آخر المساهمات
2024-05-16, 2:37 am
2024-05-04, 8:54 am
2024-05-04, 8:53 am
2024-04-28, 10:02 pm
2024-04-20, 2:14 am
2024-04-20, 1:54 am
2024-04-02, 5:16 am
أحدث الصور
تصفح آخر الإعلانات
إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر إعلانات مجانية على نوسا البحر مشدات تخسيس إعلانات مجانية على نوسا البحر

1 نتيجة بحث عن محمد_إقبال

كاتب الموضوعرسالة
الوسم محمد_إقبال على المنتدى نوسا البحر T11موضوع: ديوان الأسرار والرموز,شعر وقصائد محمد إقبال,ديوان محمد إقبال مترجم pdf
hassanbalam

المساهمات: 5
مشاهدة: 1313

ابحث في: مرتفعات أو سوناتا الكلام   الوسم محمد_إقبال على المنتدى نوسا البحر Untitl13موضوع: ديوان الأسرار والرموز,شعر وقصائد محمد إقبال,ديوان محمد إقبال مترجم pdf    الوسم محمد_إقبال على المنتدى نوسا البحر Icon_minitime2020-11-03, 6:02 pm
@hassanbalam
#محمد_إقبال

ديوان الأسرار والرموز


أسرَارُ إثبات الذات

رأيتُ الشيخ بالمصباح يسعى له في كل ناحية مَجال
يقول: مَللتُ أنعامًا وبَهْمًا وإنسانًا أريد، فهل يُنال؟
برِمتُ برفُقةٍ خارَت قواها برسْتُمَ أو بحيدرٍ اندمال١
فقلنا: ذا مُحالٌ، قد بحثنا، فقال: ومُنيتي هذا المحالُ
مولانا جلال الدين الرومي
تمهيد
ليس في أعواد غابي سقَطٌ هيَ للمنبر أو أعواد صَلْب٢
نظيري النيسابوري
قطع الصبحُ على الليل السفَرْ فَهمَى دمعي على خدِّ الزهَرْ
غسل الدمعُ سُباتَ النرجسِ وصحا العُشب بمَسرَى نفَسي
جرَّب الزارعُ قولي مُحصَدا مِصرعًا ألقى، وسيفًا حَصدا
إنَّه حَبَّ دموعي زَرعا نسجَ الروضَ وأنَّاتي معا
ذرَّةٌ قد نالت الشمسَ أنا كم صباحٍ في فؤادي كَمنا
طينتي من جَامِ جَمٍّ أنورُ من غيوب الكون عِندي خبرُ٣
صَيْدُ أفكاري ظِباء لم تُرَمْ لم تُسَيَّب بَعدُ من قيد العَدمْ
زَانَ بُستانيَ عشبٌ ما ظَهَرْ وجنيتُ الورد في جوف الشجر٤
محفِلُ الشادين مني يَرجُفُ في وِتار الكون كفِّي تعزِف
صامِتٌ فيَّ ربابُ الفِطرةِ ما وعَى عنِّي جليسي نغمِتي
إنني شمسٌ قريبٌ مولِدِي حُبُكًا في فَلَكٍ لم أعْهَد
لم يَرُعْ ضوئيَ سِربَ الزُّهُرِ أو يُرَجْرَجْ زئبَقي في البَصرِ٥
ما رأت رقصَ ضيائي الأبحُرُ أو كسا الأطوادَ ثوبي الأحمر
عينُ هذا الكون لي لا تَعهد أنا من خوف طلوعٍ أرْعَدُ
مزَّق الظلمةَ فجري فسفَرْ وبدا طَلٌّ جديدٌ في الزَّهرْ
إنني أرقب صبحًا مُعلمًا حبَّذا من حول ناري زمزما٦
•••

أنا لَحْنٌ دون ضَربٍ صَعَدَا أنا صوتٌ شاعري يأتي غدا٧
دونَ عصري كلُّ سرٍّ قد خَفِي ما بهذي السوق يُشرى يوسُفي٨
أنا في يأسٍ من الصَّحْب القديم مُشْعَلٌ طُوري ليغشاه كليمْ٩
بحرُ صحبي قطرةٌ لا تَزْخَرُ قطرتي كاليمِّ فيه صَرْصَرُ
من وجودٍ غير هذا لي غِناء ولركبٍ غيرِ هذا لي حُداءْ
كم تجلَّى شاعرٌ بعد الحِمامْ يوقظُ الأعينَ حينًا وينام
وجههُ من ظلمة الموت سَفَر ونما من قبره مثلَ الزهَر١٠
•••

كم بهذا السَهب مرَّت قافلهْ مثلَ سَير النُّوق رهوًا سابلهْ
غيرَ أني عاشقٌ، ديني النُّواحْ ثورةُ المحشر في هذا الصياحْ
أنا لحنٌ كلَّ عنه الوترُ لا أُبالي أَنَّ عُودي يُكسرُ١١
أبعدِ القطرة عن سيلٍ طما وانظرنَّ اليمَّ منه التطما
لا تعي موجيَ هذي الأنهرُ لا تعي لُجِّيَ إلا أبحرُ
ليس أهلًا لسحابي زهرةٌ ليس فيها لنموٍّ روضَةُ١٢
كم بُروقٍ نائماتٍ في الجَنانْ ضاقتْ البيدُ لديها والقِنانْ١٣
إن تكن صحراءَ فاطلب لجَّتي أو تكن سيناءَ فاقبِس شُعلتي
قد حُبيتُ الوِردَ من عَين الحياهْ ووُهبتُ السِّر من عين الحياهْ١٤
أشعلَ الذرة لحني الثائرُ رفرفتْ فهي يَراع طائر
مانثا ذا السرَّ غيري في البشرْ لم يثقب ناظم مثلي الدُرَر
أقبِلَنْ إن تَبغ عيشَ الخالدينْ
أقبِلَنْ إن تبغ مُلك العالَمين
أفشت الأفلاك لي السرَّ القديمْ كيف يُخفَى السرُّ من دون النديم؟
أَيها الساقي! من الراح اسقني وأسُ في قلبي جِراحَ الزمن
شعلةُ الماء التي من زمزم قيصرٌ يعنو لها كالخدم
مُقلةُ المُبصرِ منها أبصر وشِعابُ الفكر منها، أنور
تجعلُ الريشةَ طودًا قاهرًا وتُرى الثعلب ليثًا زائرًا
هِيَ تسمو للثُريَّا بالثَرى وتعي القطرةُ منها أبحرا
تجعل الصمت ضجيجَ المحشرِ تجعل الدُّرَّاج حتفَ الأصْقُر
املأ الكأس بصَفوٍ نيِّرِ نوِّرِ الفكرَ بنور القمرِ
لأقود الركب شطر المنزل باعثًا شَوْقَ السُّرى في المُقَل
رائيًا وجهَ جديدِ الأمل ساعيًا إثرَ جديد العمل
فأُرَى إنسان عين العارفين وأُرى لحنًا بأُذْن العالمِين
مُعليًا قدرَ الكلام المُبدَع مازجًا فيه غزيرَ الأدمُع
قارئًا من فيض ذا الشيخ العظيم كُتُبًا تُضمر أسرار العلومْ١٥
قلبهُ من شعلة الوَجد استعرْ وأنا في نَفسٍ منه شَرَرْ
قد رمى الشمعُ فَراشي باللهَبْ وغزتْ جامي الحُميَّا فالتهبْ١٦
صيَّر الروميُّ طيني جوهرًا من غُباري شاد كَونًا آخرا
ذرةً تصعد من صحرائها لتنال الشمس في عليائها
إنَّني في لُجِّه موجٌ جرى لأصيب الدُّر فيه نيِّرا
قد عرتْني نشوةٌ من كاسه وحياةً نلتُ من أنفاسه
•••

ليلةً رانت على قلبي الشجون وسرت «يا ربِّ» في الليل السكون١٧
من فراغ الكأس قلبي نائحُ من صروف الدهر شاك صائح
أرهق التسيارُ فكري فثوى هِيضَ سِقْطاه وللنوم هوى١٨
•••

لاح شيخ الحق ذاك الألمعيّ من حكى قرآننا بالفهلويّ١٩
قال: يا ولهان بين العاشقين! من شراب العشق فاجرع كل حين
شُقَّ في العين حِجابَ البصر وأثِرْ في القلب هولَ المحشر
واجعلنَّ الضِّحْك ينبوع البكاء واملأ العين دموعًا من دماءْ
أنت كالِكمِّ صموتٌ أبكمُ انشُرنْ كالورد ريحًا تَفْغَم٢٠
صعِّدنْ من كلِّ عضو، كالجرس نوحك الصامتَ — في كلِّ نفَس
أنت نار فأضئ للعالَمِين بلهيب منك أذكِ الآخرين٢١
سِرَّ شيخ الحان أعلِنْ في هَياجْ كن مُدامًا واتخذ ثوبَ الزجاج٢٢
وكن الفِهرَ لمرآة الفِكَر واصدَعنْ جهرًا وأعلن ما استتر٢٣
حَدِّثَنْ كالناي عن غابٍ نأَى حدثنْ قيسًا عن الحيِّ انتأى٢٤
جدِّد النوح بلحن محدَثِ ومن الآهات في الحفل انفثِ
كل حيٍّ فيه رُوحًا أَحْكمِ وزِد الحيَّ حياة من «قُم»٢٥
وهلمَّ اسلُك طريقًا أُنُفا وانفِ عن قلبك ما قد سَلَفا
جرسَ الركْب! تنبَّه لا تنم واعرف اللذة في هذا النَّغَمْ
•••

صرتُ نارًا في ثيابي تُسعَر صرت كالناي، هَياجًا أُضمِر
ثُرتُ من أوتار نفسي نغمًا شِدتُ من حسن بياني إرما٢٦
فرفعتُ الستْر عن سرِّ خودي
فبدا الإعجاز من أمر خودي٢٧
كان كوني صورة لم تكمل كان سِقطًا مُهمَلًا في الهمَل
مِبْرَدُ العشق براني رجلًا كيفَ هذا الكون والكمُّ جَلا٢٨
فرأت عيناي نَبض الأنجُم وبعرق البدر دَوْراتِ الدم٢٩
وبكيت الناسَ جنحَ الظُلَم فبدا سرُّ حياة الأمم
مَصنَعُ الكون أراني ما حواه فتجلَّى سرُّ تقويم الحياة
أنا — مَن في ظلمة الليل أنار — في طريق الملة البيضا غبار٣٠
صوتُها في الشرق والغرب علا لحنُها في القلب نارًا أشعَلا
ذرَّةً ألقت وشمسًا حصدتْ ألفَ روميٍّ وعطَّار جنت٣١
آهتي الحَرَّى سَمتْ فوق العَنانْ عِترتي النارُ، وإن كنتُ الدخان٣٢
قلمي في مسرح الفكر علا فجلا الأسرار في السبع العُلَا
•••

ما قصدت الشعر في هذا النَّغَم نحتَ أصنام وتعظيمَ صنم٣٣
أنا هنديٌّ شآني الفارسيّ وهلال أنا ذو جام خليّ٣٤
لا تؤمِّل عندنا حسن البيان لحنَ خَنْسار به أو أصفهان٣٥
ذاكمُ الهنديُّ يحكي السكرا لكن الدَّرِّيُّ أحلَى مخبَرًا٣٦
سحرَ الفكرَ تجلِّيه وراعْ فإذا لي شجر الطور يراع٣٧
قد علا فكري، وهذا الفارسيّ لاءم الفطرةَ في فكري العليّ
أيها العائب كأس الخندَريس!
انظرن يا صاح ما تحوي الكئوس٣٨
في بيان أن نظام العالم من الذاتية وأن تسلسل حياة أعيان الكون لا يكون إلا باستحكامها
هيكل الأكوان من آثارها كلُّ ما تُبصر من أسرارها
نفسَها قد أيقظت حتى انجلى عالم الأفكار ما بين الملا
ألفُ كون مختفٍ في ذاتها غيرُها يَثْبت من إثباتها
جعلت بَزر خصام بزرَها نفسَها تنظر فيها غيرَها
خلقت أضدادها من نفسها لترى لذَّتَها في بأسها
تبتلي في نفسها قوتَها لترى من نفسها قدرتها
خُدَعٌ من وَهمها عينُ الحياهْ غُسلُها في دمها عين الحياهْ٣٩
تُخرب البستان أجلَ الوردة تُكثر النوح لأجل النغمة
لفُليكٍ واحد ألفُ هلال ولحرف واحد ألف مقالْ
عذرها في سَرَفٍ أو قسوة أنها تبغي جمال الخلقة٤٠
حُسنُ شيرينَ لفَرهادَ مِحَنْ ومن المسك رَدَى ظَبيُ الخُتَن٤١
في فَراش حرقة كالشعَل عذرُه في شمعه المشتعلِ
ألفَ يوم سطَّرته يدُها ليُجلَّى في سناه غدُها
ألفُ إبراهيم في النار اغتدى لسراج يُرتَجي من أحمدا٤٢
•••

همَّها الأعمال فهي الفاعلُ وهيَ العلَّة وَهْيَ القابل
ثورة فيها وإجفال، ونور واحتراق واختفاء وظهور٤٣
سَعة الأيام مَيدانٌ لها والسماء النَقعُ يعلو سُبلَها
يدها في الطين، للكون ازدهارْ نومها الليلُ، وفي الصحو النهار
قسَّمت شعلتها في شَرَر فرأى الأجزاءَ عقلُ المُفْكِر
تخلق الأجزاء إما تَنفطر تُنشئ الصحراء إمَّا تنتشر
ثم صارت بانتشار في ملال فاحزألَّت فبدت شمُّ الجبال٤٤
شيمة الذاتِ التجلِّي لا الخفاء وهي في الذرات بأس وضياء
قوة صامتة جلفُ عَمَلْ عملُ اليوم لآتيها عِلل
قوة الذات من الكون النواهْ فعلى قدر القُوَى قدر الحياه
كِلمة الذات تعيها قطرةُ فإذا القطرة يومًا درَّةُ
خارت الخمر فلا شكل لها ومن الكأس استعارت شكلها٤٥
وسها طود عن النفس فحار فغدا صحراء تغشاها البحار٤٦
•••

يُعقَد النور لخلق المقلة تخفق العين بشوق الجَلوة
وإذا العشب نماءً أضمرا شقَّ صدر المرج حتى يظهرا
يجمع الشمعُ بعزم نفسَه ومن الذرات يُعلي رأسه
ويُذيب النفس إمَّا غَفَلا فتراه دمع عين هملا٤٧
•••

شدَّت الأرض قُواها فالقمر في طواف حولها لا مستقَرّ
وكيانُ الشمس منها أكبرُ فلها عَين ذُكاءٍ تسحَر
وعلا الحَورُ فهَال الناظرا وعلا الطودَ أبيًّا قاهرا
وارتدى كسوة نار حاميهْ أصله حبة نبت آبيهْ٤٨
إنَّ ذاتا جمعتْ أسْرَ الحياهْ
من غدير أزخرت بحرَ الحياه٤٩
في بيان أن حياة الذات بتخليق المقاصد وتوليدها
إنما يُبقي الحياة المقصِدُ جَرَسٌ في ركبها ما تَقصد٥٠
سِرُّ عيشٍ في طِلابٍ مُضمَر أصلُه في أمل مستترُ
أحيِ في قلبك هذا الأملا لا يَحُلْ طينُك قبرًا مُهمَلا
يخفق القلب به بين الصدورْ هو في صدرك مرآة تُنير
يهَبُ التربَ جَناحًا يَصعَد ولموسى العقلِ خِضرًا يُرْشِد٥١
إنما يَحيا الفؤادُ الآملُ وإذا حيٌّ يموت الباطلُ
فإذا عَيَّ بتخليق المُنَى هِيضَ سِقطاه وأودَى وَهَنا
أملُ الذاتِ لهيبٌ يَستعِرْ أو هو الموج الذي لا يستقِرْ
وهَقُ المقصودِ حَبْل الأمل إنه خَيْط كتابِ العمل٥٢
ومماتَ الحيِّ فقدان الرجاء يُطفِئُ الشعلةَ فِقدان الهواء
•••

كيف فينا أعين قد ظهرت؟ لذةُ الرؤية فينا صوِّرت٥٣
من مُنَى التَّخطارِ رِجلُ الحجَل مِن مُنَى التغريد حَلقُ البلبل
حَيَّ نايٌ قد نأى عن غابه أطلق النغمة من أوصابه
ذلك العقل الذي الكونَ طوى وتَرى الإعجاز فيه والقُوَى
إنما أصل الحياة الأملُ فكذاك العقل منه يُنسَل٥٤
•••

ما نظامٌ في شعوبٍ وسُنن؟ ما تَرى التجديدَ في علم وفنّ؟٥٥
أملٌ من قوة فيه ظهرْ يَرِحَ القلبَ فغشَّته صُوَر
كل ما نملك من هذي الحواسّ كلُّ عُضو فيه للعيش التماس
كل فكر وخيال واعتبار كل حسٍّ وشعور وادِّكارْ
هي آلات الحياة الجاهدة حين تَمضي في وغاها صامده
ليس قصد العِلم والفنِّ الفِكَر ليس قصد المرج ألوانَ الزهَر
إنما العلم وِقاءٌ للحياهْ إنه للذات تقويم النجاهْ
للحياة العلمُ والفنُّ خَدَم للحياة العلم والفن حَشم
•••

جاهلًا سرَّ الحياة! اجتهدِ وامض نشوانَ بخمر المقصدِ
مقصدٍ كالصبح في أنواره محرِقٍ كل «سِوًي» في ناره
مقصدٍ يجتاز آفاق السماء يأخذ القلب بحُسن وبهاء
ثورة فيه وفيه محشرُ وعلى الباطل حربًا يُسعِر
نحن أحياء بخلق الأملِ
نحن في نور بهذي الشُّعل
في بيان أن الذات تستحكم بالمحبة والعشق
نُقَط النور التي تُدعَى الذواتْ شررٌ في طيننا للحَيَواتْ
مُشعَل بالحبِّ منها الجوهرُ يتجلَّى من قواها المضمر
قطرةٌ بالعشق تُوعِي ضرَما وهي بالعشق تُنير العالَما٥٦
لا يهاب العشقُ في السيف المَضاءْ ليس من ماء وترب وهواءْ
هو في العالم صلح وخصامْ للحياة الماء من هذا الحسام
نظرة العشق بها شَقُّ الصخور هو عشقُ الحق، والحقَّ يَصير
فابغ في طينك هذي الكيمياءْ اقبِسَنْ من كاملٍ هذا الضياء٥٧
امض كالروميِّ شَمعًا يَشتعل وارم من تبريز في الروم الشُّعَل٥٨
إن في قلبك معشوقًا ثوى أقْبلَن أنبئْك عن هذا الجَوى
عاشقوه قد شأوْا كلَّ جميل حبُّهم في كل قلب لا يَحولْ
عشقُه في القلب نورٌ أسفرا للثريا يرتقي منه الثرى٥٩
تُربُ نجدٍ منه قد خفَّ وضاء طار وجدًا مُصعِدًا نحو السماء
مهجة المسلم مَثْوى المصطفى عِزَّةُ المسلم ذكرى المصطفى
موجَةٌ من نَقْعه الطورُ الأشمّ داره، للكعبة العظمى حَرَمْ
ضاق عن آنٍ حواه الأبَدُ مستَمدٌّ من مَداه الأمد
آثرت سُحق حصير عفَّتهْ وعَلت تيجانَ كسرى أُمَّتُه
خلواتٌ في حِراء خَلَقا أمَّةً مِنْها وحُكمًا مُشرِقا
كم ليالٍ قد قضاها ساهدا فحبا الأمة مُلكًا خالدًا
سيفه في الحرب قَطَّاع الحديدْ عينُه في الذكر بالدمع تجود
سيفه «آمين» تمحو الظالمين حين يدعو الحقُّ بالنصر المُبين
سُنَنًا في كوننا قد جددا ومن الماضين مُلكًا بدَّدا
فتح الدنيا له مفتاحُ دينْ عقِمتْ عن مثله أمُّ السنين
استوى مولًى لديه وغلام هو والعبد سواء في الطعام٦٠
•••

أسِرتْ في غزوة بنتُ الجواد من عَلا طيًّا بجدواه وسادْ٦١
رجلها في القيد والرأس حسيرْ مُطرقٌ في ذلِّه الطرفُ الكسير
بُردَةً ألقى عليها ساترًا إذْ رأى وجهًا ورأسًا حاسرًا
نحن أعرى في الورى من أختِ طيّ ليس يكسونا لدى الأقوام شيّ
هو في الدنيا علينا ساترُ وهو في الحشر إلينا ناظر
لطفُه والقهر كلٌّ رحمةُ لصديق وعدوٍّ رأفةُ
وبيوم الفتح هذا الغافر قال: «لا تثريب» وهو القادر٦٢
إننا من قَيد أوطان بَراء نحن من عينين نورٌ لا مِراء٦٣
نحن في مغربنا والمشرقِ كالندى في وجه صبح مُشرق
أسكرتْنا عينُ ساقٍ في البطاح كزجاج نحن في الدنيا، وراح٦٤
قد محا الأنسابَ طُرًّا ذا العظيم ناره قد أحرقت هذا الهشيمْ
نحن زَهر وشَذانا ائتلفا ضمِّنا منه نظامٌ ألِّفا
نحن كنَّا سِرَّه في قلبه فأذاعت صيحةُ الحقِّ به
•••

عشقه ثار بعودي الصامتِ ألفُ لحن في فؤادي الساكت
ما حديثي عن ولاء واشتياقْ؟ قد بكى جذعٌ مَواتٌ للفراق٦٥
صورتي قد أوضحتْ مرآتُه أنا صبحٌ أطلعتْ آياتُه
ثورةُ الحشر بليلي النائمِ وهدوئي في اضطراب دائم
إنني البستان في آذاره في عروقي الماء من أمطاره٦٦
قد غرست العين في حقل الوداد من سراح العين لي هذا الحصاد٦٧
قد شأى الدارَين من يثرِبَ طِيبْ حبذا دار بها مثوى الحبيب!
أنا للجاميِّ في الشعر فداء نظمه والنثر من جهلي دواء٦٨
قال بيتًا بالمعاني يفهق فيه دُرٌّ من مديح يبرُقُ
هو عنوان كتاب العالَمَين سيد الكونين، مولى الثقلَين
•••

كم يُريك العشقُ من صهبائه فترى التقليد من أسمائه٦٩
أحكِم العشقَ بتقليد الحبيبْ لتنال القربَ من ربٍّ مُجيب
في حِراء القلب فاقعد خاليًا وإلى الحق فهاجر راضيًا
اقويَنْ بالحق ثم ارجع إليك واحطمنَّ اللات والعزَّى لديك٧٠
اقويَنْ بالعشق في سلطانه وابتغ الجلوة في فارانه٧١
تظفرْن بالقرب يا ذا السائل!
وتكن تفسير «إني جاعل»٧٢
في بيان أن الذات تضعف بالسؤال
أيها الجابي من الأُسْد الخراجْ! صرت كالثعلب خِبًّا باحتياج
ذلك الإعواز أصلُ العِلل كلُّ آلامك من ذا المُعضِل
سالبُ الرفعة من فكر رفيعْ مطفئُ الشمع من الذهن البديع
من كنوز الدهر أخرج ما تريد وخذ الصهباءَ من دَنِّ الوجودْ
وعن الرَحل ترجَّل كعمر احذَرن من مِنَّة الناس، الحذَر٧٣
صاح! حتَّامَ اجتداءُ المنصِب؟ فيم كالطفل ركوبُ القصب٧٤
تجد الإفلاسَ بالسؤل أذلّ وترى السائلَ أخزى وأقلّ
فرَّق الذاتَ سؤالٌ واجتداء فبدت سيناؤها دون ضياء٧٥
إن يكن في الرزق والجَدِّ عَناء وطغى حولك سيلٌ من بلاءْ
لا ترُم في الأرض رزقًا بالبكاء لا ترجَّ الماء من عين ذُكاء٧٦
احذر الخزي أمام المصطفى يوم يَخزى كل ساع ما وَفى
من سماط الشمس يقتات القمرْ فعليه وَسمُ نُعماها ظهر٧٧
جاهد الأيام والله استعِنْ ماء وجه الملة البيضاء صُنْ
علَّم الناس الصدوقُ الصائب أنْ «حبيبُ الله ساعٍ كاسبُ»٧٨
ويح من يحمل ذلَّ النعمةِ خافضَ الرأس لثِقْل المنَّةِ
أرهقَ النفس بوقر الذلة بنقيرٍ باع تاج العزة
مرحبًا بالظامئ الضحيانِ لا يسأل الخِضْر شرابًا في الفلا٧٩
بسؤال الناس لم يُند الجبينْ ذا كم الإنسان، لا ماء وطين
تحت هذي الشمس يَمضِي ذا الفتى عاليَ الرأس كسَرْو قد عتا
زاد في العُسر مضاءً حدُّهُ هو يقظانُ وغافٍ جَدُّه٨٠
كُن حَبابًا من عطاء ينفر
فارغَ الكأس ببحر يَزخَر٨١
في بيان أن الذات تستحكم بالمحبة والعشق فتسخر قوى العالم الظاهرة والباطنة
أمرها في الكون طرًّا يَحكم حينما الذات بعشق تُحكَم٨٢
يدها من قوة الحق أثرْ فإذا ما أومأت شُقَّ القمر
في خصومات الورى أقوى حَكَمْ صاغرٌ في حكمها دارا وجَمْ٨٣
اسمعن مني حديثًا عن وليّ اسمه في الهند مشهورٌ عليّ٨٤
ذلك الصِّداح في المرج القديم قصَّ أخبارًا عن الورد الشميم٨٥
سالكٌ سكران من خمرته قصد الأسواق في بغيته
وأتى العاملُ في موكبه معه الحرَّاس قد حفَّتْ به
صاح للتطريق جنديٌّ نكير أيها الأحمق أفسِح للأَمير
ومضى الدرويش في تَسياره غارقًا في اللجِّ من أفكاره
فأتى ربُّ العصا في شِرَّته ضاربًا رأس الفتى في غفلته
فتنحَّى عن طريق العامل وهْو في ذعر وحزن قاتل
ومضى يشكو إلى شيخ الطريق دَمعُه من محبس العين طليق
زمجر الشيخ بقول من ضَرَم مثلَ بَرقٍ في ذُرى الطود اضطرم
ثم أملى الشيخ سطرًا من لَهبْ قال للكاتب في نار الغضبْ
أمسك المِزْبَر واكتب ذا النذير أبلغ السلطان عن هذا الفقير
عامل عندك غِرٌّ قد عصا وعلا رأس غلامي بالعصا
اعزل العامل، هذا الفاجرا أو أهَبْ مُلكك مَلْكًا آخرا
عبد حق فيه لله احتساب أرعد السلطانَ منه ذا الكتاب
آدهُ غمٌّ وخوف لا يحول فحكى في لونه شمس الأصيل
قيَّد العامل بالقيد الثقيل واستغاث الشيخَ للصفح الجميل
ورأى خُسرو له خير سفير ذلك الكوكَب وضاء الضمير٨٦
ساحر الألباب في ألحانه مستمد الغيب في تِبيانه
ولَها خسرو بأوتار الرباب فأهاج الشيخَ وجْدًا وأذاب
فطرةٌ كالطود في عزَّتهِ خشعت للَّحن في رقَّته
احذرن لا تجرحَن قلب فقيرْ
لا تزُجَّ النفس في نار السعير
قصة في معنى أن مسألة نفي الذات من مخترعات الأمم المغلوبة لتضعف الأمم الغالبة بهذه الطريقة الخفية
قد سمعنا أن في عصر قديم جمعَ ضأنٍ كان في مَرعًى يُقيمْ
وفَرَتْ نَسْلًا بذا المرعى الخصيب فارغاتِ البال من ليث وذيبْ
ثم ألْوَى بمُناهنَّ القدَر ورمَى بالسهم فيهنَّ الدهَر
دهمتها الأسدُ من آجامها ناشراتِ الذعر في أيَّامها
آيةُ القوة حكم قاهر سرُّها الظاهر فتح الظافرُ
ضربَ الليث طبول النوبة آخذًا آفاق هذي الثلَّة٨٧
وكسى المَرعى بصبغ أحمرا ما سِوَى الفَرسِ لدى أسْد الشَّرى
•••

وانبرى كبش ذكيٌّ ذو عُمُر جرَّب الأحداث من حُلو ومُرّ
غمَّه ما قد يعاني سِربُه من فِعال الأُسْد يَدمَى قلبُه
أمرَه أحكمَ في تدبيره وهو يشكو الدهر في تقديره
باحتيال العقل يحمي نفسه كلُّ رِخوٍ ليس يرجو بأسه
قوة التدبير في دفع الضرر في زمان الضعف أقوى وأمرّ
فإذا ما ثار للثأر الجنونْ صار عقل العبد خلَّاقَ الفتون
قال: أمر حار فيه العاقلُ بَحرُ غمٍّ ليس فيه ساحِلُ٨٨
كيف للضأن قتالُ الأسَدِ ساعدٌ رِخوٌ وفولاذُ يدِ٨٩
ليس وعظٌ من بليغ قادرًا أن يردَّ الكبش ذئبًا كاسرا
لَكن الليثُ تراه حَمَلًا إن سها عن نفسِه أو غفَلا
فادَّعى في القوم دَعوى مُلَهم مرسَلٍ للأسد شُرَّابِ الدم٩٠
قال: كلُّ القوم «كذَّاب أشِرْ» غافل عن يوم نحس مستمرّ٩١
جئتُ للناس بشرعٍ مُحكَم إنَّني النورُ لطَرْف مُظلِم
عجَّلوا التوبة عن كل قبيحْ واتركوا الخُسرَ إلى الفعل الربيحْ
ويحَ جَلْد أُحكمت فيه قُواهْ «نفيُ الذات» هو إحكام الحياه٩٢
علَف العُشبِ به الروح تطيبْ عائفُ اللحم إلى الله قريبْ
حدَّةُ الأسنان عارٌ مُبرَم بصرُ الإدراك منها يُظلم
إنما القوةُ خسرانٌ مبينْ خُصَّت الجنة بالمستضعفين
طلبُ السلطان شرٌّ مستطيرْ خيرٌ الفاقةُ من عزِّ الأميرْ
تأمن الحبة بَرقًا مُحرِقا وترى البيدرَ منه محرَقا٩٣
ذرةً كُنْ لا كثيبًا أفيحا لتنال النور من شمس الضحى
قُلْ لمن يُزهَى بذبح الغنم اذبح النفس بحقٍّ تغنَمِ
يقطع السُبْل على هذي الحياه قوةٌ فيها وسلطانٌ وَجاه
يوطأُ العشبُ فينمو صُعُدا يفتح الأعينَ من بعد الردى٩٤
أغفِلَنْ نفسك إمَّا تعقلِ إنما المجنون من لم يُغفل
أسدُدن عينًا وأذنًا وفما ليجوز الفكر أَقطارَ السما٩٥
هذه الدنيا فناءٌ في فناء إنها وهم فما فيها رجاء
•••

كانت الأسدُ جهادًا مَلَّتِ نازعات نحو عيش الدَّعة
عن هوًى أصغتْ إلى النصح المُنيمْ فدهاها الكبش بالسحر العظيم
كان فَرس الضأن من سُنَّتها فاقتدت بالضأن في شِرْعتها
جوهرُ الأساد أضحى خزَفًا حين صار القوت هذا العلَفا
ذهب العُشبُ بنابٍ ذي أَشَر أطفأ الأعينَ ترمي بالشَرَر
ذلك القلب عن الصدر نأى جوهر المرآة فيها صدِئا
فذوى في القلب شوق العَملِ وهُيامُ السعي خَلْف الأمل
ذهبَ الإقدامُ والعزمُ الأليلْ والسنا والعز والمجد الأثيلْ
بُرثن الفولاذ فيها قد وهن واستكان القلب في قبر البدن
ونما الخوف بنقص المُنََّة قَطَّع الخوف جذور الهمة
كل داء في سقوط الهمم يجعل الأحياء مثل الرِّمَم
نامت الأسد بسحر الغنم
سمَّت العجزَ ارتقاءَ الأمَم
في بيان أن أفلاطون اليوناني الذي أثرت آراؤه في تصوف المسلمين وآدابهم كان على هذه الطريقة الغنمية وأن الاحتراز من آرائه واجب
راهبُ الماضين أفلاطُ الحكيم من فريق الضأن في الدهر القديم
طِرفُه في ظُلمة المعقول ضلّ في حزون الكون قد أعيا وكلّ
فكره في غير محسوس فُتِن صدَّ عن كفٍّ وعَين وأذُن٩٦
قال: في الموت بدا سرُّ الحياة في خمود الشمع يزداد سَناهْ
حُكمه في فكرنا جِدُّ عظيمْ يمحق الدنيا له جامٌ مُنيم
هو شاةٌ في لباس الآدميّ وهو في الصوفيِّ ذو بأس قويّ
عالَم الأشياء سمَّاه الهراء وعلت أفكاره فوق السماء
فعله «تحليل أجزاء الحياه» وجفاف النبع من ماء الحياه
زعم الخسرانَ ربحًا فكرُهُ ودعا الكونَ فناءً سحرُه
فكرهُ يُغفِي ورؤيا يخلُقُ عينه تُبصر آلًا يَبرُق٩٧
حُرم المسكين حبَّ العملِ فقفا معدومَه لا يأتَلي
منكرًا في الكون ما لا يُفقَد خالقًا في الكون ما لا يُشهَد
عالَم الإمكان للحيِّ وطن عالم الأعيان للمْيت حَسَن٩٨
ظَبيهُ من خفة لا يَجفَل غيرُ خطَّارٍ لديه الحجَل٩٩
لم يُلألئْ عنده قطرُ الندى طيرُه ما فيه صوت قد شدا
حبةٌ في أرضه تأبى النماءْ وفراشٌ عنده يقلي الضياء١٠٠
في وغى العالم نِكسٌ مُحجِمُ مُشفقٌ راهبُنا لا يُقدِم
قلبه يَعشو لنارٍ خامدهْ صوَّرتْ عيناه دنيا هاجدهْ
طار من عش إلى الأوج العَليّ ثم لم يرجع إلى العش الخليّ١٠١
هُلك أقوام بهذا الثَمَل
حُرِمُوا بالنوم ذوق العملِ
في حقيقة الشعر، وإصلاح الآداب الإسلامية
حرقة الإنسان من كور الأملْ نارُ هذا الطين من نور الأمل١٠٢
إنه الخمرة في كأس الحياهْ وبه وقدةُ أنفاس الحياهْ
الحياة الحق تسخير الدُّنى وإلى التسخير تَدعوها المُنَى
هي للمقصود في الدنيا سبيل وهي للعشق من الحسن رسول
أمل الإنسان أنيٌّ يظهر كيف يشجو الحيَّ هذا المزِهر؟
كلُّ خير وبهيج وجميل هو في بيدائنا نعم الدليلْ١٠٣
حُسنُه في القلب نور يسطع تجد الآمال منه تطلع
خلق الحسنُ نضيرَ الأمل وأدام الحسنُ نورَ الأمل
•••

مطلع الحسن ضمير الشاعر طُورُه صبح الجمال الباهر
زادت الحسن جمالا نظرتُهْ زادت الفطرةَ حبًّا صنعتُه
غرَّد البلبلُ من تلحينه ضاءَ خدُّ الورد من تلوينه
ناره كلَّ فَراش كاويهْ قِصصُ العشَّاق منه زاهيهْ
مضمر في خلفه بحر وبر ألْف كون محدَثٍ فيه استتر
كم شقيق في الحشا لم يطلُعِ وغناءٍ وبُكًى لم يُسمَع١٠٤
فكره للبدر والنجم نجيّ يُبدع الحسنَ، وفي القبح عييّ
خَضِرٌ في ليله ماء الحياه تُزهر الأكوانُ من ماء بُكاه١٠٥
نحن أغرار بِطاءُ الأرجُل ضلَّ سارينا طريقَ المنزل
لطُفتْ في سَيرنا حيلتُه وعلت في ركبنا نغمتُه
يحفز الركب لفردوس الحياه ويُتمُّ الدَور في قَوس الحياهْ١٠٦
فمضى الركبان إثر الجرَس وشدا الحادي بصوت مؤنِس
وسرَت في زَهرنا نفحتُه مذ سرت في روضنا نسمتهُ
نفَسٌ منه حياةٌ تُزْهِر حُرَّة لوَّامةٌ لا تصبرُ
يأدِبُ الناس جميعًا للقِرى نارُه كالريح تسري في الورى
•••

ويل قومٍ لهلاكٍ طائرُه صدَّ عن وِرد حياة شاعرُهْ
كلُّ حُسْنٍ شاهَ في مرآته في الجسوم السمُّ من جَرعاته
تُذبلُ الأزهارَ منه القُبَل ويَعاف الشدوَ منها البلبلُ
تهِن الأعصاب من أفيونه ويموت الحيُّ من تلحينه
يسلب السروَ جميل المَيَل ويردُّ الصقر مثل الحَجل١٠٧
هو حُوتٌ نصفه كالآدميّ كبنات البحر تقتاد الغويّ١٠٨
يُسحر الربَّان منها باللحون ولقاع البحر تهوي بالسفين
يسلب القلب ثباتًا لحنُه ويُرِي الموت حياة فَنُّه
يُلبِس النفع لباسَ الضرر ويُري الحسنَ قبيح الصُّور
في بحار الفكر يُلقيك فلا تشتهيه أو تطيق العملا١٠٩
شِعره فينا يزيد الكللا كأسه فينا تزيد المللا
سَيلَ برقٍ ما حوى نيسانه آل لَونٍ وشذًى بستانه١١٠
فنُّه بالحق لا يعترف بحره ما فيه إلا الصدَفُ
نوَّمتْ ألحانُه يقظتَنا أطفأت أنفاسه شعلتنا
بلبلٌ سُمُّ قلوب نغَمُه ضِغْثُ ورد فيه يثوي أرقمه
خمره اللألاءةَ اترك واحذرِ كأسَه والطاسَ والدَّنَّ اهجرِ
يا صريعًا خمرَه يغتبق لك صبح من سناها مشرقُ
يا بَرود القلب من ألحانه قد شربت السمَّ من تبيانه
يا دليلًا للردى أفكارُهُ عُطِّلَت من نغم أوتارُه
أنت للذلِّ أرحتَ البدنا أنت للإِسلام عارٌ في الدُّنَى
من نسيم مَرَّ يَدمَى خَدُّكا بعروق الورد يُلوَى قَدُّكا
أخزت العِشقَ دُجًى صيحاتُكا غضَّ من صورته بِهزادُكا١١١
شاحبَ الوجه بدا من ضُرِّكا بردت نيرانُه من قُرِّكا
عاجزُ الهمة من ذلتكا وعليل الروح من علَّتكا
أدمع الأطفال في كاساته كنزه ما اعَتدَّ من آهاته
آه من وغدٍ ذليل يائس هالك من رَكَلات الحارس١١٢
صار كالناي هزيلًا نائحًا شاكيَ الأقدار جهلًا صائحًا
ليس إلا الحقدُ في جوهرهِ ليس إلا العجزُ في مخبره
يائس فَلٌ حليف الخيْبة شقوةٌ في خِسَّةٍ في ذلة١١٣
نَوحُه روحك منه في سَقامْ قد حَمى جيرانَه طيبَ المنامْ
ويحَ عشق قد ذكا في الحرمِ نارُه باخت ببيت الصنمِ!
•••

صيرفيَّ القول! إن تبغ النجاهْ فاجعلن معياره نارَ الحياه
نيِّرُ الفكر يقود العملا مثلَ برق قادَ رعدًا جلجلا
مَن بفكرٍ صالح في الأدبِ؟ ارجَعنْ يا صاحِ شطر العرب١١٤
وسُلَيْمي العُرب يا صاح اعشقا لترى صبح الحجاز ائتلقا
في رياض العجم قطَّفتَ الزهَرْ في ربيع الهند سرَّحت البصر
من حَرور البيد فاشرب يا رفيقْ واشربن من تمرها الراحَ العتيقْ
أَسْلِمَنْ رأسك يومًا صدرَها وأْلَفَنْ في حرِّها صرصَرها
قد لبست الخزَّ طول الزمنِ فألف الكِرْباس يومًا واخشُنِ
كم وطئتَ الورد في طول المدى غاسِلًا، كالورد، خدًّا بالندى
فعلى رمل الصحاري المُضرَمِ أقدِمَنْ يومًا وغُصَّ في زَمْزَمِ
فيم هذا النوحُ مثلَ البليل؟ وإلام العُشِّ بين الظُّللِ؟
قد علا جَدُّ الهُما من صيدكا اجعلن في الطود مثوى عشكا١١٥
ابن عُشًّا حيث لا تَرقَى الأَنوقْ تختفي فيه رعود وبروقْ١١٦
لتُرى أهلا لأعصار الحياهْ
وتُذيب النفسَ في نار الحياهْ
في بيان أن التربية الذاتية ثلاث مراحل: الأولى الطاعة والثانية ضبط النفس والثالثة النيابة الإلهية
المرحلة الأولى: الطاعة
أُلْفَة الكدِّ شعارُ الجملِ شيمة الصبر وَقارُ الجملِ
صامتَ الأخفاف يمشي ماضيًا زَورقًا في البيدِ يَسري هاديا
نقشت وجهَ الصحاري أرجُلُهْ شاردَ النوم قليلًا أُكُلهْ
ثمِلًا يختال تحت المحمَل راقصًا يُقدمُ شطر المنزلِ
في المَدى من راكبيه أصبرُ هائمٌ بالسير، عُجبًا يَخِطر
•••

فاحمل الفَرض قويًّا لا تهابْ وارجوَنْ مَن عنده حسن المآب١١٧
اجهدن في طاعة يا ذا الخسارْ فمن الجبر سيبدو الاِختيار١١٨
بامتثال الأمر يعلو من رسبْ وهَوى الطاغي ولو كان اللهب
سخَّر الأفلاكَ في همَّتهِ مَن ثوى في القَيد من شِرْعَتِه
قد سرى النجمُ يؤمُ المنزلا طوعَ قانون له قد ذُلِّلا
ونما العشب بقانون النماءْ فإذا ما حاد يُجفَى بالعراءْ
ولهيبٌ دائم دين الشقيقْ دمَه من ذاك يسري في العروق١١٩
يربط الذراتِ قانونُ الوصالْ فهي بَحرٌ وهي برٌّ باتصال
كلُّ شيء فيه قانونٌ سرى كيف في هذي المعاني يُمترى؟١٢٠
ارجعنْ يا حُرَّ دُستورٍ قديمْ زَيِّنَنْ رجلك بالقيد الوسيمْ
شدَّةً في شرعنا لا تشكوَنْ
وحدودَ المصطفى لا تعدُون١٢١
المرحلة الثانية: ضبط النفس
جَملٌ نفسُك تربو بالعلَف في إباء وعنادٍ وصلَفْ
فكن الحرَّ وقُدْها بزمامْ تبلغن من ضبطها أعلى مَقامْ
كلُّ من في نفسه لا يحكمُ هو في حُكم سواه مُرغَمُ
إنما صوِّرتَ من طين لَزبْ سيط في أمشاجه خوف وحبّ
خيفةُ الدنيا وخوفُ الآخره خوف مَوتٍ ورزايا فاقره
حبُّ جاه وثراءٍ وبلدْ حُبُّ زوج وقريب وولدْ
من مزاج الطينِ والماء البدن مَركبُ الأهواء، مَغلوبُ الفتَن
من يَمسَّك بعصًا من «لا إله» فلتحطِّم طِلْسم الخوف يداه١٢٢
كلُّ مَن بالحق أحيا نفسهُ لا ترى الباطلَ يُحني رأسَهُ
ليس يدنو الخوفُ منه أبدا ليس، غيرَ الله، يخشى أحدا
كل من موطنه إقليم «لا» من قيود الزوج والوُلد خلا١٢٣
مُعرضٌ عما سوى الله الأحدْ يضع السكين في حلق الولَدْ١٢٤
واحدٌ من نفسه في عسكرِ يَبذلُ الروحَ بيوم الخطَرِ
•••

درةُ التوحيد، فاحفظها الصلاة حَجُّك الأصغر، فاعرفها الصلاة
في يد المسلم هذا الخنجرُ يُقتَل الفحشُ به والمنكرُ
يفتك الصومُ بجوع وصدَى ضابطًا بالقسط هذا الجسدا
وينيرُ الحج قلبَ المؤمنِ هجرةُ الأهل به والوطنِ
إنما الطاعة أسُّ الأمة إنها خيط كتاب الملة١٢٥
بالزكاة العابدُ المالِ ادَّكرْ علَّمت حبَّ المساواة البشرْ
تُكثر المالَ، وشُحًّا تمحق «لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا»
تلك أسبابٌ بها تَستحكِمُ إن يكن في القلب دينٌ مُحكَم
اقوَ يا مؤمنُ بالله القويّ
تحكُمَن في ذلك البَكر الأبيّ١٢٦
المرحلة الثالثة: النيابة الإلهية
إن خَطمتَ الصعبَ قدتَ العالما نافذَ الأمر عليه حَكمَا١٢٧
مشرقًا في الأرض ما دار الفلك فترى المُلك الذي يخلُد لكْ
نائب الحق على الأرض سعيدْ حكمُه في الكون خُلدٌ لا يبيدْ
هو بالجزء وبالكل خبير وبأمر الله في الأرض أميرْ
في فسيح الأرض يمضي طاويا عزمه، هذا البساط الباليا١٢٨
ينجلي من فكره مثلَ الزهر غيرَ هذا الكون أكوانٌ أُخَر١٢٩
يُنضج الفكرة فينا بالضرَمْ يُخرج الأصنام من بيت الحرمْ
رنَّ عودُ القلب من مضرابه يقظٌ في الحق نَومانُ به١٣٠
باعثٌ في الشَيب ألحان الشبابْ ناشرٌ في الكون ألوان الشباب
هو في الناس بشير ونذيرْ وهو جُنديٌّ وراع وأميرْ
مقصدٌ مِن «علَّم الأسما» هُوه سرُّ «سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَى» هُوَه١٣١
مُحضِرٌ من تحته طِرفُ الزمانْ حينما يمسكُ منه بالعِنان١٣٢
يبعث الأرواحَ منه قولُ «قم» وهي في أبدانِها مثلُ الرمم١٣٣
ذاتَه تتبعُ ذاتُ العالَم سطوةٌ فيه نجاةُ العالَم
يبعث الميتَ بإعجاز العملْ قِيَم الأعمال منه في بدَل١٣٤
سيرُه يخضرُّ في بيدائه كم كليم هام في سينائه!
جدَّد الدنيا بتفسير جديدْ عبَّر الرؤيا بتعبير جديد
كونُه المكنونُ أسرارُ الحياهْ نغمةٌ يُضمرُ مزمارُ الحياهْ
شاعرُ الفطرة عنَّى طبعَه ليقيم الوزنَ إذ أبدعه
نقعنا ثار إلى أوج السماء فبدا الفارس من هذا الهباء١٣٥
•••

في رماد اليوم منَّا ترقُدُ شُعلةٌ يرمي بها الكونَ الغدُ
روضة تُضمرها أكمامُنا ضاءَ من صبح غدٍ أبصارُنا١٣٦
أنت يا فارسَ طِرف الزمنِ! أنت يا نورًا لعين الممكن
موكبَ الإنشاء هيَّا زيِّنِ وتمكنْ في سواد الأعْيُن
قم فسكِّن من ضجيج الأممِ واملأ الآذان زهر النغَم
جدِّدَن في الناس قانون الإخاءْ وأدِرها كأسَ حبٍّ وصفاءْ
أبلغ الناس رسالاتِ السلامْ وأعدْ في الأرض أيام الوئام
من بني الإنسان أنت الأملُ أنت من ركب الحياة المنزلُ
أذْبلَتْ كفُّ الخريف الشجرا فاغدُ في الروض ربيعًا نضِرًا
نحن من فيضك نسمو للقُلَلْ
في جهاد الكون نمضي كالشُعل١٣٧
…١٣٨

الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
انتقل الى:  

حفظ البيانات | نسيت كلمة السر؟

حسن بلم | دليل نوسا | برامج نوسا | هوانم نوسا | مكتبة نوسا البحر | سوق نوسا | قصائد ملتهبة | إيروتيكا | ألعاب نوسا