آخر المساهمات
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-05-04, 8:49 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى

hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى 15781612
شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى Icon_minitime 2020-11-13, 9:36 pm
@hassanbalam
#إبراهيم_ناجى

م

ختارات من شعر إبراهيم ناجى


في الظلام

أليلاي ما أبقى الهوى فيّ من رشدِ فردي على المشتاقِ مهجتَه ردِّي
أينسى تلاقينا وأنت حزينةٌ ورأسك كابٍ من عياءٍ ومن سهدِ
أقول وقد وسّدتُه راحتي كما توسَّد طفلٌ متعبٌ راحة المهدِ …
تعاليْ إلى صدرٍ رحيبٍ وساعدٍ حبيبٍ وركنٍ في الهوى غير منهدِّ
بنفسيَ هذا الشعر والخُصَل التي تهاوت على نحرٍ من العاجِ منقدِّ
ترامتْ كما شاءتْ وشاء لها الهوى تميل على خدٍّ وتصدفُ عن خدِّ
وتلك الكروم الدانيات لقاطفٍ بياض الأماني من عناقيدها الرُّبْدِ
فيا لك عندي من ظلامٍ محبَّبٍ تألق فيه الفرقُ كالزمن الرغْد
ألا كُلُّ حسْنٍ في البرية خادمٌ لسلطانة العينين والجِيدِ والقدِّ
وكل جمالٍ في الوجود حياله به ذلةُ الشاكي ومرحمةُ العبدِ
وما راعَ قلبي منك إلا فراشةٌ من الدمعِ حامتْ فوق عرشٍ من الوردِ
مجنحةٌ صيغتْ من النور والندى ترفُّ على روضٍ وتهفو إلى وردِ
بها مثل ما بي يا حبيبي وسيِّدي من الشجَن القتَّال والظمأ المُردي
لقد أقفر المحرابُ من صلواته فليس به من شاعرٍ ساهرٍ بعدي
وقفنا وقد حان النَّوى أي موقفٍ نحاول فيه الصبرَ والصبرُ لا يُجدي
كأنَّ طيوفَ الرعبِ والبين موشكٌ ومزدحم الآلامِ والوجدُ في حشدِ
ومضطرمَ الأنفاسِ والضيقُ جاثمٌ ومشتبك النجوى ومعتنق الأيدي:
مواكب خُرس في جحيم مؤبَّد بغير رجاءٍ في سلام ولا برد
فيا أيكة مدَّ الهوى من ظلالها ربيعًا على قلبي وروضًا من السعدِ
تقلصتِ إلا طيفَ حبٍّ محيِّرٍ على درجٍ خابي الجوانب مسودِّ
تردَّدَ واستأنى لوعد وموثقٍ وأدبرَ مخنوقًا وقد غص بالوعدِ
وأسلمني للَّيل كالقبرِ باردًا يهب على وجهي به نفَسُ اللحدِ
وأسلمني للكون كالوحش راقدًا تمزقني أنيابُه في الدُّجى وحدي
كأن على مصر ظلامًا معلَّقًا بآخر من خابى المقادير مربدِّ
ركودٌ وإبهامٌ وصمتٌ ووحشةٌ وقد لفها الغيبُ المحجَّبُ في بُردِ
أهذا الربيعُ الفخمُ والجنةُ التي أكاد بها أستافُ رائحةَ الخلدِ
تصيرُ إذا جنَّ الظلامُ ولفها بجنحٍ من الأحلام والصمتِ ممتدِّ
مباءةَ خمَّارٍ وحانوتَ بائعٍ شقي الأماني يشتري الرزق بالسهدِ
وقد وقف المصباحُ وقفة حارس رقيبٍ على الأسرارِ داعٍ إلى الجدِّ
كأن تقيًّا غارقًا في عبادةٍ يصوم الدُّجى أو يقطع الليلَ في الزهدِ
فيا حارس الأخلاق في الحيِّ نائمٌ قضى يومَه في حومة البؤسِ يستجدي
وسادته الأحجارُ والمضجعُ الثرى ويفترش الإفريزَ في الحر والبردِ
وسيارةٌ تمضي لأمر محجَّبٍ محجَّبة الأستار خافية القصدِ
إلى الهدف المجهولِ تنتهبُ الدجى وتومض ومْضَ البرق يلمعُ عن بُعدِ
متى ينجلي هذا الضنى عن مسالكٍ مرنَّقة بالجوع والصبرِ والكدِّ
ينقِّبُ كلبٌ في الحطام وربما رعى الليل هرٌّ ساهرٌ وغفا الجندِي
أيا مصرُ ما فيك العشيَّةَ سامرٌ ولا فيك من مصغٍ لشاعرك الفردِ
أهاجِرتي، طال النوى فارحمي الذي تركتِ بديدَ الشَّملِ منتثرَ العقدِ
فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبه وعدتُ إلى الإعياء والسقْم والوجدِ
وليس الذي ضيعتُ فيك بِهَيِّنٍ ولا أنتِ في الغياب هينة الفقدِ
•••

بعينيك أستهدي فكيف تركتني بهذا الظلام المطْبق الجهْم أستهدي
بورْدِكِ أستسقي فكيف تركتني لهذي الفيافي الصمِّ والكُثُب الجردِ
بحبكِ أستشفي فكيف تركتني ولم يبق غير العظم والروح والجلدِ
وهذي المنايا الحمْر ترقص في دمي وهذي المنايا البيض تختال في فودي
وكنت إذا شاكيت خففْت محملي فهان الذي ألقاه في العيش من جهدِ
وكنتُ إذا انهار البناءُ رفعتُهُ فلم تكنِ الأيامُ تقوى على هَدِّي
وكنت إذا ناديتُ لبَّيْتِ صرختي فوا أسفًا كم بيننا اليوم من سدِّ!
سلامٌ على عينيك ماذا أجنتا من اللطف والتحنان والعطف والوُدِّ؟!
إذا كان في لحظيك سيفٌ ومصرعٌ فمنكِ الذي يُحيي ومنكِ الذي يُردي
إذا جُرِّدا لم يفتكا عن تعمدٍ وإن أُغمدا فالفتك أروعُ في الغمدِ
هنيئًا لقلبي ما صنعتِ ومرحبا وأهلًا به إن كان فتكُكِ عن عمدِ
فإني إذا جن الظلامُ وعادني هواك فأبديتُ الذي لم أكن أبدي
وملتُ برأسي كابيًا أو مواسيًا وعندي من الأشجان والشوقِ ما عندي
أُقبِّلُ في قلبي مكانًا حللتِه وجرحًا أُناجيه على القرب والبعدِ
ويا دارَ من أهوى عليكِ تحية على أكرم الذكرى على أشرف العهدِ
على الأمسيات الساحرات ومجلسٍ كريمِ الهوى عفِّ المآرب والقصدِ
تُنادِمُنا فيه تباريحُ معشرٍ على الدم والأشواك ساروا إلى الخلدِ
دموعٌ يذوب الصخر منها فإن مضوْا فقد نقشوا الأسماءَ في الحجَرِ الصلدِ
وماذا عليهم إن بكوا أو تَعذبوا فإن دموعَ البؤسِ من ثمنِ المجدِ

أنوار

طابت بكِ الأيامُ وا فرحتاهْ أنتِ الأماني والغنى والحياهْ
فليذهبِ الليلُ غفرْنا لهُ ما دام هذا الصبح عقبى دجاهْ
يا من غَفَتْ والفجرُ من دارِها شعشعَ في الآفاق أبهى سناهْ
قد طرق البابَ فتًى متعبٌ طال به السير وكلَّت خطاهْ
نقَّل في الأيام أقدامَهُ يبغي خيالًا ماثلًا في مُناهْ
عندك قد حطّ رحال المنى وفي حمى حسنِك ألقى عصاهْ
كم هدأ الليلُ وران الكرى إلا أخا سُهْدٍ يغنِّي شجاهْ!
ناداك من أقصى الربى فاسمعيْ لمن على طول الليالي نداهْ
نادى أليفًا نام عن شجوهِ عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناهْ
أحبَّكِ الحبُّ وغنّى بهِ عف الأماني والهوى والشفاهْ
وإنما الحبُّ حديثُ العلى أنشودة الخلدِ ونحنُ الرواهْ

أحلام سوداء

رُبَّ ليلٍ قد صفا الأفْقُ بهِ وبما قد أبدعَ اللهُ ازدهرْ
وسرى فيه نسيم عَبِقٌ فكأن الليلَ بُسْتَانٌ عَطِرْ
قلتُ: يا رب لمن جمَّلتَه ولمن هذي الثرياتُ الغررْ …؟
فعرا الأفْقَ قَتامٌ وبَدَتْ سحبٌ تحبو إلى وجهِ القمرْ
كلما تقْرب تمتد لهُ كأكفٍّ شرهاتٍ تنتظر
صِحْتُ بالبدر: تنبَّهْ للنذرْ أدركِ الهالةَ حفت بالخطرْ
لا تُبحْ مائدة النور لهم لا تُبحْها لسوادٍ معتكرْ
قهقه الرعدُ ودوَّى ساخرًا فكأنَّ الرعدَ عربيدٌ سكرْ
قمتُ مذعورًا وهمَّت قَبضتي … ثم مدَّت، ثم ردَّت من خَوَرْ
لهف القلب على الحسن إذا قهقه الغربانُ والذِّئبُ سخِرْ
تحتمي الوردةُ بالشوكِ فإن كثر القطَّافُ لم تغنِ الإبرْ
آهِ من غصنٍ غنيٍّ بالجنى ومِن الطامع في ذاك الثمرْ
آه من شكٍّ ومن حب ومن هاجساتٍ وظنونٍ وحذرْ
كست الأفقَ سوادًا لم يكن غيرَ غيمٍ جاثمٍ فوق الفكَرْ
طالما قُلْت لقلبي كلما أنَّ في جنبي أنينَ المحتضَرْ
إن تكن خانتْ وعقَّت حبَّنا فأضِفْها للجراحاتِ الأُخَرْ


الميعاد الضائع

في ليلة من ليالي القاهرة العصيبة، وقفت تنتظره، ولكن حال بينهما القدر، وأقبل هو بعد ذهابها، فتخيل فزعها، ووحدتها، وحاجتها إليه، فجاءت هذه القصيدة عرضًا لتلك الخواطر.

يا مَن طواها الليلُ في بَيْدائهِ روحًا مفزَّعة على ظلمائهِ
تتلفتين إليَّ في أنحائهِ لهْفَ الفؤاد على الشريد التائهِ
•••

إن تظمئي لي كم ظمئتُ إليكِ! جمع الوفاءُ شقيةً وشقيَّا
يا منيتي قست الحياة عليك وجرت مقادرها الجسام عليَّا
•••

أسفًا عليكِ وأنت روحٌ حائرٌ والكونُ أسرارٌ يضيق بها الحجى
تجتاز عابرة ويسرع عابر وتمر أشباح يواريها الدجى
•••

في وجنتيك توهج وضرام وبمقلتيك مدامعٌ وذهولُ
وكذا تمرُّ بمثلكِ الأيامُ مجهولةً وعذابُها مجهولُ
•••

ولَّيتِ قبل لقائنا يا جَنَّتي لم تظفري مني بقول مسعدِ
وكعادةِ الحظِّ الشقيِّ وعادتي أقبلتُ بعد ذهاب نجمي الأوحدِ
•••

تتعاقبُ الأقدارُ وهي مسيئةٌ كم عقَّنا ليلٌ وخان نهار!ُ
وكأنما هذا الفضاء خطيئة وكأن همسَ نسيمِه استغفارُ
•••

وكأنه أحزانُ قومٍ سارُوا هذي مآتمهم وثَم ظلالُها
عفَتِ القصور وظلت الأسوارُ كمناحة جمدت وذا تمثالُها
•••

ران السواد على وجودِ الدُّورِ وسرى إليَّ نحيبُها والأدمعُ
وكأنني في شاطئٍ مهجورِ قد فارقتْهُ سفينةٌ لا ترجعُ
•••

حملتْ لنا أملًا فلما ودَّعتْ لم يبقَ بعد رحيلها للناظرِ
إلا خيال سعادة قد أقلعتْ ووداعُ أحبابٍ ودمعُ مسافرْ

الأطلال

هذه قصة حب عاثر: التقيا وتحابا، ثم انتهت القصة بأنها هي صارت أطلال جسد، وصار هو أطلال روح، وهذه الملحمة تسجل وقائعها كما حدثت.

يا فؤادي، رحم الله الهوى كان صرحًا من خيال فهوى
اسقني واشرب على أطلاله واروِ عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبرًا وحديثًا من أحاديث الجوى
وبساطًا من ندامى حلم هم تواروا أبدًا وهْو انطوى …
•••

يا رياحًا، ليس يهدا عصفها نضب الزيت ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهم عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى
كم تقلبت على خنجره! لا الهوى مال ولا الجفن غفا
وإذا القلب على غفرانه كلما غار به النصل عفا
يا غرامًا كان مني في دمي قدرًا كالموت أوفى طعمهِ
ما قضينا ساعة في عرسه وقضينا العمر في مأتمهِ
ما انتزاعي دمعة من عينه واغتصابي بسمة من فمهِ
ليت شعري أين منه مهربي أين يمضي هارب من دمهِ
•••

لست أنساكِ وقد أغريتني بفمٍ عذبِ المناداة رقيق
ويد تمتد نحوي كَيَدٍ من خلال الموج مُدَّت لغريق
آه يا قِبلة أقدامي إذا شكت الأقدام أشواك الطريق
وبريقًا يظمأ الساري له أين في عينيك ذياك البريق
لست أنساك وقد أغريتني بالذرى الشم فأدمنت الطموح
أنت روح في سمائي وأنا لك أعلو فكأني محض روح
يا لها من قمم كنَّا بها نتلاقى وبسرَّينا نبوح
نستشف الغيب من أبراجها ونرى الناس ظلالًا في السفوح
•••

أنتِ حسن في ضحاه لم يَزَل وأنا عنديَ أحزان الطَفَل
وبقايا الظلِّ من ركب رحل وخيوط النور من نجم أفل …
ألمح الدنيا بعيني سئمٍ وأرى حوليَ أشباح الملل
راقصات فوق أشلاء الهوى معولات فوق أجداث الأمل
ذهب العمر هباء فاذهبي لم يكن وعدك إلا شبحا
صفحة قد ذهب الدهر بها أثبت الحب عليها ومحا
انظري ضِحكي ورقصي فرحا وأنا أحمل قلبًا ذبحا
ويراني الناس روحًا طائرًا والجوى يطحنني طحن الرحى
•••

كنت تمثال خيالي فهوى المقادير أرادت لا يدي
ويحها لم تدر ماذا حطمت حطمت تاجي وهدَّت معبدي
يا حياة اليائس المنفرد يا يبابًا ما به من أحد
يا قفارًا لافحاتٍ ما بها من نجيٍّ، يا سكون الأبد
•••

أين من عيني حبيب ساحر فيه نبل وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشي ملكًا ظالم الحسن شهي الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى ساهم الطرف كأحلام المساء
مشرق الطلعة، في منطقه لغة النور وتعبير السماء
•••

أين مني مجلس أنت به فتنَة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب ودم وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا ونديم قدم الكأس لنا …
وسقانا. فانتفضنا لحظة لغبارٍ آدمي مسَّنا!
قد عرفنا صولة الجسم التي تحكم الحي وتطغى في دماه
وسمعنا صرخة في رعدها سوط جلاد وتعذيب إله
أمرتنا فعصينا أمرها وأبيْنا الذل أن يغشى الجباه
حكم الطاغي فكنا في العصاه وطردنا خلف أسوار الحياه
•••

يا لمنفييْن ضلَّا في الوعور دمِيَا بالشوك فيها والصخور
كلما تقسو الليالي عرفا روعة الآلام في المنفى الطهور
طردا من ذلك الحلم الكبير للحظوظ السود والليل الضرير
يقبسان النور من روحيهما كلما قد ضنت الدنيا بنور
•••

أنت قد صيرت أمري عجبا كثرت حوليَ أطيار الربى
فإذا قلت لقلبي ساعة قم نغرد لسوى ليلي أبى
حجبت تأبى لعيني مأربا غير عينيك ولا مطلبا
أنتِ من أسدلها لا تدَّعي أنني أسدلت هذي الحجبا
•••

ولكم صاح بي اليأس انتزِعْها فيردُّ القدر الساخر: دعْها
يا لها من خطة عمياء لو أنني أبصر شيئًا لم أطعْها
وليَ الويل إذا لبيتها ولي الويل إذا لم أتبعْها
قد حَنَتْ رأسي ولو كل القوى تشتري عزة نفسي لم أبعْها
•••

يا حبيبًا زرت يومًا أيكه طائر الشوق أغني ألمي
لك إبطاء الدلال المنعم وتجني القادر المحتكمِ
وحنيني لك يكوي أعظمي والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي مرهفٌ السمعَ لوقع القدم
•••

قدم تخطو وقلبي مشبه موجة تخطو إلى شاطئها
أيها الظالم بالله إلى كم أسفح الدمع على موطئها!
رحمة أنت فهل من رحمة لغريب الروح أو ظامئها؟
يا شفاء الروح روحي تشتكي ظلم آسيها إلى بارئها …
•••

أعطني حريتي أطلق يديّْ إنني أعطيت ما استبقيت شيّْ
آه من قيدك أدمى معصميّْ لِمَ أبقيه وما أبقى عليّْ
ما احتفاظي بعهود لم تصنها وإلام الأسر والدنيا لديّْ
ها أنا جفت دموعي فاعف عنها إنها قبلك لم تُبذل لحيّْ
•••

وهب الطائر من عشك طارا جفت الغدران والثلج أغارا
هذه الدنيا قلوب جَمَدت خبت الشعلة والجمر توارى
وإذا ما قبس القلب غدا من رماد لا تسله كيف صارا
لا تسلْ واذكر عذاب المصطلي وهْو يُذْكِيهِ فلا يقبس نارا
•••

لا رعى الله مساءً قاسيًا قد أراني كل أحلامي سدى
وأراني قلب من أعبده ساخرًا من مدمعي سخر العدا
ليت شعري أي أحداث جرت أنزلت روحك سجنًا موصدا
صدئت روحك في غيهبها وكذا الأرواح يعلوها الصدا
•••

قد رأيت الكون قبرًا ضيقًا خيَّم اليأس عليه والسكوتْ
ورأت عيني أكاذيب الهوى واهيات كخيوط العنكبوتْ
كنت ترثي لي وتدري ألمي لو رثى للدمع تمثالٌ صَموتْ
عند أقدامك دنيا تنتهي وعلى بابك آمال تموتْ
•••

كنت تدعونيَ طفلًا كلما ثار حبي وتندت مُقَلِي
ولك الحق لقد عاش الهوى فيَّ طفلًا ونما لم يعقلِ
ورأى الطعنة إذ صوبتها فمشت مجنونة للمقتلِ
رمت الطفل فأدمتْ قلبه وأصَابت كبرياء الرجلِ
•••

قلْت للنفس وقد جزنا الوصيدا عجِّلي لا ينفع الحزم وئيدا
ودَعِي الهيكل شبَّت ناره تأكل الركَّع فيه والسجودا
يتمنّى لي وفائي عودة والهوى المجروح يأبى أن نعودا
لي نحو اللهب الذاكي به لفتة العود إذا صار وقودا
•••

لست أنسى أبدًا ساعة في العمر
تحت ريح صفقت لارتقاص المطر
نوَّحت للذكر وشكت للقمر
وإذا ما طربت عربدت في الشجر
هاك ما قد صبت الريح بأذن الشاعر
وهي تغري القلب إغراء النصيح الفاجر
أيها الشاعر تغفو تذكر العهد وتصحُو
وإذا ما التامَ جرحٌ جَدَّ بالتذكار جرحُ
فتعلمْ كيف تنسى وتعلمْ كيف تمحو
أوَ كلُّ الحب في رأ يك غفرانٌ وصفحُ؟
•••

هاك فانظر عدد الرمل قلوبًا ونساءْ
فتخير ما تشاءُ ذهب العمر هباءْ
ضل في الأرض الذي ينشد أبناء السماءْ
أي روحانية تعصر من طين وماءْ؟ …
•••

أيها الريح أجلْ لكنما هي حبي وتعلاتي ويأسي
هي في الغيب لقلبي خلقت أشرقت لي قبل أن تشرق شمسي
وعلى موعدها أطبقت عيني وعلى تذكارها وسَّدْت رأسي
•••

جنت الريح ونادته شياطين الظلام
أخِتامًا كيف يحلو لك في البدء الختام
يا جريحًا أسلم الجرح حبيبًا نكأه
هو لا يبكي إذا الناعي بهذا نبأه
أيها الجبار هل تصرع من أجل امرأة
•••

يا لها من صيحة ما بعثت عنده غير أليم الذكر
أرقت في جنبه فاستيقظت كبقايا خنجر منكسر
لمع النهر وناداه له فمضى منحدرًا للنهر
ناضب الزاد وما من سفر دون زادٍ غير هذا السفر
•••

يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعد ما عز اللقاء
فإذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كل إلى غايته لا تقل شيئًا! وقل لي: الحظ شاء
•••

يا مغني الخلد ضيعت العمر في أناشيد تُغنَّى للبشر
ليس في الأحياء من يسمعنا ما لنا لسنا نغني للحجر
للجمارات التي ليست تعي والرميمات البوالي في الحفر
غنِّها سوف تراها انتفضت ترحم الشادي وتبكي للوتر
•••

يا نداء كلما أرسلته رد مقهورًا وبالحظ ارتطم
وهتافًا من أغاريد المنى عاد لي وهو نواحٌ وندم
رب تمثال جمالٍ وسنا لاح لي والعيش شجو وظلم
ارتمى اللحن عليه جاثيًا ليس يدري أنه حسْن أصم
•••

هدأ الليل ولا قلب له أيها الساهر يدري حيرتكْ
أيها الشاعر خذ قيثارتك غن أشجانك، واسكب دمعتكْ
رب لحن رقص النجم له وغزا السحْب، وبالنجم فتك
غنِّه حتى ترى ستر الدجى طلع الفجر عليه فانهتك
•••

وإذا ما زهرات ذعرت ورأيت الرعب يغشى قلبها
فترفق واتئد، واعزف لها من رقيق اللحن، وامسح رعبها
ربما نامت على مهد الأسى وبكت مستصرخات ربها
أيها الشاعر كم من زهرة عوقبت لم تدر يومًا ذنبها!

لقاء في الليل

كان اللقاء في ظلمات القاهرة الحالكة أيام الغارات، وقد تم هذا اللقاء تحت الفزع والظلمة والخوف.

قالت تعالَ فقلت لبيكِ هيهات أعصِي أمرَ عينيكِ
أنا يا حبيبة طائر الأيكِ لم لا أغني في ذراعيكِ
•••

أفديكِ مقبلةً على جزعِ بسطتْ إليَّ يمينَ مرتجفِ
وبها ارتعاشة طائر فزعِ من قلبها تسري إلى كتفِي
•••

شحبت كَلَوْنِ المغرب الباكي وتألقت كالنجم عيناها
فتلفَّتَتْ كحبيس أشراكِ وحكى اضطرابَ الموج نهداها
•••

وأخذتُ أُدْفئ بردَها بفمِي لو تنفعنَّ حرارة القُبَلِ
قلتُ اهدئي لِم ثورة الندمِ كفّاكِ ترتجفانِ يا أَمَلِي
•••

وجذبتُها بذراعِها نمشي نمشي وما ندري لنا غرضا
إلفان قد فرَّا من العشِّ يتبادلان سعادة ورضا
•••

يا لحظةً ما كان أسعدَها وهناءةً ما كان أعظمَها
مَرَّ الغريب فباعدت يدها وخلا الطريق فقربت فمها
•••

مرت بنا سيارة ومضت فضاحة خطافة النورِ
كشفت لعينيْنا وقد ومضت ظلَّين معتنقين في السورِ
•••

ضحكتْ لظلينا وقد عجبتْ مما يخال فؤاد مذعورِ
وكأن ضحكتها وقد طربت قطرات ماء فوق بلورِ
•••

عوَّذتها من شر أمسيةٍ تعيا بها وتضل أبصارُ
وكواكبٌ ليست بمجدية ظلمٌ مكدسةٌ وأحجارُ
•••

عَثَرَتْ بها فرفعْتُها بيدي جسمًا يكاد يشف في الظلمِ
ويرف مثل الزهر وهْو ندِي ويخف مثل عرائس الحلمِ
•••

وكأنني مما يسوء خلِي وحياتيَ انجابت حوالكُها
أرمي الطريق بناظريْ رجلِ وأنا لها طفل أضاحكُها
•••

ملَّكتها الدنيا بما وسعتْ وأنا أهامسها بأسرارِي
وأسرُّها بحكاية وقعتْ ورواية من نسج أفكارِي
•••

وإذا الطريق يسير منعطفَا وإذا رياحٌ تضرب السدفَا
وكأن منها منذرًا هتفَا بلغ المسير نهايةً، فقِفَا
•••

يا توأمًا من صدريَ انتُزعَا يا من دعا قلبي له فسعَى
لمَ أيها الداعي هواك دعَا والدهر يأبى أن نظل معَا
•••

انظر ذراعيَّ اللذين همَا قد طوقاك مخافة البينِ
أَقْسِمْ بأنك عائدٌ لهمَا إني لممدودُ الذراعينِ

ختام الليالي

الليالي! يا ما أمرّ الليالي غيبتْ وجهك الجميل الحبيبَا
أنت قاسٍ معذبٌ ليت أني أستطيع الهجران والتعذيبَا
إن حبي إليك بالصفح سَبّا قٌ وقلبي إليك مهما أصيبَا
يا حبيبي كان اللقاءُ غريبًا وافترقنا فبات كلٌ غريبَا
غير أني أستنجد الدمْعَ لا ألـ ـقى مكان الدموعِ إلا لهيبَا
آه لو ترجع الدموعُ لعيني جف دمعي فلست أبكي حبيبَا

عاصفة روح

الزورق يغرق والملاح يستصرخ.

أين شط الرجاءْ يا عُباب الهمومْ
ليلتي أنواءْ ونهاري غيومْ
•••

أعولي يا جراحْ أسمعي الديّانْ
لا يهم الرياحْ زورقٌ غضبانْ
•••

البلى والثقوبْ في صميم الشراعْ
والضنى والشحوبْ وخيالُ الوَداعْ
•••

اسخري يا حياهْ قهقهي يا رعودْ
الصبا لن أراهْ والهوى لن يعودْ
•••

الأماني غرورْ في فم البركانْ
والدجى مخمورْ والردى سكرانْ
•••

راحتِ الأيامْ بابتسام الثغورْ
وتولى الظلامْ في عناق الصخورْ
•••

كان رؤيا منامْ طيفك المسحورْ
يا ضفاف السلامْ تحت عرش النورْ
•••

اطحني يا سنين مزقي يا حرابْ
كل برق يبينْ ومضه كذابْ
•••

اسخري يا حياهْ قهقهي يا غيوبْ
الصبا لن أراهْ والهوى لن يؤوبْ

يأس على كأس

أصبحتُ من يأسيَ لو أن الردى يهتف بي، صحت به هيا
هيا فما في الأرض لي مطمح ولا أرى لي بعدها شيا
ماذا بقائي ها هنا بعدما نفضْتُ منه اليوم كفَّيَّا
أهرب من يأسي لكأسي التي أدفن فيها أملي الحيَّا
يا أيها الهارب من جنتي تعال أو هات جناحيَّا
نبكي شبابينا ونبكي المنى وترتمي بين ذراعيَّا
•••

إني على يأسي وكأسي كابي وعلى سرابي عاكف وشرابي
ولقد فرغتُ من التعلل بالمنى إلا وميضًا في الرماد الخابي
رمقًا يعللني بأنك عائد يومًا لقلبي قبل يوم ذهابي
حتى إذا الأقدار شِئْنَ وعُدتَ لي راجعتُ نفسي واتهمت صوابي
أأرى شروقَك في أفولِ مغاربي وأشم عطرَك في ذبولِ شبابي!
•••

هات اسقني واشربْ على سر الأسى وعلى بقايا مهجةٍ وشجاها
مهلًا نديمي! كيف يَنسى حبَّها من ينشد السلوى على ذكراها؟!
ما زلتَ تسقيني لتنسيَني الهوى حتى نسيْتُ، فما ذكرت سواها
كانت لنا كأسٌ وكانت قصةٌ هذا الحباب أعادها ورواها
الآن غشاها الضبابُ وها أنا خلفَ المآسي والدموعِ أراها
غال الزمانُ ضبابَها وحبابها وتبخرتْ أحلامُها ورؤاها
لا تبكِها ذهبْت ومات هواها في القلبِ متسعٌ غدًا لسواها
أحببتُها وطويتُ صفحتها وكم قرأ اللبيبُ صحيفةً وطواها!
تلك الوليدة لم تطل بشراها لمّا تكد تطأ الثرى قدماها
زف الصباحُ إلى الرمال نداءَها وسرى النسيمُ عشيةً فنعاها

ذات مساء

وانتحينا معًا مكانًا قصيًّا نتهادى الحديث أخذًا وردَّا
سألتْني: مللْتَنا أم تبدَّلـ ـتَ سوانا هوًى عنيفًا ووجدَا؟
قلت هيهات! كم لعينيكِ عندي من جميلٍ! كم بات يهدَى ويسدَى!
أنا ما عشت أدفع الدين شوقًا وحنينًا إلى حماكِ وسهدَا
وقصيدًا مجلجلًا كلَّ بيتٍ خلفه ألفُ عاصفٍ ليس يهدَا
ذاك عهدي لكل قلبك لم يقـ ـض ديونَ الهوى، ولم يرعَ عهدا
والوعودُ التي وعدتِ فؤادي لا أراني أعيش حتى تؤدَّى

ليالي الأرق

زيارة من حبيب يسأل: لماذا نتلقى هذه اللحظات الهاربة ما دمنا نفترق بعد ذلك؟

هل في العصيب المدلهمْ مصغٍ لشاكٍ لم ينمْ
سهدٌ على سهدٍ وذكـ ـرى فوق ذكرى تزدحمْ
وحنين قلب لا يثو ب إلى خيالٍ لا يلمْ
يا من أحب وأفتدي ويلذُّ لي فيه الألمْ
لو كنتَ تسمع لاسترحـ ـت من الشكايةِ للظلمْ
إن الكواكبَ ضقنَ بي ذرعًا وآسيها سئِمْ
ومن العجائبِ في الليا لي والحوادث تستجمْ
شكوى الحيارى في الحيا ة إلى حيارى في السدمْ!
•••

لمنْ انتظاري في الظلا م كأنَّ بي شبه اللممْ؟
وتساؤلي في حالكٍ لا صوت فيه ولا قدمْ؟
وعلام إصغائي لعلَّ خطاكِ هذي عن أَممْ؟
ليلِي العشية مثل ليـ ـلِي في غرامكِ من قدَمْ
يا طالما أدنتكِ أو هامٌ كواذبُ كالحُلُمْ
فلمحت صبحكِ في السوا دِ وخلتُ روحكِ في النسمْ
وشفيتُ وهمي من رضا كِ ورُبَّ ذي يأسٍ وَهمْ
ورويتُ أذْني من حديـ ـثكِ وهْو معبود النغمْ
وحرقت قلبي من سنا كِ على جمالٍ يضطرمْ
كفراشةٍ حامت عليـ ـكِ وأيُّ قلبٍ لَم يحُمْ!
•••

لك حسنُ نوَّار الخميـ ـلة طُلَّ صبحًا فابتسمْ
لك نضرةُ الفجر الجميـ ـل على الذوائبِ والقممْ
لك طلعةُ البرءِ المرجـَّ ـى بعد مستعصى السقمْ
لك كل ما أوفى على قدر النهاية واستتمْ
فبأي قلبٍ أتقي؟ وبأي حصنٍ أعتصمْ؟
•••

يا زائرًا عجلانَ لَمْ يطلِ اللقاءُ ولَمْ يقمْ
ودَّعتَ ما أشبعتَ لي روحي ولا نظري النهِمْ
ومضيتَ عن دنيا خلَتْ وجرت بنعمى لَم تَتِمْ
لم يبقَ من أثرِ اللقا ء بها سوى عبقٍ ينمْ
وسؤالِ دمعك حين يسـ ـألني ومَن لي بالكلمْ
لِمَ يا أليفَ خواطري غفت العيون ونحن لَمْ؟!
وإِلامَ تدفعنا الحوا دث في عُبابٍ يلتطمْ
دَفَعتْ بمركبنا المقا ديرُ الخفيةُ والقِسمْ
خَرَجَتْ وما تدري الغَدا ة بأي صخرٍ ترتَطِمْ
بدَأتْ عَلَى ريح الرضا والله يدري المختتمْ!

خواطر الغروب

قلتُ للبحر إِذ وقفتُ مساءَ كم أطلتَ الوقوفَ والإصغاءَ
وجعلت النسيم زادًا لروحي وشربت الظلالَ والأضواءَ
لكأنَّ الأضواءَ مختلفات جَعَلَتْ منكَ رَوْضَةً غَنَّاءَ
مَرَّ بي عطرها فأسكَرَ نفسي وسَرَى في جوانحي كيف شاء
نشوة لم تطل! صحا القلب منها مثل ما كان أو أشدَّ عناءَ
إِنما يفهم الشبيهُ شبيهًا أيها البحر، نحن لسنا سواءَ
أنت باقٍ ونحن حرب الليالي مَزَّقتْنا وصيرتْنَا هباء
أنت عاتٍ ونحن كالزبد الذا هبِ يعلو حينًا ويمضي جُفاءَ!
وعجيبُ إليك يممتُ وَجهي إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التأسِّي وما تمـ ـلك رَدًّا ولا تجيب نداءَ!
•••

كل يومٍ تساؤلٌ … ليت شعري من ينبِّي فيحسن الإِنباءَ؟!
ما تقول الأمواجُ! ما آَلَم الشمـ ـسَ فولَّت حزينةً صفراءَ
تركتنا وخلفتْ ليلَ شكٍّ أبديٍّ والظلمةَ الخرساءَ!
وكأنَّ القضاءَ يسخر مني حين أبكي وما عرفتُ البكاءَ
ويح دَمعي وويح ذلة نفسي لَم تدع لي أحداثهُ كبرياءَ!

صخرة الملتقى

صخرة بين البحر والصحراء كنا نتلاقى عندها ونستلهم البحر والصحراء أشعارنا.

سألتكِ يا صخرةَ الملتقى متى يجمع الدهرُ ما فرَّقا!
فيا صخرةً جمعت مهجتين أفاءا إلي حسنها المنتقى!
إذا الدهر لجَّ بأقداره أجدَّا على ظهرها الموثقا
قرأنا عليكِ كتاب الحياةِ وفضَّ الهوي سرها المغلقا
نرى الشمس ذائبة في العباب وننتظر البدر في المرتقى
إذا نشر الغربُ أثوابَه وأطلق في النفس ما أطلقا
نقول هل الشمس قد خضبته وخلَّت به دمها المهرقا؟
أم الغرب كالقلب دامي الجراح له طلبة عز أن تلحقا
فيا صورة في نواحي السحاب رأينا بها همَّنا المغرِقا
لنا الله من صورَةٍ في الضمير يراها الفتي كلما أطرقا!
يرى صورة الجُرح طيَّ الفؤا د مازال ملتهبًا محرقا
ويأبى الوفاء عليه إندمالا ويأبى التذكر أن يشفقا
ويا صخرة العهد أبت أليكِ وقد مُزِّق الشَّمل ما مزقا
أريك مشيبَ الفؤادِ الشهيـ ـدِ والشيبُ ما كلَّل المفرِقا
شكا أسره في حبال الهوى وود على الله أن يُعتقا
فلما قضى الحظ فك الأسيـ ـر حنَّ إلى أسره مطلقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hassanbalam
® مدير المنتدى ®
hassanbalam
رسالة sms : سيرى ببطئ ياحياة
لكى أراك بكامل النقصان حولى
كم نسيتك فى خضمك
باحثا عنى وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة
مأجهلك!!!!
ذكر
عدد المساهمات : 11555
الاٍقامة : وراء الأفق حيث لاشئ سواى وحبيبتى
العمل : مهندس
نوسا البحر : شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى 15781612
شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى Icon_minitime 2020-11-13, 9:47 pm

قيثارة الألم

إن حان لحنُ الختامْ صار النشيدُ دعاءْ
مرّ الهوى في سلامْ فلْنفترقْ أصدقاءْ
سرٌّ وراء الظنونْ أظلّني وأضاءْ
لم أدرِ ماذا يكونْ ولم أسَلْ كيف جاءْ
•••

ما بين ضحكِ الرِّياحْ وقهقهات الغيوبْ
ولَّى خيالٌ وراحْ وحلَّ ظلٌّ غريبْ
•••

يا ذنبُ فات المتابُ لما تحطَّمَ صرحي
ما لي عليها عتابُ إني أعاتبُ جُرحي
•••

وهذه قيثاري ذاتُ الشجى والأنينْ
وهذه أوتاري أصرتِ لا تطربينْ؟!
•••

يا كم شدوتُ بلحني ما بين حزني ودمعي!
ما باله طي أذني لكنْ غريبًا لسمعي!

الطائر الجريح

أيُّ جوادٍ قد كبا؟ وأيُّ سيفٍ قد نبا؟
تعجبتْ زازا وقد حقَّ لها أن تعجبا
لما رأتْ فيَّ شحو بَ الشمسِ مالت مغربا
وهْي التي زانت مشيـ ـبي بأكاليل الصِّبا
وهي التي قد علّمتْـ ـني حين ألقى النُّوَبا
كيف أُداري النابَ إن عضَّ وأخفي المخلبا؟
لاقيتُها أرقصُ بشـ ـرًا وأُغني طربا
وهْي التي تهتك سِتْـ ـرَ القلبِ مهما انتقبا
لا مُغْلقًا تجهلُهُ يومًا ولا مُغَيَّبا
في فطنةٍ تومضُ حتَّـ ـى تستشفَّ ما خبا
رأتْ وراء الصدرِ طيـ ـرًا قَلِقًا مضطربَا
في قفصٍ يحلُمُ بالأفْـ ـقِ فيلقى القُضُبَا
إنَّ زمانًا قد عفا وإنَّ عمْرًا ذهبَا
وصيَّرتْهُ طارقا تُ السقمِ وَقرًا مُتعِبا
ورنَّقتْ مورِدَهُ أنَّى له أنْ يَعذُبا؟
إني امرؤٌ عشت زما ني حائرًا معذَّبا
عشت زماني لا أرى لخافقي مُنقَلبَا
مسافرًا لا قومَ لي مُبتعدًا مُغتربَا
مشاهدًا عَلِّيَ في مسرحِهِ أن أرقبا
روايةً مُلَّتْ كما مُلَّ الزمانُ ملعبا
وظامئًا مهما تُتَحْ مواردٌ أن أشربَا
وجائعًا لا زادَ في دنياي يَشفي السَّغَبَا
فراشة حائمة على الجمال والصِّبا
تعرَّضت فاحترقت أُغنيةً على الرُّبى
تناثرتْ وبعثرَتْ رمادَها ريحُ الصَّبا
أمشي بمصباحي وحيـ ـدًا في الرياح مُتعبا
أمشي به وزيتُه كاد به أن ينْضَبا
وشد ما طال الصرا ع بيننا وا حرَبا
ريحُ المنايا تقتضيـ ـني نسماتي الخُلَّبا
وليس بالأحداث فيـ ـما قيل أو ما كُتبا
كالعمر والسُّقم إذا تحالفا واصطحبا
لولاكِ ما قلتُ لشي ء في الوجود مَرْحَبا
ولم أَجِدْ ركنًا غنيّـ ـًا بالحنانِ طيِّبا
أنتِ التي أقمت مر فوعَ البناءِ من هَبَا
وإنني الصخرُ الذي أردتِ أن لا يُغلبا
ويضربُ البحرُ عليـ ـه مَوْجَه منتحبا
علمتِ يأسي وجنو ني وجهلتِ السَّببا
يا أملي إنك يأ سُ القلبِ مهما اقتربا
يا كوكبًا مهما أكن من بُرْجِه مُقَرَّبا
فإنه يظلُّ في السَّـ ـمْتِ البعيدِ كوكبا
وأين مني فَلَكٌ قد عزّني مُطَّلَبا
ليس إلى خياله إلا السهادُ مركبا
أستبطئُ الريحَ له وأستحِثُّ الكُتبا
ولو طريقُ حبِّه على القتاد والظُّبا
وقيل للقلب هنا الـ ـموتُ فعُدْ تسلمْ أبَى
إني امرؤٌ عشتُ زما ني حائرًا معذَّبا
لا أحسِبُ الأيام فيـ ـه أو أعُدُّ الحِقَبا
ضقتُ بها كيف بمن ضاق بها أن يَحسِبا
تغيّرتْ واختلفتْ وسائلًا ومطلبا
وارتفعتْ وانخفضتْ طرائقًا ومأربا
ساوت على الحالين حُمْـ ـلانًا بها وأذؤُبا
وشاكلتْ لناظري سهولَها والهُضُبا
دخلتُها غِرًّا وعُدْ تُ فانيًا مجربا
لا أسألُ الأيام عن أعمالها مُعَقِّبا
إن كان هذا الدهر فيـ ـما جرَّه قد أذنبا
فإنه تاب وأدَّ ى وعدَهُ المرتَقبا
لِقاكِ ماحٍ للذنو ب كيف لي أن أعتبا؟
ضممتُ عِطْفيْكِ غدا ة الرَّوْع أبغي مَهربا
كم خِفتُ من أن تذهبي! وخفتِ من أن أذهبا!
كأن طفلًا خائفًا في أضلعي حَلَّ الحُبى
يضربُ ما اسْطاعَ على جُدرانها أن يضربا
يكافحُ الأمواجَ أو يصرعُ جيشًا لَجِبا
إن بَعُد الشطُّ فقد آن له أن يَقرُبا
أنتِ الحياةُ والنجا ةُ والأمانُ المُجتَبَى

قصة حب

مرت حياتي دون أمنيَّهْ وتقلّبت مَللًا على مللِ
حتى لقيتكِ ذات أمسيَّهْ فعرفت فيكِ مطالع الأملِ
•••

طافت بي الأيامُ واحدة لم تلقني فرحًا ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة وقد استوت ضِيْقا ومتسعا
•••

والعمرُ سارَ كأنه العدمُ سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ من أي كاس كنت ساقيتي؟
•••

ما هذه الدنيا التي اقتربتْ فيها المنى والظلُّ والثمرُ؟
تجتاز وامضة فمذ وثَبَتْ وثَبَ الهوى وتمهَّلَ القدرُ!
•••

قدماك ما انتقلا على دَرَجِ حاشك بل خطرا على ثبجِ
كسفينة خفَّت على اللججِ نشوى بما حملت من الفرَجِ!
•••

في مظلم متعرج كابِ والليل تغزوني جحافلُهُ
دقّت يدُ النعمى على بابي والعيش خابي النجم آفلُهُ
•••

يا للمقادير الجسام ولي من ظلمها صرخات مجنونِ
باكي الفؤاد مشرَّد الأمل وقف الزمان وبابه دوني!
•••

مزّقتِ ظلمة كل ديجورِ وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنورِ ما كنتِ إلا ساحرًا وعصا
•••

ماءٌ ضربتُ الصخر فانبجسا وجرى الغداةَ زلالهُ العذبُ
أيقول دهري إن ما يبسا هيهات يرجع عودهُ الرطبُ
•••

صيّرت دعواه لتفنيدِ وحطَمْته وهزمت حجّتهُ
وأعدت ما قد جفَّ من عودي مخضوضرًا وأقمت صعدتَهُ!
•••

يا من رأت طللًا كتمثالِ يستعرض العمرَ الذي مرَّا
وكأنه في رسمِهِ البالي ندم الأسيف ودمعة حرَّى
•••

ورْد ذوي أو طائر صمتا العمر مثل الظلِّ منتقلُ
الناس لا يدرون من ومتى والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت أو صوَّحت أفنانها الخُضُلُ
•••

نزل الربيع بها فنضّرها وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاءُ لها فغيَّرها وأحالها لفظًا بلا معنى
•••

هذا حديثٌ يشبه السِّحرا هيهات أفرغ من روايتهِ
شفق المغيب جعلته فجرًا وبدأت عمري من نهايتهِ
•••

إني لطيرٌ حائر باكِ قد كانتْ الأحزانُ فلسفتي
ذابت حنانًا يوم لقياكِ وجرت أغاريدًا على شفتي
•••

يا من طويت عليه جارحتي وسألت عنه الأنجمَ الزهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي أستلهم الكثبانَ والقفرا
•••

والماءَ أنهَل حيثما كانا والبرقَ أَتْبَع حيثما لمعَا
فأرى صفاءَ الوردِ غيمانا والمطلقَ المجهولَ ممتنِعَا

في ظلال الصمت

ها أنا عُدْتُ إلى حيثُ التقيْنا في مكانٍ رفرَفَتْ فيه السعادهْ
وبه قد رفرفَ الصمتُ علينا إنَّ في صَمْتِ الحبيبين عباده
رب لحنٍ قصَّ في خاطِرنا قصَّةَ الساري الذي غنَّى سهادهْ
وكأنّ الصمتَ منهُ واحةٌ هَيّأَتْ من عُشبِها الرَّطبِ وساده
•••

صَمَتَ السَّهلُ ولكنْ أقبلتْ من ثنايا السهل أصداءٌ بعيدهْ
كلُّ لحنٍ في هدوءٍ شاملٍ تشتهي النفسُ به أن تستعيدَهْ
يتهادى في عُبابٍ ساحرٍ باعِثٍ للشّطِّ أمواجًا مديده
فإذا ما ذهب الليلُ بها تزخرُ النفسُ بأصداءٍ جديدهْ
•••

هدأ الليلُ هنا لكننِّي كنتُ في حُسنِكِ بالصَّمتِ أُغنّي
كلُّ لحنٍ لَجِبٍ يغشَى دمي لَعِبَ العازف بالعُود المُرِنِّ
ناقلًا للنّهر والسهل معًا قصةً يشرحُها عنكِ وعنِّي
قصةَ الشاعر والحسنِ إذا اسـ ـتَبَقَا للخلْدِ في حَوْمة فنِّ
•••

ما الذي في خُصْلَةٍ راقدةٍ؟ ما الذي في خطِّه أو كتبِهْ؟
ما الذي في أثرٍ خَلَّفَهُ من أفانينِ الهوى أو عَجَبِه؟
•••

ما الذي في مجلسٍ يَألَفُه عقدَ الحبُّ عليه موعِدَه؟
ربما يبكي أسًى كرسيُّه إن نأى عنه وتبكي المائده
ولقد نحسبُها هشَّتْ إذا عائدٌ هَشَّ لها أو عائده
ولقد نحسبُها تسألُنا حين نَمضي أفِراقٌ لعِدَه؟
•••

كم أعَدَّتْ نفسَها وانتظرتْ واستوتْ موحشةً تحت السماء
وهي لو تملِك كفًّا صافحتْ كفَّكِ الغضّة في كل مساء
•••

رُبّ كَرْمٍ مَدّه الليلُ لنا فتواثبنا له نَبْغِي اقتطافَه
وعلى خيمَته حارسُه عربيُّ الجود شرقيُّ الضيافهْ
وجَد العُرسَ على بهجته وسناه دونَ وَرْدٍ فأضافهْ
ثم وراتْهُ غَياباتُ الدّجى كخيالٍ من أساطيرِ الخُرافه
•••

أرجٌ يعبقُ في جُنحِ الدُّجى حملَته نحو عَرْشَيْنا الرياحْ
كلُّ عطرٍ في ثناياه سَرَى كان سِرًّا مُضْمرًا فيه فباح
يا لَها من حِقبَةٍ كانت على قِصَرٍ فيها كآمادٍ فِساحْ
نتمنى كلما امتدَّت بنا أن يَظَلَّ الليلُ مجهولَ الصَّباحْ
•••

أنا إن ضاقتْ بيَ الدنيا أَفِئْ لثَوانٍ رحبةٍ قد وَسِعَتْنا
إنما الدنيا عُبابٌ ضَمَّنا وشطوطٌ من حُظُوظٍ فرَّقتنا
ولقد أطْفُو عليه قَلِقًا غارقًا في لحْظةٍ قد جمعتنا
ومعاني الحسن تترى وأنا ناظرٌ فيها لمعنًى خَلْفَ معنى
•••

هذه الدنيا هجيرٌ كلُّها أين في الرمضاء ظلٌّ من ظلالكْ؟
ربما تزخرُ بالحسن وما في الدُّمى مهما غَلَتْ سحرُ جمالكْ
ولقد تزخر بالنّورِ وكم من ضياء وهْو من غيرِك حالكْ
لو جَرَتْ في خاطري أقْصى المُنى لتمنَّيتُ خيالًا من خيالِك!
•••

قلتُ للّيلِ الذي جلّلنا والذي كان على السرّ أمينا
أينَ يا قلبيَ مَنْ قلبي اجتَبَى لهواهُ واصطفاهُ لي خدينا؟
لم أكن أطمع أن ترحمني بعد أن قَضَّيْتُ في الوجدِ السنينا
لم أكُنْ أطمعُ أن تُضْمِرَ لي آسيًا يُبْرئُ لي الجُرح الدفينا
لم أكن أعلمُ يا ليلَ الأسى أن في جُنْحِكَ لي فجرًا جنينا
•••

أيها اللائذُ بالصّمتِ كَفَى وأدِرْ وجْهَكَ لي وانظرْ طويلا
لا تمِل واسخرْ من الدنيا إذا شاءت الأيام يومًا أن تميلا
•••

ما الذي مكَّن في القلب الودادْ؟ ما الذي صبَّك صبًّا في الفؤادْ؟
ما الذي ملَّك عينيك القيادْ؟ ما الذي يعصف عصفًا بالرشادْ؟
ما الذي إِنْ أُقْصِهِ عنِّيَ عاد طاغيًا؟ سِيَّانِ قُرْبٌ أو بعاد!
ما الذي يَخْلُقُنا من عدم؟ ما الذي يُجري حياةً في الجمادْ؟
•••

كم حبيب بَعُدت صهباؤه وتبقت نفحة من حبَبهْ
في نسيج خالدٍ رغمَ البلى عَبَثَ الدّهرُ وما يعبثُ به!
•••

أين سلطاني ومجدي والذي حبُّه مجدٌ وسلطانٌ وعزَّه؟
أين إلهامي ونوري والذي أيقظَ القلبَ إلى البَعْثِ وهَزَّه؟

بقايا حلم

آهِ من وجْدك بالهاجر آهْ تتمنى أن تراه؟ لن تراه!
خدَعَتْنا مُقْلَتاهُ خدعتْنا وجنتاهُ خدعتنا شَفَتاهْ
والذي من صوتهِ في مسمعي وخيالي غادرٌ حتى صداهْ
حُلُم مرَّ كما مرَّ سواه وكذا الأحلامُ تمضي والحياهْ
•••

أين يا ليلايَ عهدُ الهرمِ؟ أين يا ليلاي حُلوُ الكَلِمِ؟
هامساتٍ بين أذني وفمِي سارياتٍ غرِداتٍ في دمِي
كلماتٌ عذبةٌ معسولةٌ ضيَّعت وارحمتا للقَسمِ
ذهبت مثل ذهاب الحُلمِ إنني أعلم ما لم تعلمِي
•••

كيف صدَّقنا أضاليلَ الهوى بِنُهَى طفلٍ وإحساس صَبِي؟
حسبُنا منه سماء لمعتْ فوق رأسينا وكوخٌ خشبي
حُلمٌ ولّى ووهمٌ لم يدُم ما تبقَّى غيرُ خيطٍ ذهبي!
•••

ذات يوم في أصيلٍ فاتنٍ ذابت الشمسُ فسالتْ ذهبا
كست النيلَ نُضارًا وانثنَتْ تغمر الصحراء نَخْلًا ورُبَى
ما على الجِيزةِ أن قد أبصرتْ شفَقِي معتنقًا فجرَ الصبا
قد رأتنا مثل طَيْفَيْ حُلُمٍ ما عليها أقبلا أم ذهبا!
•••

قلتُ هيَّا! قلتِ نمشي سرْ فما من طريق طال لا نَذْرعُهُ
قلتُ والعمر بعيني كالكرى وأنا في حلُم أقطعهُ
جمع الدهرُ حبيبًا وامقًا بحبيبٍ وغدًا ينزَعُهُ
أطريقان: طريقٌ دونَه في حياتي وطريقٌ معهُ؟
•••

كلما خلَّى حبيبي يَدَهُ لحظة قلتُ وحبّي أبقِها!
أبقها أنفضْ بها خوفَ غدٍ وأُحِسَّ الأمنَ منها وبها
أبقها أشدُدْ بها أزري إذا ضَعُفَ الأزرُ أو العزمُ وهَى
أبقها أُومنْ إذا لامستُها أن حبي ليس حُلْمًا وانتهى

زازا

أنا وحدي في البيدِ حيرانُ هائمْ فمتى تذكُرُ القفارَ الغمائمْ
رحمةً يا سماء إن فمي جفَّ وحلْقي عن المواردِ صائمْ
غاض نبعُ المُنى ولم يبقَ حتى ومضةُ الحُلْم في محاجر نائمْ
أيها الطاعم الكرى ملْءَ جفنَيـْ ـك وجفني من الكرى غيرُ طاعمْ
أَبكِني واستبِدَّ بي واقضِ ما شا ء لك الحسنُ فيَّ واظلِمْ وخاصمْ
غير هذا النوى فإن ليا ليه ظلالٌ من المنايا حوائمْ
تضمحلُّ الحياةُ فيه وتنهدُّ كأنَّ النهارَ معْولُ هادمْ
لا تكلْني لذلك الأبد الأسـ ـوَدِ في قاعِ مُزبِدِ اللُّج قاتمْ
لا تكلني لِهُوَّة تعصفُ الأشـ ـباحُ في جوفها وتَعْوي السَّمائمْ
لا تكلْني إلى جناحِ عُقابٍ في ضلوعي محَلِّق الرعبِ جاثمْ
لا تكلْني لضائعٍ في حنايا ها غريبٍ في مَهْمَهٍ من طَلاسمْ
يسأل الزهرُ والخمائلُ والأنْـ ـوارُ عن تِرْبها الضحوك الباسمْ
ذاق ما ذاق في الصبابة إلا ذَبْحةَ الرُّوحِ وانفصالَ التوائمْ
إن تَعُدْ محسنًا إليّ فعُد بي للعهود المقدّساتِ الكرائمْ
وإذا ما رأيتَ عزميَ ينها رُ فثبِّتْ بالذِّكْرَياتِ الدعائمْ
جئتني في الخريف والروضُ عارٍ فكسوتَ الرُّبى عذَارَى البراعمْ
وأجالَ الربيعُ أخضرَ كفَّيْـ ـهِ ليمحو اصفرارَه المتراكمْ
رحلة للنجوم لم تك أوها مًا وبعضُ النعيمِ أوهامُ حالمْ
آه كم ليلةٍ أراجع أيا مي أعُدُّ العُلى وأُحصي العظائمْ!
وحسبت الخسار فيها فكان الـ ـغَبْنُ عندي زَمانِيَ المتقادمْ
قبل أن نلتقي فلما تلاقيْـ ـنا عرفتُ الغِنَى وذقتُ المغانمْ
حيثما أغْتدِي فإن الدراري ملءُ روحي وفي خيالي بواسمْ
إن أبِتْ جائعًا فثمَّةَ زادي أو أبتْ معسرًا فثمَّ الدراهمْ
وعجيبٌ قد كنتَ لي حسد الحسَّـ ـادِ فيها وكنت أنت التمائمْ
بالذي صُنتُ عهدَه لم أخُنْهُ ومتى خانتِ الأكفُّ المعاصمْ؟
والذي حكمُه كأقدار عينيـ ـك فما منهما ولا منه عاصمْ
أيُّ صوتٍ من الغيوب يناديـ ـني فأطوي له الدُّنَى والمعالمْ
قدَرٌ مُشْعَلٌ على شفةٍ تد عو فأخطو على اللَّظى غيرَ نادمْ
وفؤادي يحومُ بالنار لا يَحـ ـفلُ أني على المنيَّةِ حائمْ
الهوى مَصرعي وكم من حِمامٍ كان بابًا إلى الخلود الدائمْ
وطريقًا من الأسنّةِ والشو كِ رَوَتْ أرضَه الدموعُ السواجمْ
شهد اللهُ ما قضيتُ الليالي ناعمَ الجنبِ فوق مهْدٍ ناعمْ
أيُّ جَيشَيْك مُغرِقِي ليليَ الطا غي أم الشوقُ وحدهُ وهْو عارمْ؟
آهِ مِن رُبما ومن أملٍ يُمْـ ـسكُ نفسي رجاء يومٍ قادمْ
قد تجيءُ الأنباءُ من شاطئ النيـ ـل غدًا والمبشراتُ النسائمْ
وتكونُ النجاةُ في القمر السا ري على زورقٍ من النورِ حالمْ

ذهب العمر

قضيتَ العمر تذكر لي وأذكر في الهوى جرحكْ
فقم نسخرْ من الأمَلِ ومن أعماقنا نضحكْ!
•••

وقم نسخرْ من الدنيا وقم نَلْهُ مع اللاهي
طويتُ صحيفة الأمسِ فَدَعْها في يد اللهِ
•••

هي الدنيا كما كانت وماذا ينفع الوعظُ؟!
وما عتبت ولا خانت ولكن خانك الحظُّ
•••

أردنا الجاهَ والذهبا فلم يتلطَّفِ المولى
وهذا العمرُ قد ذهبا وأحسن ما به ولَّى

الأجنحة المحترقة

يا أمتي كم دموعٍ في مآقينا نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا؟!
يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً في الضعفِ بعضُ المآسي فوق أيدينا
واهًا على السرب مختالًا بموكبه وللنسور على الأوكار غادينا!
قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرةٌ لا يدركون العلا إلَّا مضحِّينا
«والمانش» يعجب منهم حينما طلعوا على غوارِبِهِ الحيرى مطلِّينا
فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها تجزي البسالة وردًا أو رياحينا
قالوا النسور فهبَّ القومُ وادَّكروا نسرًا لهم ملأَ الدنيا ميادينا
وهلل «السِّين» إذ هلَّت طلائعنا طلائع المجد من أبناء وادينا
حان الأمانُ ووافَى السربُ فافتقدوا نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه كان إبطاءَ الرَّدى فهما لمَّا دعا المجد قد خَفَّا ملبينا
فليبْكِ من شاء وليُشبعْ محاجرَهُ ولينتحبْ ما يشاءُ الحزنَ باكينا
يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها من لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه لا يدفعُ الدمع شيئًا من عوادينا
فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحُنا: فداك يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك يا مصر هذا النجم منطفئًا والنسر محترقًا والليث مطعونا!

أغنية في هيكل الحب

كم تجرَّعنا هوانا ولقينا في هوانا
وبلونا نار حب لَم نذقْ فيها أمانا
وإِذا حلَّ الهوى هيـ ـهات تدري كيف كانا
فإِذا ما ملك الأنفـ ـس أصلاها عوانا
فهو نصلٌ مستقرٌّ ولهيب لا يدانى!
يا حبيبي هدأ الليـ ـل ولم يسهر سوانا
لا الدجى ضمَّد جرحيـ ـنا ولا الصبح شفانا
لا الهوى رقَّ على الشا كي ولا قاسيه لانا
قد غدونا غرضِ الرا مي كما شاء رمانا
وافِنيْ بالله نطرقْ هيكل الحب كلانا
ساعة نبكي على الكأ س ونشكو من سقانا!

صلاة الحب

أحقًّا كنت في قربي لعلي واهمٌ وهما
تكلَّمْ سيدَ القلبِ وقل لي: لَمْ يكن حُلما
•••

دنوتَ إِليَّ مستمعا فُبحْتُ، وفرطَ ما بحْتُ!
بعادك والذي صنعا وهجرُك والذي ذقتُ
•••

وحبِّي! ويحه حبِّي تَبيعك حيثما كنتَ
تكَلَّمْ سيدَ القلبِ وقل بالله ما أنتَ؟!
•••

أرى في عمق خاطركَ جلالًا يشبه البحرا
وألمحُ في نواظركَ صفاء الرحمة الكبرى
•••

وأنت رضًى وتقبيلُ وأنت ضنًى وحرمانُ
وفي عينيك تقتيلُ وفي البسمات غفرانُ
•••

وأنت تَهَلُّلُ الفجرِ وبسمتُه على الأفق
وحينًا أنَّةُ النهرِ وحزن الشمس في الغَسقِ
•••

وأنت حرارةُ الشمسِ وأنت هناءةُ الظلِّ
وأنت تجاربُ الأمسِ وأنت براءةُ الطفل!
•••

وأنت الحسنُ ممتنعًا تحدَّى حصنه النجما
وأنت الخيرُ مجتمعًا وعندك عرشُهُ الأسمى
•••

وعندك كل ما أظما وردَّ القلب لهفانا
وعندك كل ما أدمى وزاد الجرح إِثخانا
•••

وعندك كل ما أحيا وشدَّد عزمه الواهي
حنانُكَ نضرة الدنيا وقربُكَ نعمةُ اللهِ!
•••

وفيم هواجسِ القلب وفيم أطيلُ تسآلي
أحبك أقدسَ الحبِّ وحبك كنزيَ الغالي
•••

سناكَ صلاة أحلامي وهذا الركنُ محرابي
بهِ ألقيت آلامي وفيه طرحت أوصابي
•••

هوًى كالسحر صيَّرني أرى بقريحة الشهبِ
وطهَّرني وبصَّرني ومزَّق مغلقَ الحجبِ!
•••

سموت كأنما أمضي إلى ربٍّ يناديني
فلا قلبي من الأرض ولا جسدي من الطين!
•••

سموت ودق إِحساسي وجُزتُ عوالم البشر
نسيت صغائر الناسِ غفرت إِساءَة القدرِ!

الشك

قد يظفر المرء بقرب حبيبه، ولكنه يشك في هذا النعيم الذي لقيه، فيبكي في النعمة كما يبكي في الشقاء.

بي ما تحسُّ وفي فؤادكِ ما بي فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي
تجري الدموع وأنت دَانٍ واصلٌ كمسيلهن وأنْتَ في الغيَّابِ
أنكرت بي ناري عشية لَامَسَتْ شفاتي مِنْكَ أناملَ العنابِ
وجرت يميني في غَزيرٍ حالكٍ مسترسل كالجدول المنسابِ
وسألتَ ما صمتي وما إطراقتي وعَلَام ظلَّت حيرة المرتابِ
أقْبِل أذقني ما اليقين وهاته خلوًا من الآلام والأوصابِ
أقبِلْ لأقسمَ في حياتي مرةً إن الذي أُسقاه ليس بصابِ
لهفي على هذا اليقين! وطعمه بفمي وتكذيبي شهيَّ شرابي!
•••

مَنْ أنتَ؟! من أيِّ العوالم ساحرٌ مستأثرٌ بأعنة الألبابِ؟
حدَّثتُ نفسي إِذ رأيْتُكَ باديًا وأطَلْتَ تسآلي بغير جوابِ
ما يصنع الملكُ الطهورُ بعالَمٍ فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ؟
ما يصنع الأبرارُ بالأرض التي ساوت من الأبرار والأوشابِ؟
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها من ليل آثامٍ لصبح متابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي عند التراب رخيصةً كترابِ!
يا هيكل الحسنِ المبارَك ركنه الساحر النور الطهور رحابِ
لا صدقَ إلَّا في لهيبك وحده وجلالُه الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إِليك بقية من مهجةٍ ضاعت على الأحبابِ
وَأَذبْتُ جوهَرَهَا فدَاءَ نَوَاظِر قُدسِيَّةٍ، عُلويَّةِ المحرابِ!

العائد

أجرْ غربتي أيها العائدُ فقد ملّني الداءُ والعائدُ
أجرْ غربتي فبلادي الهموم وليلٌ بطيء الخطى راكدُ
تقاسمني في نواك الديار وأنتَ لي الوطن الواحدُ
محياك داري ومنك نهاري إذا ضمك الصدرُ والساعدُ
•••

أجرْ شفتي من عذاب الظما أما أذن اللهُ أن ترحما؟!
أتمعن في الهجر حتى ترانا بكينا دمًا واحترقنا فما؟
ولي رمقٌ صنتُهُ كي أراك فأشفِقْ على رمقي ريثما
إذا طلب الحبُّ برهانَهُ من الموت لبَّيتُ كي تعلما
•••

لياليّ مرت هباءً عقيمًا فهل تتوالى البواقي سدَى؟
أسائل جرحيَ عمن جناهُ وأرنو فأستخبر العوَّدا
فما اطلعوا اليوم بالبشريات ولا عللوا بالتلاقي غدا …
فلما تنكرَ حتى المحب تلفتُّ أسألُ عنك العدا
•••

سلام على غائب عن عيوني حملت حطامي إلى دارِهِ
وقلت لقلبي تمهل بنا وخبئ شقاءَك أو دارِهِ
تناسَ الأسى ها هنا أو يقال حملتَ الظلامَ لأنوارهِ …
أتغدو إلى عتبات النعيم بلفحِ الجحيم وإعصاره! …

العودة

عاد الشاعر إلى دار أحباب له فوجدها قد تغيرت حالها.

هذه الكعبةُ كنَّا طائفيها والمصلِّين صباحًا ومساءَ
كم سجدنا وعبدنا الحسنَ فيها! كيف باللّه رجعنا غرباء؟!
•••

دارُ أحلامي وحبِّي لقيتنا في جمود مثلما تلقى الجديدْ
أنكرتْنا وهْي كانتْ إن رأتْنا يضحك النورُ إلينا من بعيدْ
•••

رفْرَفَ القلبُ بجنبي كالذبيحْ وأنا أهتف: يا قلبُ اتَّئدْ
فيجيب الدمعُ والماضي الجريحْ لِمَ عُدنا؟ ليت أنَّا لم نعد!
•••

لِمَ عُدنا؟ أَوَ لم نطوِ الغرامْ وفرغنا من حنين وألمْ
ورضينا بسكون وسلامْ وانتهينا لفراغ كالعدم؟!
•••

أيها الوكرُ إذا طار الأليفْ لا يرى الآخرُ معنًى للمساءْ
ويرى الأيام صُفرًا كالخريفْ نائحات كرياح الصَّحراء
•••

آهِ مما صنع الدهرُ بنا! أَوَ هذا الطللُ العابس أنتَ؟!
والخيال المطرق الرأس أنا شدَّ ما بتْنا على الضنك وبتَّ!
•••

أين ناديكَ؟ وأين السمرُ؟ أين أهلوكَ بساطًا وندامى؟
كلّما أرسلتُ عيني تنظرُ وثبَ الدمعُ إلى عيني وغاما
•••

مَوْطِنُ الحسن ثوى فيه السأمْ وسرتْ أنفاسُه في جوِّهِ
وأناخ الليلُ فيه وجثمْ وجرَتْ أشباحُه في بهوهِ
•••

والبِلى! أبصرتُه رأيَ العيانْ ويداه تنسجان العنكبوتْ
صحتُ يا ويحكَ تبدو في مكانْ كلُّ شيءٍ فيه حيٌّ لا يموتْ!
•••

كلُّ شيءٍ من سرور وحَزَنْ والليالي من بهيجٍ وشَجِي
وأنا أسمعُ أقدامَ الزمنْ وخُطى الوحدةِ فوق الدرجِ
•••

رُكْنِيَ الحاني ومغنايَ الشفيقْ وظلال الخلدِ للعاني الطليحْ
علم الله لقد طال الطريقْ وأنا جئتكَ كيما أستريح
•••

وعلى بابكَ أُلقي جعبتي كغريب آب من وادي المِحنْ!
فيكَ كفَّ الله عنِّي غربتي ورسا رَحْلي على أرض الوطن!
•••

وطني أنتَ ولكنِّي طريدْ أبديُّ النفيِ في عالَم بؤسي!
فإذا عدت فللنجوى أعودْ ثم أمضي بعدما أُفرغ كأسي!

hassanbalam يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

شعر وقصائد إبراهيم ناجى , أفضل قصائد إبراهيم ناجى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

صفحة 1 من اصل 1
نوسا البحر :: فوضى الحواس(منتديات ثقافيه) :: مرتفعات أو سوناتا الكلام

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا