في عُباب١ الفضاءِ فوق غيومِهْ فوق نَسرِهْ ونجمتِهْ •••
حيث بثَّ الهوى بثغرِ نسيمِهْ كلَّ عطرِهْ ورقَّتِهْ •••
موطنُ الشاعرِ المحلِّقِ — منذ البدءِ — لكنْ بروحِه لا بجسمِهْ أَنزلتْه فيه عروسُ قوافيهِ بعيدًا عن الوجود وظلمِهْ ملِكٌ قبَّة السماء له قصرٌ وقلبُ الأَثيرِ٢ مسرحُ حُكمِهْ ضاربٌ في الفضاءِ موكبُهُ النورُ وأَتباعُهُ عرائسُ حُلمِهْ ملكُهُ ركنُهُ الهواءُ وما أقواه ركنًا قامَ الخلودُ بدعمِهْ عرشُهُ سُدَّةُ٣ السحابِ عليها نفضَ اللَّيلُ كلَّ رهبةِ رَسمِهْ تاجهُ هالةٌ ينضِدُ٤ في فضَّتها الأفقُ بدرَهُ قربَ نجمِهْ والدجى طيلَسانُهُ٥ فاحَ كافورُ دراريه٦ فوق عنبرِ فَحمِهْ والثُريَّا في كفِّهِ صولجانٌ دُرُّهُ لمَّهُ الصباحُ بكُمِّهْ مَلِكٌ طائرٌ بغيرِ جَناحينِ بأمرِ الخيالِ يَقضي وباسْمِهْ يا جَناحَ الخيالِ أَقوى جَناحٍ أنتَ يُلوى ظهرُ الرياحِ لصَدمِهْ ليت شعري ما الشاعر ابنٌ لهذي الأرضِ إلّا بلحمِهِ وبعظمِهْ فإذا اختارَ هَجْرَها برضاهُ أفما جاءَها مَقودًا برُغمِهْ هو منها وليس منها فما زالَ غريبًا ما بين أبناءِ أُمِّهْ ١ عباب الفضاء: بمعنى بعده السحيق وعمقه. ٢ الأثير: بمعنى الفلك الأعلى. ٣ السدة: المركز المميز في صدر المكان. ٤ ينضد: يرتب ترتيبًا مقتنًا. يقصد أنه متوج بالقبة الفضية التي تم فيها ترتيب الكواكب. ٥ الطيلسان: العباءة الفضفاضة الخضراء. ٦ الدراري: النجوم؛ ومعنى البيت أنه يرتدي كسوة خضراء مضمخة بالطيب الذي يخفف وطء سواد الليل.
روح الشَّاعر
أَيُّ روحٍ في بُردةِ الشعراءْ رفعتهُمْ على الهواءْ •••
أبعدتهُم عن عالمِ الأحياءْ قرّبتهُم منَ السماءْ •••
أنتِ يا روحَهم مِنْ تَنَوُّرِ ذرَّاتٍ أَضاءَتْ في الكونِ في عالمَيْهِ تَصِلُ الأرضَ والسماءَ بنهرٍ غَمَر الحسنُ والهوى ضَفَّتَيْهِ لستِ من عالمِ الترابِ وإن كنتِ تقمَّصتِ بالترابِ عليهِ أَنتِ من عالمٍ بعيدٍ عنِ الأَرضِ يَفيضُ الجلالُ عن جانبَيهِ نسمةُ الشعرِ أَنتِ، فيهِ تَبُثّينَ أريجَ الشعورِ في بُردتَيهِ هو فردوسُكِ السحيقُ فلا الإِثْمُ ولا الشرُّ يبلُغانِ إِليهِ وفتى الشعرِ يَستنزِلُ الوحيَ بيانًا يجثو الخلوُد لدَيهِ حافرًا باللظى على مِصْحفِ الأُفقِ سُطورًا تُنيرُ في دَفَّتيهِ ما احمرارُ الأَصيلِ غيرَ لهيبٍ شعَّ من قلبِهِ على مُقلتَيهِ ورُكامُ السَحابِ غيرَ دخانٍ نفثَتْهُ الهمومُ من شفتَيهِ ما أنينُ الرياحِ غيرَ زفيرٍ نزعتهُ الرياحُ من رئَتَيهِ ونُواحُ الطيورِ غيرَ عويلٍ نقلَتهُ الطيورُ عن أصغرَيهِ ما ندى الفجرِ غيرَ لؤْلؤِ دمعٍ رشفتهُ الأزهارُ من مِحجرَيهِ وبريقُ النجوم غيرَ شظايا كأسِ حبٍّ تحطَّمَتْ في يدَيهِ
العبد
بينَ روحي، وبين جسمي الأَسير كانَ بُعدٌ ذقتُ مُرَّهْ! •••
أنا في الأرضِ، وهي فوق الأَثيرْ أنا عبدٌ وهيَ حُرَّهْ! •••
أنا عبدُ الحياةِ والموتِ، أَمشي مُكرهًا من مُهودِها لقبورِهْ! عبدُ ما ضمَّتِ الشرائُعِ من جَوْرٍ يخُطُّ القويُّ كلَّ سطورِهْ بيَراعٍ دمُ الضعيفِ لهُ حِبْرٌ ونَوْحُ المظلومِ صوتُ صَريرِهْ! أنا عبدُ القضاءِ، تملأُ نفسي رهبةٌ من بشيرهِ ونذيرِهْ! عبدُ عصرٍ من التَمدُّنِ، نَلهو ضِلَّةً عن لُبابِه بقشورِهْ! عبدُ مالي، أَحظى به بعدَ جُهْدٍ فإذا بي أَنوءُ من ثِقْلِ نيرِهْ! عبدُ إسمي، ذَوَّبتُ روحي وجسمي طمعًا في خلودِهِ ونشورِهْ! عبدُ حبِي، أَنزلتُه في فؤادي فكوى أَضلعي بنارِ سعيرِهْ! أنا في قَبضةِ العبوديةِ العَمياءِ أَعمى مسيَّرٌ بغرورِهْ! إنَّ جسمي عبدٌ لعقلي، وعقلي عبدُ قلبي، والقلبُ عبدُ شعورِهْ وشعوري عبدٌ لحسي، وحسي هو عبدُ الجمالِ، يحيا بنورِهْ! كلُّ ما بي في الكونِ أَعمًى ومُنقادٌ على رُغمهِ لأعمى نَظيرِهْ غيرَ روحي فالشعرُ فكَّ جَناحَيْها فطارتْ في الجوِّ فوق نسورِهْ تَنتَحي عالمَ الخلودِ، لتحيا حرَّةً، بين روضِهِ وغديرِهْ! …
حُلمٌ فحقيقة
يا طيورَ السماءِ في الريحِ روحي بيَ جريًا على الجَلَدْ١ •••
وبِجسمي طيري إلى حيثُ روحي فيهِ تحيا بلا جَسَدْ! •••
هوَ حلمٌ مَجنِّحٌ، رافقَ الشاعرَ يَطوي الأَجيالَ جيلًا فجيلا خلعَتْ يقظةُ العقولِ جَناحَينِ عليهِ يُحيِّرانِ العقولا ما هُما من خرافةٍ وخيالٍ بل هما من حقيقةٍ وهَيولى صَعِّدِ الطَرْفَ في الأَثيرِ تُجِدْني قاطعًا في الأَثيرِ ميلًا فميلا خببًا٢ تارةً، وطورًا وَئيدًا صُعدًا مرَّةً، وأخرى نُزولَا فوق طيَّارةٍ على صهواتِ الريحِ قامتْ تروِّضُ المستحيلا هُوَ ذا طائرُ الجمادِ كأَنَّ الجنَّ في صدرِهِ تحثُّ خُيولا حَمْحَمَتْ تضرِبُ الرياحَ بنعلَيْها فشقَّتْ إلى السماءِ سبيلا ثمَّ مدَّتْ إلى النجومِ جَناحينِ وجرَّتْ على السَّحابِ ذيولا غَرِقَتْ فِي الْأَصِيلِ حينًا، وعامتْ بعد حينٍ تعلو قليلًا قليلا تَرتدي من دُخانِها بُردةَ اللَّيْلِ وتُلقي عن مَنْكِبيها الأَصيلا وعليها من الشرارِ نجومٌ عَقَدَتْ حولَ رأْسِها إكليلا حلِّقي، حلِّقي، والْقِي على الأَفلاكِ رُعبًا ورَوعةً وفُضولا واشْهَدي في الطُيورِ كرًّا وفرًّا واسمعي في النجومِ قالًا وقيلا! ١ الجلد: بمعنى السماء أو القبة الزرقاء. ٢ الخبب: طريقة عدو متسارع للخيل.
بين الطُّيور
قال نَسرٌ لآخَرْ: «أَيُّ نَسرٍ هوَ هذا؟ ومَنْ رِفاقُهْ؟ •••
يا لهُ طائرًا بصورةِ شَيْطانٍ يبثُّ اللهيبُ بركانَ صدرِهْ أَهْوَ منّا؟ لا. لا. فلمْ أَرَ جَبَّارًا كهذا في الجوِّ ما بين طَيرِهْ إنَّ قلبي لَموجِسٌ منهُ شرًّا، رُحْ بنا نَجضتلي حقيقةَ أَمرِهْ» «آدميٌّ هذا — أَجابَ أَخوهُ — جاءَ يَستعمرُ الأَثيرَ بأَسرِه كُرَةُ الأرضِ عن مطامعِهِ ضاقتْ فحطَّتْ هنا مَطامحُ فكرِهْ نحنُ لمْ نَهْجُرِ البسيطةَ، إِلَّا هَربًا منه واجْتنابًا لشرِّهْ قُمْ بنا نَحْشُدُ الطيورَ وننقضُّ عليه، نُجزيه مِنْ مثلٍ غدرِهْ!» ودَوَتْ في الأَثيرِ صيحَةُ حربٍ ملأَتْهُ بنَسرهِ وبصقرِهْ هو حشدٌ أَثارَ ضربُ خَوافيهِ١ غبارَ السحابِ يُعْمي بذَرِّهْ وإذا بي ما بينَ أَجنحةٍ سودٍ على الأُفقِ حجَّبتْ وجهَ بَدرِهْ طوَّقتني بكل فاغرِ شَدْقٍ صامدٍ لي بِمخلَبيْهِ وظِفرِهْ! «لا تخافي يا طيرُ ما أَنا إِلَّا شاعرٌ تَطربُ الطيورُ لشعرِهْ زارَكِ اليومَ مُتعبًا يَنْشدُ الراحةَ في هدأَةِ السُكونِ وسحرِهْ فرَّ عن أَرضِهِ فرارَكِ عنها منْ أَذى أَهلها وتنكيل دهرِهْ!» ١ الخوافي: رياش في جناح الطائر لا تظهر إلا إذا نشره، وذلك بخلاف القوادم التي تظل بادية للعيان عندما يطوي الطائر جناحه.
رمزُ الألم
أُنظُريهِ يَمْشي وفي خَطَواتِهْ نَزَواتٌ منَ الأَلمْ •••
عاثرَ الجَدِّ،١ جَدَّ تحدو بذاتِهْ نَزَعاتٌ إلى العدمْ •••
غمرته الأحلامُ بالشَّفَقِ الوَرْديِّ يُغريهِ بالمنى تَعْليلا وتلاشَتْ حلمًا فحلمًا، إلى اللَّاشيءِ تَمشي بهِ قليلًا قليلا هوَ فيِ مَيْعَةِ الشبابِ ولو حدَّقتِ فيه أبصرتِ شيخًا هَزيلًا بقَوامٍ كأَنَّ قاصِمَةَ الظَهرِ أناخَتْ عليهِ حِمْلًا ثقيلَا وجبينٍ أَلقتْ عليه شُجونُ النفسِ ظِلًّا منَ العُبوسِ ظَليلا فهْوَ لا يعرفُ التَبسُّمَ إلَّا عندما يستعيدُ حلمًا جميلًا! أَلِفَ اليأْسَ قلبُهُ، فهْو واليأْسُ يُحاكي بُثَينَةً وجميلا وإذا اليأْسُ صَدَّ عنه قليلا راحَ يَبكي على نَواهُ طويلا! وإذا ما النسيمُ مَرَّ عليه فعليلٌ أَتَى يَعودُ عليلا حائرُ الطرفِ شاردُ الفكرِ يَحكلي مُدْلجًا في الظلام ضَل َّالسبيلا تاهَ في عالمِ الخيالِ، فضاعَتْ نفسُهُ وهْيَ تَنشُدُ المستحيلا حوَّلَ الأرضَ عالمًا عُلويًّا قاطِرًا منْ وحولِها سلسبيلا ملأَ العالَم السماويَّ شدوًا مُنزلًا منه للوَرى إِنجيلا هاكِ عقدَ النجومِ بين يديهِ صارَ بعد انْفراطِهِ إِكليلا! ١ الجد: الحظ.
كَفْكِفي السَّيْلَ، إنَّه في دموعي مِنْ عيوني يَتَدَفَّقْ •••
واذكُريني بين الكواكبِ وادْعي لي، عسى يَهتدي إليَّ السَلامُ عشتُ بينَ المُنى، يُراودُ نفسي خُلَّبٌ مِنْ طيوفِها وعَقامُ١ أقتفيها وفي يديَّ فؤادي ثم أَلوي وفي يديَّ حُطامُ! أيُّ حلمٍ سبكتُهُ ذهبِيًّا لم تُذِبْه بنارها الأيامُ ورجاءٍ حبكتُه من خيوطِ النورِ، لم يَنْسدِلْ عليهِ ظلامٌ؟ أيُّ عودٍ حملتُهُ للتَّلَهّي لم تُقطِّعْ أوتارَه الآلامُ؟ ونشيدٍ وقَّعتُهُ للتأَسّي لم يُعكِّرهُ بالأَنينِ الغرامُ أيُّ كأْسٍ قرَّبتُها من شِفاهي لم تَحُلْ حَنْظَلًا عليها المُدامُ؟ وفؤادٍ ذوَّبتُ فيه فؤادي لم يَضِعْ عندَه لعهدي ذِمامُ؟٢ أَيُّ طيفٍ عانقتُهُ في مَنامي لم يكَلِّلْه دمعُ عيني السِّجامُ؟٣ وهناءٍ زرعتُهُ في ضلوعي لم يكُنْ منه للذُبولِ طعامُ؟ ليتَ شعري، والليلُ يَعقُبهُ الفجرُ، متى يعقُبُ البكاءَ ابتسامُ؟ ضاعَ عمري سعيًا وراءَ رُسومٍ خطَّطَتْها في الشاطئِ الأَقدامُ عِشْتُ أَبني على الرمالِ وهلْ يَثْبُتُ ركنٌ، لهُ الرمالُ دَعامُ؟ ١ العَقام: أو العُقام، ما لا نفع به ولا ناتج عنه. ٢ الذمام: الحرمة. ٣ الدمع السجام: السيّال.
في عالم الأرواح
وسرى في عوالمِ الأَرواحِ من قدومي شبهُ همسِ •••
إذ تَنَسَّمْنَ مِن خفوقِ جَناحي في السَديمِ رِيحَ إِنسِ •••
فتأَلَّبْنَ حولَ جسمي جماعاتٍ ملأْنَ الجوَّ الفسيحَ دَوِيًّا وإذا بي أعي هنالكَ أَشياءً ولمَّا حدَّقْتُ لم أَرَ شيَّا فكأَني في الحُلم نشوانُ صاحٍ تتوالى رُؤَى الخيالِ عليَّا ما لِعينيِ والنورُ شعَّ بقربي لم تُميِّزْ إلِّا فراغًا خلِيَّا؟ طوَّقتنيِ الأَشباحُ، ها هي حامَتْ ثمَّ أهوَتْ تَرِفُّ بينَ يديَّا ولها كاخْتِلاجِ أَجنحَةِ النَحلِ أَزيزٌ يَطِنُّ في أُذُنَيَّا إِنها كاللُّهاث نَفْحًا ولَفْحًا وكموجِ الشُعاعِ نَشرًا وطَيَّا غَمرتْني بالغيمِ يَنضَحُ طَلًّا واحْتوتْني بالريحِ تَنْشُرُ رَيَّا هي كالوهمِ أَلْبستهُ خيوطُ الفكرِ ثوبًا منَ الخيالِ جَليَّا لم يَزَلْ صوتُها إلى اليومِ في أُذُني، وأَنفاسُها على شفَتيَّا إِنَّما عندَ وصفِها خانني الفكرُ وأَلقى على بيانيَ عَيَّا١ يا لهُ عالمًا هناك بعيدًا قرَّبتُه عروسُ شعري إليَّا فتنبَّهتُ مِن ذُهولي وأَصغَيتُ لعلّي أَجْلو هناكَ خَفِيَّا فسمعتُ الذي تُوَشْوِشُهُ الأَرواحُ عنِّي، وما تُفكِّر فِيَّا ١ العي: العجز والكلال.
حفنةٌ من تراب
قال روحٌ: حَذارِ يا أَترابي •••
أَبْعِدوهُ عَنِ السماءْ •••
هُوَ في الأرضِ حَفنةٌ من تُرابِ فأَبوهُ طينٌ وماءْ؟ •••
هوَ مِن نَفْخَةٍ كَفَتْ لتَجَلِّيهِ! وتَكفي بذاتِها لاحْتجابِهِ وكِما كانَ أَصلُهُ مِن تُرابِ الأَرضِ، يَغدو مصيرُه لترابِهْ ليتَهُ عادَ للثرى مثلما جاءَ نقيًّا بنفسِهِ وإِهابِهْ١ جاءَ والحسنُ والرُواءُ رفيقاهُ وثوبُ العفافِ كلُّ ثِيابِهْ وتَولَّى يقودُه الإِثمُ والداءُ إلى القبرِ في ربيعِ شبابِهْ هُوَ يَحيا للشرِّ، فالشرُّ يحيا أَبدًا، حيث حلَّ شؤْمُ رِكابِهْ وهْوَ لا يَنفعُ البسيطةَ إِلاَّ، حين يَثوي في القبرِ بين رِحابِهْ حينَ يَمْتصُّه الثرى فيُغَذِّي منه، ما في الأَديمِ من أَعشابِهْ٢ يا لَعَمْري٣ كلُّ النباتِ الذي في الكونِ من زهرِهِ إلى لَبْلابِهْ٤ ليس إلاَّ عصيرَ أَجسامِ مَنْ ماتوا فَزانوا الثرى بأَجملِ ما بِهْ! كنَدَى الفجرِ سالَ فاشْتَفَّه التُربُ فحالتْ وحلًا لآليِ حَبابِهْ بَخَّرَتْه ذُكاءُ٥ فاسترجَعَتْهُ صافيًا للأَثيرِ عينَ سَحابِهْ فهْوَ بين السَحابِ ثانيةً قطرٌ نقيٌّ يُحيي الثرى بانسِكابِهْ! تلكَ حالُ الإنسانِ حيًّا وميتًا ربَّ خيرٍ، أَلشرُّ من أَسبابِهْ! ١ الإهاب: الجلد الظاهر، ويقصد به الجسد. ٢ الأديم: التراب. ٣ يا لعمري: أقسم بديني. ٤ اللبلاب: نوع من العشب الذي ينبت في الحقول. ٥ ذُكاء: من أسماء الشمس.
رُقِيٌّ كاذب
قالَ ما قالهُ، وفرَّ لفورِهْ يَتوَقَّى تَقَرُّبي •••
فإذا آخرٌ يقولُ بدَورِهْ: قُلتَ حقًّا بمَذْهَبي •••
أنا عن وصِفِ شرِّهِ عاجزٌ واللهِ، مهما أَفَضْتُ في تَبْيانِهْ ما دَعَوْهُ الإِنسانَ من أُنسهِ لكنْ دعوهُ الإنسانَ من نِسيانِهْ نسيَ الخيرَ حين أَوْغلَ في الشرِّ فداسَ الضميرَ في عِصيانِهْ ملأَتْ قلبَهُ الأفاعي فلا يُسمَعُ غيرُ الفحيحِ في خَفَقانِهْ حَسَدٌ ناهِشٌ بقيةَ ما في نفسهِ من إبائهِ وحَنانِهْ طَمَعٌ يَقذِفُ اللهيبَ حوالَيْهِ فيُعمي عيونَهُ بدُخانِهْ وأَنانيَّةٌ تُحِلُّ له القَتلَ لتحقيقِ غايةٍ في كِيانِهْ أُعْطيَ النُطقَ والحِجى ميزةً كي يَرتَقي في الوجودِ عن حيوانِهْ فإِذا بالأَذى وليدُ حِجاهُ وإِذا بالشرورِ بنتُ لِسانِهْ عاثَ في أَرضِهِ فحالتْ جَحيمًا فأَتى الخُلدَ عائثًا في جِنانِهْ زجَّ بالعلمِ في الفضاءِ طيورًا من جمادٍ، يديرها ببنانِهْ ما بناها إِلَّا لهدمِ المباني ولسفكِ الدماءِ في طَيرانِهْ ليتَهُ لم يَكُنْ ذكيًّا فكلُّ الويلِ في الكونِ من نُهى إِنسانِهْ! ليتَ عُمرانَهُ تأَخَّر أَجيالًا فكلُّ الخَرابِ في عُمرانِهْ!
كفَّارة الشَّاعر
وتَجلَّتْ روحٌ على القُربِ منّي رَمَقَتْني بلا غَضَبْ •••
خِلْتُها أَقبلتْ تدافعُ عَنّي صحَّ ظنّي ولا عَجَبْ! •••