وينتظر ضربة السياف.

استيقظوا.. أو موتوا!

_________________
مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf Hearts10

حسن بلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf :: تعاليق

اشية سياسية ومجتمعية إلى الفاشية الاقتصادية، تنطلق "عجلة" الانقلاب العسكري لتأخذ مصر إلى عصر "الدولة اللصة"، ذلك أن الذي جرى مع سلسلة المتاجر المملوكة لشخصيات إخوانية ، أو أخرى أشيع أنها إخوانية، لا يمكن اعتباره نوعا من المصادرة أو التأميم ، بل ينتمي إلى نشاط القرصنة والسطو المسلح رأسا.

غير أن هذا الذي جرى يؤشر إلى مسألة أخرى تبدو أقرب للمفارقة المثيرة، إذ يبدو النظام الجديد في مصر وكأنه لا يستطيع العيش بدون الإخوان ، في ظل إفلاسه سياسيا واقتصاديا.

فعليا: الإخوان المسلمون خارج كل المعادلات السياسية القائمة الآن، فهم، كتنظيم، إما في السجون أو في القبور، أو في المنافي، لكن السلطة الانقلابية في مصر تصر على أنهم موجودون وفاعلون، بل ولا تجد غضاضة في ادعاء مصالحات معهم، كون هذه السلطة منذ انقلبت ولا تزال تقتات على فكرة أنها تحمي الداخل والخارج من "الإرهابيين" وكلما لاحت في الأفق بادرة اصطفاف ثوري على أرضية ثورة يناير، تنشط أدوات الانقلاب في "أخونتها" قسرا.

والمدهش أيضا أن قطاعا واسعا من الذين يتغذون على حليب "نقد أخطاء مرسي وجماعته" يشاطرون عسكر السلطة الإلحاح على أن الإخوان لا يزالون فاعلين ونشطين على الساحة، ففي ذلك الممر الآمن للهروب من أية استحقاقات يفرضها ادعاء الانتساب لثورة يناير.

وكما يوفر النفخ والتضخيم في ولاية الإخوان الفعلية على الحراك الموجود في الشارع، مجالا للسلطة للاستمرار في حقن الشعب عنصريا وطائفيا، فهو يوفر للقاعدين والمتقاعدين ممن ينسبون أنفسهم لكتلة يناير مهربا لطيفا من حتمية المواجهة مع دولة مبارك العسكرية في طورها الجديد، بحجة "كي لا تذهب حصيلة الجهد إلى الإخوان".

وكما أن هناك "متنطعين في الدين" لن تعدم أن تجد "متنطعين ثوريين" لابدين كالسناجب في حقول الفرجة والسفسطة بزعم أنهم لا يريدون أن يتحولوا إلى جسر يعبر فوقه الإخوان مرة أخرى، وفي وضع كهذا يجدر بالإخوان الآن أن يعلنوا بلا تردد أنهم لا يقودون حراكا ثوريا قائما في الشارع، ولا يسعون إلى ذلك، وليتفضل السادة الخائفون على أناقتهم الثورية لكابينة القيادة، إن كانوا جادين حقا في التصدي لثورة مضادة تكشر عن أنيابها، وتعلن بلا مواربة أنها تنتمي بالكلية إلى دولة حسني مبارك .

لقد جاءت خطوة " بيان القاهرة" مؤخرا كبارقة أمل لمن لا يزال يتذكر حلما توهج كالشهاب في 25 يناير 2011، ويستحق استنقاذه من مآلات الاندثار، وأحسب أن "أهل يناير" كثيرون، وقد وعوا الدرس جيدا وأيقنوا أن اللحظة الراهنة عادت بمصر مرة أخرى إلى حدود الرابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011.

وفي الذاكرة القريبة أن عددا منهم قد حاول قبل الانقلاب بستة أشهر كبح اندفاع المصريين إلى محرقة نُصبِت بعناية لثورتهم، وكان الشعار في ذلك الوقت كما جاء في بيان للثوار الحقيقيين صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2012 "نحن أحوج ما نكون إلى بناء جبهة ثورية منظمة، تكون على مستوى تضحيات الشارع؛ جبهة تجمع، بلا استقطاب زائف أو زعامة وهمية، كل القوى المؤمنة بالجماهير الثورية وحركتها؛ جبهة تحترم الديمقراطية ونتائجها حتى لو أتت على غير هواها؛ جبهة لا تسعى للاستقواء بالخارج أو بالمؤسسة العسكرية أو غيرها من مؤسسات النظام؛ جبهة تستطيع أن تفرض، بنضالها في الشوارع ومواقع العمل والميادين، خياراتها على طاولة المفاوضات وفي الانتخابات وغيرها".

وبالطبع لم يستمع أحد لهذا الصوت، إذ كانت غالبية الأطراف قد تواعدت على المحرقة ، محرقة ٣٠ يونيو.
ثير من التسامح، تفهّم أن قطاعاً هائلاً من المصريين تعرّض لعملية خداع استراتيجي في ٣٠ يونيو/ حزيران من العام الماضي، فسقط في فخ ثورة مضادة دهست بسنابكها وأحذيتها الثقيلة ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
لكن لا يمكن على الإطلاق ابتلاع أكذوبة أن الطبقة العليا من النخبة السياسية في مصر كانت ضحية للخداع ذاته، ذلك أن هذه الطبقة كانت واعية ومدركة تماماً أنها حاشدة ومحتشدة ومحشودة لإسقاط ثورة يناير وليس لإسقاط نظام حكم الدكتور محمد مرسي.
كل المقدمات كانت واضحة لا لبس فيها ولا تشويش، كان الأبيض واضحاً والأسود أوضح، بحيث كان الذين زأروا كأسود جائعة طلباً لرأس نظام الحكم المنتخب لأول مرة راضين تماماً بدور الأرانب، وربما الفئران، في ماكينة انقلاب الثورة المضادة، طمعاً في قليل من العشب، أو اختباء من جنون الماكينة المنطلقة بأقصى عنفوانها.
وبالتالي لا يصح هنا التماس أعذار لمَن كانوا يعلمون، ويعون بالضبط طبيعة ما هو آتٍ، إذ كان معظمهم من أولئك الذين لا ينفكون يملأون الدنيا طنيناً بـ"حواديت" الثورة المضادة، حسب الكتالوج الروماني، وحكايات انقلاب العسكر، كما حدث في سيناريو جمهورية "تشيلي" مطلع سبعينات القرن الماضي.
في ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٢، كان واضحاً تماماً أن كل الأطراف قررت إشعال النار في ثورة يناير، وقلت وقتها: "ليس أكثر قتامة وعتامة من اللحظات التي تمر بها مصر الآن سوى لحظة الجنون التي أودت بالعرب إلى الجحيم وأخرجتهم من التاريخ ليلة ٢ أغسطس ١٩٩٠، حين انفتح الباب واسعاً لكي يقتل العربي أخاه في معركة خرج الجميع منها مهزومين مقتولين".
في تلك اللحظة، كانت ثورة ٢٥ يناير المصرية تقف على الباب ذاته وتتأهب للقفز إلى حريق مستعر، صنعه أعداء هذه الثورة ببراعة فائقة، وينساق إليه شركاؤها وكأنهم يمارسون رقصة جنون جماعي أو لعبة موت.
نعم، كل الأطراف شاركت في اغتيال ثورة يناير. تسابقت أخطاء نظام مرسي مع خطايا المعارضة اللعوب لبلوغ الهدف بأقصى سرعة، والذي حدث ببساطة متناهية أن المصلحة الانتخابية والتكتيكات الحزبية قد طغت على المصلحة الوطنية واستراتيجيات التوافق الوطني ـ على أرضية الثورة ـ ورأينا حزب جماعة الرئيس في طليعة العاملين على إحراق مصداقية الرئيس، في سياق حالة من الهرولة  الجماعية ـ حكومة ومعارضة ـ لمغازلة رموز النظام السابق، انتخابياً واقتصادياً، تعكسها تصريحات متعاقبة من قيادات الحرية والعدالة تتحدث عن المصالحة مع ماضٍ لا يزال في طور فعل المضارع المستمر.
هذا ما سجلته في ذلك الوقت حين بدا أن بعضاً من المحسوبين على الرئيس المنتخب ساهموا، بمنتهى السذاجة والغفلة، في قطع الطريق على كل محاولة لإقامة حالة حوار وطني تحول دون اندلاع حريق في بيت الثورة المهددة بالزوال، وكان التجلّي الأوضح لهذه الحالة أن ما كان يتم التوافق عليه في جلسات الحوار التي تستضيفها مؤسسة الرئاسة كان يُحرَق في قاعة مجلس الشورى الذي آلت إليه سلطة التشريع في ذلك الوقت، ومن ذلك إلغاء المادة الخاصة بعدم جواز تغيير النائب لصفته وانتمائه الحزبي الذي توافق عليها المشاركون في جلسات الحوار الوطني، بمجرد وصوله إلى مجلس الشورى. وقد أعلنت وقتها أن لا معنى لذلك إلا أن حزب الحرية والعدالة يسير على خطى "الوطني المنحلّ"، وينقل حرفياً من كتابه الكريه في أصول الألاعيب البرلمانية.
الآن.. لا يوجد محمد مرسي ولا حزبه أو جماعته، توجد ثورة ملقاة غارقة في دمائها على قارعة الطريق، وهي ثورة كان قطاع من أهلها يصرون على أن لا دور للإخوان فيها.. حسناً.. تقدموا أيها الثوار المغاوير وأنقذوها، فما عاد للإخوان وجود إلا في المقابر الجماعية وعتمة السجون والمنافي.. هذا وقت انتفاضتكم لو كنتم جادين حقاً في الحرص على إثبات انتمائكم لهذه الثورة الذبيحة.
أدعوكم لمراجعة البنود السبعة، أو قل الأساطير المؤسِّسة لدعوة الجماهير للانقضاض على حكم محمد مرسي، اقرأوها على أنفسكم وانظروا حولكم وتفحّصوا ملامحكم في مرايا ضمائركم، وقارنوا بين ما كان وما هو قائم الآن، حدّثونا عن حرية المواطن وحق الإنسان في حياة محترمة، كلّمونا عن حتمية إسقاط "حكم الشحاتة والتسوّل" والأمن المفقود والاقتصاد المنهار، والكرامة الوطنية والتبعية للسيد الأميركي. هل أتاكم نبأ استيراد الغاز من العدو الصهيوني، بعد أن كان منتهى النضال هو منع تصديره بثمن بخس للعدو؟
أتذكّر أن السيد محمد البرادعي كان يغرّد أناء الليل وأطراف النهار بسقوط شرعية النظام كلما منع مظاهرة أو اعتقل متظاهرين. والآن لدينا أكثر من أربعين ألف معتقل، ومتظاهرات يُغتَصَبن في السجون، وهو شخصياً متهم بالخيانة العظمى، دون أن يجرؤ على التغريد أو يتجاسر ويبدي ألماً وامتعاضاً من فاشية اشتعلت في طرف ثوبه ومكارثية التهمت أقرب مريديه.
ولكل ما سبق من تفاصيل مخجلة في صورة شديدة العتامة، لا تملك إلا أن تنحني احتراماً لجماهير لا تزال قابضة على جمر ثورتها، في مواجهة سلطة مدججة بالفظاعات، ونخبة غارقة في عنصريتها، لا ترى في كل هذا الصمود نضالاً، لا لشيء سوى أنها مسكونة بوهم أن لا نضال إلا ما يهتف بحياتها ويردد "كليشيهات" هي صانعتها.
هي نخبة لم تعد تملك حتى القدرة على البكاء كالنساء على ثورة لم تحافظ عليها كالرجال، ويا لبشاعتها وهي تزدري مَن اختاروا استكمال المسير في طريق وحيد لانتزاع الحلم من بين أنياب قاتلي
يمر أسبوع واحد على وصول الدكتور محمد مرسي إلى القصر الجمهوري كأول رئيس منتخب، قرر عدد من الثوار الليبراليين واليساريين إظهار العين الحمراء للرئيس القادم من جماعة الإخوان المسلمين، ودعوا إلى مسيرة مليونية إلى قصر الاتحادية ترفع شعار"البيرة خطٌ أحمر".
مناسبة هذا الحشد كانت أن تسريبات خرجت تقول إن الرئيس الجديد قرر مضايقة جمهور الكحوليات برفع الضرائب عليها بنسبة ٢٠٠ بالمئة. وبصرف النظر عن أن تلك التسريبات لم تكن صحيحة، فإن ما لفت الأنظار في ذلك الوقت، هي تلك الحماسة الشديدة في التصدي للتحرش الرئاسي بزجاجة البيرة. وقد نال كاتب هذه السطور رذاذاً من الشتائم والإهانات حين علّقتُ على هذه المسيرة بالقول إنها نوع من المراهقة الثورية، وقلت في مقال منشور بتاريخ السادس من يوليو/ تموز ٢٠١٢ ما يلي:
"كما أن هناك متنطّعين في الدين، يوجد أيضاً متنطعون في السياسة، وكما يوجد تافهون وسطحيون في الخطاب الإسلامي، هناك بالقدر نفسه أتفه منهم في التعبير عن قيم الديمقراطية والليبرالية.
وكما واجهنا بكل أشكال الإدانة والتقزز هؤلاء الذين جلدوا واحدة من أشرف بنات مصر في أحداث مجلس الوزراء بسؤالهم الخبيث: «إيه اللي ودّاها وليه لابسة العباية بكباسين؟»، فإن الواجب يقتضي التعبير عن الامتعاض والاستنكار لمسلك هؤلاء الذين اختزلوا مبادئ وأهداف الثورة في مسيرة للقصر الرئاسي وتداعوا عبر مواقع التواصل الاجتماعى للخروج في ما أطلقوا عليه: «مسيرة ستيلا»، رافعين أمام الرئيس الجديد شعار: «البيرة خطٌ أحمر».
إن أحداً لا يطالب بتقليص الحريات في مصر، غير أن المشكلة أن البعض يختصر قيمة الحرية في مظاهر شديدة الابتذال والسطحية، ويقيسها بمعايير مثيرة للضحك المرير، كأن يقال مثلاً في أسباب معارضة مرسي، إنه لو جاء سيتم منع المايوه البكيني في الشواطئ، وحظر الخمور في المحلات والفنادق.. وكأن ثورة ٢٥ يناير قامت فقط من أجل تحقيق مثل هذه المطالب المضحكة.
وما يثير الدهشة أن هؤلاء الذين يخوضون معركة البيرة والمايوه ببسالة لم يحزنهم أو يثير غضبهم ـ على سبيل المثال ـ ما أقدمت عليه صحيفة "الأهرام" الأسبوع الماضي من جريمة في حق حرية الإبداع، حين عبثت بواحدة من أشهر اللوحات في تاريخ الفن التشكيلي المصري وهي لوحة الفنان الراحل عبد الهادي الجزار: «الكورس الشعبي»، وغطت أجزاء منها، وهو ما اعتبرته جبهة حرية الإبداع اعتداءً مشيناً على الفن والثقافة".
وما إن كتبت رأيي في هذا الموضوع، حتى وجدتُ نفسي في مرمى نيران ثورية صديقة جسّدها ردّ غاضب من أحد شباب ثورة يناير قال فيه: "بخصوص المسيرة التي دعوت إليها وأطلقتها على صفحات الفيسبوك "مليونية: البيرة.. حق لينا"، دعنى أخبرك لماذا كانت البيرة:

1. لأنني، ولكوني من الطبقة الفقيرة، فزجاجة البيرة التي لا يتعدى ثمنها 7 جنيهات هي أرخص بكثير من تبغ "البايب" الذى تتعاطاه أنت.
2. لأن البيرة هي إحدى مظاهر الحريات الشخصية ـ وليست وحدها ـ ومن حقي أن أجاهر بحقي في شربها وليس "تعاطيها"، كما ذكرت.
3. لأن هناك خمسة ملايين مواطن مصري فما فوق الـ21 سنة.. يشربونها.
4. لأننا في بداية حكم الإخوان وينبغي أن تظهر القوى العلمانية وتعبّر عن نفسها وعن ممارسة حريتها الشخصية بجرأة دون خشية التطرف الديني المقيّد للحريات.. إن لم نقتنص حقوقنا ونمارسها الآن، فسنتحول رويداً رويداً لدولة الإخوان ـ عندما دخلت الوهابية مصر كان هناك مَن هم يسخرون من دعوات التحرر، لأن مصر لن تتحول لدولة وهابية، لأن شعبها نعم بالحياة العلمانية ـ والنتيجة ما وصلنا إليه".
وبعيداً عن أن تلك "المليونية" لم يشارك فيها سوى أشخاص بعدد أصابع اليدين، وبعيداً كذلك عن أن محمد مرسي لم يقر زيادة الضرائب على الخمور والسجائر في ذلك الوقت، فإنني أتوجه بالسؤال للثوار المحترمين الآن: هل لا تزال البيرة خطاً أحمر في عهد الانقلاب العسكري؟
هل ستدعون الجماهير لمليونيات مماثلة تزحف إلى القصر الرئاسي احتجاجاً على قرارات الجنرال بفرض زيادات خرافية في أسعار الوقود والسجائر والخمور (البيرة منها)، أم أن للفاشية العسكرية مذاقاً أحلى ممّا اعتبرتموها "فاشية إخوانية"؟
السؤال بصيغة أخرى: هل فقدت "حرية البيرة" أهميتها في حكم العسكر بعدما كانت تحتشد من أجلها الحشود أيام حكم الرئيس الإخواني؟
وهل الدفاع عن الحريات الاجتماعية والشخصية فريضة في ظل رئيس منتخب ديمقراطياً، ورجساً من عمل الشيطان في ظل رئيس قادم على دبابة سيراً فوق جثث آلاف المعارضين؟
هل كان الدفاع عن "البيرة" في عصر مرسي عملاً تقدمياً وثورياً ووطنياً، ومع السيسي صار ضرباً من الرجعية والخيانة لأهداف الثورة وخروجاً على الوطنية؟
حت القصف مجددا، والعربدة الإسرائيلية تتمدد بطول خارطة الأرض المحتلة وعرضها، ولا تظاهرة أو وقفة أو مسيرة غضب في الشارع العربي، لا خبر عن مؤتمر جماهيري على سلم نقابة الصحافيين المصرية -مثلا- لا بيان تضامن مع الشعب الفلسطيني من يافطات أحزاب ناصرية متوفرة في الأسواق بكثرة، بل بيان من الخارجية المصرية يمسك العصا من المنتصف، على طريقة فولكلور مبارك السياسي.

إذن ، فالضمير في غيبوبة، أو هو منشغل بالحرب على "الإخوان" تلك الحرب التي تتعانق فيها المصلحة الإسرائيلية مع مصالح الانقلاب ويساره الأخرس، الذي بات ينافس برهامي في سلفيته الأليفة أمام السلطة، وطبيعي والحال كذلك أن تصبح كوفية فلسطينية تطوق عنق شاب أو فتاة سببا قويا للذهاب إلى المعتقل، أو الاتهام بالإرهاب.

قلت قبل أيام إن قصة اغتصاب طالبة في مدرعة أمام جامعة الأزهر، من قبل ضابط أراد أن يعبر لها عن رجولته الرخيصة وفحولته الوضيعة، لا تنفصل عن واقعة إحراق صبي فلسطيني حياً على يد جنود الاحتلال، وفي الحالتين أصيب من كنا نعتبرهم ضمير المجتمع ورموزه الحية بالخرس، فلم نسمع صوتا للنخب والرموز المنخرطة في غسل أيدي وأقدام الانقلاب، من عواجيز الليبرالية واليسار، الذين كانوا يعتبرون استخدام القوة في فض تظاهرة مطالبة بالحريات واحترام حقوق الإنسان، أو بطرد السفير الصهيوني، سببا كافيا لتجريد النظام من شرعيته.

على مستوى كبار الليبراليين المتقاعدين لم يتحدث أحد ممن أعلنوا سقوط شرعية محمد مرسي -عقب "الفيلم" الهابط الذي أنتجته الدولة العميقة وعرضته كل شاشاتها للمواطن الذي أدى دور المسحول بالقرب من قصر الاتحادية- لم يتحدث بكلمة أمام واقعة اغتصاب طالبة الأزهر.. لم يكن أحد منهم في مستوى جندي الأمن المركزي الذي بكى حزنا و إحساسا بالعار، لأنه لم يملك أن يفعل شيئا وهو يرى قائده يمارس ساديته بفظاعة.

لم يجرؤ أحد على رفع صوته بالاحتجاج والإدانة، أو بالأحرى لم يكن يريد أن يفعل، وإلا لكان قد فعل، وهو يشارك في تأمين عملية اغتصاب ثورة، ويقودها إلى مخدع الجنرالات.

أما عن عواجيز اليسار وعجزته من الخادمين في بلاط الانقلاب، فحدّث ولا حرج، فهم في وضع متجاوز للحالة البرهامية السلفية في التطبيل لسلطة تنشب أظفارها وتغرس أنيابها في جسد تلك الطبقة التي أمضى اليساريون المحترفون عمرهم في الاعتياش على قضاياها وهمومها، وبالقدر نفسه يلعقون كل تاريخهم النضالي على المستوى القومي، وهم يرون العدوان الصهيوني على الفلسطينيين من دون أن يحركوا ساكنا، بل إن غلاة الناصرية المدجنة منهم، أعلنوا خصومتهم مع المقاومة الفلسطينية بذريعة أنها ذات مكون إسلامي.

واحدة من معتزلات النضال اليساري، ممن تبوأن مقعدا في حافلة الدولة الممعنة في قمعها، الموغلة في توحشها الرأسمالي، عبّرت في حوار تلفزيوني عن فخرها بأنها أهانت الرئيس محمد مرسي حين أجبرته على الخروج من باب الخدّامين، هكذا صار "الخدامون" عارا ونقيصة من منظور تلك "المتقاعدة الاشتراكية الشعبية" بعد أن كان العمال والفلاحون هم ملح الأرض وعنوان النضال من أجل الكرامة الإنسانية.

مثلها مثل هذا الاشتراكي القديم المشاغب الذي اعتبرناه يوماً "مؤذن الثورة" الشجيّ، أضحى متعسكرا أكثر من العسكريين أنفسهم، وطبقيا أبعد من صقور الرأسمالية، وهو ينزع عن الثائرين المتظاهرين ضد القمع والهمجية هذه الأيام صفة المواطنة، وربما الإنسانية حين تراق دماؤهم ويساقون إلى عتمة المعتقل بالجملة، بينما الرفيق يستمتع فوق أرجوحة الانقلاب.

إن الذين صعدوا فوق أكتاف الجماهير بوصفهم قادة تاريخيين للنضال من أجل قضايا الطبقات الكادحة، وكانوا وحوشا كاسرة في انتفاضة الخبز أيام السادات ( يناير/كانون الثاني 1977) يصمتون صمت الحملان أمام قرارات افتراس الطبقات الفقيرة في يوليو/تموز 2014.. تماما كما أن ماكينة الهتاف لدى محترفي الصياح ضد "كامب ديفيد" وما تلاها من جرائم صهيونية في فلسطين ولبنان والعراق على مدار العقود الماضية، تبدو الآن مصابة بالعطب والعطل، لا تجرؤ على الكلام، وكأنها تحولت إلى حناجر خرساء على الطريقة البرهامية.

لقد بلغ الشطط بهؤلاء أنهم يمارسون أبشع عمليات التخوين والتكفير ضد شباب اليسار الذي يقاوم التلوث والسقوط، ويلوكون ضدهم اتهامات مضحكة بـ"التأخون" وعلى ذلك لن نفاجأ إذا تبنى هؤلاء الذين كانوا كبارا دعوة إلى مليونية لحرق الكوفية الفلسطينية، تماما كما دعا أحدهم إلى محرقة لأطفال الشوارع، كي لا يزعجوا أمراء الرأسمالية الجدد.
ي المكايدات السياسية، وحدها، سبباً لكي يتحوّل أشخاص اقتاتوا معظم فترات حياتهم على حناجر ملتهبة بهتافات ضد "الصهاينة" من ظواهر صوتية قومية زاعقة إلى قطعان ليكودية تنهش في جسد المقاومة وتردّد خطاباً سياسياً لا يختلف في شكله ومضمونه عمّا ينعق به جنرالات إسرائيل المتقاعدون؟

هل تكفي الكراهية للإخوان المسلمين لكي تنقل "قومجياً محترفاً" من معسكر المقاومة إلى مستنقع التصهين مباشرة؟

دعك من العبوات الليكودية الصغيرة المعبأة في مصانع الثورة المضادة بمصر.. الكلام هنا عن فصيل من القوميين والناصريين طفوا على أسطح الإعلام العربي طويلاً من معدومي الكفاءة، محمولين فوق يافطات قومية نضالية عالية الربحية، يقفون الآن عراة من كل قيمة إنسانية، مجرّدين من أي ملامح عروبية، ليدينوا بأقبح العبارات عمليات المقاومة الباسلة في غزة. بل ويقطع بعضهم شوطاً أبعد من ذلك وهو يعلن بكل "بجاحة" أن غزة مع الاحتلال الصهيوني "أفضل جد".

هؤلاء المتصهينون الجدد عبّروا عن ليكوديتهم أول ما عبّروا في أثناء واقعة خطف الجنود المصريين في سيناء إبّان حكم محمد مرسي، حين ابتهجوا بواقعة الخطف باعتبارها تحسم من رصيد الرئيس "الإخواني" وتضعف موقفه. وقد كانت الملاهي الفضائية الليلية هي الساحة الأرحب لممارسة هذا النوع من الألعاب، وتواصل حلقات الزار الشامت المتشفّي في واقعة خطف الجنود دون كلل أو ملل من محاولات التثبيط والتحبيط ونثر بذور الفتنة والوقيعة بين القوات المسلحة وقائدها الأعلى.

غير أن بعضهم في ذلك الوقت تفوّق على نفسه وقطع شوطاً أبعد وكشف عن وجود ما يمكن أن تسميه "عَبَدَة الكامب" مع صدور قرار من الرئيس بتكليف الجيش بالانتشار في سيناء لاستعادة الجنود المخطوفين. وفي تلك اللحظة ظهرت مذيعة مصرية حمقاء في ثياب ليكودية على شاشتها لتهاجم بكل صفاقة نشر قوات مصرية في سيناء لملاحقة الخاطفين، من باب أن في ذلك خرقاً وانتهاكاً لمعاهدة السلام.

إن الذاكرة لا تزال تحتفظ بجمار بيانات مشتعلة بالحماس لـ"حماس"، صادرة عن مثقفين مصريين إبّان العدوان الصهيوني على غزة في مناسبات سابقة، إذ كان أول ما يطالب به هؤلاء طرد السفير الصهيوني وسحب السفير المصري من تل أبيب، بل إن منهم مَن كان يهتف باسم رجب طيب أردوغان ويرفع صوره في وقفات احتجاجية بالقاهرة عقب الاعتداء على السفينة "مرمرة" بعد اعتراض الزوارق الصهيونية لأسطول الحرية بالذخيرة.. هؤلاء لا تجد لهم أثراً الآن. لقد ابتلعوا ألسنتهم ولزموا مواضعهم كالحملان المطيعة، دون أن يجرؤ أحدهم على الكلام.

لقد كشفت الجريمة الصهيونية الدائرة الآن في غزة عن عورات المثقف العربي، إذ انكشف الغطاء عن بعضهم ليظهر أنياباً شارونية حادة، مبدياً تضامنه الكامل مع جنرالات الحرب الصهاينة، مطالباً بالمزيد من الوحشية، على نحو يجعل صقور الكيان الصهيوني يشعرون بالخجل من هذه النزعة الصهيونية الظاهرة على وجوه ظنوها يوماً ضدهم.

من هؤلاء مَن كان يزاحم لكي يظهر في لقطة مع خالد مشعل أو إسماعيل هنية، ومنهم مَن ارتزق من الغناء الكاذب لمحمد الدرّة وأحمد ياسين، لكنه الآن لم يعد يقوى على الغناء إلا لجنرال القتل، النسخة الجديدة من الكنز الاستراتيجي، مع فارق جوهري: إن كنزهم العجوز كان كلما حاصرته الاتهامات بالفساد والفشل والبطش في الداخل، كان بشكل انتهازي مكشوف يتمسّح في القضية الفلسطينية، هو وكل أقرانه من حكام أذاقوا شعوبهم الويلات من الاستبداد والبطش والتردي. أما الجديد، فهو الابن البار لشرعية النظام العالمي الجديد، مثله مثل قرضاي ومحمود عباس والمالكي ودحلان، باختصار هو بلا شرعية، إلا شرعية "الحرب على الإرهاب"، بالمفهوم الأميركي ـ الصهيوني، أما أسلافه فقد كانوا محتفظين ببقايا قشرة قومية عروبية، وإن كانت زائفة.

وبالعودة إلى السؤال أعلاه: هل ما نراه الآن من تبدّل للجلود وتقلّب للمواقف نتاج موجة مكايدة وكراهية عاتية؟

أم أنهم من الأصل كانوا يخفون "الليكود" تحت جلودهم؟
ق القاهرة "رابعة العدوية" إلى شرق غزة "حي الشجاعية" الجرح واحد والدم واحد، فالعقلية التي جهزت ونفذت جريمة العدوان على المعتصمين الرافضين للانقلاب العسكري في مصر، فيما عرف بمذبحة "فض رابعة" 14 أغسطس/آب من العام الماضي، هي ذاتها العقلية التي تتوهم أنها قادرة على فض غزة الفلسطينية بعد نحو عام على المجزرة المصرية.

الفظاعة في القتل أيضا تتشابه من رابعة إلى الشجاعية، إذ تتشارك العمليتان في كونهما جريمتين ضد الإنسانية، تستهدفان إيقاع أكبر قدر من الخسائر في أرواح المدنيين، كي يتحول المتمسكون بعقيدة المقاومة إلى أمثولة لكل من تُسوّل له نفسه الرفض والاحتجاج.

في الجريمتين أيضا ينطلق الجناة من أن ما يسمى "الضمير العالمي" دخل في غيبوبة، أو صار محكوما بموازين القوة، لا ضوابط الحق، ومن ثم بحساب العواقب يكتشف القاتل أن الفواتير لن تكون مكلفة بالحجم الذي يخيف أو يردع أو حتى يزعج.

إن متابعة التنسيق غير المسبوق والأداء المتناغم للدبلوماسيتين المصرية والإسرائيلية في محاولة سحق المقاومة الفلسطينية، تظهر أنه يعتمد على ترسانة الأكاذيب التي جرى توليفها كمقدمة للاجتياح الشامل لاعتصامات رافضي السلطة الانقلابية -المدعومة أميركيا وإسرائيليا- على المستوى السياسي، وسعوديا وإماراتيا على صعيد التمويل والاقتصاد.

ففي إطار عمليات التمهيد للحرب على المعتصمين كان الحديث الإعلامي/الأمني يعتمد على تصدير مجموعة من الأوهام، من عينة الكرة الأرضية التي وضعها المعتصمون تحت الأرض لإخفاء جثث من قتلوهم، ويلتقي هذا الهراء مع هراء مماثل تضمنه الفخ الذي نصبته الإدارة المصرية لاصطياد المقاومة الفلسطينية وأطلقت عليه"مبادرة" إذ بدا غريبا حديث مؤلف المبادرة المزعومة، أو بالأحرى مترجمها عن العبرية، عما وصفه بـ "أعمال عدائية ضد إسرائيل برا وبحرا وتحت الأرض".

مولعون هم إذن بحواديت ما تحت الأرض، وبارعون في تلفيق أجواء ما قبل الجرائم والفظاعات، بيد أنه فاتتهم أشياء شديدة الأهمية، تجعل أحلامهم في فضّ غزة، كما فُضّت رابعة، ضربا من المستحيل، فغزة ليست مكانا للاعتصام السلمي، بل مجمرة لبدايات التحرر والانعتاق من ربقة استعمار صهيوني، واستحمار أميركي لأنظمة عربية تتغذى على فائض مراعي السياسة الأميركية.

لقد قلت منذ أيام أن ما تسمى "مبادرة" مصرية، ليست إلا كمينا، استهدف الإيقاع بالمقاومة الباسلة في شَرَك شديد الخبث، فإما أن تقبل بالإملاءات الصهيونية للتهدئة، أو يظهرها إعلام "ائتلاف الانقلاب والاحتلال" في صورة شيطانية رافضة لمحاولات حقن دماء الشعب الفلسطيني، ومن ثم توقّع المقاومة بخط يدها أحد قرارين: انتحارها سياسيا وأخلاقيا، أو قرار إعلان مسؤوليتها عما ينتظر الفلسطينيين من جحيم.

غير أن التطورات المتسارعة في الساعات الماضية كشفت عن أن المقصود من مبادرة "ائتلاف الشر" هو إيجاد المبررات الكافية للتسريع باجتياح غزة وفض المقاومة والقضاء عليها قضاء مبرما، إذ تحركت آلة الحرب الصهيونية بجنون لا يضاهيه سوى جنون سلطات الانقلاب في مواجهة أية محاولة شعبية في مصر للتضامن مع الأشقاء في غزة.

ويبقى الأكيد أن غزة ليست رابعة، على الرغم من كونهما شقيقتين.. ستبقى غزة وستهزم قاتلينا وتحررنا من أعدائنا في الداخل والخارج.
 

مقالات وائل قنديل فى صحيفة العربى الجديد,كتب وائل قنديل pdf

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» آخر مقالات وائل قنديل وبلال فضل فى العربى الجديد
» مقال وائل قنديل عن تعديل الدستور ,مقالات العربى الجديد
» مقالات مختارة من العربى الجديد ,بلال فضل,وائل قنديل,أمجد ناصر
» آخر مقالات العربى الجديد
» متى نقرأ خبر انتحار محمد مرسى,مقالات وائل قنديل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نوسا البحر :: منتديات عامة :: || فرشه جرايد ~-
انتقل الى:  

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا